أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-20
974
التاريخ: 2024-08-06
523
التاريخ: 2024-06-26
720
التاريخ: 2024-02-21
976
|
وعندما نفحص نقوش الكرنك فحصًا دقيقًا نستطيع أن نتأثر بوضوح الطريق التي سار فيها «سيتي» عندما بدأ حملته إلى فلسطين ثم العودة منها، والواقع أن المناظر التي صورها لنا «سيتي» عن سيره إلى هذه الجهات تتألف من مشاهد حيوية تمثل الحوادث الهامة في هذه الحروب، ولكن المفتن فضلًا عن ذلك قد حشر بين تلك المشاهد أشكال الحصون التي كان يقف عندها الفرعون لأخذ المدد وللسقاية، وقد نظِّمت صورها تنظيمًا طوبوغرافيًّا متقنًا، وفي استطاعتنا تحقيق بعض هذه الأماكن وتوحيدها ببعض الأماكن التي لا تزال موجودة حتى الآن، ومن ثم يمكننا أن نعلم شيئًا عن هذه الطريق القديمة التي كانت تربط مصر بفلسطين، والواقع أنها تخترق الصحراء الجرداء القاحلة التي لا زرع فيها ولا ضرع، الواقعة في شمالي شبه جزيرة سيناء، جنوب بحيرة «سربونيس»، وهذه الصحراء إقليم لا يسكنه أحد إلا فئة قليلة من العرب الرحل. وقد وصفت هذه الطريق بأنها أقدم طريق في العالم، ولا نزاع في أننا إذا عددنا الحوادث التاريخية التي وقعت فيها قصصنا بذلك تاريخ الشرق الأدنى كله. ومما تجدر ملاحظته هنا أن هذه الطريق التي كان يسلكها الفراعنة لغزو فلسطين، ثم العودة منها إلى مصر هي نفس الطريق التي استعملت لنفس الغرض في الحرب العالمية الكبرى (1914–1918 ميلادية)، وهي تمتد شرقًا من «ثارو» حتى «رفح»، وقد وصفت هذه الطريق، فضلًا عما جاء في نقوش الكرنك، في فقرة من فقرات ورقة أنسطاسي الأولى ... ،وقلعة «ثارو»، أو طريق «حور»، كما كان يسمى أحيانًا قد صوِّرت في نقوش الكرنك بمثابة محط محصن واقع على ضفتي قناة تسمى «الفاصلة»؛ لأنها تفصل مصر عن الصحراء الحقيقية، وقد رُسمت القناة بشاطئيها اللذين نبتت عليهما الأعشاب تمرح في مائها التماسيح. وتتألف القلعة من جهة مصر من سياج مستطيل الشكل، تكنفه مبانٍ من الشمال والجنوب، وله بابان: أحدهما في الشرق، والآخر في الغرب، ويؤدي الباب الشرقي إلى قنطرة فوق القناة. ورسم القنطرة هنا يلفت النظر جدًّا عندما نذكر أن الاسم الحديث لهذه البلدة هو «القنطرة» (ثارو)، وعلى ذلك لا يبعد أن هذا الاسم الحديث يرجع أصله إلى عهود سحيقة في القدم. وأول محط بعد القنطرة قلعة مستطيلة الشكل تحتوي بركة مستطيلة تظللها الأشجار تسمى «عرين الأسد «(1) ولفظة الأسد هنا تشير إلى «سيتي الأول»، وقد سُمي هذا المكان بعينه «مسكن سسي» (وهو لقب كان ينادى به «رعمسيس الثاني») أو مسكن «رعمسيس» محبوب «آمون»، ويظنُّ الأستاذ «جاردنر» أن هذا المكان هو «تل حابو» الحالي، ويلي «عرين الأسد» قلعة صغيرة بالقرب من بركة أو بئر صغيرة يطلق عليها اسم «مجدول من ماعت»، وكلمة «مجدول» معناها في السامية؛ البرج، وقد استعمل المصريون هذه اللفظة في لغتهم منذ الأسرة الثامنة عشرة. وقد وحَّد الأستاذ «جاردنر» هذا الحصن «بتل الحر» الحالي، ويلي «تل الحر» هذه حصن صغير آخر له بئر تظللها الأشجار، ويطلق عليه اسم «بوتوسيتي مرنبتاح»، ويسمى في ورقة أنسطاسي «بوتوسسي»، ويظنُّ «جاردنر» أن هذا المكان يمكن توحيده «بالقاطية» الحالية؛ حيث نجد خمائل نحيل عظيمة، ويلاحظ أن هذا المكان في نقوش الكرنك قد ظُلل بالأشجار الباسقة. ونشاهد كل هذه الأماكن المحصنة في المناظر التي ظهر فيها «سيتي الأول» بعد عودته