المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الحمام
13-9-2017
السيد مجد الدين أبو الفوارس ومحمد الجواني
15-04-2015
Conditional Probability
8-3-2021
حقيقة الصراع هو بين الحقّ والباطل
5-03-2015
الحكمة في اشتمال القرآن على المتشابه
10-06-2015
ابو سفيان
23-5-2017


من ترجمة ابن عمار  
  
1526   11:19 صباحاً   التاريخ: 10/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص:652-656
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-07 975
التاريخ: 2-1-2023 1366
التاريخ: 2024-05-01 518
التاريخ: 24-5-2022 1958

من ترجمة ابن عمار

وقال الفتح في ترجمة ابن عمار (1) : أخبرني ذو الوزارتين الأجل أبو المطرف ابن عبد العزيز أنه حضر معه عند المؤتمن في يوم جادت فيه السماء بهطلها، وأتبعت وبلها بطلها، وأعقب (2) رعدها برقها وانسكب دراكا ودقها، والأزهار قد تجلت من كمامها، وتحلت بدر غمامها، والأشجار قد جلي صداها، وتوشحت بنداها، وأكؤس الراح كأنها كواكب تتوقد، تديرها أنامل تكاد من اللطافة تعقد، إذا بفتى من فتيان المؤتمن أخرس لا يفصح،

 (652)

ومستعجم لا يبين ولا يوضح، متنمر تنمر الليث، متشمر كالبطل الفارس عند الغيث (3) ، وقد أفاض على نفسه درعا، تضيق بها الأسنة ذرعا، وهو يريد استشارة المؤتمن في التوجه (4) إلى موضع بعثه إليه ووجهه، وكل من صده عنه نهره ونهجه، حتى وصل إلى مكان انفراده، ووقف بإزاء وساده (5) ، فلما وقعت عين ابن عمار عليه، أشار بيده إليه، وقربه واستدناه، وضمه إليه كأنه تبناه، وحد (6) أن يخلع عنه ذلك الغدير، وأن يكون هو الساقي والمدير، فأمره المؤتمن بخلعه، وطاعة أمره وسمعه، فنضاه عن جسمه، وقام يسقي على حكمه ورسمه، فلما دبت فيه الحميا، وشبت غرامه بهجة ذلك المحيا، واستنزلته سورة العقار، من مرقب الوقار، قال:

وهويته يسقي المدام كأنه ... قمر يدور بكوكب في مجلس

متأرج الحركات تندى ريحه ... كالغصن هزته الصبا بتنفس

يسعى بكأس في أنامل سوسن ... ويدير أخرى من محاجر نرجس

يا حامل السيف الطويل نجاده ... ومصرف الفرس القصير المحبس

إياك بادرة الوغى من فارس ... خشن القناع على عذار أملس

جهم وإن حسر اللثام (7) فإنما ... كشف (8) الظلام عن النهار المشمس

يطغى ويلعب في دلال عذاره ... كالمهر يمرح في اللجام المجرس

سلم فقد قصف القنا غصن النقا ... وسطا بليث الغاب ظبي المكنس

عنا بكاسك، قد كفتنا مقلة ... حوراء قائمة بسكر المجلس (9)

 (653)

وأورد هذه القصة صاحب البدائع بقوله (10) : حضر أبو المطرق ابن عبد العزيز عند المؤتمن بن هود في يوم أجرى الجو فيه أشقر برقه، ورمى بنبل (11) ودقه، وتحملت (12) الرياح في أوقار السحاب على أعناقها، وتمايلت قامات الأغصان في الحلل الخضر من أوراقها (13) ، والرياح قد أشرقت نجومها في بروج الراح، وحاكت شمسها شمس الأفق فتلفعت بغيوم الأقداح، ومديرها قد ذاب ظرفا فكاد يسيل من إهابه وأخجل خدها حسنا فتظلل بعرق حبابه، إذا بفتى من فتيان المؤتمن قد أقبل متدرعا كالبدر اجتاب سحابا، والخمر قد اكتست حبابا (14) ، وقد جاء يريد استشارة المؤتمن في الخروج إلى موضع كان عول فيه عليه، وأمره أن يتوجه إليه، فحين لمحه ابن عمار والسكر قد استحوذ على لبه، وبث سراياه في ضواحي قلبه (15) ، جد في أن يستخرج تلك الدرة من ماء ذلك الدلاص، وأن يجلي عنه سهكه كما يجلى الخبث عن الخلاص، وأن يكون هو الساقي (16) ، فأمره المؤتمن بقبول أمره وامتثاله، واحتذاء مثاله، فحين ظهرت تلك الشمس من حجبها، ورميت شياطين النفوس من كميت المدام بشهبها، ارتجل ابن عمار وهويته ... إلخ إلا أنه قال إثر قوله:

 (654)

إياك بادرة الوغى من فارس ... ما صورته:

يضع السنان على العذار الأملس ... ولابن عمار الرائية المشهورة في مدح المعتضد عباد والد المعتمد، وهي (17) :

أدر المدامة (18) فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف العنان عن السرى

والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استرد الليل منا العنبرا

والروض كالحسنا كساه زهره ... وشيا وقلده نداه جوهرا

أو كالغلام زها بورد خدوده ... خجلا وتاه بآسهن معذرا

روض كأن النهر فيه معصم ... صاف أطل على رداء أخضرا

وتهزه ريح الصبا فتخاله ... سيف ابن عباد يبدد عسكرا

عباد المخضر نائل كفه ... والجو قد لبس الرداء الأغبرا

ملك إذا ازدحم الملوك بمورد ... ونحاه لا يردون حتى يصدرا

أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذ في الأجفان من سنة الكرى

يختار إذ يهب الخريدة كاعبا ... والطرف أجرد والحسام مجوهرا

قداح زند المجد لا ينفك من ... نار الوغى إلا إلى نار القرى

لا خلق أقرأ من شفار حسامه ... إن كنت شبهت المواكب أسطرا

أيقنت أني من ذراه بجنة ... لما سقاني من نداه الكوثرا

وعلمت حقا أن ربعي مخصب ... لما سألت (19) به الغمام الممطرا

من لا توازنه الجبال إذا احتبى ... من لا تسابقه الرياح إذا جرى

ماض وصدر الرمح يكهم والظبا ... تنبو وأيدي الخيل تعثر في الثرى

 (655)

قاد الكتائب كالكواكب فوقهم ... من لأمهم مثل السحاب كنهورا (20)

من كل أبيض قد تقلد أبيضا ... عضبا وأسمر قد تقلد أسمرا

ملك يروقك خلقه أو خلقه ... كالروض يحسن منظرا أو مخبرا

أقسمت باسم الفضل حتى شمته ... فرأيته في بردتيه مصورا

وجهلت معنى الجود حتى زرته ... فقرأته في راحتيه مفسرا

فاح الثرى متعطرا بثنائه ... حتى حسبنا كل ترب عنبرا

وتتوجت بالزهر صلع هضابه ... حتى ظننا كل هضب قيصرا

هصرت يدي غصن الغنى من كفه ... وجنت به روض السرور منورا

حسبي على الصنع الذي أولاه أن ... أسعى بجد أو أموت فأعذرا

يا أيها الملك الذي حاز العلا ... وحباه منه بمثل حمدي أنورا

السيف أفصح من زياد خطبة ... في الحرب إن كانت يمينك منبرا

ما زلت تغني من عنا لك راجيا ... نيلا وتفني من عتا وتجبرا

حتى حللت من الرياسة محجرا ... رحبا وضمت منك طرفا أحورا

شقت بسيفك أمة لم تعتقد ... إلا اليهود وإن تسمت بربرا

أثمرت رمحك من رؤوس ملوكهم ... لما رأيت الغصن يعشق مثمرا

وصبغت درعك من دماء كماتهم ... لما علمت الحسن يلبس أحمرا

وإليكها كالروض زارته الصبا ... وحنا عليه الطل حتى نورا

نمقتها وشيا بذكرك مذهبا ... وفتقتها مسكا بحمدك أذفرا

من ذا ينافحني وذكرك مندل ... أوردته من نار فكري مجمرا

فلئن وجدت نسيم مدحي عاطرا ... فلقد وجدت نسيم برك أعطرا

(656)

 

 

__________

(1) القلائد: 85.

(2) ق ج ط: وارتقب.

(3) القلائد: متشمر تشمر البطل الباسل عند الغيث.

(4) القلائد: في الخروج.

(5) ق ج ط: أساده.

(6) هذه رواية القلائد: وحد؛ وفي ك: وجد؛ وفي ق ط ج: واشار.

(7) دوزي: القناع؛ ج: حدر اللثام.

(8) بعض أصول القلائد: رفع.

(9) بعض أصول القلائد: الأنفس.

(10) انظر بدائع البدائه 2: 133 وسيرد هذا النص في الباب السابع من النفح.

(11) البدائع: ببندق.

(12) البدائع: وحملت.

(13) زاد في البدائع والباب السابع: والأزهار قد تفتحت عيونها والكمائم قد ظهر مكنونها، والأشجار قد انقلت بالقطر (بمداوس القطر)؛ ونثرت ما يفوق ألوان البز، وبثت ما يعلو أرواح العطر.

(14) بعدها في البدائع والباب السابع: والطاووس انقلب حبابا، فهو ملك حسنا إلا أنه جسد، وغزال لينا إلا أنه (في هيئة) الأسد.

(15) بعدها في البدائع والباب السابع: فأشار إليه وقربه واستبدع ذلك اللباس واستغربه وجد...

(16) ف البدائع والباب السابع: وأن يوفر على ذلك الوفر نعمة جسمه، ويكون هو الساقي على عادته القديمة ورسمه.

(17) انظر القلائد: 96 ومحمد بن عمار لصلاح خالص ص: 189 ولم تورد منها ج إلا بضعة أبيات وسائرها بياض.

(18) ج: الزجاجة.

(19) القلائد: أسال.

(20) الكنهور: قطع السحاب.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.