أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-12-2015
2199
التاريخ: 2023-04-04
1067
التاريخ: 2023-06-03
1070
التاريخ: 2024-08-10
301
|
إن نظام العلة والمعلول والصدور الذي هو العنصر المحوري للحكمة، وكذا نظام التشأن والتجلي والظهور الذي هو الحجر الأساس للعرفان غير قابلين للتعطيل؛ بمعنى أنهما متحققان قبل الدنيا وفيها وبعدها في آن واحد، على الرغم من أنه من الممكن أن تتكامل نظرة الحكيم بعد موته فيرى عالم الآخرة من منظار العرفان ويتكامل بذلك علمه الحصولي فيتحول إلى العلم الحضوري.
وما نفي في الآية مورد البحث هو بمعنى نفي النظام الاعتباري للدنيا وليس نفي النظام العلي للحكمة ولا نفي نظام التشأن للعرفان. لتبيين هذا المبحث نشير هنا إلى بعض آثار المعاد بصورة إجمالية ليصبح من المعلوم أن نظام "الصدور" الفلسفي، أو نظام "الظهور العرفاني لا يزول على الإطلاق.
في الدنيا يكون الإنسان مبدأ فاعلياً لأفعال جوارحه وجوانحه. فإن كانت أفعاله على ضوء الإرادة التشريعية الله تعالى فهو سيرد الجنّة في الآخرة وهناك أيضاً ستتحقق جميع أفعاله وفقاً لإرادته: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35] ؛ فكل ما يريد وحيثما يريد فهو حاصل له. بالطبع كما كان مثل هذا الإنسان في الدنيا لا يطلب إلا الحق والصدق، فإنه في الجنة، حيث لا مجال للغو والتأثيم، لا يسأل غير الخير والصلاح، وأما إذا كانت أفعاله بحسب هواه الذي يكون قد اتخذه إلها له: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43] ففي الآخرة سيدخل جهنم حيث ستتولى جميع شؤونه عقيدته الباطلة وأخلاقه السيئة وأعماله القبيحة، وعوضاً عن أن يكون "مصدر" الفعل هناك فسيصبح "مورداً" له، وإن سلطان العلية الفلسفية أو الظهور العرفاني بالنسبة له سيكون تحت تصرف أسماء الجلال والقهر الإلهية حيث إن العامل في ظهور تلك الأسماء هو ما قبح من عقيدة الإنسان المجرم وخلقه وعمله.
والغرض هو ان أي قدح أو نقد لأسس الحكمة أو مبادئ العرفان فهو غير وارد على الإطلاق، وليس هناك أي مجال للتأمل في نظام الصدور أو الظهور، وإن الاختلاف بين صاحب النار وصاحب الجنّة يكمن في أن الأول قد أسر نفسه ورهنها فلا جرم أنه يبيت معلولاً للأسر والرهن، أما الثاني فقد جعل نفسه أميرة وحررها فأضحى علة لإمارته وحريته، وإذا لم يكن في مقدور الأسير المرهون فعل أمر ما وكان بميسور الأمير الحرّ فعله أو فعل ما هو أفضل منه فسيصبح معلوما بأن نظام الصدور أو الظهور يكون حاكماً يوم القيامة بإتقان كامل.
المبحث الآخر الذي يحوز السهم الأوفر من الاهتمام في معرفة أن هناك أموراً تكون مستورة في الدنيا وستصبح مشهودة في الآخرة. نقدم هنا مثالين على ذلك: الأول هو أنه على الرغم من كون أصل وجود علة العلل في نظام العلة والمعلول محرزاً إلا أن حضوره غير مشهود، والثاني هو أنه في ذات الوقت الذي يكون فيه الله عز وجل علة العلل ومبدأ سلسلتها، فهو أقرب إلى أي معلول من علته القريبة؛ وذلك لأن هذا الأمر هو معنى المعيّة القيومية والإحاطة المطلقة للموجود غير المتناهي بأي شخص وبأي شيء. وهذا المنظر اللطيف يتجلّى في الأدعية والمناجاة المأثورة عن أهل البيت على النحو التالي: "وأن الراحل إليك قريب المسافة، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا ان تحجبهم الاعمال دونك" (1) وهذا الحجاب يُرفع في المعاد.
وبطبيعة الحال فإن المبادئ التصورية لتحليل المعاد وأن نفس الإنسان المجرم تصير هي منشأ للألم والعذاب، هي غاية في الصعوبة، فضلاً عن المبادئ التصديقية له، بيد أن مجمل المبحث هو ما قد سبقت الإشارة إليه من أن النظام العلي والصدور الفلسفي أو التشأن والظهور العرفاني غير قابلين للزوال أبداً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البلد الأمين، ص205؛ ومفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|