أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-26
275
التاريخ: 12/10/2022
1661
التاريخ: 2024-07-20
493
التاريخ: 2024-03-01
861
|
ونظراً لاختلاف درجات العقل والذكاء لدى الناس، مع الأخذ بعين الاعتبار أن غالبية الشباب في جميع أنحاء العالم هم من الفئتين العادية ودون العادية ، بات من الضروري دراسة وتحليل الوضع الجسمي والعقلي للشاب بعد تخطيه ثورة البلوغ .
ولكي يتعرف الشاب أكثر على ذاته ويدرك الأخطار التي قد تواكب مرحلة الشباب ، نقدم له توضيحاً مختصراً للوضع الجسمي والعقلي الذي يمر به مهما كانت درجة عقله وذكائه ، فلربما دفعه ذلك إلى التبعية لتعاليم المربين والاستفادة من آراء المفكرين، وأعانه في تحقيق السعادة الأبدية في حياته .
قدرة الجسم:
عندما تتفاعل عوامل البلوغ في مزاجية الأطفال وتبدأ عظامهم وعضلاتهم وسائر أعضائهم بالنمو السريع ، تتضاعف قواهم وقدرتهم بسرعة ، وخلال فترة قصيرة تحل قدرة الشباب مكان ضعف الطفولة وعجزها .
وهذا التحول الشامل والطبيعي والنمو السريع يشمل كل الأطفال دون استثناء مهما اختلفت درجات عقولهم، حتى المجانين يتأثرون بعوامل البلوغ، وتكتسب أجسامهم النحيلة الضعيفة قدرة تبدو واضحة تماماً بحيث يمكن التمييز بسهولة بين قدرة فتى في ال 16 من العمر وقدرة فتى في ال 12 من عمره .
إن بعض الشبان يملكون عقولاً ناضجة قبل أوانها كونت لديهم نبوغاً ذاتياً وباتوا في وضع عقلي خارق ، ويكون عقل وذكاء الواحد منهم في سن ال 16 سنة بموازاة عقل وذكاء من هو في ال 26 من العمر ، وهذا معناه في الحقيقة أن سنه العقلي يفوق سنه الطبيعي بعشر سنوات .
وهذه الفئة من الشباب بإمكانها أن تنظر إلى القضايا الحياتية نظرة تحليلية وأن تميز بين الخير والشر وأن تطبق شؤونها مع مصالح المجتمع. وبإمكانها أيضاً أن توزن كلامها وتقيم أعمالها وتصرفاتها وتبتعد عن استغلال شبابها وقدراتها الجسمانية فيما لا يحمد عقباه.
ولكن رغم كل هذا النبوغ الذاتي والتفتح العقلي والذهني ، تبقى هذه الفئة من الشباب تعاني من نقاط ضعف كثيرة بسبب نقص التجربة ، وينبغي عليها أن تلجأ إلى من هو أكبر منها وأكمل عقلا لتستنير به دربها مبتعدة عن الانحراف والضلالة .
وهذه الفئة من الشباب تعتبر أحسن طبقات المجتمع ، فهي التي توصلت إلى أسرار الطبيعة وكشفت بعقولها الخارقة الكثير من الحقائق الخفيّة، وأحدثت تحولاً عظيماً في مجال العلم والمعرفة وبالتالي في حياة الإنسان، ولكن عدد الشباب الذين يتمتعون بنبوغ عقلي في جميع المجتمعات أقل بكثير من الشباب العاديين ومن هم دون ذلك.
وهناك شبان يملكون عقولاً عادية ويتمتعون بذكاء عادي ، هؤلاء تتطابق أعمارهم الطبيعية مع سني عقولهم، ويشكل هؤلاء غالبية الشباب في العالم ، ولكن رغم أنهم يتمتعون بنمو عقلي سليم وطبيعي، إلا أن عقولهم لا تعتبر كاملة أساساً بسبب جنون الشباب ، فالشاب الذي يبلغ من العمر 16 سنة ليس بمقدوره أن يدرك قضايا الحياة جيداً ولا يمكنه أن يميز بين الصالح والطالح ، ويبقى بحاجة إلى سنين طويلة وتجارب كثيرة حتى يصل إلى درجة الكمال العقلي.
