أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-2-2022
1951
التاريخ: 28-9-2016
2181
التاريخ: 2024-02-20
915
التاريخ: 16-8-2022
1911
|
الأسباب المثيرة للحسد.. كثيرة جداً إلاَّ أنّها ترجع إلى سبعة:
العداوة، والتعزّز، والتكبّر، والتعجّب، والخوف من فوت المقاصد، وحبّ الرياسة، وخبث النفس وبُخلها.
فإنّه إنَّما يكره النعمة عليه:
1 ـ إمَّا لأنه عدوّ فلا يريد له الخير، وهذا لا يختصّ بالأمثال.
2 ـ وإمّا لأنه يخاف أن يتكبّر بالنعمة عليه وهو لا يطيق احتمال كبره وعظمته لعزّة نفسه، وهو المراد بالتعزّز.
3 ـ وإمَّا يكون في طبعه أن يتكبّر على المحسود ويمتنع ذلك عليه بنعمته، وهو المراد بالتكبّر.
4 ـ وإمّا أن تكون النعمة عظيمة والمنصب كبيراً فيتعجّب من فوز مثله تلك النعمة، وهو التعجّب.
5 ـ وإمّا أن يخاف من فوات مقاصده بسبب نعمته بأن يتوصّل به إلى مزاحمته في أغراضه.
6 ـ وإمَّا أن يكون يحبّ الرياسة التي تبتني على الاختصاص بنعمة لا تساوي فيها.
7 ـ وإمَّا ألّا يكون بسبب من هذه الأسباب بل بخبث النفس وشحّها بالخير لعباد الله.
وقد أشار الله سبحانه الى السبب الأول بقوله: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [آل عمران: 118].
وإلى الثانية بقوله: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
أي كان لا يثقل علينا أن نتواضع له ونتّبعه إذا كان عظيماً.
وكانوا قد قالوا كيف يتقدَّم علينا غلام يتيمٌ وكيف نطأطئُ له رؤوسنا.
وإلى الرابعة بقوله: {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ} [يس: 15] و{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47]، {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} [المؤمنون: 34]، فتعجّبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب من الله تعالى بشر مثلهم فحسدوهم وقالوا متعجبين: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94] فقال تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 63].
وأعظم الأسباب فساداً الخامس والسادس لتعلّقهما غالباً بعلماء السوء ونظرائهم.
ومناط الخامس يرجع إلى متزاحمين على مطلوب واحد فإنّ كلاً منهما يحسد صاحبه في كلّ نعمة يكون عوناً له في الانفراد بمقصوده.
ومن هذا الباب تحاسد الضرّات في التزاحم على مقاصد الزوجيّة، والأخّوة في التزاحم على نيل المنزلة المطلوبة بها عند الأب، والتلامذة لأستاذ واحد في نيل المنزلة عنده، والعالمين المتزاحمين على طائفة من المحصورين إذ يطلب كلّ واحد منزلة في قلبهم للتوصّل بهم إلى أغراضه.
ومرجع السادس إلى محبَّة الإنفراد بالرياسة والاختصاص بالثناء والفرح بما يمدح به من أنّه واحد الدهر ولا نظير له، فإنّه متى سمع بنظير له في أقصى العالم أساءه ذلك وأحبَّ موته أو زوال النعمة التي بها يشاركه في المنزلة.
وهذا زيادة على ما في قلوب آحاد العلماء من طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس للتوصّل إلى مقاصد سوى الرياسة.
وقد كان علماء اليهود يعلمون رسـالة رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وينكرونها ولا يؤمنون به مخافة أن يبطل رياستهـم وأن يصيروا تابعين بعد أن كانوا متـبوعـين مهمـا نسـخ علمهـم.
وقـد يجتمـع بعـض هـذه الأسبــاب أو أكثرهـا أو جميعهـا في شخص واحد فيعظـم فيـه داء الحسـد ويتمكَّن فـي قلبـه ويقــوى قــوَّة لا يقـــدر معـــه علــى الاخفـاء والمجـاملـة، بـل ينهتك حجاب المجاملة ويظهر العداوة بالمكاشفة ولا يكـاد يزول إلاَّ بالموت. وقلّ أن يتّفق بالحاسد سبب واحد من هذه الأسباب بل أكثر.
وأصل العداوة والحسد التزاحم على غرضٍ واحد، والغرض الواحد لا يجتمع فيـه متباعـدان بـل متناسـبان فلذلك ترى الحسد يكثر بين الأمثال والأقران والأخوة وبني العمّ والأقارب ويقلّ في غيرهم إلاَّ مع الاجتماع في أحد الأغراض المقرّرة، نعم من اشتدّ حرصه على الجاه وحبّ الصيت في جميع أطراف العالم بما هو فيه، فإنه يحسد كلّ من هو في العالم وان يعدّ ممَّن يساهمه في الخصلة التي يفاخر بها.
ومنشأ جميع ذلك حبّ الدنيا فإنَّ الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين.
أمَّا الآخرة فلا ضيق فيها وإنَّما مثلها مثل العلم، فإنّ من عرف الله تعالى وملائكته وأنبياءه وملكوت أرضه وسمائه لم يحسد غيره إذا عرف ذلك ايضاً لأنَّ المعرفة لا تضيق على العارفين بل المعروف الواحد يعرفه ألف ألف عالم، ويفرح بمعرفته ويلتذّ به ولا ينقص لذَّة واحدة بسبب غيره بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس وثمرة الإفادة والاستفادة، فلذلك لا يكون بين علماء الدين محاسدة؛ لأنَّ مقصدهم بحر واسع لا ضيق فيه، وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق أيضاً فيه بل يزيد الأُنس بكثرتهم.
نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال والجاه تحاسدوا؛ لأنَّ المال أعيان وأجسام إذا وقعت في يد واحد خلت عنه يد الآخر، وكذلك الجاه إذ معناه ملك القلوب ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص منه لا محالة فيكون ذلك سبباً للمحاسدة.
وأمَّا العلم فلا نهاية له ولا يتصوّر استيعابه، فمن بذل جهده في تحصيله وأشغل نفسه في الفكرة في جلالة الله وعظمته صار ذلك ألذّ عنده من كلّ نعيم ولم يكن ممنوعاً منه ولا مزاحماً فيه فلا يكون في قلبه حسد لأحد من الخلق؛ لأنَّ غيره لو عرف أيضاً مثل معرفته لم ينقص لذّته بل زادت لذّته
بمؤانسته بل مثل العالمين بالحقيقة المتمسّكين بالطريقة كما قال الله تعالى عنهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].
فهذا حالهم في الدنيا، فماذا تظنّ عند انكشاف الغطاء ومشاهدة المحبوب في العقبى، فلا محاسدة في الجنَّة أيضاً، إذ لا مضايقة فيها ولا مزاحمة، فعليك أيّها الأخ وفَّقنا الله وإيَّاك، إن كنتَ بَصيراً وعلى نفسك مشفقاً، أن تطلب نعيماً لا زحمة فيه، ولذَّةً لا مكدّر لها، والله وليّ التوفيق.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|