المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



العوامل المساعدة على ترسيخ المشاكسة  
  
1579   02:05 صباحاً   التاريخ: 26/11/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة والطفل المشاكس
الجزء والصفحة : ص58 ــ 71
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

ثمة عوامل كثيرة تساعد على ترسيخ السلوك المشاكس، فتحول الحالة من سيء الى اسوأ، ونحن مضطرون هنا إلى تتبع ثلاثة مراكز، وحالة شخصية واحدة لها تأثيرها الواضح في هذا المجال وهي:

١ -الأسرة: هي ان ثمة اسباب وعوامل أخرى جديرة بالذكر، هى:

أ - الانضباط الناقص الذي قد يمارس من قبل الأبوين، كالصياح والعقوبة.

ب- فرض لونين من الانضباط من قبل الابوين أو من قبل الاخ والأخت.

ج- فقدان الاستقرار العاطفي في العائلة.

د- ارتكاب الجرائم والمفاسد من قبل الأبوين أو الاشخاص الذين لديهم سلطة على الطفل.

هـ ـ وجود الفقر من غير تعويد الطفل على عزة النفس بحيث لا يطيق تحمل حالة العوز هذه.

و- سوء الظن والكلمات البذيئة المتبادلة بين الأبوين وسخطهما على الحياة وتصرفاتهما السيئة التي تعتبر مثالا سيئاً للابناء.

٢ -المدرسة: هنالك عدة مسائل يمكن ذكرها بشأن المدرسة منها:

ان الطفل يصبح في البيئة المدرسية عرضة لتغيرات اساسية وكثيرة؛ فيؤثر فيه المنهج الدراسي والكتاب والاهداف والاساليب المتبعه في التعليم والتربية. فالانضباط التام أو الناقص الذي يمارسه المعلم مع الطفل له تأثير فاعل في رسم وتحديد سلوكه وقد ذكرنا ان الطفل قد يكون في بداية الامر شخصاً متزناً الا انه قد يتحول في مابعد إلى شخص مشاكس نتيجة لسوء التربية التي يتلقاها في المدرسة.

والضغط الذي يمارسه عليه المعلم يدفعه إلى اظهار أذاه في موضع أخرى يجد فيها الفرصة المتاحة، وقد يكون لكثرة الواجبات المدرسية والمؤاخذات والانتقادات نفس تلك التأثيرات عليه.

٣ -المجتمع: ومن المحتمل ان تؤدي كل من الاسرة والمدرسة واجبها بشكل صحيح، الا ان الانعكاسات السيئة الشائعة في المجتمع هي التي تؤدي بالطفل الى انتهاج سلوك مشاكس.

لا شك ان تأثير المجتمع على صغار السن لا يماثل تأثيره على الكبار. فالطفل اثناء حياته الاجتماعية في البيت وخارجه يلاحظ سلوك اصدقائه واقاربه وسائر الناس ويتعلم منهم الكثير متأثراً بكل ما يرى من مشاهد الحياة.

فهو حينما يلاحظ في المجتمع ظلماً وتمييزاً من قبل البقال والعطار والخباز، ويشاهد معالم القهر والظلم من الشرطي مثلاً، فذلك يكفي ليكون له درساً بليغاً في المشاكسة.

٤ -الحالة الشخصية والظروف الذاتية: واخيراً فلابد من دراسة الحالة الشخصية والظروف الذاتية لمثل هؤلاء الناس. فقد تكون دوافع السلوك الفلاني قائمة في نفس الشخص، الا ان رؤية احد المشاهد تحفزه على الفعل والحركة. وبعبارة اخرى ان داخله ينطوي على مخزن من البارود ورؤيته لمشهد ما بمثابة اشعال الفتيل أو قدح الصاعق لتفجيره.

والطفل الذي تعرض في فترة حياته القصيرة لكثير من الانكسارات والهزائم وأصيب بالامراض والآلام المختلفة، ومني بفقد اعزائه واحبائه ولم يذق في حياته طعم النجاح والسعادة لا يحظى في حياته بوضع طبيعي أو يتمتع بحياة طبيعية. أي أن الظروف والاوضاع التي يواجهها تؤثر كثيراً في مدى انسجام واستقامة سلوكه أو مشاكسته.

