المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاعلام
عدد المواضيع في هذا القسم 6902 موضوعاً
اساسيات الاعلام
السمعية والمرئية
الصحافة
العلاقات العامة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



مذاهب نشر الخبر  
  
1036   06:16 مساءً   التاريخ: 2023-05-18
المؤلف : د. عبد اللطيف حمزة
الكتاب أو المصدر : المدخل في فن التحرير الصحفي
الجزء والصفحة : ص 73-81
القسم : الاعلام / الصحافة / التحرير الصحفي / فن الخبر /

مذاهب نشر الخبر

عرضنا لطائفة من التعريفات المختلفة للخبر، وعرفنا شيئاً من خصائص الخبر أو الصفات الاساسية التي ينبغي أن تتصف بها هذه المادة من مواد الصحف، وأهم هذه الصفات أن يكون الخبر مثيراً لأكبر عدد من القراء، ولكن ما السبيل إلى هذه الغاية؟

هناك اتجاهات ثلاثة في هذه المسألة:

الاتجاه الاول:

هو الاتجاه الذي يهدف أولا وأخيراً إلى إثارة القراء. وهو الاتجاه الذي تمتاز به الصحف الشعبية في كل بلد من بلاد العالم في عصرنا هذا، وهذه الصحف الاخيرة لا تجاريها صحف أخرى في سعة الانتشار وضخامة التوزيع، ومثلها: صحف  )أخبار اليوم( في مصر، وصحيفة )الديلي اكسبريس(  في انجلترا.

ومادام القراء هم الهدف الاول والاخير في هذا المذهب من مذاهب نشر الخبر، فمعنى ذلك أنهم أي القراء هم الذين يملون على الصحيفة نوع الاخبار، وهم الذين يكون لهم دخل كبير في اختيارها عادة، وفي ذلك يقول الإنجليز عن رائد الصحافة الشعبية في بلادهم، وهو نورثكليف(1).

لم يعد هذا الرجل هو الذي يحرر الجريدة، لان محرريها الحقيقيين هم القراء.

ولا شك أن من أهم الصفات التي تثير رغبة القراء في الاخبار صفة الغرابة أولاً، وصفة الدراما ثانياً، ومن الاخيرة صفات الغموض والشهرة، والامور الشخصية، ونحو ذلك (2).

من أجل هذا يقول أصحاب الصحف المتمرسون بها إلى اليوم:  "إن الاخبار هي كل شيء خارج المألوف" .

ويقول الصحفي المشهور "نور ثكليف"  الذي تقدم ذكره:

"في شارع تسكنه مائة أسرة وأسرة لا يلتفت الناس إلى مائة أسرة تعيش عيشة مألوفة هناك، بينما يلتفتون إلى أسرة واحدة تكون لها حالة شاذة كحالة طلاق أو جريمة، ونحو ذلك" .

ومعنى هذا بعبارة وجيزة أن الصحيفة التي تؤثر هذا الاتجاه تقصد دائماً إلى إشباع رغبات الجمهور عن هذا الطريق، وتعترف بحق الجمهور المطلق في السيطرة على الصحيفة على هذه الصورة؛ وتعتبر أن من أول ما يجب عليها البحث عما يعجب هذا الجمهور، ولا تعمد مطلقاً إلى مقاومته، أو إهمال رغباته وميوله من هذه الناحية.

ولهذا أيضاً نرى الصحف الشعبية التي من هذا النوع تتجنب صفة (الجفاف) في الاخبار، ولا تبدي عناية تامة بالأخبار الجدية التي تتصل بموضوعات العلم أو السياسة وما إليها.

والملاحظ عادة أن الاخبار الجدية تخلو من عنصر التشويق، ولهذا تقدم الصحف الشعبية أخبار الجريمة والجمال والمسرح أولاً، ثم تأتي أخبار المجتمعات الدولية والهيئات الرسمية والمؤتمرات والميزانية والقرارات الحكومية العامة فيها بعد ذلك.

