المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6253 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الدعاء صلة بين العبد وربّه.  
  
1649   10:12 صباحاً   التاريخ: 2023-03-09
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 371 ـ 385.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): "يا علي، لا يقبل الله دعاء قلبٍ ساهٍ"(1).

 

كلمة موجزة:

للإنسان ظاهر وباطن أو قلب وقالب. والظاهر ما يظهر للآخرين بالحس من أعضاء البدن والباطن ما بطن أو خفي عن الآخرين كالعقل والقلب فإنهما لا يعرفان إلاً بآثارهما إذ إن القلب يعطي الإيعازات والأوامر إلى أعضاء البدن فتقوم بأعمالها ومن آثار هذا العمل يستدل على وجوده وكما أنّ الأعمال الصالحة أو الطالحة مرهونة بنية القلب؛ لأنّه متّبعها والقلب يعتبر الرئيس على البدن الذي لصلاحه أثر شامل على أعمال الإنسان ولفساده ضرر كامل.

فإذا صلح صلح الجسد وإذا فسد فسد الجسد حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «في الإنسان مضغة إذا هي سلمت وصحّت سلم بها سائر الجسد، وإذا سقمت سقم لها سائر الجسد وفسد وهي القلب» (2).

فالإقبال على الشيء يكون بالقلب لأنّه هو المصدر الرئيس للحركات، وبه تتعلّق النيّات خيرها وشرها.

 

القلب لا القالب:

كما أنّ للدين مظهراً وجوهراً، فمظهر الدين هو الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات، وجوهر الدين هو اتصال الإنسان بالله تعالى فكما أنّ الأمير على البدن هو القلب فإنّ الأساس في الدين هو القربة إلى الله تعالى والاتّصال به «فالصلاة معراج المؤمن» و«قربان كلّ تقي» (3) فظاهر الصلاة هو القراءة والركوع والسجود ولكنّها تعرج بالإنسان إلى الله تعالى فهل العروج لهذه الحركات أم لجوهرها وهي النيّة والقربة لله تعالى؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ النية والقربة لله تعالى هي التي تتحكّم بكمال الصلاة وتماميّتها وظهور آثارها أو بفسادها وعدم ظهور آثارها كما أنّ الصيام الامتناع عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى المغرب ولكن جوهر الصيام هو التقوى وهو المطلوب منه إذ بدونه لا غاية تحصل منه.

إذن من أهداف العبادات هو حالة الاتصال الغيبىّ بالله سبحانه وتعالى وهو من الأمور الباطنيّة فهو مرتبط في القلب الباطن وإذا اقترنا فقد تحقّق الكمال المطلوب من العبادة وإذا لم يقترنا لم يتحقّق الكمال المطلوب من العبادة؛ لأنّ العمدة عند الله تعالى هو القلب لا القالب والباطن لا الظاهر. وقد جاء في الحديث الشريف: «إنّ الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (4).

 فالله تعالى لا ينظر إلى الصور؛ لأنّها آلات متحرّكة بإيعازات من القلب وإنّما ينظر إلى مصدر الإيعازات وهو القلب ولا ينظر إلى الأموال؛ لأنّها من فضله وبركاته وإنّما ينظر إلى ما يعمله الإنسان بالنعم التي أنعمها عليه ومن هنا فإنّ الله تعالى ينظر إلى حقائق الأشياء وجوهرها وإلى الآثار وهي أعمال الإنسان لا ما يملكه أو صورته، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] وقال تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120] أي: ما نقوّي به قلبك ونطيّب به نفسك ونزيدك به ثباتا وقال تعالى: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: 6، 7] أي: تشرف على القلوب فيبلغها ألمها، فالأساس إذن هو القلب ثواباً وعقاباً طبعاً هذا لا يعني أنّ الظاهر لا أثر ولا فضل له كلّا، بل إنّ ظاهر الإنسان وخارجه أيضاً مطلوب وينبغي للإنسان أن يهتمّ به وله فيه الثواب والعقاب ولكن ينبغي أن يكون اهتمامه بالباطن أكثر وذلك لأنّه إذا صلح الباطن صلح الظاهر وليس العكس. قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89] جاء في بعض التفاسير: «وإنّما خصّ القلب بالسلامة لأنّه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد حيث إنّ الفساد بالجارحة لا يكون إلا عن قصد بالقلب الفاسد، وروي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: هو القلب الذي سلم من حبّ الدنيا ويؤيّده قول النبي (صلى الله عليه وآله) حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة» (5).