ضرورة الاصلاح وامكانيته

ان الظروف والاوضاع التي ذكرناها عن حالة ونفسية مثل هؤلاء الاطفال، اضافة إلى الاضرار التي قد تلحق به وبالآخرين تحدو بنا إلى الاسراع باصلاح هذا السلوك أو معالجته.

الضرورة الأخرى التي تجدر الاشارة اليها في هذا المضمار هي ان مشاكسات الطفولة قد تنسحب - في حالة اهمال معالجتها - إلى مرحلة الكبر وقد تكون سبباً لظهور مشاكل نفسية خاصة، وهذا بحد ذاته ضرر آخر يلحق بالشخص. والضرورة الثالثة هي ان حياة الانسان الاجتماعية تحتم عليه انتهاج مسار صحيح وسليم، فهو اذن مطالب بالتكييف ومطابقة سلوكه مع السلوك الجماعي.ولا أمل لنا في هذا الميدان الا من خلال المبادرة إلى الاصلاح.

ان امكان العلاج موجود لدى جميع الاشخاص انطلاقاً من كونها - اي المشاكسة - حالة مرضية أو اختلال فكري ونفسي، والتشخيص الدقيق لها، وفي الظرف المناسب يساعد على العلاج، لأن اكثر انواعها قابل للعلاج، والكثير من المعوقات الحائلة دون نضوج الانسان وتكامله قابلة للزوال.

على الرغم من جميع المشاكل السلوكية التي يواجهها الأبوان بخصوص الأبناء الا انه يمكن القول انها قابلة للزوال شريطة اتخاذ الاجراء السليم في الوقت المناسب بشأنها، وان يتنبه لها الوالدان والتربويون في وقتها.

الاجراءات اللازمة

ولكن ما هي الاجراءات التي يجب ان تتخذ في سبيل اصلاحها؟ فالجواب هو:

وجوب السعي على اقل تقدير من اجل تحقيق قدر من المعرفة عن الطفل وسلوكه المشاكس كخطوة اولى لتحديد مدى مشاكسته واتجاهاته العدوانية.

يعتبر التشخيص الدقيق بمثابة نصف العلاج وتكمن فائدته في اتاحة الفرصة لاتخاذ الموقف اللازم تجاه ذلك الشخص فى الوقت المناسب. تجدر الاشارة هنا الى ان معرفة سبب او اسباب هذه الحالة من الوجهة العلمية او الطبية أو حتى في رأي علم النفس، يعتبر امراً شاقاً إلى حد ما، إلا أنه يبقى السبيل الأوحد وهو الخطوة الاكثر أهمية على طريق اتخاذ الموقف الصحيح.اما تلك الخطوات فهي:

١ -دراسة ملف حياته: والمراد هو القيام بدراسة عن حياة الطفل منذ مرحلة تكون الجنين حتى هذا الوقت؛ وذلك لأن الظروف البيئية التي نشأ فيها تؤثر في تشييد أو هدم صرح بنائه الاخلاقي.

من الامور المهمة والتي يجب الالتفات اليها في هذا الصدد هي فترة حياته في الرحم، نوعية طعام ودواء واستراحة الأم، الامراض الوراثية المزمنة المحتملة، كيفية الولادة، طبيعة تغذيته بعد الولادة وهل اعتمد فيها على حليب الأم أو على الحليب الجاف، الامراض التي تعرض لها في فترة الطفولة، مدى التزام الأسرة وثقافتها، حالة الوالدين من حيث الغنى والفقر، مقدار الوقت الذي يخصصه الابوان للطفل، مدى العطف والحنان والحرية الممنوحة له.

فهذه الحالة والحالات الاخرى ذات الطابع التخصصي والتي يهتم بدراستها علم النفس، تجب معرفتها بأجمعها وادخالها في الحسابات التربوية، ومن الطبيعي ان الوالدين والتربويين قادرون على جمع المعلومات اللازمة استناداً إلى ذاكرتهم ومن خلال مطالعة الوثائق المتوفرة من قبيل ورقة التأمين والوصفات الطبية والاستفسار من الاشخاص الذين لهم معرفة شخصية به ولهذه المعلومات اهمية فائقة في تحديد ما ينبغي عمله.