ويبدو كذلك للمتأمل في الصحف الشعبية التي تؤثر هذا الاتجاه، أنها تضطر في بعض الاحيان إلى أن تتجاوز هذه الحدود إلى ما هو أخطر منها بكثير، ويكون من نتيجة ذلك أن تولي هذه الصحف كثيراً من الاخبار التافهة عناية كبيرة، وبدلاً من أن تبذل جهدها في الحصول على الخبر الهام، ثم التعليق عليه، ثم تفسير كل ما يتصل به نراها تعمد غير مشكورة إلى تلك الاخبار ذات الطعوم الحريفة، إثارة لشهوة القراء، وانحرافاً بهم إلى العناية بهذه التوافه، وما تزال الصحافة الشعبية بقرائها تجذبهم إلى هذه الطعوم، وتعودهم الاكتفاء (التوابل) و(المشهيات) من ألوان الاخبار، حتى يعتاد القراء منها ذلك، وينصرفوا انصرافاً تاماً عن الالوان الصحفية الاخرى.

وقد حدث في مصر أن صحيفة شعبية نشرت أخباراً عن الجن والشياطين الذين ظهروا بزعمها في حي شبرا، كما نشرت خبراً عن شيخ أو درويش مر على جسده القطار ولم يمت!!.

ومن الحق أن يقال إن التبعة في هذه الحالة لا تقع فقط على الصحافة، ولكنها تقع في الغالب على حالة القلق التي يعانيها الناس في العصر الحاضر، أو إلى حالة التوتر النفسي والإرهاق العصبي الذي يصيبهم في حياتهم العامة، أو إلى حالة الجهل التي عليها أكثر طبقات الشعب في وقتنا هذا، أو إلى الفراغ الذي تشعر به الكثرة من الشباب والفتيات والنساء، أو إلى جميع هذه الاسباب.

ومع هذا وذاك فإن الصحف الشعبية التي تسير في هذا الاتجاه تختلف فيما بينها اختلافاً كبيراً من حيث تقديرها للأخبار، أو من حيث حاسة الشم التي تميز بها بين مختلف هذه الاخبار، فبعض الصحف الشعبية تميل إلى شيء من الحكمة والرزانة والشعور بتبعة الصحافة، ومن ثم تحتاط بعض الشيء في إيراد الاخبار التي تتصف بالدراما أو بالغرابة.

ولكن من الصحف الشعبية في نفس الوقت ما لا تقيم وزناً ما لهذه الاشياء، فتراها تندفع اندفاع السيل في إيراد الاخبار المثيرة، ولو كانت جارحة للأخلاق أو منافية لبعض القيم الإنسانية والاجتماعية والدينية في الامة، وهذه الصحافة الاخيرة هي الصحافة الصارخة أو صحافة الجاز Gazz Journalism كما يصفها بعضهم بهذا الوصف! أو الصحافة الصفراء كما تسمى في أمريكا.

وإلى أتباع هذا الاتجاه من الصحفيين نوجه الانتباه إلى هذا السؤال؟  "هل الاخبار دائماً سيئة"؟.

ويجيب "جون هوهنبرج" صاحب كتاب  "الصحفي المحترف" فيقول:  "يقال إن الازمات والكوارث والمصائب تستخدم دائماً من أجل بيع الصحف، ويقولون إن معظم الصحف تتألف بشكل واضح من مجموعة الفظائع التي تحدث للأفراد والمجتمعات على حد سواء" .

وفي هذه الاحوال تكون "طبيعة الحال شيء من الصدق" ولكن ليس كل الصدق، فالصحفيون بتقربهم من الناس يفضلون الاخبار السارة على الاخبار السيئة.

وقد منحت جائزة بوليتزر إلى محرر صحفي كاد يفقد حياته أثناء محاولته إنقاذ حياة طفلة صغيرة، كما منحت هذه الجائزة إلى محرر نجح في إنهاء إضراب عن طريق التقريب بين وجهات نظر الفريقين المتعارضين، كما منحت لمصور التقط صورة لاحد رجال الشرطة وهو يحادث طفلاً في استعراض عيد رأس السنة الصينية.

