أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-7-2021
21200
التاريخ: 10-3-2018
2864
التاريخ: 8-5-2022
1989
التاريخ: 22-2-2017
6764
|
تكون المحكمة غير مختصة في حالة انتفاء ولايتها العامة أو في حالة عدم اختصاصها النوعي أو القيمي، لذا سوف نبحث هاتين الحالتين كل في فقرة مستقلة وعلى النحو الآتي :
أولا : عدم اختصاص المحكمة لانتفاء الولاية العامة للقضاء
لا يكفي لوجود الحكم القضائي والاعتداد به وترتيب آثاره القانونية أن يكون صادراً من محكمة ، بل لابد بالإضافة إلى ذلك إن يصدر منها في حدود ولايتها القضائية (1) ، وهذا ما نصت عليه المادة (29) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 والتي جاء فيها (( تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة ، وتختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص)) . فهذه المادة تعتبر المحاكم صاحبة الولاية العامة بالقضاء في كافة المنازعات التي تشجر بين أشخاص طبيعية كانت أم معنوية، بما في ذلك الحكومة (2) ، إلا إذا وجد نص في القانون يخرج هذه النزاعات من ولايتها (3) أو كانت هناك اتفاقية دولية بهذا الخصوص (4) ، وعلى هذا فأن الاختصاص الوظيفي بمعناه العام يبحث ما هو من اختصاص المحاكم وما هو خارج اختصاصها من نزاعات ، وان قواعد الاختصاص الوظيفي من النظام العام ، ويترتب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ، أي تقضي بعدم اختصاصها بنظر النزاع إذا كان من اختصاص جهة أخرى ، وللخصوم أيضا أن يتمسكوا به في جميع درجات التقاضي ، وقد حدد قانون المرافعات المدنية المحاكم ودرجاتها واختصاصها النوعي، كما حددت القوانين الخاصة اختصاص بعض المحاكم نوعيا(5) فإذا التزمت المحكمة بحدود قضاء الدولة وبالتوزيع الذي اعتمده المشرع لهذه الولاية على جهات القضاء المختلفة ، يكون الحكم صادرا في حدود الاختصاص ، فولاية المحكمة مقيدة بما وضعه المشرع من قيود وحدود في هذا الصدد، ومن ثم لا يجوز للمحكمة أن تصدر حكما خارج حدود ولايتها القضائية، ذلك إن ولايتها تنتفي أذا ما جاوزت القيود والحدود التي وضعها المشرع . والسؤال هنا : ما هو الأثر الذي يترتب على مخالفة المحكمة للحضر وإصدارها حكما بمخالفة القواعد التي حددت الولاية القضائية؟ لابد لنا أولا في بيان الأثر، أن نوضح صورتي انتفاء الولاية المطلق والنسبي، فيكون انتفاء الولاية مطلقاً إذا كانت الدعوى المطروحة تخرج عن حدود الولاية العامة للقضاء ، فيقوم انتفاء الولاية في هذه الحالة ليس فقط في مواجهة جهة المحاكم ، وإنما في مواجهة جميع جهات القضاء في الدولة ( 5 ) ، ولعل من الأمثلة الواضحة على الانتفاء المطلق للولاية القضائية : أعمال السيادة والحصانة القضائية (7) والأولى هي التي يقوم بتقريرها القضاء (( فلا يكفي أن تتمسك الحكومة بأن العمل المرفوعة عنه الدعوى يعد من أعمال السيادة حتى تنتفي ولاية القضاء بشأنه وإنما يختص قاضي الموضوع دائما بتحديد ما كان يعد من أعمال السيادة وما لا يعد )) (8).