 

مقياس القبول:

قد يكون عملان متشابهان في الظواهر لكن الذي يميّزهما ويحدّد صلاحيّتهما هو القلب أو النيّة فقد تصدّق الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه الشريف وهو راكع في المسجد فنزلت فيه الآية المباركة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] عن ابن عبّاس قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدّث دون هذا المجلس وإنّ قومنا لمّا رأونا آمنّا بالله ورسوله وصدّقناه رفضونا وآلوا على نفوسهم ألّا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلّمونا فشقّ ذلك علينا، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]، ثم إنّ النبيّ خرج إلى المسجد والنّاس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال النبي هل أعطاك أحد شيئاً فقال: نعم خاتم من فضة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) من أعطاكه؟ قال ذلك القائم وأومئ بيده إلى علي (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): على أيّ حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع فكبّر النبي ثم قرأ: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] فأنشأ حسّان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسنٍ تفديك نفسي ومهجتي *** وكلّ بطيء في الهدى ومسارع

أيذهب مدحيك المحبّر ضائعاً *** وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا *** زكاة فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية *** وثبّتها مثنى كتاب الشرائع (6).

وهناك مَن كان يصلّي في الظاهر ولكن نزلت فيه الآية المباركة:

 {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} [القيامة: 31 - 33] وفي سبب نزول الآية المباركة ورد: «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا إلى بيعة علي (عليه السلام) يوم غدير خم فلمّا بلغ الناس وأخبرهم في علي ما أراد الله أن يخبرهم به رجع الناس فاتّكئ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري ثمّ أقبل يتمطّى نحو أهله ويقول: والله لا نفي لعلي بالولاية أبداً ولا نصدّق محمّداً مقالته فيه» (7) وهنا يظهر أثر القلب، إذ نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) وليّاً على الناس وأعلن هذا التنصيب في القرآن بالآية الشريفة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]، بينما ذمّ الآخر وذكر أوصافه بأنّه  {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} والله تعالى أعلم بما في القلوب والنيّات فوضع كلّ واحد منهما موضعه.

 

ابنا آدم:

وكما ورد في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 27 - 31].

 ولهذه الآيات الشريفة قصّة تنقلها كتب التاريخ والسير عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ومضمونها: أنّ الله تعالى أمر آدم (عليه السلام) أن يضع مواريث النبوّة والعلم عند هابيل ويعلّمه بذلك، ويعلّمه ما أمر الله تعالى به وما نهى عنه، فلمّا فعل ذلك وعلم قابيل بما جرى اعترض على أبيه فقال له: ألست أنا الأكبر من هابيل وأنا الأحقّ بهذا الأمر والأحرى أن تقدّمني على أخي هابيل؟ فقال له: يا بنيّ إنّ الأمر لم يكن بيدي وإنّه بيد الله وإنّ الله تعالى هو الذي خصّه بما فعلت ولم أفعله عن أمري بل ذلك بأمر ربّي فإن لم تصدّقني فقرّبا قرباناً فأيّكما تقّبل الله تعالى قربانه فهو أولى بالفضل وإعطاء مواريث النبوة.

وكان علامة قبول القربان في ذلك العهد هو أن تنزل عليه النار من السماء فتحرقه وإذا لم يُتقبّل من قبل الله تعالى فلا تنزّل عليه نار ولا يحترق.

