أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2021
2113
التاريخ: 19-6-2016
2613
التاريخ: 19-6-2016
2100
التاريخ: 1-1-2023
1390
|
ذات يوم مر النبي (صلى الله عليه وآله) على مجموعة من الأطفال، وبعد أن نظر إليهم قال: (ويل لأولاد آخر الزمان من آبائهم)!
فقيل:
يا رسول الله من آبائهم المشركين؟
فقال:
لا.. من آبائهم المؤمنين، لا يعلمونهم شيئاً من الفرائض، وإذا تعلموا أولادهم منعوهم ورضـوا عنهم (في مقـابـل ذلـك) بعـرض يسير من الدنيا، فأنا منهم بريء.. وهم مني براء!!
من خلال هذا الحديث الشريف يتضح لنا حجم المسؤولية التي تقع على كاهل الآباء تجاه أبنائهم، من حيث التربية والتعليم الديني.
وفيما يلي بعض الأحاديث وهي تؤكد وتُبرز الأهمية البالغة للتربية الدينية: يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن المعلم إذا قـال للصبي ـ بسم الله ـ كتب الله له، وللصبي ولوالديه براءة من النار).
وكان عبد الرحمن السلمي يعلم ولداً للإمام الحسين (عليه السلام) سـورة الحمد، فعندما قرأ الطفل السورة كاملة أمام والده ملأ الإمام (عليه السلام) فم معلمه دراً بعـد أن أعطاه نقوداً وهدايا.
فقيل له في ذلك ـ أي حينما تعجبوا من عطائه الجزيـل ـ فقال (عليه السلام): وأين يقع هذا من عطائه (يعني تعليمه).
ويقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (إن الله ـ تعالى ـ يجزى الوالدين عظيماً (في الآخرة) فيقولان: - يا ربنا إنى لنا هذا ولم تبلغها أعمالنا؟
فيقول:
ـ هذا بتعليمكما ولدكما القرآن.. وبتبصيركما إياه بدين الإسلام).
وتسأل: أي شيء من الدين يجب أن نعلمه أبناءنا، وكيف نزرع الإيمان في نفوسهم؟.
الجواب: أن الحديث عن التربية الدينية إنما هو حديث عن التعليم الديني من جهة، وحديث عن السلوك وبناء الشخصية الصالحة من جهة أخرى.
وبناء على ذلك، فإن الآباء ملزمون على تعليم أبنائهم المسائل الأولية للإسلام.
وأول شيء يجب أن يتعلمه الأبناء من مسائل الدين الأمور التالية:
أولاً: أصول الدين الخمسة وهي: -
1ـ التوحيد (الاعتقاد بأن الله واحد).
2ـ العدل (الاعتقاد بعدالة الله ـ عز وجل ـ).
3ـ النبوة (الاعتقاد بنبي الإسلام والأنبياء من قبله ).
4ـ الإمامة (الاعتقاد بالأئمة الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ).
5ـ المعاد (الاعتقاد بيوم القيامة).
ثانياً: فروع الدين العشرة وهي:
1ـ الصلاة.
2ـ الصوم.
3ـ الخمس.
4ـ الزكاة.
5ـ الحج.
6- الجهاد
7ـ الأمر بالمعروف.
8- النهي عن المنكر.
9ـ التولي (لأولياء الله ).
10ـ التبري (من أعداء الله).
ثالثاً: شرائع الإسلام.
رابعاً: الأحكام الإسلامية
خامساً: حلال الله (عز وجل) وحرامه.
وكل ذلك بالطبع قد ورد شرحه وتفصيله في مؤلفات عديدة، وهي متوفرة، وفي متناول الجميع ولم يسعنا المجال ـ هنا ـ الى ذكرها وتكرارها، وهي موجودة - أيضاً ـ في الرسائل العملية للعلماء والمجتهدين، ومراجع الدين الأعلام.
سادساً: القرآن الكريم وتفسيره.