٢ -الفحوصات الطبية: وفي الحالات التي تبلغ فيها الروح العدوانية والمشاكسة حداً لا يطاق، يمكن حينذاك مراجعة الطبيب والاستعانة بخبرته، إذ يمكن العثور على جذور بعض الاضطراربات السلوكية في التركيب العضوي للبدن كالامراض العصبية، افرازات الغدد، الاضطرابات المعدية، الآلام الغامضة في البدن، وجود الديدان عند الاطفال وغيرها، وتعتبر من الاعراض الممهدة لظهور المشاكسة، ولابد من القيام ببعض الاجراءات في هذا المجال.

٣ -الفحوصات النفسية والذهنية: كما ويجب أيضاً في بعض الحالات الحصول على معلومات نفسية وعقلية وذهنية عن الطفل، وذلك لأن الاطفال المشاكسين يمكن تقسيمهم من حيث الذكاء الى فئتين:

أ- فئة سالبة تتمتع بمستوى ذهني متدن ولكنها قادرة على التطابق مع البيئة والمجتمع. فقد يكون القصور العقلي أو الذهني هو السبب الكامن وراء السلوكية المشاكسة عند هذه الفئة.

ب- فئة موجبة، وتضم الاطفال الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء. وامثال هؤلاء لا يستطيعون تحمل جهل اوليائهم أو قلة عقولهم مما يدفعهم للتمرد والمشاكسة.

نعرف الكثير من الاطفال شديدي الذكاء ولكنهم غير قادرين على تحمل المعلم الذي لا يتمتع بذكاء شديد حتى في المدرسة او في قاعة الدرس، ولهذا نجدهم يخلقون له المشاكل اثناء الدرس.

وخلاصة القول هي ان للدراسات النفسية دور فاعل في هذا المجال، وتكشف بواطن الاضطرابات السلوكية والاخلاقية عند الطفل ومنشأها والموقف الواجب اتخاذه ازاءها.

الاسس العامة في العلاج

ثمة اسس واساليب لمعالجة الطفل المشاكس واصلاح سلوكه ويتلخص أهمها فيما يلى:

١ -الالتفات إلى المتغييرات التي حصلت في البيت أو المدرسة ومهدت لظهور المشاكسة.

٢ -السعي لازالة العلة لا المعلول لغرض اقتلاع جذور تلك العلة والحيلولة دون ظهور معلولات أخرى.

٣ -العمل على رفع الموانع التي تعرقل النضوج وتمنع من اتخاذ القرارات، لكي يكون للاجراءات صورة قطعية.

٤ -تحقيق ما يمكن من الأماني والرغبات والآمال ضمن الحدود المتاحة والمشروعة للمحافظة على الاتزان في السلوك.

٥ -حث الطفل على التفكير والارادة واتخاذ القرار لتتكون لديه القدرة على تطبيع سلوكه.

٦ -مراعاة الأصول الشرعية والاخلاقية والعادات والتقاليد بحيث لايكون هناك توجه نحو تحقيق الرغبات بأي ثمن كان.

٧- المحاذرة من عدم الوقوع في خطأ جديد عند المعالجة فيؤدي إلى تفاقم الحالة.

أساليب الاصلاح

ثمة اساليب على طريق الاصلاح والعلاج نشير إلى بعضها فيما يلي:

ومن الضروري بطبيعة الحال ان نلاحظ الاسلوب الأمثل لبلوغ الهدف، والطريقة المناسبة لكل حالة لتحقيق موجبات السكينة والاستقرار.

١ -التوجيهات: ان تنمية روح الانسجام وحسن الاستجابة في نفس الطفل تستدعي منا تعليمه نمط الانسجام وتوجيهه إلى كيفية الحياة الصحيحة ليكون قادراً على التمييز بين الخطأ والصواب. اذن فمن الواجب ان يكون موضع توجيه ليكون عارفاً بكيفية ابداء سلوكه، وما هو العمل الواجب عليه اداؤه في كل وقت، وكيف يتصرف لكيلا يبتعد عن هدفه ومساره.

