أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-12
1388
التاريخ: 2023-04-24
1565
التاريخ: 2023-05-28
1188
التاريخ: 2023-05-28
931
|
على الرغم من اجتياح المغول لمعظم الأقطار الإسلامية وإجبار أهلها على الخضوع لهم فإن الإسلام لم يُقهر في الجزء الغربي من آسيا، وظلت هناك مناطق لم يتمكن المغول من الاستيلاء عليها حتى ذلك الوقت. فكانت لفدائي الإسماعيلية قلاع حصينة في كل أنحاء قهستان والموت والوديان الجنوبية لسلسلة جبال البرز، وكانت هذه القلاع ملاذاً لجماعة من المحاربين كانت لهم سطوة وقوة في تلك المناطق قبل ذلك بقرن ونصف القرن وكانوا مصدر متاعب دائمة لخصومهم كما سنرى في تاريخ السلاجقة والخوارزمشاهيين. وكانت خلافة بني العباس الاسمية في بغداد قائمة؛ ومع أن خليفة بغداد لم تكن له أية سلطة فعلية أو قوة، فقد كان له نفوذه الديني، وكان يمكنه تحريك بعض الأمراء المطيعين بإشارة منه باسم الحفاظ على الخلافة والدفاع عن الإسلام. وإلى جانب ذلك، كانت كل من مصر والشام لا تزالان تحت حكم السلاطين الأيوبيين ولم يجد المغول سبيلاً إليهما. وكان سلاطين هذين الإقليمين في صراع مع مسيحيي أوربا والصليبيين ويجاهدون ضد الفرنجة كما سبقت الإشارة. وعلى الرغم من الكوارث التي عاناها المسلمون منذ بدء الغزو المغولي، فقد استمر الشقاق قائماً بينهم. فمن ناحية كان هناك عداء جوهري بين الإسماعيلية وسائر المسلمين وكـان فـدائيــو الإسماعيلية يقتلون كل من يمتلك أسباب القوة، فساد الخوف كل أنحاء الأقطار الإسلامية في الشرق. ومن ناحية أخرى، لم يكن الأمراء الأيوبيون على وفاق فيما بينهم أو مع السلاطين السلاجقة بآسيا الصغرى ومع سائر أمراء الجزيرة، فكانوا يتناحرون على قلعة أو شبر من الأرض. بل كانوا يتبادلون المكائد فيما بينهم عند خوانين المغول وحكامهم ويساعدون على استنفار المغول لاجتياح بقية الأقطار الإسلامية. كان المغول على دراية تامة بهذه الأوضاع، فشرعوا في القضاء على الإسماعيلية وبني العباس وفي اجتياح آخر الأقطار الإسلامية في الجزء الغربي من آسيا أيضاً. وكان ممن أعانوهم على تحقيق هذا الهدف أولاً المسلمون من رعاياهم ممن ضاقوا ذرعاً بظلم الملاحدة وتطلعوا إلى اجتثاث الفساد من جذوره بأية وسيلة، فكانوا يحرضون المغول على إعادة غزو إيران وهدم معاقل الإسماعيلية؛ شمس الدين قاضي قزوين إلى الخان ودعا جيشه لهدم قلاعهم» (الفخري، ص 21) ثقاة (1) أن (كل أهالي قزوين كان لديهم أسلحة حتى إن كل تاجر في السوق لديه ويروى عن سلاح حاضر في دكانه. وكان هناك قتال ينشب يومياً بين أهل قزوين وملاحدة الموت إلى أن جاء عهد خروج جنكيز خان وغزو جيش المغول للعراق والجبال حيث بدأت أسفار القاضي شمس الدين (أحمد الكافي) القزويني المتكررة من قزوين إلى الخطا وتحمل المشقة فراق الأوطان. وذهب مرة إلى منجوخان يطلب منه العون بعد أن أطلعه على شرور الملاحدة وتخريبهم في بلاد الإسلام. ويُروى أن القاضي تحدث في حضور منجوخان بألفاظ قاسية ووصف حكمه بالضعف والعجز مما أغضب الخان الذي سأله: أي عجز رأيت في بلادنا حتى تتحدث بمثل هذه الألفاظ القاسية؟ فقال القاضي شمس الدين: أي عجز أكبر من أن تقوم فئة من الملاحدة تخالف في عقيدتها عقائد المسيحية والإسلام والمغول ببناء عدة قلاع إنهم يتجبرون بأموالكم وينتظرون أن تفتر دولتكم فيخرجون من الجبال والقلاع ويقضون على من تبقى من أهل الإسلام فلا يتركون لهم أثراً. فأثار هذا الكلام غضب منجوخان وحثه على هدم قلاع الملاحدة في قهستان والموت). كان الإسماعيلية قد أعلنوا طاعتهم للمغول في عهد جنكيز وكان جلال الدین حسن زعيمهم قد خضع لأمر جنكيز قبل سائر أمراء إيران وأدى بطريق غير مباشر إلى استفحال أمر المغول في عهد جلال الدين منكبرني؛ إلا أنهم في ذلك الوقت خرجوا على طاعة المغول وقتلوا أحد قادتهم في إحدى الحملات التي شنها المغول على قلاعهم.. وعلى الرغم من حملات جرماغون وبايجو على أطراف العراق ومناوشاتهم مع جيش خليفة