المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الخدمات الترفيهية-المناطق الخضراء
7-1-2023
تتميز الثلاجات وكتل الجليد بعدة ظاهرات - الشقوق Crevasses
9/9/2022
اساسيات الإدارة المتكاملة للآفات
24-6-2017
المكر الإِلهي
26-09-2014
السيد محمد تقي ابن السيد احمد محمد الحسيني
28-1-2018
Bernsteinm,s Inequality
17-1-2019


الطفل والحاجة الى العدالة  
  
1374   08:05 صباحاً   التاريخ: 15-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص505ــ516
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2022 1776
التاريخ: 15-1-2016 2238
التاريخ: 26/12/2022 1817
التاريخ: 3/9/2022 1628

قلنا ان الاطفال ووفقاً للنظرة الاسلامية يولدون وهم دائنون والابوين مدينون لهم. ومساحة طلباته واسعة وتحظى بثبات خاص؛ إذ نصطلح عليها تربوياً أو حقوقياً بمصطلح الحق. على ان للطفل حقاً أو حقوقاً بذمة الابوين وهم ملزمون برعاية واداء ذلك.

ومن حقوق الاطفال على آبائهم مراعاة العدالة بحقهم وفيما يتعلق بحياتهم وان يعيش الطفل في محيط تفوح منه رائحة العدالة، وتأسيساً على ذلك فالأبوين ملزمون بجعل المحيط الذي يعيش فيه الاطفال محيطاً عادلاً فضلاً عن مراعاتهم لأصول وموازين العدالة بحق الاطفال. واسلوب التمييز الذي يتبعه الابوين يعد نوعاً من الهروب عن الواجب وظلماً يرتكب بحق الاطفال لن يستطيع معه الابوين ان يعطيا جواباً لعملهم هذا بين يدي الله تبارك وتعالى مقطعاً.

حاجة الطفل الى العدالة:

هناك تعطش كبير وشعور بالحاجة الاستثنائية للعدالة لدى الطفل والانسان بشكل عام حتى أنه لا يدخر جهداً في سبيل تحقيق ذلك. وهذا الامر يظهر بشكل أجلى واقوى لدى الاطفال عمن سواهم والسبب في ذلك يعود الى ان المسافة التي تفصله عن الفطرة وأرضيتها والتي تمثل العدالة جزء منها قليلة.

ويريد الاطفال ان تراعى الاصول الانسانية والاخلاقية ومنها العدالة بحقهم بدون ان يكون لديهم المام بفلسفة أو نظرية العدالة، وان لا يمارس الظلم بحقهم، ولا يحصل أي تجاوز على حقوقهم. وبنظر الطفل الى مسألة التمييز بين اعضاء الاسرة على أنه اعتداء صارخ على حقوقه وهذا الامر يؤجج لديه مشاعر الحسد والانتقام.

الطفل يطالب بالعدالة ولهذا الامر تأثير بالغ في هدوئه النفسي. فهو يريد اصدار احكام عادلة بحقه واتخاذ قرارات عادلة بشأنه وان لا يصار الى معاقبته على أمر لم يرتكبه اطلاقاً، ولا يؤاخذ اطلاقاً على أمر لم يقصر فيه. ولو حدث وان وقع شجار بينه وبين شقيقته ينبغي ان يتعرض المقصر للعقاب فقط وان لا يقف الاب أو الام الى جاب الابن الآخر ابداً حتى وان كان اصغر عمراً.

أهمية العدل في الحياة :

يعتبر العدل من اكثر الوسائل أهمية والتي يتوقف عليها قوام حياة الفرد والمجتمع . ويرتبط استمرار حياة المجتمع بالعدل ولا يتيسر استمرار النظام وثباته بدونه. والقول الشائع يقول الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم.

وبواسطة العدل تترسخ الانظمة، وتبقى المسالك آمنة، وتأمن الانفس من خطر الفناء والدمار، والقوى الرئيسية غير قادرة على العمل بما يخالف مسار الحق. ولا ييأس المظلومون والمقهورون، واخيراً فالمجتمع يسير في طريق نموه وكماله.

وفي ظل العدالة يتحقق الهدوء والسلام والصفاء في الامة والمجتمع والتعلق بهما. وتحقيق الآمال وحصول كل فرد على حقه انما تيسر في ظل العدالة وهذه في الحقيقة تمثل نعمة كبيرة لو ان الله تعالى منّ بها على المجتمع فيكون قد أولاهم بالغ العناية ولطفه بهم. والتعاون على البر والتقوى والفضائل، وتحمل المسؤولية وايفاء الوظائف في سبيل النمو والتكامل انما تتحقق في ظل شيوع العدالة في المجتمع.

