أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-08
2102
التاريخ: 2023-06-12
1430
التاريخ: 2023-03-23
1850
التاريخ: 2023-04-06
1231
|
لقد اختلف المفسرون والمؤرخون في نبوة ذي القرنين فمنهم من قال إنه نبي، ومنهم من قال إنه ليس بنبي بل هو عبد صالح. وفيما يلي نستعرض أدلة المثبتين لنبوته، وأدلة النافين لها بصورة مفصلة:
أولاً: أدلة المثبتين لنبوته
لقد استدل القائلون بنبوة ذي القرنين بالكتاب والسنة أما من الكتاب فهناك عدة شواهد على نبوته:1- قوله تعالى: (إنا مكنا له في الأرض) قال فخر الدين الرازي: الأولى حمله على التمكين في الدين والتمكين الكامل في الدين هو النبوة.2 قوله تعالى: ﴿وآتيناه من كل شيء سبباً) قال الرازي: ومن جملة الأشياء النبوة فمقتضى العموم في الآية هو أنه تعالى آتاه مـن النبوة سبباً. أقول: إنّ هاتين الآيتين لا تثبتان نبوته عند أكثر المفسرين من الفريقين، وذلك لأنّ إثبات نبوته يحتاج إلى تنصيص وتخصيص، وأما تعمق الجري وراء العمومات لاستفادة مثل ما أفاده فخر الدين الرازي فغير مقنع. 3- قوله تعالى (قلنا يا ذا القرنين) : وهذه الآية من أقوى الشواهد التي استدل بها المفسرون على نبوة ذي القرنين، وقالوا: إن أمر الله تعالى لا يعلم إلا عن طريق الوحي وهو لا يجوز إلا على الأنبياء والآية ظاهرة في الدلالة على نبوته، وقد ادعى بعض المفسرين أن هذه الآية أظهر في الدلالة على نبوة ذي القرنين من دلالة قوله تعالى: (وما فعلته عن أمري) على نبوة الخضر (عليه السلام) ، لأن الذي يتكلم الله معه من غير واسطة أو بواسطة الوحي فهو يدل دلالة واضحة على أنه نبي، وأما أن المراد من قوله تعالى: (قلنا يا ذا القرنين) أنه خاطبه على ألسنة بعض الأنبياء في عصره فهو عدول عن الظاهر (1). وأما من السنة فها هنا روايتان: الأولى: عن عبد الله بن عمر قال: (ذو القرنين نبي) (2). الثانية: روى العياشي في تفسيره بسنده عن الثمالي عـن أبـي جعفر عليه السلام قال: «إنّ الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكاً في الأرض إلا أربعة بعد نوح عليه السلام: ذو القرنين واسمه عياش، وداود، وسليمان، ويوسف عليهم السلام، فأما عياش فملك ما بين المشرق والمغرب، وأما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر، وكذلك ملك سليمان، وأما يوسف فملك مصر وبراريها، لم يجاوزها إلى غيرها) (3). وقد علق الشيخ الصدوق على هذه الرواية بقوله: «... جاء الخبر هكذا، والصحيح الذي أعتقده في ذي القرنين أنه لم يكن نبياً، وإنما كان عبداً صالحاً أحب الله فأحبه الله، ونصح الله فنصحه الله… (4) أقول: لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية في اثبات نبوة ذي القرنين وذلك لورود روايات صحيحة في خلافها، فلابد حينئذ مـن تأويلها بما يوافق الروايات المخالفة وإلا طرحت لشذوذها. وقد أكدت بعض المصادر نبوة ذي القرنين، فقد قال الثعلبي في مجالسه: الصحيح أنه كان نبياً غير مرسل (5). وقال مقاتل: إنّه نبي لأنّ الله أوحى إليه لقوله تعالى: ﴿قلنا يا ذا القرنين)، والوحي للأنبياء (6). وقال عكرمة: كان ذو القرنين نبياً مرسلاً إلى أهل بابل (7). وقد ذكره الشيخ محمد رضا الغراوي له في كتابه «لب اللباب» في جملة الأنبياء (8).