بغداد، لم يفلح المغول في غزو دار الخلافة أو على الأقل في إخضاع الخليفة؛ بل إنهم انهزموا. وكانت هذه الهزيمة ثقيلة للغاية على خان المغول وقادة جيشه حتى أن بايجو شكا الخليفة المستعصم بالله عند منجو قاآن وطلب مساعدته للقضاء عليه. وفي ضوء كل ذلك، قرر منجو قاآن تجريد حملة كبرى على إيران لقمع الملاحدة الإسماعيلية من ناحية والقضاء على خليفة بغداد وفتح الطريق لغزو الشام ومصر من ناحية أخرى. وبعد التشاور مع زعماء المغول أسند منجو هذه المهمة إلى أخيه الأصغر هولاكو الذي كان في ذلك الوقت في السادسة والثلاثين من عمره، وأمر بتحريك مئة وعشرين ألف جندي من خيرة جند جنكيز وجمع من الأمراء إلى إيران وإخضاع المنطقة من ضفاف جيحون حتى أقصى مدن مصر لإمرة المغول. وفي ربيع الأول 651 هـ، خرج هولاكو بجيش منجو قاآن نحو نهر جيحون مصطحباً معه جماعة من رماة النفط الخطا من وعدد من العربات الحربية والمجانيق. ونظراً لعدم إسراعه في الحركة، فقد أرسل أحد أمراء جيشه المسيحيين ويدعى كيتو بوقا بالتوجه إلى أطراف قهستان ومعه اثني عشر ألف جندي ووصل هو إلى سمرقند في سنة 653 هـ. ووصل كيتو بوقا إلى قهستان في السنة التالية وشرع في الإغارة على المنطقة وتخريب قلاع الإسماعيلية وفتح بعض حصونهم؛ ثم زحف مع خمسة آلاف فارس ومثلهم من المشاة إلى دامغان وضرب حصاراً حول إحدى أشد قلاع الإسماعيلية تحصيناً وهي قلعة جردكوه او در جنبدان التي تبعد عن دامغان ثلاثة فراسخ، وأمر بحفر خندق حولها وترك فرقة من جنود التتار هناك وأسرع لفتح قلعتي رودبار وطارم. كان المحاصرون داخل قلعة جردكوه يغيرون ليلاً على المغول وقتلوا منهم قرابة المئة؛ وقد زادت قوتهم نتيجة للمساعدات من قبل علاء الدين محمد خليفة زعيمهم جلال الدين حسن فصمدوا في مواجهة هجمات المغول وأبدوا مقاومة عنيدة. ومع أن جنود كيتو بوقا فتحوا العديد من قلاع الإسماعيلية، فإنهم لم يوفقوا في فتح جردكوه. كانت زعامة الإسماعيلية آنذاك لخداوند علاء الدين محمد (618 هـ 653هـ) الذي كان يفتقر إلى الكفاءة ورجاحة العقل، وكان يقضي أوقاته في الفسق ومعاقرة الخمر. وقد وافق ابنه ركن الدين خورشاه على قتل أبيه الذي لم يكن راضياً عن تصرفاته. وبعد أن قتل علاء الدين بيد أحد فاقد للوعي من شدة السكر، خلفه ركن الدين وأصبح زعيماً لكل ملاحدة إيران حجابه وهو والشام (653 هـ). كان محتشم قهستان في ذلك الوقت هو ناصر الدين عبد الرحمن بن أبي منصور، وهو رجل كريم وصاحب نزعة فلسفية وكان يشجع على ترجمة كتب الحكمة من العـربـيـة إلى الفارسية ويجتذب أهل الفضل إلى بلاطه. وعندما كان كيتو بوقا منهمكاً في فتح قلعتي رودبار وقهستان، وصل هولاكو وجيشه الجرار المجهز إلى ما وراء النهر وعسكر على أطراف سمرقند حيث أقام له الأمير مسعود حفل استقبال ضخم. وبعد أربعين يوماً من الإقامة في ذلك المكان، انتقل بجيشه إلى مدينة كش حيث توافد عليه الأمير أرغون حاكم إيران الشرقية والملك شمس الدين كرت ملك هرات وفيروزكوه وغرجستان لتقديم فروض الطاعة ونيل عطف الخان. عبر هولاكو نهر جيحون في أواخر سنة 643هـ ووصل إلى خراسان عن طريق بلخ وخاف. وهناك قام الأمير أرغون بتقديم منشئيه وعماله المهرة إليه ووضعهم في خدمته لتلبية أوامره. وكان من هؤلاء المنشئين عطا ملك الجويني ابن بهاء الدين صاحب الديوان. وبعد وصوله إلى طوس أرسل هولاكو الملك شمس الدين كرت إلى ناصر الدین محتشم حصن قهستان يدعوه لقبول طاعته. وكان ناصر الدين رجلاً طاعناً في السن وضعيفاً؛ فمضى بصحبة شمس الدين إلى هولاكو وأعلن استسلامه. وقد أكرم هولاكو وفادته وعينه حاكماً لمدينة تون، وقد وضع خواجه نصير الدين الطوسي كتابه المعروف أخلاق ناصري باسمه.
...............................................
1- نقلا عن كتاب طبقات ناصري، ص 411 ــ 414.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المَجمَع العلميّ يطلق سلسلة محافل قرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|