اساس ذلك ومنشأه :

ان حب العدالة له جذور عميقة تمتد الى اعماق الحياة البشرية وفي حياة الانسان النفسية وفطرته وعمق وجوده وكيانه. وقد اودع الله تعالى ذلك في اعماق كل انسان لكي تتوفر له موجبات خيره وسعادته ونموه من خلال هذا الطريق. ولعلكم تلاحظون في جميع انحاء العالم ولدى جميع الاقوام والملل وجود نهضة وثورة على السلبيات، والاسراف والترف، والتبرج والاعتداءات وهذه كلها تدل على وجود العدل في فطرة الانسان واعماقه.

ويمتلك العدل جذوراً فطرية وذاتية لدى الانسان ولهذا السبب يشعر الفرد الذي يلمس العدالة في حياته بانه كالذي يرى نفسه في الجنة. ويقول الالهيون بان منشأ العدالة هي الروح الالهية حيث ان كل انسان يمتلك نفخة من الروح الالهية. وبما ان الله تعالى هو العدل المطلق، فان شعلة من عدالته موجودة لدى كل فرد والانسان سعيد بذلك ومتفائل ويطالب به في الحياة.

ابعاد العدالة:

للعدل ابعاد واسعة وشاملة جداً وحاجة الطفل الى العدالة هي بسعة وشمولية هذه الابعاد . ويجب ان يستحوذ هذا الامر جميع ابعاد حياة الفرد الفردية وبالشكل الذي يوضع معه كل شيء في محله المناسب وان تبنى حياته ايضاً على اساس التوازن والتعادل.

ومن جهة اخرى عليه ان يدخل العدل الى جميع ميادين حياته، سواء في الاقتصاد، والاستقامة، والعبادة، والتعامل مع الآخرين ومعاشرتهم، وفي القول، وفي الافعال الحياتية، وفي الاخلاق و.. وان تحرك الانسان على اساس ضابطة معينة وعلى اساس العدل في جميع هذه الجوانب يمثل في الحقيقة كمال الفضيلة لكل انسان.

ومن جهة اخرى عليه ان لا يغفل عن هذه الجنبة في التعامل مع الآخرين، وفي مراعاته وحبه للخير والتعاون، وفي التعامل مع الصديق والعدو. وان تشمل عدالته الأعداء ايضاً ولا يتعرض للحيوانات بظلم. وبشكل عام فالأساس في هذا الامر هو ان تأخذ العدالة مأخذها في الافراد بحيث لا يخرج الفرد عن عالم نموه ونضجه في هذا المجال وان يأخذ بنظر الاعتبار عالم الآخرين أيضاً.

مسألة تمييز الابوين :

من المواضيع التي يمكن التطرق الى ذكرها في قضية العدل هي مسألة تمييز الابوين في تعاملهم مع بنائهم؛ إذ ان بعض الآباء والأمهات يسوغون لأنفسهم ممارسة التمييز بين افرادهم بأي شكل من الاشكال ويرجحون بعضهم على بعض ويفضلون فرداً على آخر. وعلى سبيل المثال تراهم يعاملون احد الابناء بكل عطف ومحبة في حين لا يبالون بالآخر.

ويترك هذا الامر آثاراً سلبية على الاطفال وسيخلق الارضية المناسبة لإيجاد الحسد وروح الانتقام لديهم. وبالرغم من ان التمييز قد يكون احياناً مطلوباً لا انه مع ذلك سيترك آثاره السلبية على الطفل أيضاً ويؤدي الى بروز غضبه وعصيانه. وما اكثر الجرائم واعمال السوء الناجمة اساساً من سياسة التمييز التي يمارسها الآباء بحق ابنائهم في سني الطفولة مما يضطر الطفل فيما بعد الى ان يتجه نحو اسلوب الانتقام من ذلك الامر. وما اكثر المجرمين الذين لا يمكن تبرير جرائمهم سوى العقد والاحقاد الناجمة عن سياسة التمييز.

مظاهر التمييز :

يتجلى التمييز في محيط الاسرة والمجتمع بصورة متعددة اذ ان ذكرها هنا يعد بحد ذاته تحذيراً وتنبيهاً للآباء والمربين وسنشير فيما يلي الى بعض الموارد منها :

١- فيما يتعلق بالجنس :

نجد في العوائل الابوين يظهرون حساسية بالغة تجاه أحد الجنسين، كالولد أو البنت ويعاملون احدهما بمزيد من العطف والمحبة قياساً بالآخر، وهذا الامر بحد ذاته يصبح باعثاً على ان يشعر الآخر بالتحقير والمهانة والانكسار ويشعر بالتالي بالتمييز وتكون نتيجة ذلك ابراز غضبه وحقده واشمئزازه تجاه ابويه أو الطفل الآخر.