ويعتبر القرآن الكريم المصدر الفكري للدين الإسلامي، كما أنه يعتبر الكتاب الذي جاء لصناعة الإنسان الصالح، والأمة المؤمنة، وهو هدى وبصيرة للمسلمين.
ومن هنا فإن تعليم القرآن الكريم للأبناء يُعتبر من الضرورات الأولية، أو ليس هو الذي فيه تبيان كل شيء؟ فلماذا إذن لا نعلمه أبناءنا منذ الطفولة الباكرة؟ ولماذا لا نأمرهم بحفظ آياته البينات؟
إن مساعدة بسيطة من الوالدين في وضع برنامج لأطفالهما وإيجاد الحوافز والمشجعات اللازمة يساهم بشكل كبير لئن يحفظ الأبناء القرآن الحكيم كله وهم في عقدهم الأول.
ولقد رأيت بعيني - في مسابقة لحفظ القرآن ـ إن طفلة مسلمة غير عربية كانت قد حفظت القرآن بأجمعه، وهي لم تتجاوز بعد الثامنة من عمرها.
وليس هذا المطلوب وحسب، بل يجب على الوالدين ـ أيضاً ـ أن يقـدما القرآن لأطفالهما بصفته كتاباً ومنهجاً للحياة يـتدبرون في آياته، ويستخرجون منه الرؤى، ويستلهمون منه الهدى في كل طرائق الحياة.
يقول الإمام (عليه السلام) في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام): (وإن ابتدئك بتعليم كتاب الله (عز وجل) وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه لا جاوز ذلك بك الى غيره).
إذن فإن القرآن هو منهج التعليم والتربية الدينية، وتعليمه يجب أن يكون قبل أي تعليم.
وبالطبع فإن كل ذلك يجب أن يشيد على ركيزة أساسية وهي القواعد الثلاث التالية:
1ـ تقويه الإيمان بالله (سبحانه وتعالى).
2ـ تقوى الله ـ عز وجل - ، ويكون بالخوف من العقاب.
3ـ الشوق الى الجنة وحب الأجر والثواب.
يقول الله (عز وجل): {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}[الأعراف: 56].
ويقول (عز وجل): {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأنعام: 15].
كما أن الله (عز وجل) يخفونا من العقاب فيقول: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر: 16].
ولذلك فإن أحاديث النار والجنة هي التي يجب أن تكون الرادع والدافع للأبناء الى المزيد من التقوى والعمل الصالح، والالتزام الصادق بالإسلام، وبفرائضه وأحكامه وحلاله وحرامه.
تلك كانت الخطوط العريضة لبعض المسائل الدينية التي ينبغي تعليمها للأبناء.
أما السؤال الآن كيف نزرع الإيمان في نفوس أبنائنا بصـورة دائمة وعميقة؟
والجواب يكون ذلك عبر الطرق التالية:
1ـ حبب (الله تعالى) الى طفلك.
وذلك يكون عبر تبيين رحمة الله وفضله الواسع، ورزقه الدائم، وامتنانه على الإنسان.
فليوضح الأب ـ مثلاً ـ فائدة الأسنان واليدين والرجلين وكل أعضاء الجسم، ثم يقول لطفله أن الله (عز وجل) هو الذي أعطاك كل هذا!
وهكذا يتحدث معه حول الشمس والقمر، والجبال، والنبات، وكل المخلوقات الأخرى ويبين فوائدها وخيراتها للإنسان والحياة، ثم يقول له بأن الله (عز وجل) هو خالق كل ذلك، وهو المعطي والمبدئ والمعيد.
بهذه العملية وبطرق أخرى يستطيع الأبوان أن يربطا علاقة حب قوية بين أبنائهما وبين الله سبحانه وتعالى.
وإذا انعقد الحب ـ حينئذٍ ـ ما علينا إلا أن نقول لأطفالنا افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك، لأن الحبيب الله (عز وجل) يريد منا أن نتخذ الأول وندع الثاني.