وكان قابيل صاحب زرع فقرّب قمحاً رديّاً، وكان هابيل صاحب غنم فقرّب كبشاً سميناً فنزلت النار من السماء وأكلت قربان هابيل وأحرقته ولم تنزل على قربان قابيل ولم تقربه فغضب قابيل غضباً شديداً وأتاه إبليس اللعين ووسوس له وقال له: لو آتاكما ذرية وأولاداً وكثر نسلكما فلا بدّ أن يفتخر أولاد هابيل على أولادك بقبول قربان أبيهم هابيل وعدم قبول قربانك أنت، وبأنّ الله تعالى قد خصّ هابيل بمواريث النبوة دونك، وهذا أمر يسبّب الألم والذل لأولادك، ولئن قتلته قطعت نسله وأرحت أولادك من هذه المصائب وتحمّل هذه الشدائد، ولم يجد أبوك من يخصّه بالمواريث سواك فتفوز بفضلها، فسوّلت له نفسه قتل أخيه فقتله (7).

روي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وغيره من المفسّرين وكان سبب قبول قربان أحدهما دون الآخر أنّ قابيل لم يكن زاكي القلب وقرّب بشرّ ماله وأخسّه، وقرّب هابيل بخير ماله وأشرفه وأضمر الرضا بحكم الله تعالى (8).

 فالعمدة إذن في الإقبال إلى الله تعالى هو النيّة وما عقده القلب.

 

التقرّب إلى الله تعالى:

الدعاء من أبرز الأعمال التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بباطن الإنسان ويظهر فيها أثر القلب وسلامته، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].

 وفيما وعظ الله تعالى به [نبيّه] عيسى (عليه السلام): «يا عيسى أذلّ لي قلبك وأكثر ذكري في الخلوات، واعلم أنّ سروري أن تبصبصّ إلي، وكن في ذلك حيّاً ولا تكن ميّتاً» (9) وحيّاً بمعنى حاضر القلب والميّت الساهي والغافل قلباً. فبالدعاء يقبل الإنسان على الله تعالى في طلب الحاجة لأنّ الله تعالى هو الغنيّ وكلّ ما سواه محتاج فالمحتاج لا يذهب إلى المحتاج وإنّما يذهب إلى الغني؛ لأنّه وحده يستطيع إنفاذ حاجته ومن أراد قضاء حاجته لا بدّ له من حضور القلب والتوجّه بنيّة صالحة؛ لأنّ الله تعالى ينظر إلى جوهر الإنسان، ولو أردنا أن نوضّح الأمر أكثر فإنّ صاحب الحاجة إذا ذهب إلى شخص غني يملك أموالا أو جاهاً أو سلطة وما شابه تراه يهيّيء لهذا اللقاء أموراً عديدة تفرض إتمام طلبه منها تهيئة كلمات خلّابة ويتأدّب بآداب لطيفة وأحياناً يتخضّع وما شابه من الوسائل التي توصله إلى مراده. فإذا كان الإنسان المحتاج يذهب إلى آخر محتاج مثله ويهيّىء له تلك المقدّمات فحريّ به لو طلبها من الخالق تعالى وهو المنبع الأصليّ للنعم أن يتأدّب بآداب حسنة، ويتواضع ويتخضّع لله تعالى برفع يديه إلى الأعلى أو يطلبها وهو ساجد يبكي ولا يغفل قلبه عند الإقبال على الله تعالى لأنّه مطّلع على ما في صدره وكلّ ذلك وسيلة للتقرب إلى الله تعالى.

 إذن ليس المراد من الدعاء مجرّد طلب الحاجات من الله تعالى باللسان فحسب بل المراد به حقيقته من حضور القلب وصفاء النيّة والتأدّب بآداب اللقاء كما في العبادات ولذا ورد أنّ: "الدعاء مخ العبادة" (10).

 بل إنّ "الدعاء هو العبادة"(11) كما جاء في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].

 وقد جاء في التفسير عن معنى الآية الكريمة:

«قيل معناه: وحّدوني واعبدوني أثيبكم عن ابن عباس ويدلّ عليه قول النبي (صلى الله عليه وآله) الدعاء هو العبادة ولمّا عبّر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة ليتجانس اللفظ {إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي} ودعائي {سيدخلون جهنّم داخرين} أي: صاغرين ذليلين وفي الآية دلالة على عظم قدر الدعاء عند الله تعالى وعلى فضل الإنقطاع إليه.

