أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-25
1609
التاريخ: 22-04-2015
1938
التاريخ: 27-08-2015
1845
التاريخ: 22-04-2015
7851
|
إنّ المسكنة - كما هي الذلة ـ تقسم إلى قسمين؛ ممدوح ومذموم: فالسكون والمسكنة الممدوحة هي أن يحافظ الإنسان السالك الصالح عنـد عتبة الرب المتعال على التوقف والسكون الكاملين وأن لا يُبدي أي تحرك، أعم من حركة القلب أو القالب، من دون إذن معبوده الحقيقي. فـي حالـة كهذه فإن الله سبحانه وتعالى سيقبل عبده المحض ويبدل مسكنة عبوديته إلى سكينة سلطنته كي يصبح سلطان مُلك الوجود، وحــاكـم ديــار الشهود، ويتغلب على شيطان الباطن والظاهر، ويتبلور معنى عزته الحقيقية.
ومثل هذه السكينة التي تكون حصيلة تلك المسكنة المحمودة بين يدي الله عزّ وجلّ، تلك الموهبة الخاصة التي تنزل على الأنبيـاء والمؤمنين في ميدان الحرب: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:26]، وهي نتيجة دعاء النبي الأكرم ساعة لقائه بالمؤمنين عنـد استلام الزكاة: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103].
أما السكون والمسكنة المذمومان فيُطلقان على السكون وعدم الدفاع في مواجهة هجوم العدو، و"المسكين" اقتصادياً يُشتق من نفس هذا القسم من السكون. فالمسكين هو المقعد الذي لا يقدر على النهوض.
ومن هنا فإنه يُجمع بين عنواني المسكين والقابع على الأرض فيقال: {مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] أي المسكين الذي التصق بالتراب وقبع على الأرض فليس له القدرة على القيام؛ كمـا أنـه يُطلـق: "الفقيـر" علـى من انكسرت فقرات عموده الفقري فلا يستطيع النهوض لذلك.
بالطبع، كما قد مضى من القول، فإن نفس هذا القعود والضعف عن القيام في حضرة الباري سبحانه وتعالى هو أمر ممدوح وإن المؤمن في ذات الوقت الذي منع فيه من إظهار الضعف والخنوع والقعود أمام الأغـيـار: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 139] فقد أمر بالبروك على الأرض في مقابل الله تعالى؛ كما جاء في بعض الأدعية: "عُبيدك بفنائك" (1)، "مسكينك بفنائك، ..."(2)، أي: إلهي! هذا عبدك الصغير المسكين يعفر جبينه على بابك.
وعلى أي حال فإن السكينة والطمأنينة ما كان منها في الحرب أو فــي غيرها، وما كان منها في الجهاد الأكبر أو في الجهاد الأصغر ـ همـا مـن البركات الإلهية، أما المسكنة بمعنى الضعف والهوان والإخلاد إلى الأرض، سواء في الجهاد الأكبر أو في الجهاد الأصغر ، فهي مذمومة، وإن مـا ضـرب على بني إسرائيل كما تُضرب المسكوكة وسُجل في سجلهم فهو مـن القـسم الثاني، وإذا كان المسلمون اليوم عاجزين عن إبادة اليهود الأذلاء فذلك لأنهم لم يكتشفوا مواطن عزتهم ولم يعرفوا سبيل الانتصار على عدوهم، وإلا فمن غير الممكن أن يكون المسلمون أعزاء وليس بمقدورهم اجتثاث شر إسرائيل من المنطقة الإسلامية. والغرض من هذا القول هو لو أن الأمة الإسلامية كانت قد حافظت على مسكنتها المحمودة على عتبات عبودية الله عز وجل لهيّأ ذلك الأرضيّة لنزول السكينة الإلهية. فلو تمتعت الأمة بالسكينة الإلهية لاستطاعت طرد اليهود المحكومين بالذلة والمسكنة من أرض القدس وفلسطين المحتلتين ولاستعادت عزتها المهدورة.
تنويه: على الرغم من أن نعمة الغنى هي مما يُحمد وأن نقمة الفقر والمسكنة لا تقبل الإنكار، فإن الرسالة التي تبعثها الآية محط البحث هـي النشاط والتكامل على المسكنة؛ وليس تقديم الغني على الفقير أو ترجيح ذي السعة على ذي الفاقة؛ وذلك لأن المعيار بالنسبة للأشخاص هو رجحان تقوى الله التي لا تحتاج إلى توضيح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. "فناء" بمعنى الحضرة والعتبة. ويُقال للفضاء والسَّعَة أمام المنزل "فناء الدار". وإن جملة: (وعلى الأرواح التي حلت بفنائك) (مفاتيح الجنان، زيارة الحسين يوم عاشوراء) تعني: السلام على تلك الأرواح التي عفرت جبهاتها عند عتبتك. هذه المفردة تلفظ بكسر الفاء وهي تختلف عن "فناء" بفتح الفاء، والتي تعني الهلاك وصيرورة الشيء فانياً.
2. الإرشاد، ج 2، ص 143؛ وبحار الأنوار، ج 46، ص 76.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
معهد الكفيل للنطق والتأهيل: أطلقنا برامج متنوعة لدعم الأطفال وتعزيز مهاراتهم التعليمية والاجتماعية
|
|
|