٢- التحيز الى احد الاطفال:

احياناً يقف الأب أو الأم لسبب ما الى جانب احد الابناء وخاصة اثناء الشجار ويقوم بتحقير الآخر أو يضربه دون ان يعرف أي منهما المحق في هذه المسألة. وقد يكون مرد الوقوف الى جانب احد الابناء ضعفه او صغر سنه أو مرضه إلا ان هذا السبب غير معروف للطفل الآخر.

٣- التنوع في السلوك:

يقوم الأب احياناً بملاعبة احد الاطفال في البيت، فيكلمه ويضاحكه إلا انه في اليوم التالي لا يعامله بدفيء وحرارة وبدون ان يكون له أي قصد شيء في ذلك سوى لكونه مرهق مثلاً ، او انه لا يطيق ملاعبته دائماً وهذا الامر يصبح السبب ان يفسر سلوكه هذا على انه نوع من التمييز.

٤- خلق روح المنافسة والتسابق :

احياناً يقوم الأب أو الأم بإجراء مسابقة بين اثنين من ابنائهما بدون ان يأخذا بنظر الاعتبار استعدادهما النفسي وقدرتهما ، إذ ان هذا الامر يصبح السبب في ان ينظر الطفل الى نفسه بانه اضعف مما كان يتصور وان يفسر عمل الابوين على انه نوع من الظلم والاجحاف او التمييز بين هذين الشخصين.

5- حالات المعاقبة:

نعرف الكثير من الآباء الذين يرتكبون يومياً عدة اخطاء إلا انهم لا ينظرون لها اطلاقاً ولكن عندما يرتكب الطفل خطأ ما سرعان ما ينهالون عليه باللائمة بل وحتى يقدمون على معاقبته وبعد ذلك نوعاً من الاجحاف والظلم والتمييز.

٦- مقدار العقوبة :

ان معاقبة الطفل على أثر ارتكاب الخطأ احياناً يعد أمراً مباحاً تحت شروط وظروف معينة. إلا ان المسألة تكمن هنا ، فالأب يكتشف احياناً مخالفة معينة من احد الابناء فيعاقبه إلا انه يبدي مرونة اكثر تجاه الطفل الآخر وبنظر الطفل لذلك على انه نوعاً من التمييز.

٧- انزعاجه من المحبة:

الكثير من الآباء والأمهات يمنحون القسم الاعظم من محبتهم لأبنائهم الاصغر سناً وينسون الاطفال الاكبر سناً - غافلين عن انهم بحاجة الى المحبة أيضاً ولكن من نوع آخر طبعاً. هذا الامر يصبح السبب في نظر الاطفال الى سلوك ابويهم على انه نوع من التمييز.

٨- مداعبة احد الاطفال:

احد الاطفال يسقط الى الارض فيسرع الأب والأم إليه ويأخذونه بأحضانهم غافلين عن ان الطفل الآخر الناظر اليهما يرى في نوعاً من التمييز بحقه. وفي هذه الحالة لا بد من اختلاق عذر ما لكي نشمله هو الآخر بمحبتنا.

التمييز في المجتمع :

احياناً يلاحظ التمييز في المجتمع ايضاً. وعلى سبيل المثال تجد ان صفاً طويلاً من الناس يقفون لشراء الخبز وبين هذا الصف تجد أن طفلاً يقف معهم ايضاً. وعندما يصل الدور للطفل يتجاوز الخباز الطفل ويعطي الخبز للفرد الذي يليه دون ان يكترث بشخصيته الطفل فيتعلم الطفل منه درساً في التمييز من خلال تصرفه هذا مما يؤدي الى تأجيج روح الانتقام لدى الطفل من هذا الفرد ومن المجتمع بأسره في المستقبل.

ومن الممكن ايضاً ان يشاهد الطفل اوضاعاً أخرى غير طبيعية في المجتمع فقد يشاهد مثلاً ان شرطياً يعفو عن احد الافراد المخطئين ولكن يأخذ فرداً أخر بكل شدة كونه ضعيفاً أو ان مسؤولاً لأحدى الدوائر يبذل ما بوسعه لتوفير بعض الامكانيات لفرد ما بينما يتجاهل الآخر. كل هذه الامور تعد بمثابة دروس بليغة في التمييز ولها آثار سلبية ومخاطر جمة على الطفل.

واخيراً ما اكثر الصفات التي يكتسبها الفرد من المجتمع بشكل ارادي أو لا ارادي ويتخلق بهن وكل من تلك الصفات يشكل درساً غير مطلوباً وسيئاً للطفل ومنبت ذلك اما المجتمع أو البيت وفي كلا الحالتين يؤدي الى الحاق افدح الخسائر واحياناً الفساد بالطفل.