فإذا ثبت للمحكمة إن العمل المرفوع بشأنه الدعوى من أعمال السيادة ، فلا يجوز لها أن تفصل في هذه الدعوى لكون هذه الأعمال تخرج عن ولاية القضاء أما الحصانة القضائية فأن نطاقها يتسع فيشمل مرحلتي التقاضي والتنفيذ، ومع ذلك فأنها ليست مطلقة فلا تشمل الأعمال والتصرفات كافة، والتي يقوم بها كل من يستفيد منها، فهي حصانة مقيدة (9) فالدول لا تتمتع بالحصانة القضائية إلا إذا كان العمل موضوع المنازعة من أعمال السلطة العامة أو إذا كان هذا العمل قد تم لمصلحة مرفق عام ، وهذا ما استقر عليه القضاء في العراق ومصر وفرنسا (10) وكذا الحال بالنسبة لرؤساء الدول، فأن الحصانة القضائية المقررة لهم ليست مطلقة، فهي قاصرة على الأعمال والتصرفات التي يباشرها رئيس الدولة بوصفه كذلك ، أي التي تتعلق بوظيفته ، أما ما يتعلق بحياته الخاصة ومصالحه أو نشاطه التجاري الخاص ، فلا تتمتع بالحصانة ومن ثم يمكن مقاضاته بشأنها ،ذلك إن هذا الأمر لا يرتبط بصفته . وينطبق الحال كذلك بالنسبة للمبعوثين الدبلوماسيين (11) وهذا ما أقرته الاتفاقيات الدولية أيضا (12) أما الهيئات والمنظمات الدولية وما تمتلكه من أموال فأنها تتمتع بالحصانة القضائية المطلقة (13) بخلاف ممثلو الدول الأعضاء فيها فهي حصانة مقيدة في الحدود التي تصدر عنهم أثناء أداء وظائفهم (14) .
لذا يمكن القول في حالة انتفاء الحصانة القضائية ، يثبت للقضاء الوطني نتيجة لذلك ولاية الفصل في المنازعات المتعلقة بهذه الأعمال، فإذا رفعت للقضاء العراقي دعوى تتعلق بمسألة من المسائل التي تخرج تماما عن ولايته فأن موقف المحكمة يختلف بحسب ما إذا كانت هذه المسألة تتعلق بعمل من أعمال السيادة أو كانت هذه الدعوى مرفوعة على هيئة أو شخص يتمتع كل منهما بالحصانة القضائية.
ففي حالة تعلق الدعوى بأعمال السيادة ، فهنا يتعين على المحكمة أن تحكم بانتفاء ولايتها بنظر الدعوى والفصل فيها من تلقاء نفسها لتعلق قواعد الولاية القضائية بالنظام العام أما في الحالة الثانية، وهي رفع الدعوى على من يتمتع بحصانة قضائية ، فأنه على المحكمة أن تحكم بانتفاء ولايتها بنظر الدعوى، متى تم الدفع أمامها بذلك ، لان من يتمتع بالحصانة قد يتنازل عنها ويقبل خضوعه لولاية القضاء (15) ومن تم لا محل للحكم بانتفاء الولاية.
وتأسيسا على ما سبق تفصيله يمكن لنا القول إذا كانت المسالة التي رفعت بها الدعوى إلى المحكمة تخرج تماما عن ولاية القضاء الوطني ، كونها تشكل عملاً سيادياً أو تتعلق بشخص أو هيئة تتمتع بالحصانة القضائية وقد دفع بانتفاء ولاية القضاء بنظر هذه الدعوى ، وفصلت فيها رغم ذلك، فأن حكمها في هذه الحالة يكون منعدما ، لصدوره من محكمة غير مختصة ، بل من قاض فاقد لصفته القضائية، كونه قد استخدمها خارج حدود الولاية القضائية، وبصورة أدق ، إن ولاية القاضي تتحدد بحدود الولاية القضائية للدولة ، ولا تكون له صفة خارجها لانهيار العنصر الشخصي للعمل القضائي مما يؤدي بالنتيجة إلى التأثير المباشر على ذاتية العمل فينزع عنه الصفة القضائية، وهو ما يؤدي إلى انعدامه . ولما كان الحكم الصادر خارج حدود الولاية العامة للقضاء يعد حكما منعدما ، فأنه لا يرتب الآثار القانونية للأحكام، ومن تم لا يحوز درجة البنات ، لذا يزول ما لهذا الحكم من حصانة ويمكن التمسك ضده بالانعدام بغير طرق الطعن أو بها (( فتجرد الحكم من احد أركانه يجوز معه التمسك بانعدامه في صورة دعوى مبتدئة أو في صورة دفع في دعوى أخرى )) (15) ، فالحجية لا تغطي هذا العيب الجسيم الذي لحق بالحكم ونزل به إلى درجة العدم وافقده ركناً من أركانه، والذي يجب معه على المحكمة أن تقضي بانعدامه من تلقاء نفسها إذا تم التمسك به في دعوى منظورة امامها.