منتصرًا من حروبه المظفرة إلى مصر. أما الأماكن التي سنورد أسماءها هنا فيما يلي فهي التي تتم الطريق من مصر إلى فلسطين، وقد وجدت في نفس المنظر على جدران الكرنك حيث نرى «سيتي» منهمكًا في حومة الوغى مع الأسيويين أعدائه؛ غير أنه لم يمكن توحيدها بأماكن حديثة، ومما يلحظ هنا أن الحصون كان بعضها مميزًا عن بعض من جهة الحجم وتفاصيل المباني، كما ميزت كذلك البرك بعضها عن بعض بميزات خاصة؛ مما يدل على أن المفتن كان يمثل مناظر حقيقية أمامه ليس فيها للخيال مجال. فنجد مثلًا أنه كتب تحت بطن جواد «سيتي الأول»، وهو في ساحة القتال اسم قلعة وبركة يطلق عليهما حصن «من ماعت رع المسمى … في حمايته.» والواقع أنه توجد عدة حصون تحمل أسماء ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ويظن «جاردنر» أن واحدة منها، وهي قلعة «مرنبتاح الذي ينعم في الصدق» يمكن توحيدها بالقلعة السالفة الذكر، وكذلك نقش تحت السيقان الأمامية اسم حصن صغير يدعى «البلد الذي أقامه جلالته جديدًا»، ومن الجائز أن هذا البلد كان مخرَّبًا وبناه «سيتي الأول» من جديد، وإذا كان هذا الزعم صحيحًا فإن كل الحصون السالفة الذكر كانت موجودة في حالة خراب، ولكن «سيتي الأول« (2) قد أعاد بناءها وسماها باسمه، كما شاهدنا ابنه يفعل بالحصون السالفة فيما بعد، وهي التي قد سماها باسمه بعد وفاة والده. أما البئر التي بجوار الحصن الأخير فتسمى بئر «إب سقب»، وقد ذكرت لنا ورقة «أنسطاسي» عند هذه النقطة من الطريق مكانًا يدعى «سب إيل»، ثم شفعته باسم «إب سقب»، ومن ثم يمكن أن تكون «سب إيل»، اسم بلدة أقامها «سيتي الأول»، أو أعاد بناءها. ويأتي بعد ذلك قلعة ضخمة وبئر، ويظن «جاردنر» أنها تدعى «عنن»، وقد جاء ذكرها في ورقة «أنسطاسي». ويلفت النظر أن اسم محط المياه الذي يلي قد ذُكر له اسمان يدلان على البئر فقط؛ فالاسم الأول: هو «بئر من ماعت رع عظيم الانتصارات»، والثاني: «البئر الحلوة». وبعد ذلك تصادفنا لأول مرة أسماء أماكن ليست على الطريق السورية مباشرة، وعندما نعود إلى الطريق الأصلية نجد حصنًا صغيرًا جدًّا يدعى «بئر من ماعت رع»، وماء يدعى ماء «نخس الأمير»، والمكان الأخير يقابل «نخس» التي ذُكرت في البردية، وهو آخر مكان قبل الوصول إلى «رفح «. ويبلغ طول هذه الطريق من «القنطرة» حتى «رفح» نحو عشرين ومائة ميل، وقد حُفرت على طولها آبار في عهدنا الحالي على مسافات تتراوح بين خمسة وستة أميال، وقد وقعت الواقعة بين المصريين و«الشاسو» على طول هذه الطريق. وتلخص لنا النقوش السياحة من «ثارو» إلى «رفح» كما يأتي: (3) «السنة الأولى من حُكم ملك الوجه القبلي والوجه البحري «من ماعت رع»، التخريب الذي ألحقه سيف الفرعون البتار (له الحياة والفلاح والصحة) بالشاسو الخاسئين من قلعة «ثارو» حتى «باكنعان»، عندما سار جلالته نحوهم مثل الأسد المفترس العين، وصيرهم أشلاء في الوديان مخضبين بدمائهم كأن لم يغنوا بالأمس. وكل من أفلت من بين أصابعه يقول: إن قوته على الممالك النائية هي قوة والده «آمون» الذي كتب له الشجاعة المظفرة في الممالك الأجنبية «.
................................................
1- راجع: Gardiner. The Military Road Between Egypt & Palestine. J. E. A., Vol. VI, (1920) pp. 99 ff.
2- راجع: J. E. A., VI, pl. XII.
3- راجع: Br. A. R., III, § 88.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|