2ـ عود طفلك الإلتزام منذ الصغر.
إن تعويد الأبناء على الإلتزام الايماني منذ الطفولة وقيامهم ببعض الفرائض مثل الصلاة وقراءة القرآن، يساعد كثيراً في زرع الإيمان وتعميقه في نفوسهم عند الكبر.
ولذلك نجد أن الأحاديث الشريفة تؤكد على لزوم الصبي للصلاة منذ عامه السابع، بالرغم من أن الصلاة إنما تجب عليه في سن الخامسة عشر.
عن معاوية إبن وهب قال: سألت أبا عبد الله في كم يؤخذ الصبي بالصلاة؟
فقال: (بين سبع سنين وست سنين).
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إنا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان الى نصف النهـار ـ أوـ وأكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتى يتعودوا الصوم، ويطيقـوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام، فإذا غلبهم العطش أفطروا).
3ـ بيّن العلل والأسباب.
قبل أن تقول لولدك: صل: قل له: لماذا الصلاة؟.
فالطفل حينما يندفع لإقامة الصلاة ـ أو أي فريضة أخرى ـ من تلقـاء نفسه، وبإيمان كامل بالصلاة فإنه يكون ـ حينئذ ـ أفضل بكثير مما لو أقام الصلاة خوفاً من العصى.
ويُذكر في هذا المجال ـ أن العلامة الحلي حينما وصل الى سن البلوغ، ووجبت عليه الفرائض، فرح فرحاً كبيراً، وأقام حفلا بهيجاً بالمناسبة. فهل يا ترى نربي أبناءنا حتى يكونوا كذلك؟
4ـ كن القدوة لهم.
ليس هنالك من شيء يسارع في دفع الأبناء للالتزام بالدين، وتقوية العلاقة بالإيمان والفرائض الإسلامية بأفضل من أن يكون الأبوان القدوة والمثل الأعلى لأبنائهما.
وهذا شيء طبيعي.. فلو كان الأب متقاعساً عن إداء الفرائض، وغير ملتزم بالحلال والحرام ـ آنئذٍ ـ لا نتوقع أبناءً إلا على هذه الشاكلة، وكذلك يكون العكس.
5ـ لا مساومة في مسائل الدين.
يقول الرسول الأعظم: (علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها ـ فيما لو تركوا الصلاة ـ إذا بلغوا عشراً، وفرقوا بينهم في المضاجع).
على الأب العزيز أن يُشعر أبناءه بأن لا تنازل أو أي مساومة في أداء الفرائض الدينية أو التكاسل عنها.
ولا يقولن قائل ـ في هذا المجال ـ إنا غير مستبد، وأبنائي أحرار في التزامهم أو عدم الإلتزام!.
صحيح أن الإسلام يقول: (لا إكراه في الدين) ولكن لو تركنا الأطفال حسب رغباتهم وأهوائهم لما مشى منهم أحد في الطريق المستقيم.
وليس ذلك في مسائل الدين فقط، وإنما حتى في المسائل الأخرى، أو ليس الطفل يتقاعس عن الدراسة فيما لو تُرك له الأمر - حسب مزاجه؟
6- تربية الأبناء على الروحانيات:
والروحانيات هي تلك القضايا التي تعمق في الأبناء الدوافع الدينية، وتدفعهم نحو مزيد من العلاقة مع خالق السماوات والأرضين، ومن ثم الى مزيد من التحرك والبناء وعمل الصالح.
وتتصدر القائمة هذه ـ قائمة الروحانيات ـ وقضايا الجنة ونعيمها، وقضايا النار وبؤسها وشقاءها وبعبارة أخرى: (الترغيب والترهيب).
إن قضية الجنة والنار تثير كل كوامن الخير في نفس الإنسان، وتدفعه نحـو الابتعاد من الفسق والعصيان، والخيـانـة، والمطلوب إستخدام هذه الوسيلة لدفع الأبناء نحو مزيد من الإلتزام بالدين.