أما فيما يخص الانتفاء النسبي للولاية ، فكما هو واضح ، إن هذا الأمر لا يوجد إلا في الأنظمة التي تتعدد فيها جهات القضاء ، فيوجد إلى جانب القضاء العادي ، القضاء الإداري ، أو محاكم استثنائية أو محاكم القضاء العسكري ، مثل العراق ، وهو ما معمول به أيضا في مصر وفرنسا ، بخلاف الوضع في الدول الانكلوسكسونية فهي تعتمد مبدأ وحدة القضاء ، فلا تثار فيها فكرة الانتفاء النسبي للولاية ، لان الوظيفة القضائية بكافة مظاهرها وصورها تمارسها جهة قضائية واحدة)) (17).
والسؤال هنا : هل إن الحكم الصادر من جهة قضائية في مسألة تدخل في اختصاص جهة قضائية أخرى، يكون حكما باطلاً ومن ثم يمكن تصحيحه بطرق الطعن أو باستنفاذها ؟ أم يكون حكماً منعدماً ولا يرتب أثراً ولا يرد عليه التصحيح ؟ هذا ما سوف نتناوله في الفقرة الثانية .
ثانيا : عدم اختصاص المحكمة لانتفاء اختصاصها النوعي (القيمي)
يجب علينا أولا أن نفرق بين الأحكام التي تصدر من المحاكم الخاصة أو الاستثنائية في المسائل التي تخرج عن حدود ولايتها ، فهي تعتبر منعدمة قانوناً ولا ترتب أتراً ، لان هذه المحاكم تتمتع بولاية قضائية محدودة تفقد خارجها صفتها القضائية (18).
أما فيما يخص فرض كون محكمة القضاء العادي تفصل في مسألة تخرج عن حدود ولايتها وتندرج في ولاية جهة قضائية أخرى ، ففي هذا الشأن هناك تلات اتجاهات :-
1 - الاتجاه الأول : يذهب هذا الاتجاه إلى إن مخالفة قواعد توزيع الولاية بين جهات القضاء لا يؤثر في وجود الحكم ، ولكن العيب هنا يؤثر في صحة الحكم فيكون باطلا ، ومن الممكن الطعن فيه بطرق الطعن المقررة قانونا، كما انه يحوز حجية الأمر المقضي فيه ، ويرتب أثاره القانونية أمام جميع جهات القضاء في الدولة، إذا ما استنفذت طرق الطعن أو أغلقت حيت صار الحكم صحيحا واستقر على وجه نهائي وبات. ويستند هذا الاتجاه إلى إن وحدة السيادة تفرض وحدة الولاية وتنفي الاستقلال المطلق بين هذه الجهات ، وحيت إن الولاية القضائية عندما تثبت للقاضي فأنها تثبت له بصفة مجردة فتمنحه صلاحية الحكم في المسائل التي تدخل في ولاية القضاء في عمومه ، بالإضافة إلى إن مخالفة قواعد الاختصاص الوظيفي لا تخرج عن كونها مجرد مخالفة لقواعد الاختصاص التي تؤدي إلى ضرورة احترام الحكم وما قضى به حتى يتم إلغاءه بطريق الطعن المناسب (19).
