المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

تداخلات الضوء مع الخمائر Yeast Light Interactions
1-10-2020
اختلاف المعنى
20-2-2019
بندول أفقي horizontal pendulum
4-3-2020
محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني
18-8-2020
الشغب عند الأطفال
15-1-2016
علاقة الجغرافيا بالخدمات
6-2-2021


الميول الخاصة بالانسان  
  
846   11:15 صباحاً   التاريخ: 2024-05-12
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج2 ص220ــ222
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /

ثمة نوعان من الميول والرغبات لدى الانسان ، النوع الاول وهو عبارة عن رغبات ودوافع غريزية يشترك فيه الانسان والحيوان معا ، اما النوع الثاني فيختص به الانسان وهو عبارة عن رغبات فطرية كالكرامة وعزة النفس والعدل
والانصاف والوفاء بالعهد وحفظ الامانة والعفو والاحسان وما شابه ذلك .
واشباع الغرائز والميول الطبيعية يشكل عاملا من عوامل استمرار الحياة واصابة اللذات وتامين السعادة المادية ، اما احياء الميول الانسانية فيعتبر من عوامل التكامل الروحي والسمو النفسي والسعادة المعنوية.
تصرفات لا انسانية :
تستخدم الحيوانات غرائزها بحرية تامة، وهذه الحرية لا تلحق ادنى ضرر بالمصلحة الفردية للحيوانات. الا ان الانسان لا يستطيع ان يكون حرا طليقا في استخدام غرائزه كالحيوان ، لان هناك حالات يستلزم فيها اشباع الغريزة الحيوانية قمع الميل المعنوي والكرامة الانسانية.
فالذي يحاول بمكره وخداعه سلب فتاة طاهرة عفتها وتدنيس كرامتها ، صحيح انه يكون قد اشبع غريزته الحيوانية جنسيا ، لكنه يكون بتصرفه الشائن هذا قد قتل في نفسه الرغبة في الكرامة الانسانية.
والذي يرقى منصبا مرموقا في مجال عمله بسبب تزلفه وتملقه يكون قد ارضى غريزة حب السلطة والتفوق في ذاته، لكنه يكون قد قمع في اعماقه الرغبة في عزة النفس.
توازن الميول:
ان السعادة الكاملة لن تكون الا من نصيب ذاك الانسان الذي يعيش حياته وفق قانون الخلقة ولا يتجاهل ايا من الرغبات المادية والمعنوية ويسعى الى ايجاد توازن بين الغرائز الطبيعية والميول الانسانية السامية، ويشبع كلا منها في مكانها المناسب وبالمقدار الصحيح ، وهذا لن يتحقق الا بتعديل الرغبات الغريزية وتحديد الشهوات النفسية، لان اطلاق الغرائز من شانه ان يقضي على الميول الانسانية السامية ويخفت من نور الفضيلة ومكارم الاخلاق في اعماق الانسان، وبالتالي تذهب العواطف الانسانية النبيلة والسجايا الاخلاقية الفاضلة ضحية الميول الغريزية الحيوانية ، وهذا ما يتعارض ونظام الخلقة ويتنافى وسعادة الانسان الحقيقية .
اذل من مملوك:
كل انسان يستطيع ان يختار احد سبيلين ، اما احياء الميول السامية والحياة الانسانية او اطلاق الغرائز الحيوانية، اي ان الانسان اما ان يكون عبدا مطيعا لشهواته منقادا لها ، واما ان يسخر شهواته لعقله وانسانيته .
واولئك الذين يختارون حرية الغرائز واطاعة الشهوات دون قيد او شرط يحرمون انفسهم من السجايا الانسانية والسعادة الحقيقية ، فضلا عن انهم قد جعلوا من انفسهم عبيدا اسرى للشهوات.
قال امير المؤمنين علي (عليه السلام) عبد الشهوة اسير لا ينفك اسره(31) .
وعنه (عليه السلام) قال : مغلوب الشهوة اذل من مملوك الرق(32) .
ونخلص الى القول ان الشاب رغم طبعه الذي يميل الى الحرية المفرطة ، عليه ان يعلم ان هناك موانع طبيعية وتضادا في الغرائز ومقررات اجتماعية ورغبة في السمو النفسي تشكل مجتمعة عوامل تحد من حريته وتقمع جانبا من ميوله ورغباته.
والشاب مكلف عقليا ودينا بالتغاضي عن الحرية المطلقة وتعديل غرائزه ورغباته النفسية واستخدام كل منها في مكانها المناسب وضمن حدود العقل والمصلحة ، وذاك هو سبيله لتحقيق السعادة والهناء.
___________________________
(31و32) غرر الحكم، ص 499، 765 . 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.