وبالطبع نحن لا نقصد بالروحيات تلك الممارسات الصوفية المنفصلة عن واقع الحياة، والتي تجـرد الإنسـان ـ في الغالب ـ عن مسؤولياته الاجتماعية، والتي يرفضها الإسلام حينمـا يـؤكـد بأنه: (لا رهبانيـة في الإسلام) و (رهبانية أمتي الجهاد) وإنما نقصد بالروحيات ـ إضافة الى وسيلة الترغيب والترهيب ـ الارتباط بالروافد الأصيلة للدين، وتعميق الروابط الخفية بين الإنسان وبين الله (قوة الأزل والأبد)، بشكل إيجابي وفعال.
إذ أن ارتباط الإنسان بالله يعني صقل نفسيته وعواطفه ومشاعره، وبالتالي تصفيتها باتجاه حب الخير وحب المجتمع، وبغض الشر، والحقد على أعداء الإنسان، وكل هذه تتحول الى عوامل دفع، تخلق في الأبناء ديناميكية وحركة واندفاعة لا تتوقف.
وفي هذا المجال ينبغي توجيه الأبناء نحو:
أ ـ الاكثار من مطالعة القرآن الكريم، ونهج البلاغة.
ب ـ قراءة المزيد من المواعظ والحكم الواردة في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الإثنى عشر (عليهم السلام) ومطالعة الكتب الإسلامية.
ج ـ أداء بعض الممارسات العبادية المندوبة مثـل: صلاة الليـل وبعض النوافل، طبعاً مع إعطائهم التفسير الإيجابي للعبادة والصلاة.
د ـ توجيههم للعبادة نحو قراءة بعض الأدعية والتي تعمل على صقل روح الفرد وتنزيهها من عوامل التخلف والاستسلام والخضـوع مثل الأدعية التالية:
ـ دعاء مكارم الأخلاق.
ـ دعاء أبو حمزة الثمالي.
ـ دعاء الصباح.
ـ دعاء كميل.
- زيارة الجامعة.
ـ دعاء الافتتاح في شهر رمضان.
ـ أدعية الأيام.
مناجاة الإمام علي (عليه السلام).
هـ ـ ذكر الموت، وأهـوال القبـر.. وزيارة القبور، والـذهـاب الى العتبات المقدسة لزيارة النبي، والأئمة الأطهار، وتعويدهم على الصلاة في المساجد والجوامع الكبيرة، والصلاة جماعة.
وـ الاطلاع على صفات المتقين، ومحاولة تقمصهـا واكتسابها، وهي موجودة في نهج البلاغة.
كان ذلك القسم الأول من التربية الدينية، وأما القسم الثاني، وهو الهدف المطلوب تحقيقه، والنتيجة المراد الوصول إليها من كل التعاليم الدينية، ألا وهي: (بناء الشخصية الصالحة).
فالإسلام تربية قبل أن يكون تعليما، وهو سلوك عملي، وليس مجرد طقوس فلكورية فارغة.
ولذلك يقول نبي الإسلام العظيم: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
والأخلاق: هي القيم والمثل الإنسانية العليا، وهي سلوك الإنسان الصالح.
ولا يكتمل الإسلام بدون الأخلاق (الجانب التطبيقي للإيمان) کما لا تكتمل الدار إلا بتمام مرافقهـا من غرف وسطح، وماء وكهرباء، أما من يصلي ولا يصدق، أو يحج ولا يؤدي الأمانة أو يأخذ بالأحكام دون احترام حقوق الناس، وما شابه ذلك فليس من الإسلام في شيء.
إن ما يريده الإسلام من الإيمان هو أن يوقظ في الإنسان الشعور بأنـه (مراقب) ليس من قبـل إنسـان مثله، بل من قبل خالق الكون والحيـاة، حتى يواظب على تحركاته في الخلوات والاجتماعات، فيحدد سلوكه، ويصقل شخصيته.
