أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-15
1341
التاريخ: 22-10-2015
4353
التاريخ: 25-10-2015
7304
التاريخ: 2023-06-21
1028
|
أخذ النظام السياسي الفرنسي في دستوره لعام 1791 كذلك في دستوره لعام 1795م بمبدأ الفصل المطلق بين السلطات ، وحول الجمعية الوطنية مُمارسة الوظيفة التشريعية ، و ترك للملك . الوزراء مُمارسة التوظيفية التنفيذية ، وألزم ألا تتدخل أي منهما في اختصاصات السلطة الأخرى وسارت الدساتير التي أعقبت هذين الدستورين ( دستور 1799م و حتی دستور 1946م ) على الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات بمفهومه النسبي ، وأعطى للإدارة استثناء التدخل في عمل المشرع ، وذلك باقتراح القوانين و تنفيذها عن طريق اللوائح التنفيذية .
ونتيجة لذلك أصبح البرلمان صاحب اختصاص استثنائي في مجال التشريع ، وأصبحت السلطة التنفيذية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا المجال ، وهذا يعد مخالفة للمبادئ التي سارت عليها الدساتير القديمة ، وكذلك يعتبر إهدار لمبدأ الفصل بين السلطات بمفهوميه النسبي و المطلق ، ومما يشار اليه أنه من مستحدثات دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي انه لم تمس العلاقة بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية فقط ، بل مست ايضا العلاقة بين السلطة القضائية بالسلطة التنفيذية ، و ذلك من خلال تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء التسعة ، بإرادته المنفردة و كذلك ترأسه لجلسات و مناقشات المجلس ، طبقا للشروط التي يطلبها القانون الأساسي و يكون وزير العدل عضوا ووكيلا له في المجلس ، وبذلك فقد مبدأ الفصل بين السلطات مفهومه و مكانته الأساسية التي رافقته طوال عهود كثيرة ، من دون أن يفقد اعتباره أو كوسيلة ناجعة لتحقيق الحرية .
لذلك فإن النظام في فرنسا قد تأرجح بين نظامي الفصل المطلق الشديد بين السلطات و الفصل المرن ، الذي يتمثل في التعاون والتوازن بين السلطتين التشريعية و التنفيذية ، وكانت الغلبة في الكثير من الاحيان تكتب للبرلمان، كما كان الحال في الجمهوريتين الثالثة والرابعة ، أما في الجمهورية الخامسة و في دستورها الصادر في عام 1958م فإن ميل الميزان أصبح باتجاه السلطة التنفيذية (1).
أما العلاقة بين الحكومة والبرلمان في فرنسا ذات النظام المختلط ، فإنها تخضع لنفس أساليب التعاون و التأثير المتبادل بينهما في النظام البرلماني ، فالحكومة تساهم في الوظيفة التشريعية ، وتتوفر لها امكانية حل الجمعية الوطنية ، وطلب التقة من البرلمان ، كما تكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان الذي يمكنه إسقاطها ، عن طريق حجب الثقة عنها ، أو توجيه اسئلة لأعضائها من الوزراء أو تشكيل لجان للتحقيق وغيرها من الإجراءات الرقابية(2).
إذ نجد أن النظام الجديد الذي أتى به الدستور الفرنسي لعام 1958م هو نظام قائم على الفصل النسبي المرن بين السلطتين التشريعية و التنفيذية ، فهذه العلاقة قائمة قدر الإمكان على التعاون و التوازن بينهما ، ونعني بذلك ان هذه العلاقة ليست كالعلاقة السائدة بين السلطتين التشريعية و التنفيذية الموجودة في النظام البرلمان التقليدي المطبق في انكلترا منذ قرون عديدة ، فلهذه العلاقة طابعها المميز والخاص في ظل الأخذ ببعض من مظاهر النظام الرئاسي ، ولهذا لم يتردد بعض من فقهاء القانون الدستوري أن يطلقوا عليه ( النظام البرلماني المتطور ) ، فقد أخذ النظام الدستوري للجمهورية الخامسة بجوهر النظام البرلماني ، وقام بإدخال تعديلات عليه ، تمثلت هذه التعديلات في طريقة اختيار رئيس الجمهورية ، وطبيعة السلطات الدستورية التي يتمتع بها رئيس الدولة ، وتقوية مركز رئيس الدولة في مواجهة الوزارة، وكذلك مسؤولية رئيس الدولة في حالة الإخلال بواجباته الوظيفية بشكل يتنافى مع ممارسة سلطاته ذلك فقد أبقى النظام الفرنسي بالأخذ بثنائية السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الجمهورية ، الذي هو في الوقت نفسه رئيس الدولة و الحكومة التي يرأسها رئيس الوزراء ، كما قرر عدم مسؤولية رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يقوم بها بصفته رئيسا للجمهورية ، وقرر هذا الدستور مسؤولية الوزارة أمام الجمعية الوطنية (3).
إننا نرى أن هذا النظام الذي تم تطبيقه في فرنسا ، بعد فشل عدة محاولات في تطبيق النماذج الأخرى من الانظمة الدستورية ، جاء بنتائج باهرة حيث أثبت هذا النظام نجاحا لدى تطبيقه في فرنسا ، جعل العديد من الدول الأخرى أن تعمل على الأخذ به، من بينها دستور مصر لعام 1971م ، إذ قضى هذا النظام على حالة عدم الاستقرار الوزاري و السياسي في فرنسا ، وأضفى على مؤسسات الدولة الفرنسية الهيبة و القوة ، كما أنه وبموجب السلطات و الاختصاصات الواسعة التي منحها الدستور لرئيس الدولة في النظام الفرنسي، بفضل انتخابه بالاقتراع المباشر من قبل الشعب جعله رأس المؤسسة التنفيذية في فرنسا ، كما منحه دورا قياديا نافذا أكثر مما هو موجود في رئيس الدولة في النظام الرئاسي في العديد من المجالات، ولاسيما اذا كان الرئيس الفرنسي يتمتع بأغلبية برلمانية تنتج عنه حكومة موالية لسياساته .
____________
1- هشام جليل ابراهيم الزبيدي ، مبدا الفصل بين ا السلطات و علاقته باستقلال القضاء في العراق ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق، جامعة النهرين ، 2012 ، ص 41
2- مراد الشويني ، السلطة التنفيذية في النظام الرئاسي ، البرلماني وتشبه الرئاسي، موقع ملفات تادلة ، تاريخ الزيارة 2021/3/6
https://milafattadla24.com/news1658.html pmالساعة 9:30
3- علي محمد عبد ربه العساف ، مسؤولية ريس الدولة عن اعماله في النظام البرلماني ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة عمان العربية 2012 ، ص 107 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|