لا شك ان نصائح الوالدين والتربويين مجدية في هذا السياق الى حد ما، ولابد من ارشاد الطفل بين الفينة والاخرى نحو مطابقة رغباته بشكل أو آخر مع الوضع القائم. ان عدم اتخاذ الموقف الصحيح تجاهه، وتجاهل ارشاده وتوجيهه يجعله يتصور ان سلوكه صحيحاً مما يشجعه على الاستمرار فيه.

٢ -التفاهم والاحترام: وهذا أيضاً مبدأ مهم وبناء وهو ان نجعل علاقتنا مع الطفل وارشاده وتوجيهه قائمة على الاحترام والتفاهم، فمن الضروري ان نفتح قلوبنا له بالمحبة ونبين له اننا نكن له المحبة ونريد له الخير.

يجب ان يدرك الطفل اننا نحبه، وان يكون واثقاً من محبتنا واحترامنا له، واننا نسعى جهد الامكان لتوفير احتياجاته بكل ارتياح.

٣ -حثه على التفكير: تستدعي الضرورة احياناً توفير الفرصة التي تتيح ان يفكر بشكل صحيح ليتأمل في مدى سلامة وسقم سلوكه.

فمن المعروف ان ضمير الطفل اذا كان سليماً ولم يمسه التحريف بامكانه اصدار الحكم الدقيق بشأن صحة سلوكه وتبيان الصواب من الخطأ، والحق من الباطل.

وهذا ما يفرض على الوالدين اعانته في مثل هذا الظرف وارشاده نحو التفكير والتأتل في صحة سلوكه لاجل اتخاذ مواقف اكثر عقلانية.

٤ -توسيع العلاقات: احد الطرق المفيدة في إصلاح السلوك المشاكس هو تشجيع الطفل على توسيع علاقاته والتوجه اكثر نحو الالعاب الجماعية؛ لأن هذا يؤدي ضمن علاقات اللعب والصداقة الى تهذيب سلوكه واصلاح تصرفاته. فعلاقات الصداقة واللعب تفلح عادة في دفع الاطفال الى اصلاح سلوكهم او اعادة النظر فيه.

٥ -اعطاء المسؤولية: وقد يكون اعطاء المسؤولية او التكليف بواجب معين سبباً لتهذيب السلوك، وبعبارة أخرى يصيرون اكثر تعقلاً. من الممكن مثلاً ان نعهد إليه بملاحظة طفل رضيع شريطة مراقبته باستمرار لكيلا يسبب له اي أذى. او اذا كات ثمة مزرعة او حديقة او مزهرية او دجاج، فأوكلوا إليه أمر سقيما او اطعام الدجاج و.. الخ. فاذا ما لقي منكم التشجيع في مثل هذه الحالة على حسن عمله، فذلك يؤثر تأثيراً بناء في تسوية سلوكه.

٦ -توفير فرص الانشغال والتسلية: يمكن القول بلا مؤاربة ان البطالة سبب اساسي في حصول المشاكل. فالاطفال ما داموا بلا عمل يشغلهم، فهم يتعمدون خلق المشاكل للابوين وللتربويين.

فمن الأفضل اذن السعي لإلهائه بامر من الامور، وايجاد عمل يتسلى به، ولتكن الاوامر والنواهي مصحوبة على الدوام بالتشجيع، اطلبوا إليه ان يلعب ويركض ويقفز ويضحك وان يكون مرحاً مسرواً و.. الخ.

٧ -تمهيد الاجواء لخلق الثقة بالنفس: يجب السعي لتمهيد الاجواء لخلق الثقة بنفسه بحيث يصبح قادراً على الوقوف على قدميه مستعيناً بالرعاية الربانية. فمن البديهي ان جانباً كبيراً من الاطفال وحتى الكبار تعزى مشاكستهم الى اتكالهم على الآخرين، وحينما يرون حاجاتهم لا تلبى، وانهم غير قادرين على الوقوف على اقدامهم، يلجأون إلى المشاكسة والعناد.

