أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
817
التاريخ: 2023-07-02
773
التاريخ: 2024-09-04
365
التاريخ: 2023-05-30
1118
|
وكان من دعائه (عليه السلام) إذا عرضت له مهمة اَو نزلت به ملمّة وعند الكرب:
يَا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكَارِهِ، وَيَا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدَائِدِ، وَيَا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الْمَخْرَجُ إلَى رَوْحِ الْفَرَجِ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِـكَ الصِّعَابُ وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الاسْبَابُ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضَاءُ، وَمَضَتْ عَلَى إرَادَتِكَ الاشْياءُ، فَهْيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ، وَبِإرَادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ، أَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ، وَأَنْتَ الْمَفزَعُ فِي الْمُلِمَّاتِ، لاَ يَنْدَفِعُ مِنْهَا إلاّ مَا دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْهَا إلاّ مَا كَشَفْتَ، وَقَدْ نَزَلَ بِي يا رَبِّ (1) مَا قَدْ تَكَأدَنيَّ(2) ثِقْلُهُ، وَأَلَمَّ بِي مَا قَدْ بَهَظَنِي (3) حَمْلُهُ، وَبِقُدْرَتِكَ أَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ، وَبِسُلْطَانِكَ وَجَّهْتَهُ إليَّ، فَلاَ مُصْدِرَ لِمَا أوْرَدْتَ وَلاَ صَارِفَ لِمَا وَجَّهْتَ، وَلاَ فَاتِحَ لِمَا أغْلَقْتَ، وَلاَ مُغْلِقَ لِمَا فَتَحْتَ، وَلاَ مُيَسِّرَ لِمَا عَسَّرْتَ، وَلاَ نَاصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ، فَصَلَّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَافْتَحْ لِي يَا رَبِّ بَابَ الْفَرَجِ بِطَوْلِكَ، وَاكْسِرْ عَنِّيْ سُلْطَانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ، وَأَنِلْيني حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا شَكَوْتُ، وَأذِقْنِي حَلاَوَةَ الصُّنْعِ فِيمَا سَاَلْتُ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَفَرَجاً هَنِيئاً، وَاجْعَلْ لِي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً (4) وَلا تَشْغَلْنِي بالاهْتِمَامِ (5) عَنْ تَعَاهُدِ فُرُوضِكَ، وَاسْتِعْمَالِ سُنَّتِكَ، فَقَدْ ضِقْتُ (6) لِمَا نَزَلَ بِي يَا رَبِّ ذَرْعاً (7) وَامْتَلاتُ بِحَمْلِ مَا حَـدَثَ عَلَيَّ هَمّاً، وَأنْتَ الْقَادِرُ عَلَى كَشْفِ مَا مُنِيتُ بِهِ، وَدَفْعِ مَا وَقَعْتُ فِيهِ، فَافْعَلْ بِي ذلِـكَ، وَإنْ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ، يَا ذَا العَرْشِ الْعَظِيمَ (8) [وَذَا الْمَنِّ الْكَريمِ، فَاَنْتَ قادِرٌ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ].
(1) قوله عليه السلام: يا ربّ
يجوز ذلك في النداء على خمسة أوجه في كلّ دعاء: يا ربّ بكسر الباء الموحّدة وإسقاط المضاف إليه، وهو الياء المثنّاة من تحت للمتكلّم. يا ربّي بإسكان ياء المتكلّم. يا ربّاه بالهاء الساكنة للسكت وقفاً ووصلاً. يا ربّي بفتح الياء للمتكلّم. يا ربّ برفع الموحّدة للمنادى المفرد المعرفة.
(2) قوله عليه السلام: تكأدني
معاً، أي: بفتح الهمزة المشدّدة بعد الكاف على التفعّل، أو بتخفيف الهمزة المفتوحة بعد الألف الممدودة بين الكاف والدال على التفاعل من الكؤودة، وهي الصعوبة والشدّة والمشقّة. وكذلك الكؤونة بالنون، والكآبة بالباء الموحّدة جميعاً بالهمزة بعد الكاف بمعنى الشدّة، والكؤود بفتح الكاف على صيغة فعول، العقبة الصعبة المصعد.