وليست هذه إلا أمثلة بسيطة (3).

أما الاتجاه الثاني، فهو الاتجاه المحافظ، وفيه تنظر الصحيفة إلى اعتبارات أخرى إلى جانب الاعتبار الاول الذي هو اهتمام القراء، ومن هذه الاعتبارات التي تنظر إليها الصحيفة:

أولا- توخي الصالح العام دائماً، فإذا تعارض هذا الصالح العام مع عنصر الغرابة أو عنصر الدراما أو عنصر الجنس أو عنصر الغموض آثرت الصحيفة الصالح العام على هذه العناصر، وضحت في هذه الحالة بجزء كبير من القراء، أو بعبارة أخرى بجزء من الربح المادي للجريدة.

ثانيا- أن تكون المادة الصحفية نفسها خبراً كانت أم مقالا مما يرشد الافراد  ويعلمهم ويثقفهم ويهديهم في علاقاتهم بالناس وبالحكومة وبالعالم.

ثالثاً- أن تكون هذه المادة الصحفية مما يتفق وقواعد العرف أو الذوق، ولا يخالف قانون البلاد.

وعلى ذلك فأصحاب هذا المذهب الثاني من مذاهب نشر الخبر لا يعترفون بالمبدأ القائل:  "قدم إلى قرائك ما يحبونه فقط" .  ولكنهم يرون أن على عاتق الصحف واجباً كبيراً هو أن تخلق في نفوس قرائها الاهتمام بالأخبار الهامة والمسائل العامة، والامور التي تتصل بسعادة الجماهير ورفاهية الشعوب، وتقدم الجماعات الإنسانية، ونحو ذلك، وفي هذه الحالة أي بإتباع الاتجاه الثاني من اتجاهات نشر الاخبار يصبح للخبر الصحفي عندهم تعريف آخر يخالف التعريفات المتقدمة من بعض النواحي، وهذا التعريف الجديد هو قولهم:

"الخبر الصحفي هو كل شيء يهتم به القراء، ويكون ذا صلة واضحة بشؤونهم الشخصية وأحوالهم الاجتماعية وعلاقاتهم بالدولة وبالأشخاص" .

وهكذا تتسع هوة الخلاف بين الاتجاه الاول المسرف في التحديد، والاتجاه الثاني المائل إلى المحافظة والتقييد، ويظهر هذا الخلاف بينهما لا من حيث مادة الخبر ذاتها فقط ولكن من حيث طريقة العرض أيضاً، فبينما تهتم الصحف الاولى عند نشر الاخبار بإثارة الغرائز، وتعتمد دائماً على رغبة القراء في معرفة الاسرار والوقوف على الخبايا، إذ بالصحف المحافظة تؤثر العناية بالموضوع الهام من حيث هو دون نظر إلى القراء، مراعية في ذلك المطابقة التامة لقواعد الذوق والاخلاق، وما يتطلبه منها الحرص على الصالح العام والتثقيف العام.

لقد اتسع ميدان الاخبار اتساعاً لا يقاس بما كان عليه في بداية هذا القرن، وقديما كانت دوائر الشرطة والمحاكم ودوائر الحكومة تقدم معظم مصادر الاخبار للصحف، أما اليوم فلا يمكن لأي محرر يحترم نفسه أن يتجاهل العلوم والصحة والتعليم وشؤون المنزل، وإعادة إصلاح الضواحي وأخبار الإذاعات ومحطات التليفزيون وعشرات من الميادين الاخرى التي قلما عولجت في السنوات الماضية، وقد انتقلت أخبار العمل والعمال من الصفحة المالية حتى استقرت في الصفحة الاولى جنباً إلى جنب مع أخبار الثورات والانقلابات، كما أصبحت أخبار العمال شاملة لأشياء أكثر من الاضطرابات وما إليها، أما أخبار الحريات المدنية فتأتي في الدرجة الاولى من الاهمية:

"وقد كانت جمهرة القراء يوماً تهتم بأخبار الاثرياء والمشاهير، وأخبار الحسان والاشرار من بني الإنسان فيما مضى، غير أن هذه الاخبار لم تعد كافية في وقتنا هذا.