اذن فلابد ان يبنى الاساس في صياغة شخصية الطفل على مبدأ رئيسي وهو الاتكال على الله دون سواه وان لا يرجو احداً غيره. فاذا كان يتوقع من الوالدين أمراً ولم يلبى فلا يعني هذا وجوب اللجوء الى التصرفات المشينة والمشاكسة.

٨ -التدريب على اسلوب السيطرة على الذات: من الضروري بين الحين والآخر توفير الظروف التي يستطيع فيها الطفل ان يبرز ذاته وان يقوم بحل مسائله بنفسه وان يلقى منا التشجيع على كل مرحلة يجتازها.

يجب مثلاً توفير الظرف الذي بستطيع فيه كبت غضبه حتى ذا عرض له موقف يثير الاستياء والغضب يصبح قادراً على كظم سؤرة الغضب، ويمكن تجسيد هذه الفكرة من خلال تذكيره فوراً عند الشعور بالغضب بانه في وضع غير طبيعي.

٩ -العلاج الطبي: تحتم علينا بعض حالات المشاكسة عند الطفل ان نعرضه على الطبيب ليجري عليه الفحوصات اللازمة والعثور على جذورها عند الامكان. فقد ذكرنا ان السلوك غير السوي عند الطفل قد يكون ناجماً عن اسباب عضوية ويمكن اعادته الى وضعه الطبيعي بواسطة استخدام الدواء، أو يمكن في بعض الحالات معالجة الديدان لتخليص الطفل من حالة القلق والتوتر، او التقليل من شدة بعض الحالات كالكآبة، والانطواء وغير ذلك.

١٠ـ العلاج النفسي: وهو أيضاً اسلوب آخر يتبناه الاطباء النفسانيون والمتخصصون بالنفس والاعصاب، وعلماء التحليل النفسي، وبه يكشفون النقاب - وبطرق مختلفة - عن اسباب المشاكسة عند الطفل ويقومون بمعالجته. يمكن اكتشاف مصدر معاناة الطفل من خلال نوع الحركات والالعاب التي يؤديها وكذلك عن طريق دراسة سلوكه وعاداته، وهذا ما يسهل امر معالجته فيما بعد حتى عن طريق الالعاب الخاصة.

١١ -تغيير البيئة: ويمكن في كثير من الحالات تطبيع سلوك الطفل المشاكس وذلك عن طريق تغيير البيئة والذي يعني بالنتيجة تغيير الظروف والاجواء. فالطفل الذي عرف في مدرسته وصفه بأنه تلميذ مشاغب ومشاكس وسيء السلوك، أو الذي وصف في محلته بهذه الأوصاف لا يمكن اصلاحه الا عن طريق تغيير البيئة. فالطفل يرى وكأن من حقه مواصلة سلوكه المشاكس بسبب مايدور حوله من شهرة بانه مشاكس. وفي مثل هذا الوضع، اذا نقلناه من مدرسة الى أخرى ولا سيما اذا قوبل في البيئة الجديدة بالاحترام والتفاهم، نراه يغدو قادراً على استعادة شخصيته الأصلية.

١٢ -توفير الظروف المناسبة: واخيراً فالمسألة المهمة هي ان نوفر له حياة مناسبة في الحدود الممكنة مستهدفين من ذلك تهيئه الاجواء لنضوجه. فالطفل بحاجة الى حياة طبيعية ومتزنة وبعيدة عن الاضطراب والفشل والحرمان وسوء السلوك وسوء التربية، وان يتوفر له الظرف الذي يتيح له افراغ عقده والتنفيس عما يجول في نفسه بين الحين والآخر ليحظى بالسكينة والاستقرار. وهو أيضاً بحاجة للعيش في بيئة يستطيع فيها الوقوف على قدميه ويكون مالكاً لزمام نفسه وسلوكه بعيداً عن موجبات القلق، وتقع على الوالدين والتربويين مهمة توفير مثل هذه الاجواء.