وقد روى معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلني الله فداك ما تقول في رجلين دخلا المسجد جميعاً كان أحدهما أكثر صلاة والآخر دعاء فأيّهما أفضل. قال: كلٌّ حسن، قلت: قد علمت ولكن أيّهما أفضل؟ قال: أكثرهما دعاءً أما تسمع قول الله تعالى {ادعوني استجب لكم} إلى آخر الآية الكريمة، وقال: هي العبادة الكبرى.

 وروى زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال: "هو الدعاء وأفضل العبادة الدعاء.." (12).

 فإذا كان الدعاء هو العبادة والعبادة يتطلب منها قصد الطاعة والتقرّب إلى الله تعالى ونيل الأجر منه وكلّ ذلك عقد في القلب فيتطلّب من الإنسان الذي يدعو حضور القلب وألّا يكون ساهياً أو غافلاً لأنّه حاضر بين يدي الخالق تعالى.

 

الدعاء من أفضل العبادات:

الدعاء هو مخ العبادة؛ لأنّه أصلها وخالصها لما فيه من مناجاة الله تعالى والتقرّب إليه ولما فيه من قطع الأمل عن غير الله تعالى وهذا روح العبادة كما أنّ الغرض من العبادة هو الثواب عليها والمطلوب من الدعاء أيضاً الثواب.

 وهنا من المناسب أن أشير إلى نقطتين في معنى كون الدعاء أفضل من العبادة:

1 - إن الدعاء صار أفضل من العبادة؛ لأنّه عبادة في نفسه تعبّد الله عباده به لما فيه من إظهار الخشوع والافتقار إليه وهو أمر مطلوب لله عزّ وجلّ قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] كما أنّ العبادة تذلّل وخشوع لله تعالى.

2 - المقصود من كون الدعاء أفضل من العبادة أي أفضل من العبادة المستحبّة كالنوافل لا العبادة الواجبة المفروضة من قبل لله تعالى وذلك لأنّ المستحبّ لا يفضّل على الواجب تكليفاً كالصلاة المفروضة والصوم والحج ونحوها.

 

المعرفة أساس الدعاء:

إذن الإقبال على الله تعالى بالدعاء يتطلّب من الإنسان أموراً تساعد على إجابة الدعاء حسب الإرادة والتقدير الإلهيّ:

أولاً: معرفة الله تعالى بوصفه رباًّ خالقاً لجميع الموجودات متصرّفاً في جميع الكائنات متّصفاً بصفات الكمال فلو لم تحصل هذه المعرفة لا يمكن أن يوجّه إليه الدعاء لأنّ الدعاء لا يوجّه إلى مجهول ومَن أراد معرفة الله تعالى فليعرف نفسه وفي الحديث الشريف: "مَن عرف نفسه عرف ربّه" (13) وفي معنى ذلك ورد في الخبر أنّ أصحاب الإمام (عليه السلام) سألوه: "أليس الله يقول: يا عبادي ادعوني أستجب لكم، قال: صدق الله العظيم بلى هو قائل ذلك. قالوا: فما بالنا ندعوه ليل نهار فلا يستجيب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون مَن لا تعرفون! قالوا: وكيف نعرفه؟ قال: اعرفوا نفوسكم تعرفوه ثم ادعوه يستجب لكم. قالوا: وكيف نعرف نفوسنا. قال: فكّروا في أعينكم كيف تبصر؟ وفي آذانكم كيف تسمع؟ ثم في قلوبكم كيف تفكّر؟ فإذا عرفتم ذلك شعرتم بعظمة الله في نفوسكم فدعوتموه فاستجاب لكم" (14).