خذ لذلك مثلاً خطبة لزعيم من الزعماء فالصحيفة الاولى تنشرها مراعية في ذلك النواحي التي تجتذب القراء، معنية في ذلك بالمظهر الخارجي للخطيب، فتصف لنا ملابسه ووقفته وحركته، وصوته ونبراته، وما يتخلل خطبته أحياناً من النكات، وما يقابل السامعون به ذلك من شتى الحركات أو التعبيرات، على حين نجد الصحيفة المحافظة تعني عناية تامة بالخطبة ذاتها. تقسمها إلى موضوعاتها، وتهتم بنص الخطبة نفسها، فتأتي بها كاملة في أغلب الاحيان، وباختصار تعتمد الصحف المحافظة على عنصر الدقة والجدة في إيراد الخبر، على حين أن الصحيفة الشعبية لا تهتم بهذا الجوهر، وإنما تكتفي بالطلاء الخارجي فقط، وفي هذه الحالة تصل الصحف الشعبية أحياناً إلى اختراع التفاصيل، والاهتمام الزائد بشتى عوامل الإثارة والتشويق.

ومهما يكن من شيء فعلى هذا النوع المحافظ من الصحف تعتمد الحكومات دائماً في توضيح سياستها وإقناع الجماهير بها، فجريدة )التيمس( الإنجليزية تعتمد عليها الحكومة البريطانية في وضع سياستها الداخلية وسياستها الخارجية، وجريدة )الطان( الفرنسية تعتمد عليها الحكومة الفرنسية في مثل ذلك.

وهذه الصحف المحافظة، وإن كانت قليلة الانتشار، محدودة التوزيع، إلا أنها ضرورية للشعوب والحكومات معاً، ولا تستطيع حكومة منها أن تجد في نفسها غنى عن مثلها في وقت من الاوقات(4).

ولذلك تتمتع الصحف المحافظة بسعة النفوذ والسلطان، حتى لقد يتجاوز نفوذها الإقليم الذي تطبع فيه إلى بلاد الدنيا كلها، ويصيح لها صوت مسموع في كل بلد منها، ويهتم بها الرجال الرسميون وغير الرسميين في أنحاء العالم المتمدين.

ولا شك أن هذه الصحف المحافظة إنما تستمد سلطانها ونفوذها من دقتها أولاً، وتوخيها المصلحة العامة ثانياً، وارتفاع مستوى مادتها ومستوى قرائها آخر الامر، وكثيراً ما يكون قراؤها من أفراد الطبقة الحاكمة، أو من الذين يمثلون الرأي العام المستنير في الشعب.

والاتجاه الثالث والاخير من اتجاهات نشر الخبر، هو الاتجاه الذي عليه الآن أحدث الصحف، والصحافة الحديثة كما يقول بعضهم كائن حي يتطور بتطور المجتمع، ولذلك يرى أصحاب هذا الاتجاه الثالث والاخير أن السياسة الخبرية الصحيحة ليست في الجمود على طريقة واحدة، ولكن في التطور والتجدد بتجديد المجتمعات الإنسانية ذاتها، وتغير الظروف المحيطة بها، ومعنى ذلك باختصار أن أصحاب هذا المذهب الاخير في نشر الخبر يحاولون المزج بين المذهبين السابقين والتقريب بين الاتجاهين السالفين.

والسبب في انتهاج هذا المذهب الثالث والاخير هو التقدم الذي أصاب المجتمعات الحديثة في العلم والحضارة، وثم سبب آخر لانتهاج هذا المذهب أيضاً، هو أن الصحافة كانت من العوامل الكبيرة التي قربت بين طبقات المجتمع، وانتهت إلى إيجاد نوع من التجانس العقلي بين أفراده كلهم، بحيث لم يعد الفرق كبيراً في الثقافة بين طبقة وأخرى، كما كان الشأن في الاجيال القديمة.