قال علّامة زمخشر في الفائق: روى أبو الدرداء أنّ بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلّا المخفّ. الكؤود مثل الصعود وهي الصعبة، ومنها تكأده الأمر وتصعّده، إذا شقّ عليه وصعب، وكأد وكأب وكأنّ ثلاثتها في معنى الشدّة والصعوبة، يقال: كأبت إذا اشتدّت، عن أبي عبيد والكآبة شدة الحزن. أخفّ الرجل إذا خفّت حاله ورقّت، وكان قليل الثقل في سفره وحضره. وعن مالك بن دينار أنّه وقع الحريق في دار كان فيها، فاشتغل الناس بالأمتعة وأخذ مالك عصاه وجراباً كان له ووثب فجاوز الحريق وقال: فاز المخفّون. ويقال: أقبل فلان مخفّاً (1).
وقال ابن الأثير في النهاية: في حديث الدعاء: «ولا يتكأدك عفو عن مذنب» أي: [لا] يصعب عليك و[لا] يشقّ، ومنه العقبة الكؤود، أي: الشاقّة. ومنه حديث أبي الدرداء «أنّ بين أيدينا عقبة كؤوداً لا يجوزها إلّا الرجل المخفّ. ومنه حديث علي (عليه السلام): «وتكأدنا ضيق المضجع». أي: صعب علينا وثقل وشقّ (2).
وفي صحاح الجوهري: عقبة كؤود: شاقّة المصعد وتكأدني [الشيء] وتكاءدني، أي: شقّ عليّ تفعّل وتفاعل بمعنى. انتهى (3).
وأمّا تكأدني بتشديد الدال بعد الألف على إدغام الهمزة في الدال، أو على التفاعل من الكدّ، وهو الجهد والشدّة في العمل، فتصحيف واسناده إلى خ «لش» اختلاق، ونسخته بخطّه (قدّس الله تعالى لطيفه) عندي، وهو صفر عرو عن ذلك أصلاً وهامشاً.
(3) قوله عليه السلام: بهظني
بالظاء في الأصل، وبالضاد «كف». وكلاهما بمعنى واحد، وما في الأصل أشهر.
قال في القاموس: بهضني الأمر كمنع وأبهضني، أي: فدحني وبالظاء أكثر (4).
(4) قوله عليه السلام: وحيّاً
على فعيل، أي: سريعاً قريباً من الوحي والوحاء بالمدّ، بمعنى السرعة والإسراع.
قال في المغرب: الإيحاء والوحي إعلام من خفاء، وعن الزجّاج الإيماء يسمّى وحياً، يقال: أوحى الله إليه ووحي بمعنى أومأ، والوحي بالقصر والمدّ السرعة. ومنه موت وحي وزكاة وحيّة سريعة، والقتل بالسيف أوحى، أي: أسرع، وقولهم: السم يقتل إلّا أنّه لا يوحي صوابه بحيّ، من وحى الذبيحة إذا ذبحها ذبحاً وحياً، ولا يقال: أوحى. انتهى كلامه. ويقال: استوحاه استيحاءً إذا استلهمه واستفهمه، وكذلك إذا حرّكه واستسرعه وهيّجه وعجّله، ووحاه توحية، إذا عجّله وعجّل فيه تعجيلاً.
وفي مجمل اللغة: الوحي بالقصر أيضاً الصوت، ويقال: استوحيناهم، أي: استصرخناهم (5).
(5) قوله عليه السلام: ولا تشغلني بالاهتمام
افتعال من الهمّ بمعنى الحزن والغمّ، لا من همّ بالأمر بمعنى قصده، ولا من الهميم بمعنى الذبيب. قال في المغرب: همّ الشحم فانهمّ، أي: أذابه فذاب. وقوله في الطلاق: كلّ من همّه أمر استوى جالساً فاستوفر الصواب أهمّه، يقال: أهمّه الأمر إذا أقلقه وأحزنه، ومنه قولهم: همّك ما أهمّك، أي: أذابك ما أحزنك. ومنه قيل للمحزون المغموم: مهموم. والهمّ بالكسر: الشيخ الفاني من الهمّ الأذابة، أو من الهميم الذبيب.