و لكن ما ذهب إليه هذا الاتجاه محل نظر، إذ إن العمل القانوني لكي يتصف بالصحة أو البطلان يجب أن يوجد ، فإذا لم يوجد فلا يمكن منطقياً إن نطلق احد هذين التكيفين عليه، فالوجود مفترض ضروري لتكييفي الصحة والبطلان ، والقانون قبل أن يرتب نتائج معينة على عمل ما أو يحرم هذا العمل من إنتاج آثاره يفترض وجوده ، كما إن ما استند إليه هذا الاتجاه من إن وحدة الولاية تنفي الاستقلال المطلق، فهو كلام غير دقيق ، إذ إن وحدة الولاية المستندة إلى وحدة السيادة في الدولة هي التي تمنح الاستقلال المطلق بين الجهات المختلفة لان ذلك لا يعدو كونه تنظيماً للعمل الإجرائي ، كما إن صلاحية القاضي بموجب ولايته القضائية وان كانت تثبت له بصفة مجردة إلا إنها مقيدة بالحدود التي يرسمها لها القانون في توزيع الاختصاص، وأما القول بأن مخالفة قواعد الاختصاص الوظيفي لا تؤدي إلا إلى ضرورة احترام الحكم وما قضى به حتى يتم إلغاءه ، فانه يجافي المنطق، لأننا في حالة مخالفة قواعد الاختصاص الوظيفي لا نكون إلا بصدد واقعة مادية لا تشكل بأي حال حكما قضائيا بالمنظور القانوني.
2 - الاتجاه الثاني: يرى أنصار هذا الاتجاه إن الحكم الصادر من إحدى محاكم جهة قضائية معينة في مسألة تدخل في ولاية جهة قضائية أخرى معدوما لا حجية له أمام محاكم الجهة الأخرى صاحبة الولاية ، إلا انه يحوز حجية الأمر المقضي فيه أمام جميع المحاكم التابعة لهذه الجهة فقط، فالمحكمة تباشر ولايتها بنظر الدعوى التي رفعت إليها وان سبق الفصل فيها وتتجاهل الحكم السابق ، ولا تعتد به ، وتصدر حكما جديدا بما تراه (20) وهو الغالب في قضاء محكمة النقض المصرية، فقد جاء في قرارها المؤرخ في 1/28/ 1980((وان كان الاختصاص الولائي يتعلق بالنظام العام وصدور حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه من جهة قضائية غير مختصة ولائياً ولا يحوز الحجية أمام محاكم الجهة الأخرى المختصة ، إلا إن ذلك الحكم يضل محتفظاً بحجيته أمام جميع محاكم الجهة القضائية التي أصدرته إحدى محاكمها فلا يجوز المجادلة فيه أمامها ، بل يجب عليها أن تتقيد به لان الأمر المقضي فيه يسمو على النظام العام)) (21)
ونجد إن مسلك هذا الاتجاه قد انحرف عن السبيل القانوني الصحيح وجانب الصواب، فهو بعد أن ذهب إلى انعدام الحكم واعتباره معدوما على حد تعبيره، عند صدوره من جهة قضائية لا تمتلك الولاية ، عاد واعتبر هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي فيه أمام محاكم الجهة التي أصدرته ، وهذه استحالة منطقية وقانونيه ، فكما إن الشيء لا يمكن أن يكون اسود وابيض في وقت واحد، ولا يمكن للكائن الحي أن يكون حياً وميتاً في ذات الوقت، ومن ثم لا يمكن أن يكون الحكم منعدماً وصحيحاً في الوقت نفسه ، كما يبدو انه قد استعمل مصطلح (معدوم ) بتعبير خجول ، حيث انه أراد به البطلان الذي يمكن تصحيحه ، بخلاف ما تعنيه كلمة الانعدام من وصف قانوني يلحق العمل القضائي بما فيه الحكم ويجعله مجرداً من جميع آثاره القانونية.