ولذلك أخطأ العالم عندما ظن أن باستطاعته الاكتفاء عن الإيمان بالتقنية، وأجهزة المراقبة، وجهاز البوليس، فكانت النتيجة أن أصبح الإنسان لا يتورع عن ظلم أخيه الإنسان واغتصاب حقوقـه بـلا أي وازع من الضمير والوجدان.
فالوزير قد يشرف على الوزارة وموظفيها، ولكن من يشرف على الوزير؟
قد تقول رئيس الوزراء.. ولكن من يشرف على رئيس الوزراء.
- البوليس يراقب الناس، فمن يراقب البوليس؟
- بوليس ثاني (ضد البوليسية)؟ ـ فمن لهذا البوليس الثاني؟.
إن النظام الاجتماعي الصالح هو الذي يبني أسسـه على الإيمان الصالح، الذي يعمل كجهـاز (منبه) للضمير الإنساني ليمنعه عن الظلم والطغيان وكل تصرف سيء.
لقد فرض الإسلام (العبادات) التركيز (الإيمان) داخل النفس.
وهذا ما عناه الإسلام بقوله: (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر).
وكما في (الصلاة) كذلك في (الصـوم) كذلك في (الحج) كذلك في (الزكاة) للإسلام في عباداته أنبل الأهداف وأقدس المقاصد.
فالتربية الأخلاقية عند الإسلام تعني:
أـ إن الإسلام يراعي تربية الإنسان في كل صغيرة وكبيرة من تكاليفه وتشريعاته.
ب ـ إن برامج الإسلام التربوية تشمل الإنسان إبتداءً من أول يوم يفتح عينيه على الأرض وانتهاءً بيوم دفنه تحت الجنادل.
ج ـ لا يقول الإسلام: (اكذب ثم اكذب حتى يصـدقك الناس) بل يقول (لا يجد عبد طعم الإيمان، حتى يترك الكذب هزله وجده).
والإسلام يرى أن العدل، والحق، والأمانة أصول ثابتة لا تغيرها الظروف، أو البيئة أو المصالح.
والآن دعنا نطلع على مصادر الإسلام الأصلية، لنستعرض بشكـل خاطف، البنود السلوكية التي لا يوجد لها مثيل في أي دين، أو أيدلوجية، سواء السماوية منها أم البشرية وهي تعتبر بحق أكبر معمل لصناعة الإنسان المناقبي، والشخصية الصالحة.. ذلك لأن بعضها جاء على لسان نبي الإسلام نفسه وبعضها الآخر جاء على لسان أوصيائه من أهـل البيت (عليهم السلام).
ونحن إذ نذكر النصـوص التـاليـة، إنما لكي نؤدب أطفـالنـا ونـربيهم وفقهاً، حتى يكونوا كما يريدهم الإسلام، مؤمنين صالحين.
وإليكم فيما يلي نصوص من ذلك النبع الإسلامي الفياض:
ـ احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك.
ـ ملعون ملعون من وضع كله على الناس.
ـ لا تضعوا من رفعته التقوى ولا ترفعوا من رفعته الدنيا.
ـ من حب الرجل دين حبه لإخوانه.
ـ إذا أردت أن تقر عينك وتنال خير الدنيا والآخرة، فاقطع الطمع عما في أيدي الناس وعد نفسك في الموتى، ولا تحدثن نفسك إنك فوق أحد من الناس.. واخزن لسانك كما تخزن مالك.
ـ ولا تغتب فتُغتب، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها فإنك كما تُدين تُدان.
ـ من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه.
ـ من استبد برأيه هلك.
ـ المؤمنون خدم بعضهم لبعض.. نفقتهم بعضهم لبعض.
ـ قل الحق وإن كان مراً.
ـ الغضب مفتاح الشر.
ـ المؤمن بُشره في وجهه، وحُزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً.
ـ المؤمن دعب لعب، والمنافق قطب غضب.