والذي لا ريب فيه أن هذه المشاكلة بين طبقات الامة دليل على الصحة العقلية لهذه الامة، والذي لا ريب فيه أيضاً أن الصحافة صاحبة الفضل الاول في استمتاع المجتمعات الحديثة بهذه الصفة.

فإذا صح ما نقول وهو صحيح في كثير من مجتمعات العالم الحديث فقد وجب على الصحافة الحديثة أن تعني بأمرين اثنين عناية متساوية في كليهما:

الامر الاول هو تسلية الجمهور.

الامر الثاني هو تثقيف الجمهور.

والعناية المتساوية بهذين الامرين معاً تحمل الجريدة على الجمع بين المذهبين السابقين من مذاهب نشر الخبر، فإن المذهب الا ول لا يصلح إلا لمخاطبة العوام من الناس، والمذهب الثاني ممعن في سموه وترفعه على الناس والمزج هو الطريقة المثلى لمخاطبة العدد الاكبر من جمهور الشعب على اختلاف طبقاته.

كان الصحفيون قديماً يقولون:

"إن كلباً عض رجلا، ليس خبراً يستحق النشر، ولكن "رجلا عض كلباً" هو الخبر الذي يستحق النشر" .

فأصبح الصحفيون حديثاً يقولون:

"إن رجلا عض كلباً" ليس خبراً ينشر، لخلوه من الدلالة والقيمة بالنسبة للقراء الذين لا يهتمون بهذا الخبر إلا إذا عرفوا:  "أن هذا الكلب مسعور، أو أنه أصبح خطراً يهدد سكان المدينة أجمعين" .

وهكذا أصبح جمهور القارئين لا يعبأ بالمبالغات الصحفية التي تظهره بمظهر الاطفال أو المغفلين، بل أصبح هذا الجمهور يسعى وراء الدقة والعناية بالجوهر وبغير ذلك من الامور التي تظهر قراء الجريدة مظهر الكبار الراشدين، ولعل هذا الشعور هو ما أفضى بجريدة فرنسية يقال لها la Press إلى التوقف تماماً عن الصدور، وذلك في سنة 1927 بعد أن بالغت في التغرير بالجمهور، وأمعنت في تزويده بالأخبار الشاذة الغريبة التي خلا أكثرها من الصحة، فاضطر الجمهور إلى مهاجمة هذه الجريدة الكاذبة في دارها، وحكم عليها بالتوقف عن الصدور(5).

وحدث مرة أن نشرت جريدة "كوكب الشرق" في مصر خبراً عن زيارة الرئيس السابق مصطفى النحاس لبني سويف، وبالغت في وصف الزيارة، وجرت وراء الخيال في هذه المبالغة، ثم ظهر أن النحاس لم يغادر مدينة القاهرة، فسقطت الجريدة من أعين القراء، وعانت كثيراً من هذه الحالة.

الحق أن "موضوعية" الخبر أو بعبارة أخرى الاهتمام به من حيث الموضوع أهم في نظر الصحافة الصحيحة من  "ذاتية" الخبر؛ بمعنى ترك الخبر يحمل رأي ناشره، والذي لا شك فيه أن الاتجاه الثالث والاخير أضمن "لموضوعية"  الخبر من الاتجاهين السابقين.

والحق أن الدقة في نشر الخبر من ألزم الصفات لنجاح الصحف، وفي ذلك يقول الصحفي )جوزيف بولتيزر( صاحب جريدة العالم The world .

"الدقة للصحيفة كالعفة للمرأة" .

وإذن فلا عذر لصحيفة من الصحف في تساهلها بعض الشيء في صفة "الدقة" إلا في حالة واحدة فقط، هي توخي الصالح العام للمجتمع، وفي هذه الحالة تستطيع الصحف أن تقصد إلى بعض التحريف في الخبر، وهذا ما يسمى عند الصحفيين (الاكاذيب البيضاء(، فإذا فرض أن وباء عاماً انتشر في البلد، وخافت الحكومة من نشر الاخبار الصادقة الدقيقة عن هذا الوباء حتى لا يستولى على الناس الهلع، فهنا توحي الحكومة إلى الصحف باستعمال الكذب، وهو حلال في هذه الحالة وأمثالها فقط.

