أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2014
2519
التاريخ: 2024-11-04
387
التاريخ: 2024-09-13
722
التاريخ: 2023-06-04
1379
|
الانحراف عن الصراط وقطع الطريق على السالكين
لقد عبر القرآن الكريم عن الانزلاق عن الصراط بنحوين، فتارة صور الصراط عموديا ووصف الخروج عنه ب (الهوي) فقال: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه: 81] وفي هذه الآية الكريمة يتحدث بصورة قياس منطقي فيقول: لا تطغوا ولا تعتدوا، لأن غضب الله على الطغاة ضرورية وحتمي، وكل من تحتم نزول الغضب الإلهي عليه فإنه يسقط ويهوي. (الهوي) (مصدر فعل هوى) بمعنى السقوط والهبوط وهو يدل على أن طريق كمال الإنسان عمودي ويتجه إلى الأعلى، لأن السقوط يتحقق في الحركة العمودية، والتعبير ب (الصعود) في الآية الكريمة: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ } [فاطر: 10] يدل على هذا المعنى أيضا.
وتارة صور الصراط بالحركة الأفقية ووصف الخروج عنه بأنه (نكوب) وانحراف: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } [المؤمنون: 73، 74]. إذن فالمتخلفون عن الصراط إما أنهم من أهل الهوي أو من أهل النكوب.
وإذا تعرض الإنسان للانحراف أو السقوط، وكانت لديه القدرة على التوبة فإنه يعود ويواصل الطريق، لكنه لو أفسد جميع قواه واستهلكها وانتزعت منه القدرة على الرجوع، فإنه يقعد على الطريق ليقطعه على السالكين، وهكذا يتحول من خلق ليسير على الصراط إلى قطاع طريق فيه. ومثل هؤلاء حتى لو وفقوا للتوبة فإن من الصعوبة قبول توبتهم، لأن الذين تسبب هؤلاء هناك شرطاً ثقيلاً في قبول توبتهم وهو هداية جميع الذين تسبب هؤلاء في انحرافهم وانزلاقهم، فالله سبحانه يقول: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 160]. وهذا العمل صعب للغاية، لأنه يجب عليهم قبل كل شيء الاعتراف بالخطأ، وبعد ذلك إعادة المنحرفين بسببهم إلى الطريق.
وأولئك الذين انقطع بهم الطريق وسلبت منهم القوة على الحركة وصاروا عقبة أمام حركة الآخرين، هم (شياطين الإنس) الذين نهاهم النبي شعيب (عليه السلام) عن أن يكمنوا في طريق هداية الناس ويمنعوهم من طريق الله بالوعود الفارغة والتهديدات الجوفاء: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: 86] ، لأنّ القعود في طريق هداية الناس هو عمل الشيطان: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف: 16].
وخلاصة القول هي أن من لم يسر على الصراط المستقيم وآل أمره من الحركة المستقيمة إلى الانحراف أو السقوط، فإن مصيره سينتهي إلى قطاع طريق، وكما أن السالكين في طريق الله سيحشرون مع أولياء الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] كذلك فإن قطاعي الطرق سيحشرون مع الشياطين: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مريم: 68].
تنويه: إن السر في طلب الهداية إلى الصراط المستقيم للنفس وللآخرين (بهيئة المتكلم مع الآخر) إضافة إلى الوجوه التي ذكرت في سر التعبير بهيئة الجمع في كلمة (نعبد) و(نستعين) هو أن القادة الذين تؤثر استقامة أتباعهم في نجاح نهضتهم يسألون الله هداية واستقامة هي أصحابهم ورفاق دربهم: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} [هود: 112] كما يمكن أن يسألوا لأنفسهم هم أي أئمة الدين (عليهم السلام) بقاء الهداية واستمرارها من جهة والمزيد من الهداية من جهة أخرى بلحاظ قوس الصعود.
|
|
أهمية مكملات فيتامين د خلال فصل الشتاء.. 4 فوائد رئيسية
|
|
|
|
|
علماء: قرص الشمس سيبدو أكبر في عام 2025
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تختتم مجلسها العزائي المركزي بذكرى شهادة الإمام الهادي (عليه السلام)
|
|
|