3 - الاتجاه الثالث : يذهب هذا الاتجاه (22) إلى إن الحكم الصادر من جهة قضائية لا ولاية لها هو حكم منعدم ، ولا يرتب أثرا حتى بالنسبة لمحاكم الجهة التي أصدرته ، كما انه لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن فيه ((ولا يحوز الحكم الذي يصدر من جهة قضائية لا وظيفة لها قوة الشيء المقضي به ، ويكفي التمسك بعدم وجـــــوده وانعدامه ، وانعدام حجته تبعا لذلك عند الاحتجاج به ، ويكون فقدان الوظيفة يرجع إلى إن النزاع يدخل في اختصاص المحاكم الأجنبية أو انه متعلق بأعمال سيادة الدولة أو داخل في ولاية جهة قضائية أخرى من جهات القضاء)) (23).
والحق إن هذا الاتجاه هو الأولى بالتاييد ، ذلك إن الولاية القضائية وان كانت موزعة على جهات قضائية مستقلة في مواجهة بعضها البعض إلا أنها واحدة وان هذا الاستقلال متحقق على نحو متكامل . استئثار كل امع جهة قضائية بالقدر المحدد لها من الولاية ، كما ويثبت لها دون غيرها الفصل في المسائل التي تدخل في ولايتها ، وتنتفي ولايتها بالنسبة للمسائل التي تدخل في ولاية جهة قضائية أخرى.
وقد حرص المشرع على تأكيد هذا الاستقلال ووضع الضمانات التي تحول دون مخالفته، فالمادة (1/19) من الدستور العراقي نصت على انه ((القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير (القانون كما نصت المادة (87) منه على إن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدرا حكامها وفقا للقانون)) كما نصت المادة (93) من الدستور أيضا على أن تتولى المحكمة الاتحادية العليا الرقابة على دستورية القوانين دون غيرها وتتولى تفسير النصوص الدستورية) ، كما إن المشرع قد وضع النصوص التي تضمن استئثار كل جهة بولايتها المحددة لها ، وهذا ما نصت عليه المواد (31-35) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 ، كما قررت المادة (78) منه ذلك أيضا حيث أشارت في حالة إن عرضت على إحدى المحاكم مسألة لا تندرج في ولايتها فأنه يمتنع عليها أن تفصل فيها ، ومع ذلك فأن هذا لا يعني تجزئة الولاية القضائية بقدر ما هو تنظيم لممارسة هذه الولاية والاختصاص في نصوص ملزمة، فإذا ما جاوزت جهة قضائية هذا التنظيم الملزم وفصلت في مسائل تندرج في ولاية جهة قضائية أخرى فأن حكمها هذا منعدما ، ولا
يحوز حجية ولا يرتب أثرا قانونيا ، ولا يحول بين الجهة صاحبة الولاية وبين الفصل فيما سبق الفصل فيه. ومن تم فأنه من المنطق القول بانعدام الحكم الصادر من جهة قضائية خارج حدود ولايتها حتى أمام محاكم هذه الجهة بحيث انه لا يتحصن بقوات مواعيد الطعن ، لأنه يفقد ركنا من أركانه ، وهو ما يحول دون اعتباره صحيحا كما إن الانعدام لا يحتاج إلى تقرير إلا إذا تمت المنازعة فيه ، و عندها يتم تقريره عن طريق الدعوى المبتدئة أو التمسك بالانعدام عن طريق الدفع أو التمسك به أمام القاضي، وإذا كان يلزم لوجود الحكم وترتيبه لآثاره القانونية أن يصدر من محكمة في حدود ولايتها ، فأنه يشترط لصحة هذا الحكم أن تكون المحكمة التي تبتت لها الولاية ، مختصة وظيفياً ونوعياً بنظر الدعوى التي يصدر منها هذا الحكم ، فأن لم تكن مختصة وجب عليها أن تقضي بعدم اختصاصها وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة إعمالاً لنص المادة (78) من قانون المرافعات المدنية ، فأن فصلت في الدعوى رغم عدم اختصاصها الوظيفي والنوعي ، فأن الحكم الصادر منها لا يحوز درجة البنات أمام محاكم الدولة كافة (24) فصدور الحكم من محكمة مختصة هو ليس شرطاً من شروط صحته بل ركنا من أركانه.
