أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-19
192
التاريخ: 2024-03-12
752
التاريخ: 17-5-2020
2822
التاريخ: 21-7-2016
1561
|
أمّا فوريتها [أي: التوبة] فلا ريب فيها، لأن دفع ضرر الذنوب فوري وجوبه، على أن أصل التوبة هو معرفة كون المعاصي مهلكات، وهذا العلم من نفس الإيمان، وهو واجب فوري.
والعلم بضرر الذنوب إنما أريد ليكون باعثاً على تركها، فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الإيمان، وهو المراد بقوله (صلى الله عليه وآله) لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن(1).
إذ ليس المراد نفي الإيمان بالله وصفاته وكتبه ورسله وملائكته، بل نفي الإيمان بكون الزنا مبعداً عن الله وموجباً للمقت، كما إذا قال الطبيب هذا سم فلا تتناوله، فإذا تناوله يقال تناول وهو غير مؤمن، أي بقوله إنه سم مهلك، لا إنه غير مؤمن بوجود الطبيب، لأن العالم بالسم لا يتناوله أصلاً، فالعاصي بالضرورة ناقص الإيمان.
وليس الإيمان باباً واحداً، بل هو نيف وسبعون باباً أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. ومثله قول القائل: ليس الإنسان موجوداً واحداً بل هو نيف وسبعون موجوداً أعلاها القلب والروح وأدناها إماطة الأذى عن البشرة، بأن يكون مقصوص الشارب مقلم الأظفار نقي البشرة عن الخبث، حتى يتميز عن البهائم المتلوثة بأرواثها المستكرهة الصور بطول مخالبها وأظلافها.
فالإيمان كالإنسان، وفقد شهادة التوحيد يوجب البطلان بالكلية كفقد الروح والذي ليس له إلا شهادة التوحيد والرسالة كالإنسان مقطوع الأطراف مفقود العينين فاقد لجميع أجزائه الظاهرة والباطنة إلا أصل الروح.
وكما أن من هذا حاله قريب من أن يموت فتزايله الروح الضعيفة المنفردة التي تخلف عنها الأعضاء التي تمدها وتقويها، فكذلك من ليس له إلا أصل الإيمان، وهو مقصر في الأعمال قريب من أن تنقلع شجرة إيمانه إذا صدر منها الرياح العاصفة المحركة للإيمان في مقدمة قدوم ملك الموت ووروده، فكل إيمان لم يثبت في النفس أصله ولم تنتشر في الأعمال فروعه لم يثبت على عواصف الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت، وخيف عليه سوء الخاتمة إلا ما سقي بماء الطاعات على توالي الأيام والساعات حتى رسخ وثبت، وإنّما انقطعت نياط(2) العارفين خوفاً من دواهي (3) الموت ومقدماته الهائلة التي لا يثبت عليها إلا الأقلون، فالبدار البدار إلى التوبة قبل أن تعمل سموم الذنوب بروح الإيمان عملاً يجاوز الأمر فيه اختيار الأطباء ولا ينفع بعده الاحتماء، فلا ينفع بعد ذلك نصح الناصحين ووعظ الواعظين، ويحق الكلمة عليه بأنه من الهالكين(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/ 22، باب ما جاء في الزنا / ح11.
(2) النيط: نياط القلب، وهو العرق الذي القلب معلق به.
النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: 5/141، مادة "نيط".
(3) الداهية: الأمر العظيم، ودواهي الدهر ما يصيب الناس من عظيم نوبه. ويقال: دهته داهية دهواء ودهياء، وهو: توكيد لها، ويقال: ما دهاك، أي: ما أصابك.
مختار الصحاح، الرازي: 118، مادة "دهي".
(4) انظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7 / 5 ــ 15، كتاب التوبة؛ جامع السعادات، النراقي: 3 / 51 ــ 60؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 4 / 4 ــ 8، كتاب التوبة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|