ـ رأس العقل بعد الإيمان بالله التحبب الى الناس.
ـ المسلم أخ المسلم.. إذا قال الرجل لأخيه: أف.. انقطع ما بينهما من ولاية، فإذا قال أنت عدوي فقد كفر أحدهما، فإذا اتهمه انماث في قلبه الإيمان كما ينماث الملح في الماء.
ـ وإياكم والحسد، فإن الحسـد يـأكـل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
ـ إياكم والطمع، فإنه هو الفقر الحاضر.
ـ إياكم والكبر، فإن إبليس حمله الكبـر على أن لا يسجـد لآدم، وإياكم والحرص، فإن آدم حمله الحرص على أن يأكل من الشجرة، وإياكم والحسد، فإن ابني آدم إنما قتل أحدهما صاحبه حسداً، فهن أصل كل خطيئة.
ـ إياكم والكذب فإن الكذب لا يصلح لا بالجد ولا بالهزل، ولا يعد الرجل صبيـه لا يفي له وإن الكذب يهدي الى الفجور، وإن الفجور يهـدي الى النار. وإن الصدق يهدي الى البر وإن البر يهدي الى الجنة.
ـ إياك وخصلتين: الضجر والكسل، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق، وإن كسلت لم تؤد حقاً.
ـ إياك وقرين السوء فإنك به تعرف.
ـ أيها الناس: إن ربكم واحـد، وإن أباكم واحد. كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.
ـ إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشـك يعمهم الله بعقاب منه.
ـ إن موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام.
ـ إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم.
ـ إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وألطفهم باهله.
ـ إن من أعظم الخطايا، من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق، وإن من الحسنات عيادة المريض.
ـ عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالأنعام عليه.
ـ أكبر العيب: أن تعيب ما فيه مثلك.
ـ إن الله تعالى يحب من عبده إذا خـرج الى إخـوانـه أن يتهيأ لهم ويتجمل.
ـ إن الله تعالى يبغض الوسخ والشعث.
ـ إن الله يبغض البخيل في حياته، والسخي عند موته.
ـ إن الله تعالى يبغض المعبس في وجوه إخوانه.
ـ إن الله تعالى رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطى على العنف.
ـ الإسلام نظيف، فتنظفوا، فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف.
ـ أشد الناس عذاباً يوم القيامة: عالم لا ينفعه علمه.
ـ أذل الناس من أهان الناس.
ـ إذا كان اثنان يتناجيان فلا تدخل بينهما.
ـ بئس العبد أن يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطرى أخاه شاهداً ويأكله غائباً، إن اُعطي (أخوه) حسده وأن ابتلي خذله.
ـ من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة، ومن ضيع حق جاره فليس منا.
ـ إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها.
ـ إن الله يسأل العبد عن جاهه (المكانة الاجتماعية) كما يسأل عن ماله وعمره، فيقول:
جعلت لك جاهاً، فهل نصرت به مظلوما؟ أو قمعت بـه ظالماً؟ أو أعنت به مكروباً؟.
ـ إن الله يحب البصر الناقد، النافذ عند مجيء الشهوات، والكامل عند نزول الشبهات يحب السماحة ولو على تمرة، ويحب الشجاعة ولو على قتل حية.
ـ إن الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح، وأبغض الصـدق في الفساد.
ـ إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.
ـ إن الله تعالى يبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له.
قيل: من المؤمن الذي لا دين له؟.
فأجاب: (الذي لا ينهي عن المنكر).
ـ إن يومك ضيفك، وهو مرتحل.. يمدحك أو يذمك.
إن هذه الأحاديث التي تتعرض لكل صغيرة وكبيرة فتذكر حتى مثـل مناجاة نفرين، والوسخ وعتاب الأخ، إنما تهدف بناء الإنسان في كل جوانبه، بحيث لا تبقى هناك ثغرة واحدة يمكن أن يدخـل منها الشيطان، أو ينحرف به المنحرفون.