ثانياً: أن يفهم الإنسان ما يقول في دعائه ولا يردّده بدون فهم وهذا الأمر يتطلّب ترك العجلة فيه والإسرار به وتسمية الحاجة فقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه، ولكن يحبّ أن يبثّ إليه الحوائج فإذا دعوت فسمِّ حاجتك وما من شيء أحبّ إلى الله من أن يُسأل» (15) وأن يفهم الإنسان الوسائط التي تساعده على قبول الدعاء ومنها تعميم الدعاء بذكر حاجات أهله وإخوانه قبل حاجته والخشوع والبكاء أو التباكي والاعتراف بالذنب ورفع اليدين به والدعاء بما كان متضمّناً للاسم الأعظم والمدحة لله تعالى والثناء عليه تعالى وأيسر ذلك قراءة سورة التوحيد وتلاوة الأسماء الحسنى وأن يختم دعاءه بالصلاة على محمد وآل محمد وقول ما شاء الله لا قوة إلّا بالله وأن يمسح بيده وجهه وصدره، وقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إيّاكم أن يسأل أحد منكم ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتّى يبدأ بالثناء على الله تعالى والمدحة له، والصلاة على النبي وآله، ثم الاعتراف بالذنب ثم المسألة» (16).

وقال الإمام الرضا (عليه السلام): «دعوة العبد سرّاً دعوة واحده تعدل سبعين دعوة علانية» (17).

ثالثاً: أن يعرف الإنسان الذي يدعو ربّه أنّ الله قادر على كل شيء وأنّ كلّ الأمور بيده وهو النافع والضار الذي يملك العطاء والنجدة فلا يصح توجيه الدعاء إلى غيره تعالى ولا يستحقّ العبادة أحد سواه؛ لأنّه وحده القادر على إجابة طلب العبد. {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا أراد أحدكم ألّا يسأل ربّه شيئاً إلا أعطاه فلييأس من الناس كلّهم، ولا يكون له رجاء إلّا من عند الله، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئاً إلاً أعطاه» (18).

 وهذا الأمر يلزم العبد الداعي أن يظهر التذلّل والتزام الطاعة لما افترضه الله تعالى والعمل على ما يقرّبه من المولى تعالى بالبرّ والإحسان وكل ما يفيد المجتمع إذ إنّ الشعور بالضعف والحاجة والفقر إلى الله سبحانه وتعالى ينمّي حالة الدعاء في المجتمع ويزيل حالة التكبّر والتعالي على الآخرين فالكلّ محتاج إلى الخالق تعالى وضعيف مهما بلغ به الأمر من امتلاك مال وأولاد أو سلطة أو جاه وهذا الشعور لو تنامى في مجتمعاتنا لبلغت به التقدّم وتنامت معه حالة المواساة وقضاء حوائج المحتاجين تقرّباً إلى الله تعالى وما شابه من بناء المؤسسات الخيرية والمستشفيات ودور العجزة فإنّها من الأعمال التي تقرب الإنسان إلى خالقه وتزيده نعمة وتزيل حالات الضعف والفقر في المجتمع.

رابعاً: أن تحدث لدى الإنسان الداعي حالة «الإنقطاع» إلى الله تعالى بأن يرى نفسه مضطرّاً كحالة الغريق أو المشرف على الموت وفيما وعظ الله تعالى به عيسى (عليه السلام): «يا عيسى ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس له مغيث، يا عيسى سلني ولا تسأل غيري فيحسن منك الدعاء، ومنّي الإجابة، ولا تدعني إلّا متضرّعاً إليّ وهمّك همّاً واحداً فإنّك متى تدعني كذلك أجبتك» (19).

خامساً: ينبغي أن ندعو الله تعالى وكلنا أمل بأنّه يجيب دعوتنا وذلك يحتاج إلى سعة صدر ورفع الهمم، فالدعاء يجعل الإنسان لا يحصر نفسه ضمن حدود ضيّقة وأطر محدّدة فجوهر الإنسان وحقيقته واسعة بل انطوى فيها العالم الأكبر كما نسب إلى مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):