اختلال الجسم والعقل:
إن أجسام الفتيان تنمو بشكل ملحوظ خلال سني البلوغ وتزداد قواهم ، لكن عقولهم تبقى كما كانت عليه في مرحلة ما قبل البلوغ ، وعدم التناسق هذا بين الجسم والعقل يكون سبباً في كثير من الأخطار التي تحدق بالشاب في هذه المرحلة. لأن الشاب يكتسب مع نمو جسمه قدرة تنفيذية أكبر من ذي قبل ، لكن عقله الذي يجب أن يسير قواه الجسمية يبقى ضعيفاً كما الحال عليه في أيام الطفولة. وغالباً ما يحدث أن يتخذ الشاب قرارات غير عقلانية ويبدأ بتنفيذها لكنه ما يلبث أن يقع في الحسرة والندم .
ولكي لا يقع الشبان في مثل هذه الأعمال الصبيانية التي قد تتعس حياتهم وحياة من حولهم، عليهم أن يراقبوا أعمالهم جيداً ويضعوا الخطر نصب أعينهم وأن يستشيروا من هم أكبر منهم وأعقل في كل مسألة ينوون القيام بها لاختيار الصالح منها وذلك لتجنب الانزلاق في متاهات الحياة .
والبعض الآخر من الشبان يعانون من الغباء والتخلف العقلي، يعني أن سنهم العقلي أقل بكثير من أعمارهم الطبيعية. وكثيراً ما نرى فتى في الـ 16 من العمر لم يتجاوز سنه العقلي ال 6 سنوات ، أي أنه يعاني من تخلف عقلي بقدر عشر سنوات عن الأشخاص العاديين. ولشديد الأسف أن عدد المصابين باختلالات عقلية في مجتمعاتنا اليوم ليس بقليل، وهذا ما يدعو إلى مزيد من الاهتمام .
ومثل هؤلاء الشبان يكونون دائماً معرضين لأخطار مختلفة نتيجة عدم اكتمال عقولهم وعجزهم عن تحليل شؤون الحياة وتمييزهم بين الخير والشر، فهم قد يتخذون في أية لحظة قرارات حمقاء ويقدمون على ما هو حرام وخطير، ويتسببون بذلك في شقائهم وشقاء مجتمعهم .
قال علي بن الحسين (عليه السلام): من لم يكن عقله أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما فيه(1).
فالولد ابن السادسة من العمر لا يمكنه بسبب ضعف عقله وعدم نضوج فكره أن يميز بين الخير والشر ، ولا يمكنه استيعاب شؤون الحياة ، فهمه الوحيد رغباته التي يسعى دائماً إلى تحقيقها ، ولحسن الحظ أن قدرته البدنية ضعيفة، وهذا ما يمنعه من تنفيذ كل نواياه الشريرة والتي تتناقض ومصلحته ، ويحرمه من تحقيق كل رغباته الصبيانية ، مما يجعله بعيداً عن كثير من الأخطار.
أفكار صبيانية :
أما الفتى الذي يبلغ من العمر 16 سنة لكن سنه العقلي لا يتجاوز ال 6 سنوات ، فله وضع بالغ في الخطورة ، فهو بسبب تخلفه العقلي يفكر كابن ال 6 سنوات وله رغبات وأهواء صبيانية ، لكنه قادر على تحقيقها وتنفيذها لما يتمتع به من قدرة بدنية اكتسبها بعد البلوغ.
وواضح جيداً مدى خطورة وجود مثل هذا الفتى الطفل على اسرته، ومدى التأثير السلبي الذي يمكن أن يتركه على من حوله، والذي قد يصل أحياناً إلى مرحلة الدمار.
«لو تعادلت القدرة البدنية بضعفها مع القوة العقلية لدى عامة الناس لعاشوا في أمن واستقرار، أما الطامة الكبرى فهي أن يكون لطفل قدرة إنسان كامل ، لأن الطفل لا يعرف من الحياة غير رغباته الشخصية التي تتحكم به من كل جانب ، وبما أنه لا يمت إلى العلم والمعرفة بصلة ، فإن استغلال قدرته سيكون قائماً على الجهل ، ونتيجة ذلك معروفة لدى الجميع» .
«ومثل هذا الطفل تكون مشاعره وأحاسيسه ناقصة وغير ناضجة ، وما يشعر به لذته الشخصية فقط ، لذا فإن أي عمل يقدم عليه يكون تنفيذاً لرغباته وتحقيقاً للذاته الشخصية» .