المحاذير اللازمة

تجدر بنا الاشارة هنا إلى انه يترتب على الوالدين والتربويين الامتناع عن بعض الممارسات في سبيل صياغة شخصية الطفل ومن جملتها:

١ -الافراط في اللوم: اذا كان الطفل مشاكساً، اذن فهو - وفق الأسس التي ذكرناها -مريض؛ ونحن نعلم ان المريض لا يعالج باللوم، وانما تنحصر طرق العلاج بالنصيحة والارشاد وغيرها من سبل المعالجة والاصلاح، وخاصة اذا علمنا ان الافراط في اللوم يؤجج فيه العناد وسوء السلوك (الافراط في الملامة يشب نيران اللجاج).

٢ -القسوة في العقوبة: وهذا أيضاً اسلوب اسوء من سابقه، ينتهجه بعض الوالدين والتربويين. فقد تبين من خلال الدراسات بان العقوبة لا تقضي على المشاكسة، بل تزيد الطفل عناداً وتمرداً وتضاعف من شدة حساسيته.

ما هو الموقف الذي يتخذه الطفل امام الضغوط الناجمة عن العقوبة؟ فهو اما ان يستسلم وينقاد، وهو في مثل هذه الحالة انقياد طابعه الذلة والمسكنة، واما ان يشحذ فيه روح المشاكسة والعناد، وهذه مأساة أخرى تضاف الى سابقتها وقد يضطر بعض الاطفال أيضاً للهرب من البيت وهذا أيضاً خطر اشد وادهى.

وعلى كل حال يجب ان لا ننسى ان الشخص المشاكس يعتبر - ضمن بعض الاعتبارات -مريضاً، والمريض لا تتم معالجته بالضرب.

التمهيد لايجاد سلوك سوي

هذه تذكرة للوالدين والتربويين الذين يأخذون على عاتقهم تربية الجيل الجديد وهي ان التربية يجب ان يتم بناؤها منذ البداية على الاسس الصحيحة لكيلا يقعوا في ما بعد في مصاعب جديدة.

يجب منذ الأيام الاولى المبادرة لتعليم الاصول والمبادىء والقيم، ولاسيما في السنوات الست الاولى من العمر لانها تحظى بأهمية بالغة، أضف إلى ان وضع الاطفال في هذه الفترة يستلزم المزيد من العطف والحنان لأن جذور الكثير من المشاكسات تعزى الى فقدان العاطفة. ولهذا يجب ان يقوم اساس التربية على شعور الطفل بالتعلق الشديد بامه وابيه.

ومن البديهي ان للقدوات دور اساسي في بناء شخصية الطفل وزيادة أو تقليل حالة المشاكسة لديه. ويجب ان لا ننسى في جميع الاحوال ان شخصية الطفل حينما تأخذ قالبها في دور الطفولة، تبقى على تلك الشاكلة إلى نهاية العمر.

التعاون بين البيت والمدرسة

لابد من تظافر جهود العديد من الاشخاص لغرض تربية الطفل وايصاله الى مرحلة النضوج، اذ يجب على جميع المعنيين بمصيره ان يتأهبوا لأمر تربيته وبناء شخصيته. فالطفل الذي يتردد على دور الأصدقاء والأقارب يتاثر بهم وهذا ما يفرض عليهم اتباع الأساليب الصحيحة معه، والطفل الذي يذهب إلى المدرسة يتأثر بشكل طبيعي بالمعلم والزملاء والمنهاج الدراسي، وعلى هذا الأساس فهم مكلفون بمراعاة الاسس والاساليب التربوية الصحيحة.

وخلاصة القول هي ان الاسرة لا تستطيع تحويل السلوك المشاكس إلى سلوك سوي بمفردها وبدون التعاون والتنسيق مع ادراة المدرسة، كما انه لا يمكن لأي معلم او مدرسة الإطلاع بهذه المهمة بنجاح مالم يكن هنالك تعاون مع الوالدين والتربويين وبعض الجهات المختصة: كالعيادات النفسية، والمعالجين النفسانيين، وعلماء الدين والباحثين الاجتماعيين و ... الخ، بالاضافة الى الكتب والمقالات والقصص والاساس في جميع هذه الاجراءات هو اعداد صورة دقيقة عن الطفل المشاكس وتقديم المعلومات الصحيحة بشأنه. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.