أتزعم أنّك جرم صغير *** وفيك انطوى العالم الأكبر

لذا فإنّ حقيقة الإنسان واسعة تنطوي على عالم كبير والدعاء يسلّط الضوء على هذه الحقيقة أمام الإنسان فهو بقدر تطلّعه ورجائه من الله تعالى يحسّ ويعرف مدى كبره وهذه العلاقة تشبه علاقة المطر بالأرض، فالمطر الذي ينزل من السماء هو للنّاس جميعاً ولكن كلّ إنسان يستفيد من هذا المطر بقدر أرضه، فالذي يملك هكتاراً، والذي يملك عشرة هكتارات من الأرض يستفيد بقدرها وهكذا بالنسبة لمن يملك مائة هكتار أو أكثر، ورحمة الله تعالى واسعة ولكنّ الإنسان يستفيد منها بقدر سعة نفسه وسعة صدره - إن صحّ التعبير - كالمطر والأرض ولا مباحثة في الأمثال.

 فإذا كانت نفسك واسعة وتطلّعك كبيراً فإنّ رحمة الله تعالى واسعة قال تعالى: {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: 64]. وقال تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 147] مع ملاحظة توفر الشرائط للدعاء والاستجابة إذن على الداعي أن يدعو بهمة ويرى حاجته مقضيّة من قبل الله تعالى

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» (20). وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «إذا دعوت فظنّ حاجتك بالباب» (21).

وفي رواية أخرى: "فأقبل بقلبك فظنّ حاجتك بالباب" (22) فإذا توفّرت هذه الشرائط وأمثالها كان الدعاء أقرب إلى الإجابة لأنّك وفّرت في نفسك آداب اللقاء بالله تعالى وأخلصت النيّة ولم يكن قلبك غافلاً في لقائه ففي المقابل الله تعالى يعطيك بقدر حضورك القلبيّ واستعدادك للقائه.

 

عماد الدولة البويهيّ:

يُنقَل أنّ عماد الدولة - وكان في القرن الرابع الهجريّ - دخل إلى مدينة شيراز مع (12) ألف جنديّ وهو لا يملك شيئاً من المال والحاكم الذي لا يملك المال يكون على وشك الاضمحلال والسقوط.

كان الوقت شتاءً والجنود لا يملكون شيئاً من الملابس وقد تأخّر إعطاؤهم المعاش فاجتمع إليه الجنود يطالبونه بالمعاش وملابس للشتاء مضافاً إلى ذلك أنّ الأعداء كانوا له بالمرصاد خارج مدينة شيراز فضاق على عماد الدولة البويهي الأمر فتحير في أمره فإذا لم يهيىء الملابس الشتوية لجيشه سوف يخسر قوته وينهزم من موقعه ففكّر أن يتوجّه إلى الله تعالى فوقف في صلاة الليل بخشوع وبعد الصلاة بكى بكاءً كثيراً وانقطع إلى الله سبحانه وتعالى ثم طلب من الله تعالى حاجته، وبينما هو في تلك الحالة نظر إلى السقف وإذا بثعبان خرج من ثقب الحائط ودخل في ثقب آخر.

 فقال لحراسه: أخرجوا الثعبان من السقف فلمّا أرادوا ذلك وجدوا في الثقب كنزاً كبيراً من الذهب والفضة.

فقال عماد الدولة: أرسلوا وراء رئيس الخيّاطين ليخيط ملابس للجيش بهذه الأموال التي عثروا عليها، وكان من حسن الصدف أنّ ذلك الحاكم السابق الذي فرمن يد عماد الدولة قد أمن عند الخياط (12) صندوقا من المال. فظنّ الخيّاط أنّ عماد الدولة قد عرف بأمر الأموال والصناديق فخاف كثيراً، ولمّا أحضروه أمام عماد الدولة، أمره وجميع الخيّاطين في شيراز وخلال أسبوع أن يخيطوا (12) ألف بدلة شتائيّة للجند، فظنّ رئيس الخيّاطين أنّ عماد الدولة يقول له عندك كذا وكذا من الصناديق التي تركها الحاكم الفار. فقال رئيس الخيّاطين: والله لم يكن عندي إلّا (12) صندوقاً من مال الحاكم الفار وهو يرتعد خوفاً.

فطلبها عماد الدولة وهذا هو المورد الثاني لتحصيل المال.