________________
1- انظر: عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 ، ج1، ط2، القاهرة ، - 2009 ص 322
2- انظر المادة (3) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 الذي كرست هذا المبدأ حيث نصت (( تسري ولاية القضاء على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية العامة والخاصة ، إلا ما استثنى منها بنص خاص )) .
3 - انظر المادة (10) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 والتي نصت على (لا) ينظر القضاء في كل ما يعتبر أعمال السيادة (( كذلك ، المادة (1) من قانون امتيازات الممثلين السياسيين رقم (4) لسنة 1935) (الحصانة الدبلوماسية ) كذلك ، المادة (59) من قانون الخدمة المدنية رقم 30 لسنة 2005 ، كذلك، انظر قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 وقانون العمل رقم 17 لسنة 1987 وكذلك الفقرة سادسا من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (851) في 20 / 6 / 1983 والذي نص على منع المحاكم على اختلاف أنواعها من سماع دعاوى المطالبة بالتعويض عن الوفاة أو الإصابة البدنية وفقا الأحكام قانون التأمين الإلزامي رقم 52 لسنة 1980 حيث تشكل لجان في شركة التامين لوظيفة النظر في تقدير التعويض ، كذلك الدعاوى الناشئة عن تنفيذ أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 ، كذلك المادة التاسعة من قانون تنفيذ مشاريع الري رقم 28 لسنة 1971 حيت منعت المحاكم من سماع الدعاوى الناشئة عنه ، كذلك المادة 26 من قانون تنظيم التجارة رقم 20 لسنة 1970 المعدل ، كذلك المادة 17 من قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972
4- انظر: المادة (1/31) من اتفاقية فينا المصدقة بالقانون رقم 20 لسنة 1962 ، وتجدر الإشارة إلى إن قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 لم ينظم قواعد الاختصاص القضائي العام الدولي للمحاكم العراقية ، وهي القواعد التي تنظم ولاية المحاكم العراقية بنظر الدعوى التي ترفع في العراق عما ترتب بذمته من التزامات نشأت خارج العراق ، وكذا الحال على أجنبي مقيما فيه أو غير مقيم ، وترك الأمر لقواعد تنازع القوانين الدولي من حيث الاختصاص القضائي وهو ما منصوص عليه في المواد (14) و (15) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 بهذا الخصوص .
5- انظر المواد ( 31، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 .
6- انظر: د. وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات ، منشأة المعارف بمصر، 1974 ص 264
7- ومن الأمثلة على ذلك أيضا، المسائل ذات العنصر الأجنبي التي لا تدخل في ولاية القضاء العراقي ، فتضع الدول القواعد والحدود لولاية قضاءها في مواجهة القضاء الأجنبي، وهو ما يعرف بقواعد الاختصاص الدولي للمحاكم ، وقد أشرنا سابقا بأن المشرع العراقي لم ينظم ذلك في قانون المرافعات العراقي وإنما نص على ذلك في المواد (14) و (15) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951
8- د. وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات ، منشأة المعارف بمصر، 1974 ، ص 463 ، سليمان الطماوي النظرية العامة للقرارات الإدارية ، دار النهضة العربية ، 1991 ، ص 142
9- انظر : د. احمد ماهر زغلول، الموجز في أصول وقواعد المرافعات الكتاب الأول ، التنظيم القضائي والاختصاص ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991 ، ص 467
10- انظر قرار محكمة التمييز المرقم 1948/ج/ 65 في 66/5/9 ، مشار إليه في ضياء شيت خطاب ، الوجيز في قانون المرافعات المدنية ، بغداد 1973 ، ص 139 ، قرار محكمة النقض المصرية رقم 4/49 / 1986 - مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في خمسون عاما من 1980 - 1985 ، ص 77، كذلك انظر في تطور القضاء الفرنسي في هذا الصدد : عزالدين عبدا الله ، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدوليين ، ج 2، الهيئة العامة للكتاب 1986 ، ص 761
11- انظر:عز الدين عبدا الله ، القانون الدولي الخاص ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدوليين ج2 ، الهيئة العامة للكتاب 1985 – ص 777
12- انظر: المادة (31) من اتفاقية فينا لسنة 1961 المشار إليها سابقا
13- انظر: المادة الثانية من اتفاق الأمم المتحدة المبرم في 13 / فبراير / 1946 والخاص بالامتيازات والحصانات والمنشورة في موقع الأمم المتحدة على شبكة الانترنيت ، كذلك المادة الثانية من اتفاقية جامعة الدول العربية المبرمة في 10 / مايو / 1953 والمعدلة بقرار مجلس جامعة الدول العربية في 8/ سبتمبر / 1977 والخاصة بالامتيازات والحصانات العربية .
