أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2014
5070
التاريخ: 6-05-2015
5543
التاريخ: 2023-10-08
1103
التاريخ: 24-11-2014
5223
|
المشكور والمحمود الحقيقي
جاء في الخطاب الديني تعبير (شكر الله في مقابل سعي عباده كما في قوله تعالى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 158] ، {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19] وكذلك ورد (الحمد) من الله لمقام و منزلة عباده الصالحين: "فرضي سعيهم وحمد مقامهم"(1). وشكر الله وحمده ليس باللسان وهو من صفات الفعل لا من صفات الذات، لأنهما ينتزعان من مقام فعله.
والملاحظة المهمة التي ينبغي الالتفات إليها في مسألة كون الله و سبحانه شاكر، وحامدا هي أن كون الله شاكرا وشكورا لسعي عباده وكونه حميدا وحامدا لمقام عباده الصالحين، انما يصح بالنظرة الابتدائية، ولكن عند التحليل والاستنتاج الأخير، يتبين أن ماسوى الله ليس له نصيب من الشكر ولا حظ له من الحمد، بل إن الله سبحانه شاكر لفعله وحامد لكماله سبحانه، فهو بفعل من أفعاله يشكر ويحمد فعلا آخر، وعليه فإن الشاكر والمشكور والحامد والمحمود الحقيقي هو الله ولا أحد سواه.
وبيان ذلك: هو أنه على أساس التوحيد الأفعالي والربوبية المطلقة لله سبحانه، فإن الأعمال الصالحة والسعي المشكور لعباد الله الصالحين ليست إلا تجليا وظهورا لفعل الله، والشكر والحمد لها في الحقيقة هو شكر وحمد في مقابل فعل الله. ومن جهة أخرى فإن شكر الله لسعي و الناس وحمده لمقامهم ودرجاتهم هو بنفسه نعمة من نعم الله سبحانه وينبغي على الإنسان شكرها وحمدها، فالذي يكون في النظرة الإبتدائية مشكورة ومحمودة من قبل الله، فهو بالنظرة الدقيقة والنهائية يجب أن يشكر ويحمد الله لأجل هذه النعمة. ولهذا يحمد أهل الجنة الله سبحانه في مقابل نعم الجنة (التي هي الشكر الإلهي العملي في مقابل سعيهم) فيقولون: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43](2) والتوفيق لنصرة الدين في الدنيا)، وثوابه الأخروي (في الآخرة) كلاهما رحمة ونعمة من الله سبحانه، وعلى العبد الشاكر أن يشكر الله على النعمتين: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ} [القصص: 70].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. نهج البلاغة، الخطبة 222، المقطع 14. ان الحمد والشكر على الرغم من عدم وجود الإختلاف الأساسي بينهما وهما في الحقيقة متقاربان، لكن جاء في الخطابات الدينية الأمر بشكر غير الله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14] ، في حين انت حمد غير الله ليس انه لم يرد فيه أمر فحسب بل ورد الأمر بالنهي عنه كما في قول أمير المؤمنين(عليه السلام): "ولا يحمد حامد الآ ربه" (نهج البلاغة، الخطبة1، المقطع10).
والسر في هذا الإختلاف (على فرض ان نتيجة البحث والإستقصاء الكامل للأدلة النقلية قد دلت على النهي عن حمد غير الله) هو انه يمكن أن يكون لبعض التعبيرات لوازم جانبيه لايصح الإلتزام بها، من قبيل قوله تعالى للمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} [البقرة: 104] في مقابل قول بعض اليهود الذين كانوا يقولون: {...وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} [النساء: 46].
2. سورة الأعراف، الآية 43. ان مفاد جملة (وما كنا لنهتدي...) غير (ما اهتدينا) وأمثالها، لأن كان المنفية تدل على استمرار النفي كما ان مفاد (ما كنت تعلم يختلف مع (ما علمت). فأهل الجنة يقولون: "لو لم يكن الوحي والهداية الإلهية لم نكن قادرين أبدأ على ان نصل إلى هذا المقام" لأن العقل مصباح وليس طريقة، والإنسان بالمصباح وحده وبغير صراط لايمكن أن يبلغ الهدف. فالعقل مصباح كاشف يتعرف بواسطته الإنسان على صراط الوحي المستقيم، وهو يرشد الإنسان إلى السير فيه. فإذا لم يكن
هناك وحي أي صراط مستقيم، فالعقل بلا وحي كالمصباح الكاشف الذي يوضع في قمة الجبل ليكشف العوائق والعقبات المانعة عن تسلق الجبل وصعوده، فإذا لم يكن هناك طريق ومسلك نحو قمة الجبل فإن المصباح وحده لا ينفع شيئا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|