وكان هذا من بركات صلاة الليل والانقطاع إلى الله تعالى بالدعاء مع حضور القلب والخشوع والبكاء، لذا فإنّ الإخلاص الصادق والقلب الطاهر يساعد على استجابة الدعاء وفي الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «صاحب النيّة الصادقة صاحب القلب السليم لأنّ سلامة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النيّة لله في الأمور كلّها» (23).

وأمّا القلوب الغافلة أو اللاهية فلا ينظر الله تعالى إليها وبالتالي لا يستجاب دعاؤها لأنّ الله تعالى ينظر إلى القلوب فمَن حضر قلبه وأقبل على الله تعالى بنيّات خالصة يستجاب دعاؤه.

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنّ الله تبارك وتعالى أوصى إلى عيسى بن مريم (عليهما السلام) قل للملأ من بني إسرائيل: لا تدخلوا بيتاً من بيوتي إلّا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة وأكفٍّ نقيّةٍ، وقل لهم: إنّي غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة» (24).

آثار الدعاء:

إنّ الدعاء الذي يستجمع الشرائط المتقدّمة له آثار وضعيّة ومعنويّة كبيرة على العبد مضافاً إلى قضاء حوائجه منها:

1- يُنزل الرحمة الإلهيّة الواسعة على العبد.

2- يَدفع البلاء، وهو دواء لكلّ داء.

3- يَستنزل الرزق ويدفع الفقر.

4- يَردّ القضاء المبرم ويُطيل العمر.

5 - هو سلاح ينجي من الأعداء.

وقد جاءت في ذلك أحاديث عديدة منها: قال الإمام أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله): «الدعاء يردّ القضاء المبرم فاتّخذوه عدة» (25).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من عدوكم أو يدر رزقكم؟ قالوا نعم، قال: تدعون بالليل والنهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء» (26).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «مَن لم يسال الله من فضله افتقر» (27).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ الحذر لا ينجي من القدر، ولكن ينجي من القدر الدعاء، فتقدّموا في الدعاء قبل أن ينزل بكم البلاء إنّ الله يدفع بالدعاء ما نزل من البلاء وما لم ينزل» (28).

 وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الدعاء مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة» (29).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مدينة البلاغة: ج 1، ص 418.

(2) روضة الواعظين: ج 2، ص413، مجلس في ذكر معرفة القلب.

(3) البحار: ج 10، ص 99، باب 7، ح1.

(4) البحار: ج 74، ص 88، باب 4، ح1، ط ـ بيروت.

(5) مجمع البيان: المجلّد الثاني، ص 21.

(6) البرهان في تفسير القرآن: المجلّد الرابع، ص 409.

(7) الأنبياء حياتهم وقصصهم: ص 49.

(8) مجمع البيان: المجلّد الثاني، ص 183، سورة المائدة.

(9) عدّة الداعي: ص 30، ط 1.

(10) البحار: ج90، ص302، باب 16، ح39.

(11) مجمع البيان: المجلّد الرابع، ص 529.

(12) المصدر نفسه.

(13) تصنيف غرر الحكم: ص 332، ط 1.

(14) شرح رسالة الحقوق: ج 1، ص 89، ط 2، قم.

(15) البحار: ج90، ص 312، باب 17، ح17.

(16) المصدر نفسه.

(17) المصدر نفسه: ص 323.

 (18) المصدر نفسه: ص 314.

(19) عدّة الداعي: ص 97.

(20) البحار: ج 90، ص 305، باب 17، ح1.

(21) المصدر نفسه.

(22) المصدر نفسه.

(23) المصدر نفسه: ج67، ص 210، باب 53، ح32.

(24) المصدر نفسه: ج90، ص319، باب 17، ح 27.

(25) المصدر نفسه: ص 289، باب 16، ح5.

(26) المصدر نفسه: ص 291، باب 16، ح 14.

(27) المصدر نفسه: ص 294، ح23.

(28) المصدر نفسه: ص 300، باب 16، ح 37.

(29) المصدر نفسه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.