«هكذا طفل يفتقر لمشاعر الصبر والتحمل ، ويبدي لا مبالاة تجاه أي عمل يفكر القيام به ، لذا فإن أي عمل قد يستخدم قدرته البدنية فيه سيكون عملاً تخريبياً. وبما أنه لا يعرف للاستقامة الأخلاقية وقانون العدالة والإيمان بمفهومه الحياتي من معنى ، فإن أعماله كلها ستنطلق من مبدأ الغريزة والرغبات» .
«إننا لا نستطيع أن نقول: إن فلاناً يسير نحو الكمال ما لم يكن نموه الفكري يتوازن مع نموه الجسمي . فإذا ما تنامت قدرته التنفيذية وبقيت قدرته الفكرية إلى حالها يكون من وجهة نظر علم النفس متخلفاً ويشكل خطراً على أسرته وبالتالي مجتمعه» .
«فالقدرة الجسمية لا يمكن أن تكون نافعة ومفيدة إلا إذا ما اختلطت بالعلم والمعرفة، ويدرك الإنسان ان ما يود القيام بم سيكون مفيداً له ولأسرته ومجتمعه وليس مضراً لهم»(2) .
قال امير المؤمنين (عليه السلام) : عظم الجسد وطوله لا ينفع إذا كان القلب خاوياً(3).
إن الرجل المثقف العاقل يزن كلامه قبل التفوه به ، ويفكر دائماً في أي رأي يبديه خشية الوقوع في الخطأ، ويسعى إلى استشارة الآخرين في كل ما يود القيام به.
دليل ضعف العقل:
على عكس الرجل الجاهل الأحمق الذي يعتبر نفسه مصوناً من الخطأ، ويعتبر أعماله الصبيانية بأنها أفضل الأعمال ويفتخر بها ، ويعتبر أن من واجب الآخرين الاقتداء برأيه، وهذا التفكير دليل على حماقته وتخلفه .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إعجاب المرء بنفسه دل على ضعف عقله(4).
الغرور والاستبداد:
إن مما لا شك فيه أن قسماً كبيراً من مشاكل عهد الشباب التي تتسبب في ضياع الأسر وتشتتها، ناجم عن غرور الشباب واستبدادهم برأيهم.
فالبعض من الشباب يقرر بما يتنافى والمصلحة الذاتية والعامة، ويقدم على تنفيذ قراراته دون استشارة الآخرين. ومن أجل فرض أفكاره الصبيانية على أفراد أسرته لإثبات شخصيته، يقدم على أعمال سيئة ومدمرة، تربك الوضع الداخلي للمنزل، ويحاول بكلمات ركيكة وصيحات مدوية بث الرعب في نفوس من حوله، حتى انه يسلب أحياناً أبويه وسائر أفراد أسرته الراحة والسكينة مما يعكر عليهم رغد العيش .
هؤلاء يعتقدون أن بمقدورهم باستبدادهم وتصرفاتهم الرعناء أن يكوّنوا لأنفسهم منازل في المجتمع ويصبحوا في نظر الآخرين شخصيات مرموقة ، جاهلين أن مثل هذه التصرفات تحط من مكانتهم وقدرهم لدى الآخرين .
إن ضعف العقل لدى الشبان ليس بالأمر البعيد عن الواقع ، وليس من صنع الآخرين حتى يمكن محاربته بالعنف والاستبداد، إنما هو يدخل في سياق قانون الطبيعة وسنة إلهية في نظام التكوين ، والإنسان العاقل لا يحارب قانون الطبيعة ، ولا يدخل على نظام التكوين من باب العداء والخصومة ، لأنه سيفشل لا محالة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا تعادوا الأيام فتعاديكم(5).
قال علي (عليه السلام) : من كابر الزمان عطب(6).
عندما يقع الشباب تحت تأثير الشهوة والغضب وحب المال وغير ذلك من الأهواء والغرائز النفسية ، ويتخذون ما هو مناف لمصلحتهم خدمة لأهوائهم ، عليهم أن يعلموا أنهم ساقطون لا محالة.
لكنهم إذا ما شعروا بالخطر قبل تنفيذ قراراتهم ، واستشاروا من هم أكبر منهم وأعقل ، فإنهم سيحمون أنفسهم من السقوط ، أما إذا ظلوا متمسكين بغرورهم واستبدادهم ونفذوا قراراتهم وأخرسوا بصيحاتهم ذويهم، فإنهم سيتحملون عواقب ذلك ما بقي لهم من العمر.
