أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
8512
التاريخ: 24-09-2014
8531
التاريخ: 24-09-2014
8212
التاريخ: 24-09-2014
8457
|
إِنّ الكثير من مفسّري العامّة نقلوا حديثاً موضوعاً عن صحيح البخاري ومسلم وكتب أُخرى عن سعيد بن المسيب عن أبيه، أنّه لما حضرت أبا طالب الوفاة أتى إِليه النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان عنده أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية، فقال له النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عم، قل لا إِله إلاّ الله أحاج لك بها عند الله»، فالتفت أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية إِلى أبي طالب وقالوا: أتريد أن تصبو عن دين أبيك عبدالمطلب؟! وكرر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله، إلاّ أنّ أبا جهل وعبدالله منعاه من ذلك. وكان آخر ما قاله أبوطالب: على دين عبدالمطلب، وامتنع عن قول: لا إِله إلاّ الله، فقال النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عندئذ: «سأستغفر لك حتى أنهى عنه» فنزلت الآية : (ما كان للنّبي والذين آمنوا ...)(1).
إِلاّ أنّ الأدلة والقرائن على كذب ووضع هذا الحديث واضحة، لما يلي:
أوّلا: المعروف والمشهور بين المفسّرين والمحدثين أنّ سورة براءة نزلت في السنة التاسعة للهجرة، بل يعتقد البعض أنّها آخر سورة نزلت على النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، في حين أن المؤرخين ذكروا أن وفاة أبي طالب كانت في مكّة، وقبل هجرة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
ولهذا نرى التخبط والتناقض الصريح الذي وقع فيه بعض المتعصبين كصاحب تفسير المنار، فإنّهم قالوا تارةً: إِنّ هذه الآية نزلت مرّتين! مرّة في مكّة، ومرّة في المدينة في السنة التاسعة للهجرة وظنوا أنّهم لما ادّعوا هذا الدليل رفعوا التناقض الذي سقطوا فيه.
وقالوا تارةً أُخرى: إِنّ من الممكن أن تكون هذه الآية نزلت حين وفاة أبي طالب، ثمّ أمر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بوضعها في سورة التوبة. إلاّ أنّ هذا الإِدعاء كسابقه السابق عار من الدليل.
ألم يكن من الأجدر بهم بدل أن يتخطبوا في هذه التوجيهات التي لا اساس لها، أن يترددوا ويشككوا في صحة الرّواية السابقة؟!
ثانياً: لا شك في أنّ الله سبحانه وتعالى قد نهى المسلمين في آيات من القرآن عن محبّة المشركين قبل موت أبي طالب، ونحن نعلم أن الإِستغفار من أظهر مصاديق إِبراز المحبّة والصداقة، فكيف يمكن والحال هذه أن يرحل أبوطالب من الدنيا ويقسم النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه سيستغفر له حتى ينهاه الله؟!
العجيب أنّ الفخر الرازي، الذي عرف بتعصبه في أمثال هذه المسائل، لما لم يستطع إِنكار أنّ هذه الآية قد نزلت ـ كبقية سورة التوبة ـ في أواخر عمر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عمد إِلى توجيه محير وعجيب، وهو أن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استمر بعد وفاة أبي طالب في الإِستغفار له حتى نزلت هذه الآية ونهته عن الإِستغفار ! ثمّ يقول: ما المانع من أن يكون هذا الأمر ـ أي الإِستغفار ـ مجازاً للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين إِلى ذلك الوقت؟!إِنّ الفخر الرازي إِذا حرر نفسه من قيود التعصب، سيلتفت إِلى عدم إِمكان أن يستغفر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفرد مشرك طوال هذه المدّة، في الوقت الذي كانت آيات كثيرة من القرآن الكريم قد نزلت إِلى ذلك الزمان تدين وتشجب أي نوع من مودة المشركين ومحبتهم (2).
ثالثاً: إِنّ الشخص الوحيد الذي روى هذه الرّواية هو «سعيد بن المسيب»، وبغضه وعداؤه لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) أشهر من نار على علم، وعلى هذا لا يمكن الإِعتماد على روايته في شأن علي (عليه السلام) أو أبيه أو أبنائه مطلقاً.
لقد نقل «العلاّمة الأميني (قدس سره)» ـ بعد أن أشار إِلى الموضوع أعلاه ـ كلاماً عن «الواقدي» يستحق التوقف عنده، حيث يقول: إِن سعيد بن المسيب مر بجنازة الإِمام السجاد علي بن الحسين(عليه السلام) ولم يصل عليها، واعتذر بعذر واه، إلاّ أنّه على قول ابن حزم ـ لما سئل: أتصلي خلف الحجاج أم لا؟ قال: نحن نصلّي خلف من هو أسوأ من الحجاج! (3)
رابعاً: كما قلنا في الجزء الخامس من هذا التّفسير، فإنّ ممّا لا شك فيه أنّ أبا طالب قد آمن بالنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبِيّنا الأدلة الواضحة على ذلك، وأثبتنا بأنّ ما قيل في عدم إِيمان أبي طالب هو تهمة كبيرة. وقد صرّح بذلك كل علماء الشيعة، وجماعة من علماء السنة كابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) والقسطلاني في (إِرشاد الساري) وزيني دحلان في (حاشية السيرة الحلبية).
وقلنا أن المحقق المدقق إِذا لاحظ المد السياسي المغرض الذي تزعمه حكام بني أُمية ضد علي(عليه السلام)، استطاع أن يقدر بأن كل من ارتبط بأمير المؤمنين عليه السلام لم يبق بمنأى عن التعرض المغرض.
في الحقيقة، أنّ أبا طالب لم يكن له ذنب سوى أنّه أبو علي بن أبي طالب(عليه السلام)إِمام المسلمين، وقائدهم العظيم! ألم يتهموا أباذر، ذلك المجاهد الإِسلامي الكبير لحبّه وعشقه لعلي (عليه السلام)، وجهاده ضد مذهب عثمان ؟!
(لمزيد الإِطلاع على إِيمان أبي طالب الذي كان حامياً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع مراحل حياته، ومدافعاً عنه، ومطيعاً لأوامره، راجع الآية (25) و(26) من سورة الانعام في المجلد الرّابع من تفسيرنا هذا)
_______________________
1- تفسير المنار، وتفاسير أُخرى لأهل السنة. و الغدير,ج8 ,ص8 .
2- لقد ورد النهي عن محبّة وموالاة الكافرين صريحاً في الآية (139) من سورة النساء، والتي نزلت قبل سورة التوبة مسلماً، وكذلك في الآية (38) من سورة آل عمران، وهي كذلك نزلت قبل سورة براءة، وفي هذه السورة قال الله سبحانه لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في الآيات التي سبقت هذه الآية: (استغفر لهم أو لا تستغفر إِن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم).
3- الغدير ,ج8 ,ص9 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|