وما ذكرناه هو واحد من المليون، من الروايات التي تتحدث عن الجوانب السلوكية في الإنسان.
وتبقى على الوالدين مسؤولية طرد الصفات السلبية القاتلة، وعدم السماح لها بالمكوث داخل نفوس الأبناء وقلعها بسرعة فيما لو كانت قد حطت بظلالها القاتل.
هذه الصفات قد تبدو بسيطة، ولكنها كالنار، يمكن أن تحرق في الطفل روح التفاؤل والحركة، والعمل، فيعيش معها ثلاثين أو أربعين عاماً من غير أن يستطيع إنجاز أي شيء فيولد إنساناً ويموت حشرة.
فما هي تلك الصفات؟
اولا ـ الجهل.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميزان كالأدب).
ويقول الإمام الرضا (عليه السلام): (صديق كل مريء عقلة، وعدوه وجهله).
ثانياً ـ الجبن والخجل.
يقول الإمام علي (عليه السلام): (قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان).
وجاء في الحديث الشريف: (إن الله يحب الرجل الشجاع ولو بقتل حية).
ثالثا ـ الانسياق وراء الشهوات.
خلق الله في الإنسان شهوات كثيرة وجعلهـا عـامـل بنـاء، وحذر من الانسياق ورائها حتى لا تتحول الى عامل هدم..
والشهوات مثل برميل البارود، إذا فجرها الإنسان فإنها ستدمر كل ما هو قريب منها بلا تمييز.
رابعاً ـ الحقد
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ما كان جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (من زرع العداوة حصد ما بذر).
خامساً ـ التسرع.
جاء في الحديث الشريف: (العجلة من الشيطان والتأني من الرحمان).
سادساً ـ التشاؤم.
بعض الناس يصابون بالتشاؤم في وسط الطريق ولذلك فإنهم سرعان ما يتراجعون عن خططهم فيخسرون الأوقات والجهود بلا مبرر.
والمتشائم، يفوت على نفسه فرصاً كثيرة تكون متاحة لنجاحه، أو نجاح خططه، ولكنه بحكم تشاؤمه يرى الأشياء والأشخاص ـ وربمـا نفسه أيضاً ـ في دائرة سوداء، ولذلك فإنه لا يستطيع أن يضع خطة إلا للتراجع الى الوراء.
سابعاً ـ سرعة الغضب.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل).
ويقول: (من لم يملك غضبه لم يملك عقله).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): (ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك).
ثامناً ـ التكبر.
يقول الله (عز وجل): {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرحمكم الله).
ويقول: (إذا رأيتم المتواضعين من أمتي فتواضعـوا لهم، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم).
تاسعاًـ الحسد.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (الحسد يأكل الحسنات کما تأكل النار الحطب).
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (الحاسد مضر بنفسه قبل أن يكون مضراً بالمحسود).
والحسد: يعني السعي من أجل إزاحة ما على الآخرين من النعم.
عاشراً ـ عدم الطاعة.
يقول الحديث: (هلك من لم يكن له واعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه).
وجاء في الحديث أيضا: (من استبد برأيه هلك).
إن الأبناء المتمردين يحاولون في كل وقت أن يثبتوا تفوقهم عن طريق التمرد، فهم لا يتآلفـون، ومن ثم فلا يتأتى للآباء هدايتهم الى الطريق المستقيم.
تلك كانت عشرة صفات سلبية يكون من السهل على الآباء الكرام طردها من نفوس أبنائهم والتخلص من شرها، فيمـا لو بينوا قليلاً مضارها ونتائجها السيئة ـ على الإنسان ـ لأطفالهم وخلقوا فيهم الحصانة الحـديـديـة تجاهها.
ومن جهة أخرى ـ بالطبع ـ يقوموا بعرض الصفات النبيلة المقابلة لتلك الصفات، والتحدث عن نتائجها الحميدة، وما تدر من خير وبركة واسعة على الإنسان.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|