وهمّ بالأمر قصده، والهمّ واحد الهموم، وهو ما يشغل القلب من أمر يهمّ. ومنه اتّقوا الدين فإنّ أوّله همّ وآخره حرب، هكذا حكاه الأزهري عن ابن شميل.
والحرب: بفتحتين أن يؤخذ ماله كلّه. وروي حزن، وهو غمّ يصيب الإنسان من فوات المحبوب. والهميم الذبيب، ومنه الهامة من الدوابّ، ما يقتل من ذوات السموم، كالعقارب والحيّات، انتهى كلامه.
والمعنى: ولا تشغلني بالهمّ والغمّ عن المحافظة على وظائف الفرائض واسباغها على الوجه الأتمّ الأكمل، وعن النهوض بمراعاة النوافل والاتيان بالسنن والآداب.
قال شيخنا الشهيد في الذكرى: قد تترك النافلة لعذر، ومنه الهمّ والغمّ؛ لرواية علي بن أسباط عن عدّة منّا أنّ الكاظم (عليه السلام) إذا اهتمّ ترك النافلة.
وعن معمّر بن خلّاد، عن الرضا (عليه السلام) مثله، إذا اغتمّ، والفرق بينهما أنّ الغمّ لما مضى والهمّ لما يأتي. وفي الصحاح: الاهتمام الاغتمام. انتهى (6).
قلت: وقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا ما أدبرت فلا تضيّقوا عليها بالنوافل (7).
(6) قوله عليه السلام: ضقت
ضقت بالأمر ذرعاً، أي: إذا لم تقوَ عليه.
(7) قوله عليه السلام: لما نزل بي يا ربّ ذرعاً
ضاق بالأمر ذرعاً وذراعاً، وضاق بالأمر ذرعه وذراعه، وضاق به الأمر ذرعاً: ضعفت عنه طاقته ولم يجد من مضيق المكروه فيه مخرجاً، قاله في القاموس (8).
وقال في الصحاح: يقال ضقت بالأمر ذرعاً إذا لم تطقه ولم تقو عليه وأصل الذرع إنّما هو بسط اليد (9) فكأنّك تريد مددت إليه يدي فلم تنله، وربّما قالوا: ضقت به ذراعاً. انتهى قوله (10).
واستعمال اللام مكان الباء شائع ذائع. ويقال: فلان رحب الذراع، أي: واسع القوّة والقدرة والبطش. والذرع الوسع والطاقة. قاله ابن الأثير في النهاية. وقال: ومنه الحديث: «فكبّر في ذرعي» أي: عظم وقعه وجلّ عندي.
والحديث الآخر: «فكسر ذلك من روعي» أي: تبّطني عمّا أردته. ومنه حديث إبراهيم عليه الصلاة والسلام: «أوحى الله إليه أن ابن لي بيتاً، فضاق بذلك ذرعاً» ومعنى ضيق الذراع والذرع: قصرهما، كما أنّ معنى سعتها وبسطها طولها.
ووجه التمثيل: أنّ القصير الذراع لا ينال ما يناله الطويل الذراع، ولا يطيق طاقته، فضرب مثلاً للذي سقطت قوّته دون بلوغ الأمر والاقتدار عليه (11).
(8) قوله عليه السلام: يا ذا العرش العظيم
هناك زيادة برواية ابن طاووس، وهي: فأنت قادر يا أرحم الراحمين، آمين يا ربّ العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الفائق: 3 / 241.
2. نهاية ابن الأثير: 4 / 137.
3. الصحاح: 1 / 526.
4. القاموس: 2 / 325.
5. مجمل اللغة: 3 / 919.
6. الذكرى: 116، الصحاح: 5 / 2061.
7. نهج البلاغة: 530.
8. القاموس: 3 / 23.
9. في «ن»: بسطاً ليد.
10. الصحاح: 3 / 1210.
11. نهاية ابن الأثير: 2 / 158.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|