14- انظر المواد 11، 19 ، 22 من اتفاقية لامتيازات والحصانات الخاصة بالأمم المتحدة والمادة ، 11 ، 20 220 ، من اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية ، المشار إليهما سابقا
15- انظر: المادة (7/ و) من قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم 30 لسنة 1928 ، كذلك قرار محكمة التمييز رقم 1658 / ح/ 1957 في 21/ 9 / 1957 ، مجلة القضاء ، العددان الأول والثاني ، لسنة 1958، ص 50 ، قرار محكمة النقض المصرية رقم 25 / 3 / 1982 - منشور في مجلة مجموعة الأحكام ، العدد 33- ج 1 لسنة 1987، ص130
16- انظر : انور طلبه بطلان الأحكام وانعدامها ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 2006 ، ص 407 ، وانظر كذلك في مخالفة هذا المبدأ ممن لا يقر بنظرية الانعدام ، فيرون إن النتيجة الطبيعية والمنطقية للانعدام ما يطلقون عليه البطلان المطلق لا تطبق بشأن قاعدة عدم جواز التمسك بالبطلان (حسب تعبيرهم بغير طرق الطعن ،د.فتحي والي ، نظرية البطلان في قانون المرافعات ، منشاة المعارف، الإسكندرية ، 1959 ، ص 790
17- انظر د. احمد ماهر زغلول، الموجز في أصول وقواعد المرافعات الكتاب الأول ، التنظيم القضائي والاختصاص ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1991 ، ص 471
18- انظر: قرار الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز بالعدد /2/ موسعة أولى / 92 في 1993/7/25 والذي جاء فيه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة في محكمة التمييز ، وجد إن محكمة بداءة الموصل قد أصدرت بتاريخ 2/29 / 1992 قرارها بالعدد 201 / ب / 92 يقضي بإلغاء قرار مصادرة سكائر ومنع معارضة المدعى عليه محافظ نينوى / اظافة لوظيفته في حيازة ونقل السكائر المضبوطة مخالفة بذلك أحكام المادة (1) البند تانيا / الفقرة (د) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم (106) لسنة 1989 التي بينت ، تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر من الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي بعد نفاذ هذا القانون ، فكان على المحكمة المذكورة إحالة الدعوى أعلاه إلى محكمة القضاء الإداري للنظر فيها حسب الاختصاص (( غير منشور ، انظر كذلك: قرار محكمة النقض المصرية بالطعن رقم 3590 س / 62 ق - جلسة 2003/1/16) والذي جاء فيه ((إن اختصاص اللجنة القضائية لإنهاء الاحكار على الأعيان الموقوفة ، قصرها على المسائل المبينة بالمادة الخامسة من القانون رقم 43 لسنة 1982 في شأن إنهاء الاحكار على الأعيان الموقوفة وان المشرع قد خول اللجنة القضائية المشكلة بها اختصاصا قضائيا قصره على المادة المبينة ولا يجوز تجاوز هذا الاختصاص)) مشار إليه في عبد الفتاح مراد الجديد في أحكام محكمة النقض المصرية لسنة لسنة 2002 - 2003 - ص 248
19- انظر:
R. SEIF LES conflits de jurisdiction intre les tripunauxmixtes et tripunaux indigenes en matierecivilesetcommerciales, the le, caire 1938,p72