وباختصار ينبغي للصحف الحديثة أن تؤثر الاتجاه الثالث والاخير من اتجاهات نشر الخير، ولابد لهذا الاتجاه الاخير من أن يتصف بطائفة أخرى من الصفات، فضلا عن صفتي الموضوعية والدقة اللتين تحدثنا عنهما، ومن هذه الصفات الاخرى:

1. صفة "التنوع"، فلا يجمل بصحيفة ما أن تكتفي بطعام واحد من الطعوم التي  تقدمها للقراء، بل عليها أن تتخذ من نفسها مائدة حافلة بألوان مختلفة من الطعام، حتى يقبل عليها القراء ويصيب كل منهم ما يرغب فيه من هذه الالوان.

2. صفة "الشمول"، وهي تلك النزعة الحديثة في الصحافة، وبإتباعها يصبح على الصحف أن تكون واسعة الافق، حاوية لكثير من المعلومات التي تتصل بالمكان الذي تصدر فيه، والاماكن الاخرى البعيدة عنها في أطراف هذا العالم المتحضر. القراء في حاجة مستمرة إلى الإحاطة بكل ما يجد في جميع أنحاء العالم. ويلاحظ الكثيرون أن الاخبار ذات الصبغة العالمية أصبحت تحتل مكاناً عظيماً في أكثر الصحف، وفي ذلك تقول مجموعة صحف هرست الامريكية التي أربى توزيعها على 20 مليوناً من النسخ:  "إن أمريكا تلح في أن تعلم كل ما يحدث، وكل ما هو خطير وحيوي، وكل ما هو أقل خطورة وحيوية. إنها يجب أن تعلم ما إذا كان ملك من ملوك البلقان قد أزيح عن عرشه أم لا؟ كما يجب أن تعلم في الوقت نفسه بما حدث أمس في المدينة أو الدولة، وبمن مات، وبمن تزوج ونحو ذلك، فإنه من تلك الاشياء الدقيقة والجليلة والتافهة، والخطيرة، تتألف مجموعة الاخبار اليومية التي لابد أن تملأ بها الصحف.

على أن الخبر الصحفي مهما كانت الطريقة التي ينشر بها، أو المذهب الذي يتبع في ذلك لابد له من صفتين هما: التشويق والإيجاز، فقد مضى الوقت الذي كانت تسلك فيه الاخبار مسلك الإسهاب، وأصبحنا في زمن ينبغي ألا نقدم فيه هذا الطعام الصحفي في أطباق يجلس لها الطاعمون إلى الموائد العظيمة، بل يجب تقديم هذا الطعام الصحفي على شكل شطائر كلما أمكن ذلك.

وهذا وذاك يجرنا إلى الخوض في موضوع جديد من الموضوعات التي تتصل بالخبر الصحفي، وهو موضوع "صياغة الخبر"، أو "القوالب الفنية لصياغته" .

____________________

(1) هو صاحب جريدة The Evening News .

(2) إن الصحفي الامريكي جون بوجارت من كتاب القرن ال 19 ينسب القول المشهور: إذا عض كلب إنساناً فليس هذا هو الخبر، أما إذا عض إنسان كلباً فهذا هو الخبر: كتاب الصحفي الامريكي.

(4) يقال إن جريدة التيمس لا يكاد توزيعها يزيد على 350 ألف نسخة في انجلترا، في حين أن جريدة الديلي ميرور يرتفع توزيعها عادة إلى خمسة ملايين نسخة في كل يوم، ومع ذلك فإن التيمس تتمتع بميزات كثيرة منها جلال القدم، والسيطرة التامة على سياسة الحكومة هناك.