مما يؤسف له أن عدم اهتمام المؤسسات التربوية بتربية أبناء المجتمع تربية إيمانية وأخلاقية سليمة، وكذلك تحرر الشباب المفرط في الركض وراء الشهوات والرغبات الجنسية ، ووجود مراكز الفساد الاجتماعي وغير ذلك من العوامل قد أوصلت الشباب في العالم لا سيما في أوروبا وأميركا إلى وضع مؤسف وخطير.
فإذا ما لحظنا المقالات والإحصائيات المختلفة التي تصدر في العالم الغربي كل عام، لتبينت أمامنا حقيقة ساطعة وهي أن الشباب يسير بسرعة فائقة نحو الضياع والسقوط ، فهم لا يحترمون آراء من هم أكبر منهم سناً وأعقل فكراً ، لا بل وينفرون منهم أيضاً ويحاولون قدر الإمكان القيام بما يتعارض وآراء المجتمع .
«إن ظاهرة مرض التنفر من المجتمع قد راجت بين شباب العالم ، وهي في حال نمو سريع، وهذا ما أكدته إحصائيات صدرت قبل عام واحد من تأليف هذا الكتاب في سدني ونيويورك ووارسو وباريس وغيرها من العواصم الاوروبية» .
المعارضة والتمرد :
«فالشباب في هذه البلدان يعانون من أمراض وآلام مجهولة ، إنهم يتمردون على كل شيء، ولا يريدون أن يتخذوا من نصائح ذويهم معياراً لأعمالهم . والحقيقة هي أن الشباب قد سيقوا نحو المعارضة والاضطراب الفكري والتمرد» .
«يقول السيد أندريه لوغال مفتش وزارة التربية الفرنسية : إن وضع الشباب اليوم يبعث على القلق والخوف كونهم ابتعدوا عن الأجيال التي تكبرهم ، لأنهم لم يمروا مثلهم بمرحلة معينة ، بلهم في وضع خاص جديد» .
«لقد أكدت إحصائية صدرت عام 1960م وجود 26894 مجرماً بين صفوف الشباب الفرنسي بينهم 2409 فتيات سلموا للعدالة».
«إن تصاعد روح الإجرام في صفوف الشباب لدليل على أزمة خطيرة يمرون بها ، وهناك علامات أخرى تعكس خطورة هذه الأزمة ، فقد ذكرت إحصائية صدرت قبل عام من تأليف هذا الكتاب أن مئة من الفتيان الذين تقل أعمارهم عن العشرين عاماً قد أقدموا على الانتحار في باريس» .
«وقد كتب الدكتور «دانون بوفالو» مقالة اتسمت بالدهشة والأسف ، مستنداً إلى دراسات وإحصائيات دقيقة، كتب يقول: إن 50% من الطلبة الجامعيين يتركون دراساتهم قبل نهايتها. أما الدكتور «روسولو» فيصرح بأن طلاب الدراسات العليا يفقدون حماسهم واندفاعهم قبل دخولهم الجامعات» .
«ويلحظ المرء روح العداء في نفوس شباب المدارس والجامعات والمعاهد العليا إزاء من هم أكبر منهم سناً ، على أية حال فالتمرد قائم . يقول شاب مثقف: إنني أنفر من أية مشاركة في المجتمع))(7) .
إن نتيجة طغيان الشباب في عالم الغرب وتمردهم هي ترك الدراسة وتفشي الأمية واكتساب اللامبالاة والإدمان على المحرمات وارتكاب الجرائم وغير ذلك من الصفات السيئة .
وإذا ما اعتبر شبابنا من انحرافات الآخرين ومآسيهم ، وانصرفوا عن الطريق الذي سلكه شباب الغرب والذي آل بهم إلى نتائج غير محمودة ، فإنهم سيصونون أنفسهم من العذاب والآلام ، وسيحققون لأنفسهم سعادة ميمونة أبدية .
______________________________
(1) بحار الأنوار ج1 ، ص 32 .
(2) العقل الكامل، ص43.
(3) غرر الحكم، ص 499 .
(4) الكافي ج 1 ص27.
(5) السفينة، (اليوم) ،ص741.
(6) تحف العقول، ص 85.
(7) مجلة حقوق اليوم ، العدد 6، السنة الاولى، ص 17، نقلا عن نشرية شهرية فرنسية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|