نقلا عن د. احمد ماهر زغلول ، المصدر السابق - ص 475، انظر كذلك، د. وجدي راغب ، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات - خالي من الطبعة ، منشأة المعارف بمصر، 1974 ، ص 589 وما بعدها
20- انظر : د. عبد الحميد أبوهيف المرافعات المدنية والتجارية والنظام العام القضائي في مصر، منشاة المعارف 1921 ، ص 401 وما بعدها ، عبد الباسط جميعي ، مبادئ المرافعات ، دار الفكر العربي ، 1980 ص 16 ، محمد عبد الوهاب العشماوي ، قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن ،ج1 مكتبة الآداب ، ،1957 ، ص 355 وما بعدها
21- انظر : قرار محكمة النقض المصرية رقم 1981/11/28 - مجموعة القواعد التي قررتها محكمة النقض في خمسون عاما من 1980 - 1985 ، ص 92
22- مدحت المحمود، شرح قانون المرافعات المدنية وتطبيقاته العملية ، ط 3 ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، 2009 ص 47، كذلك، د. عصمت عبدالمجيد بكر أصول المرافعات المدنية ، طا- منشورات جامعة جيهان الأهلية، اربيل - 2013، ص 689 وما بعدها ، كذلك انظر بهذا الصدد قرار محكمة التمييز رقم 4/ موسعة أولى في 10/ 1984 والذي جاء فيه ((1- إذا تصدت محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية للفصل في طعن لا تختص بنظره فأن قرارها يكون معدوما - القرار المعدوم لا تلحقه حصانة ولا يترتب عليه اثر قانوني فلا يحوز حجية الأحكام )) مشار إليه في إبراهيم المشاهدي، معين المحامين في المرافعات والإثبات، ج - مكتبة الجيل العربي، الموصل، العراق، 2004 - ص 36
23- عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 ، ج1، ط2، القاهرة ، - 2009 ، ص 329 ، انظر أيضا : قرار هيئة الأحوال الشخصية في محكمة التمييز رقم 290/ شخصية / 3/82 في 12/10/16 حيث جاء فيه دعوى الإعالة من اختصاص محكمة البداءة وليست من اختصاص محاكم الأحوال الشخصية لأنها لا تنضوي تحت أحكام المادة (300) مرافعات، فإذا نظرت هذه الأخيرة الدعوى فأن حكمها لا يرتب أثرا قانوني، مشار إليه في د. ادم وهيب النداوي، قانون المرافعات جامعة بغداد 1988، ص 89، كذلك انظر : قرار محكمة النقض المصرية رقم 2004/6/10 - كتاب المستحدت من المبادئ الصادرة من الدوائر التجارية بمحكمة النقض من 2003/1/1 حتى 2004/9/30، المكتب الفني لمحكمة النقض المصرية ، 2005، ص10
24- هناك من يخالف هذا المنطق ويرى إن الحكم الصادر من محكمة غير مختصة يحوز حجية الأمر المقضي فيه أمام محاكم الجهة التي أصدرت الحكم بما في ذلك المحكمة التي كانت مختصة أصلا ينظر النزاع ،، وهو ماذهب إليه جانب من الفقه المصري والفرنسي انظر في هذا الصدد:
DEVEZE, De laregle "voies de nullity" not lieu contrelesjugements, the touluse 1938, p. 54
نقلا عن د. فتحي والي ، نظرية البطلان في قانون المرافعات ، منشاة المعارف، الإسكندرية ، 1959 ، ص 790، ونفس الرأي أيضا للدكتور فتحي والي بهذا الخصوص في ذات المصدر والصفحة
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|