(5) من الاخبار التي نشرتها هذه الجريدة خبر عن وصول طيارين مغامرين إلى نيويورك بعد أن عبرا المحيط الاطلنطي لأول مرة، ثم تبين فيما بعد أن الطائرة سقطت في المحيط!




تتمثل في دراسة الجماهير والتعرف عليهم وعلى أفكارهم وآرائهم واتجاهاتهم نحو المنظمة أو الإدارة التي تتعامل معهم، ومن ثم نقل هذه الأفكار والآراء والمبادئ والاتجاهات إلى الإدارة ليصبح ذلك مستنداً لديها في تعديل سياستها وبرامجها بشكل يتناسب مع تلك الآراء والاتجاهات الجماهيرية، وهذا ما يجعلنا نقول بأن العلاقات العامة تقوم على تبادل الآراء وعرض الحقائق وتحليل الاتجاهات للرأي العام.


حرفة تقوم على جمع الأخبار و تحليلها و تحقيق مصداقيتها و تقديمها للجمهور، غالبا ما تكون هذه الأخبار ذات علاقة بما استجد من الأحداث سواء على الساحة السياسية أو المحلية أو الثقافية أو الرياضية أو الاجتماعية و غيرها.فالصحافة قديمة قدم الأزمنة بل يرجع تاريخها الى زمن الدولة البابلية، حيث كانوا قد استخدموا كاتبا لتسجيل أهم ما استجد من الأحداث اليومية لتتعرف الناس عليها .و في روما قد كانت القوانين و قرارات مجلس الشيوخ لعقود الأحكام القضائية و الأحداث ذات الأهمية التي تحدث فوق أراضي الإمبراطورية تسجل لتصل إلى الشعب ليطلع عليها .و في عام 1465م بدأ توزيع أولى الصحف المطبوعة، و عندما أصبحت تلك الأخبار تطبع بصفة دورية أمكن عندها التحدث عن الصحف بمعناها الحقيقي و كان ذلك في بدايات القرن السادس عشر، وفي القرن السابع عشر و الثامن عشر أخذت الصحافة الدورية بالانتشار في أوربا و أمريكا و أصبح هناك من يمتهن الصحافة كمهنة يرتزق منها و قد كانت الثورة الفرنسية حافزا لظهور الصحافة، كما كانت لندن مهداً لذلك.

يعد التلفزيون واحدا من أهم اختراعات القرن العشرين؛ إذ بدأت أولى التجارب على إرسال الصور الثابتة باللونين الاسود والابيض عن بعد في منتصف القرن التاسع عشر، وتطور هذا الاختراع حتى استطاع الألماني (دي كورن) من اختراع الفوتوتلغرافيا عام 1905,، وجاء بعده الفرنسي ( ادوارد بلين ) الذي طور الاختراع الاول واطلق عليه اسم البيلنوغراف عام 1907, واستمرت هذه التجارب بالتطور مستخدمة وسائل ميكانيكية اولاً ثم كهربائية ، حتى توصل كل من الانكليزي( جون بيارد) والامريكي ( س. ف. جنكيس) إلى وسيلة ارسال تستعمل فيها اسطوانة دورانية مثقوبة عام 1923.ويرتبط اختراع وظهور التلفزيون باسم العالم البريطاني ( جون بيرد) الذي استطاع عام 1924 من نقل صورة باهتة لصليب صغير عن طريق اجهزته التجريبية إلى شاشة صغيرة معلقة على الحائط.. وبعد ذلك بثلاث سنوات بدا هذا العالم تجاربه على التلفزيون الملون ، كما اجريت عدة تجارب لنقل الصور سلكياً ، نجح من خلالها الباحثون من ارسال صورة تلفزيونية عبر دائرة مغلقة من واشنطن إلى نيويورك عام 1927 ( ).وقد تكللت التجارب التي اجريت خلال الثلاثينات من القرن العشرين بالنجاح ، حتى بدأ مركز اليكساندر بلاس البريطاني بالبث التلفزيوني لمدة ساعتين يومياً عام 1936.