ثانياً: أدلة النافين لنبوته:
لقد استدل القائلون بعدم نبوة ذي القرنين بالكتاب والسنة: أما من الكتاب فقد استدلوا بآيتين على عدم نبوته الأولى: قوله تعالى: (قلنا يا ذا القرنين). قال بعض المفسرين: إن هذه الآية الشريفة لا تدل على نبوة ذي القرنين، وذلك لأن قوله تعالى أعم من الوحي المختص بالنبوة، فربما يستعمل قوله تعالى في الإبلاغ بواسطة الوحي كما في قوله تعالى: (قلنا يا آدم)، وقد يستعمل قوله تعالى في الإلهام الذي ليس من النبوة كقوله تعالى( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه)، وربما دلت الآية على أنّ مكالمته كانت بتوسط نبي كان موجوداً في زمانه (9). أقول: ويحتمل أن معنى قوله تعالى: ﴿قلنا ياذا القرنين) أي ألهمنا، لأن الإلهام ينوب عن الوحي كما في قوله تعالى: ﴿وأوحينا إلى أم موسى) أي ألهمناها. وقد صرح بهذا المعنى بعض المفسرين منهم ابن مسعود البغوي في كتابه معالم التنزيل حيث قال: «الأصح أنه لم يكن نبياً والمراد (الإلهام) وقد وافقه على هذا التأويل الخازن في تفسيره) (10). الثانية: قوله تعالى: (فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه). إن هذه الآية تدل دلالة واضحة لا تقبل الشك والإيهام على أن الخطاب السابق وهو قوله تعالى: (قلنا ياذا القرنين) لم يكن بطريق التكلم من غير واسطة أو بواسطة الوحي، وإنما كانت مقاولته إما عن طريق الالهام أو بواسطة ملك من ملائكة أو بواسطة نبي في زمانه. وقد دل على عدم نبوته مجموعة من الروايات المعتبرة من طرق الفريقين: الرواية الأولى: عن الطبري في تفسيره عن أبي الطفيل قال: سأل ابن الكواء علياً ذي القرنين فقال هو عبد أحب الله فأحبه، وناصح الله فنصحه (11) الرواية الثانية عن الصفار في بصائر الدرجات بسنده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: .... (أما بلغكم أن علياً سئل عن ذي القرنين، فقيل كان نبياً، قال: لا بل كان عبداً أحب الله فأحبه ونصح الله فنصحه فهذا فيكم مثله) (12). الرواية الثالثة: عن الشيخ الصدوق في العلل عن الاصبغ بن نباتة قال: قام ابن الكواء إلى علي (عليه السلام) وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أنبياً كان أم ملكاً؟ فقال له علي عليه السلام: «لم يكن نبياً ولا ملكاً... ولكنه عبد أحب الله فأحبه، ونصح الله فنصح الله له...» (13). الرواية الرابعة عن الشيخ الصدوق بسنده عن أبي بصير عــن أبي جعفر عليه السلام قال: «إنّ ذا القرنين لم يكن نبياً لكنه عبد صالح أحب الله فأحبه الله، وناصح الله فناصحه الله ... (14) الرواية الخامسة ما في تفسير العياشي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: «إنّ ذا القرنين لم يكن نبياً ولا رسولاً وإنما كان عبداً أحب الله فأحبه وناصح الله فنصحه» (15). الرواية السادسة عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله الله حجة على عباده...» (16) الرواية السابعة عن ابن عباس قال: كان ذو القرنين ملكاً صالحاً رضي الله عمله وأثنى عليه في كتابه، وكان منصوراً، وكان الخضر وزيرة» (17) الرواية الثامنة: عن علي بن إبـراهـيـم فـي تفسيره عـن أمـيـر المؤمنين عليه السلام أنه سئل عن ذي القرنين أنبياً كان أم ملكاً؟ فقال: «لا نبياً ولا ملكاً بل عبداً أحب الله فأحبه ونصح الله فنصح له.... (18). الرواية التاسعة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه سئل عن ذي القرنين فقال: «هو ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب» (19). الرواية العاشرة: عن الشيخ الصدوق في الخصال بإسناده عن محمد بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان فسليمان بن داود، وذو القرنين، وأما الكافران نمرود، وبخت نصر (20) وروى ابن قتيبة في المعارف أنه ملك الأرض مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فنمرود بخت نصر، وسيملكها من هذه الأمة خامس (21). أقول: وهذا الخامس هو الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الذي سيظهر في آخر الزمان ويملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجوراً. وذكر الشيخ المفيد في كتابه الاختصاص أنه ثلاثة من الأنبياء ملوك: يوسف، وداود وسليمان، وأما الكافران، فنمرود بن كوش بن کنعان، وبخت نصر (22). ويرى الشيخ الصدوق أنّ ذا القرنين لم يكن نبياً وإنما كان عبداً صالحاً وفي ذلك يقول: (... وذو القرنين ملك مبعوث وليس برسول ولا نبي كما كان طالوت ملكاً، قال الله عز وجل: ﴿وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً) وقد لا يجوز أن يذكر في جملة الأنبياء من ليس بنبي، كما لا يجوز أن يذكر في جملة الملائكة من ليس بملك، قال جل ثناؤه: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن) (23). وقال ابن إسحاق: إنّه لم يجتمع ملك الأرض على ملك واحد إلا على ثلاثة ملوك نمرود، وذي القرنين، وسليمان بن داود (عليهما السلام) (24). وقال الكلبي: ملك الأرض أربعة نفر: بران وفاجران، فالبران: سلیمان بن داود وذو القرنين والفاجران نمرود بن کنعان صاحب إبراهيم، وبخت نصر، واسمه نبوخذ نصر بن سنحاريب بن كيحسري (25). وقال ابن قتيبة: إن ذا القرنين لم يكن نبياً (26). وقال الديار بكري: الأصح الذي عليه الأكثرون أنه كان ملكاً صالحاً عادلاً وأنه بلغ أقصى المغرب والمشرق والشمال (27). وقال الآلوسي في تفسيره: الجمهور على أنه ليس بنبي (28) النتيجة: أولاً: أنّ ذا القرنين لم يكن نبياً ولا رسولاً بنص الروايات التي ذكرناها آنفاً، وأما قوله تعالى: قلنا ياذا القرنين لا يدل على أنه نبي، ولعل الأولى في تأويل قوله تعالى أن يكون القول إما بواسطة ملك. الملائكة أو بواسطة الإلهام أو بواسطة نبي في زمانه. ثانياً: لقد أكدت الروايات الصحيحة الواردة من طرق الفريقين أن ذا القرنين كان ملكاً عادلاً صالحاً، وولياً من أولياء الله الصالحين جعله الله تعالى حجة على عباده، وأثنى عليه في كتابه، ورضى قوله وأفعاله. ثالثاً: ومما يدل على أنّ ذا القرنين لم يكن رسولاً ولا نبياً قول أمير المؤمنين عليه السلام في رواية: «فهذا فيكم مثله» وفي رواية أخرى: (وفيكم من هو على سنته، ويقصد أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك نفسه لأنه ضرب على رأسه ضربتين إحداهما يوم الخندق، والأخرى ضربة ابن ملجم (لعنه الله). وزيادة على ذلك وجدت أثناء المطالعة والبحث على روايات تصور لنا التشابه بين الأئمة الالم وذي القرنين في بعض الخصائص والشؤون وهي أبلغ في الدلالة على أنّ ذا القرنين لم يكن نبياً أو رسولاً البتة. وفيما يلي نذكر طائفة. من هذه الروايات: روى العياشي في تفسيره عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عن أبي عبد الله جميعاً قال لهما: ما منزلتكم؟ ومن تشبهون ممن مضى؟ قالا: «صاحب موسى وذي القرنين كانا عالمين، ولم يكونا نبيين (29) وروى الشيخ المفيد بسنده عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما موضع العلماء؟ فقال: «مثل ذي القرنين وصاحب سلیمان وصاحب موسى) (30) وروى الشيخ المفيد بسنده عن حمران بن أعين قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إن علياً كان محدثاً، فخرجت إلى أصحابي، فقلت: جئتكم بعجيبة، قالوا: ما هي؟ قلت: سمعت أبا جعفر يقول: كان علي (عليه السلام) محدثاً (31)، فقالوا: ما صنعت شيئاً ألا سألته من يحدثه فرجعت إليه، سألته فقلت له: إني حدثت أصحابي بما حدثتني، فقالوا: ما صنعت شيئاً، ألا من يحدثه؟ فقال لي: يحدثه ملك، فقلت: فتقول نبي؟ فحرك يده هكذا (32)، فقال: «أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أوما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله (33). أقول: يعتقد الشيعة الإمامية أن أئمتهم (عليهم السلام) محيطون بالعلوم الإلهية، والإمام لا يوحى إليه لأنّ الوحي من جميع جهاته منقطع بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجماع الأمة، ولكن العقيدة تقول إن الله يعلم الإمام بوسائل عديدة منها: «الإلهام والملك المحدث له، والنكت في القلب، والنقر في الأذن، والرؤيا في المنام، وقد صح كل ذلك بالروايات الصحيحة والأسانيد القوية. أما ذو القرنين فقد أعلمه الله تعالى بطرق ووسائل منها «الإلهام، والملك المحدث فقد روى العياشي عن جبرائيل بـن أحـمـد فـي حديثه بأسانيد عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب الا قال: ... كان ذو القرنين عبداً صالحاً وكان من الله بمكان، ونصح له، وأحب الله فأحبه، وكان قد سبب له في البلاد، ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليل من الملائكة.. ينزل إليه فيحدثه ويناجيه ... (34) ومن خلال ما ورد يتضح لك جلياً بأن ذا القرنين لم يكن نبياً، وإنما هو عبد صالح وولي ناصح مسدد من قبل الله تبارك وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أنظر مجمع البيان: ج 6، ص 49، ومفاتيح الغيب: ج 5، ص 526، =
= وإرشاد العقل السليم بهامش مفاتيح الغيب: ج 5 ص 572، وروح المعاني: ج
16، ص 39
2- تاريخ ابن عساكر: ج 5 ص 253، وفتح القدير: ج 3، ص 299.
3- بحار الأنوار: ج 12، ص 181.
4- الخصال: ص 226.
5- عرائس المجالس: ص 201.
6- أخبار الدول: ج 1، ص 230.
7- بدائع الزهور: ص 118.
8- لب اللباب: ج 1، ص 20.
9- مجمع البيان: ج ،6، ص 490، والميزان: ج 16، ص 361.
10- معالم التنزيل بهامش تفسير الخازن: ج 4، ص 186.
11- تفسير الطبري: ج16، ص 8-9.
12- البرهان في تفسير القرآن ج3، ص 492.
13- هذه الرواية مروية بطرق عديدة. أنظر: علل الشرائع: ج1، ص 39ن وبحار الانوار، ج12، ص 180.
14- إكمال الدين ص 373، وهذه الرواية مروية في عدة مصادر، أنظر بحار
الأنوار: ج 12، ص 194.
15 بحار الأنوار: ج 12، ص 196.
16- بحار الأنوار: ج 12، ص 194.
17- تاريخ ابن عساكر: ج 5 ص ،254، والبداية والنهاية: ج 2، ص 103.
18- بحار الأنوار: ج 12، ص 278.
19- سيرة ابن هشام، ج 1، ص 328 وفتح القدير: ج 3، ص 299.
20- الخصال: ص 232.
21- المعارف ص ،34، وتاريخ الخميس: ج 1، ص 14.
22- الاختصاص: ص 265.
23- الخصال: ص 226.
24- تاريخ الطبري: ج1، ص 233.
25- المحبر: ص 393.
26- المعارف: ص 54.
27- تاريخ الخميس: ج1، ص 101.
28- روح المعاني: ج16، ص 28.
29- هذا الحديث مروي بطرق عديدة. أنظر: أصول الكافي ج 1، ص 269، وبحار الأنوار: ج 1، ص 197.
30- الاختصاص: ص 309.
31-المحدث: هو الذي يسمع كلام الملائكة ولا يراهم ولا يأتيه في المنام وإنما ينقر في أذنيه وينكت في قلبه الاختصاص: ص 328- 329.
32- أي حركها إلى الفوق نفياً لقوله: «إنه نبي».
33- الاختصاص: ص 278، أما قوله (عليه السلام): وفيكم مثله» أي وفيكم من يضرب على قرنه مرتين كما ضرب ذو القرنين على قرنه، مرتين، وقد عنى بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام).
34- بحار الانوار: ج12، ص 200.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|