اسباب ودوافع التمييز :

ما هو السبب الذي يدفع بعض الافراد الى ان يسموا لأنفسهم بممارسة سياسة التمييز بحق ابنائهم، انه امر لا يوجد جواب واضح بشأنه في متناول اليد ولكن بقليل من التأمل يمكن التوصل الى جانب من ابعاد هذه المسألة وجوانبها:

ـ جهل الابوين والمربين بحقوق الطفل وبأنه أمانة بأيديهم.

ـ تعصبهم تجاه نوع الجنس أو المظهر الخارجي للطفل.

ـ حلاوة الاطفال، وجمال منطقهم، واستحواذهم على قلوب آبائهم.

ـ طاعة الاطفال او عدم طاعتهم لآبائهم والذي يؤدي الى اشاعة برودة الابوين تجاه الطفل.

ـ غرور الآباء وتكبرهم والذي يؤدي الى اعطائهم المزيد من الاهتمام بأنفسهم وبالتالي تجاهلهم وعدم اهتمامهم بالأطفال.

ـ الغفلة والجهل عن كيفية التعامل مع الطفل.

آثاره واعراضه :

مهما كانت الاسباب المؤدية الى اتباع سياسة التمييز فانه يؤدي الى ايجاد مخاطر كثيرة للطفل: منها ان الطفل عندما يلاحظ بأم عينه سياسة التمييز في الاسرة والمجتمع وهو شديد الحساسية تجاهها ، فان فكره وذهنه لن يعملا بشكل سليم ولن يصبح بإمكانه بلوغ المراحل العالية للإبداع ويفقد هدوئه واستقراره وتستحوذ عليه روح الهرج والمرج والتشتت والاضطراب إذ لا يمكن تلافي ذلك بسهولة.

والطفل الذي يتلمس التمييز يشعر احياناً بأنه أدى من الآخرين وعندما يتجذر هذا الشعور ويتعمق لدى الطفل فانه يفقد أمنه وعندها ستتملكه روحاً مضطربة وملامح تدل على الملل وجسماً نحيلاً لا تتمثل فيه حيوية وطراوة طفل طبيعي.

والطفل الذي يُمارس بحقه التمييز يشعر بالحرمان، والحرمان من العدالة، والحرمان من المحبة، وتتحكم لديه روح الانتقام، وينسى مشاعر الود والمحبة ومن الممكن ان يصبح احياناً فرداً خطراً.

وبناءً على هذا الاساس أي ظلم كبير يقترفه الابوين بحق الطفل من خلال ممارستهم للتمييز وأي بذرة سيئة يزرعونها في أعماقه. ان الكثير من المجرمين هم في الحقيقة افراد مورست بحقهم في الماضي سياسة التمييز.

العدل في حياة الطفل:

انه لأمر مهم ان نقوم بتلقين الطفل لنمط أو اسلوب معين ليتمكن في ظل ذلك أن يعمل على اغناء شخصيته. ويرسخ في اعماقه بعض الأصول الاخلاقية القيمة. وتمثل العدالة احدى الجوانب الاخلاقية البناءة والموجهة في الطفل، إذ تمهد فيه الارضية امام الكثير من الصفات الايجابية اللائقة.

ان الاشتياق والتعطش الى العدالة بحد ذاته يعد من العوامل الموجهة في الطفل وهذه الرغبة كما سبق وان قلنا ذات طابع فطري في الطفل وهي بحد ذاتها تصبح دافعاً على ان يصدر احكامه ويتخذ مواقفه باستيعاب اكبر للعدالة ويخطو خطوات اكثر ثباتاً ورسوخاً بشأن مراعاته لمبدأ المساواة والمواساة للآخرين.

كما انه من الضروري للأبوين ان يقوما بدفع الطفل الى ممارسة مسألة العدالة ويعملا على تربية هذه القابلية ويرسخانها فيه لكي يتمكن مستقبلاً من ان يلعب درواً بناءً. ومن طرق ممارسة تمرين العدالة معاملته معاملة عادلة، وعلى سبيل المثال اعطوه طعاماً معيناً لكي يقسمه فيما بينه وبين اخوه أو أخته، اقرأوا عليها قصة الظالم والمظلوم وطالبوه اصدار حكمه ووجهة نظره بشأن المسائل المختلف عليها والجدير بالذكر ان تربية الوجدان هو ركن اصيل ايضاً في تمرين تنمية العدالة.

سني العمر الأولى ، والمراقبة اللازمة :

سني العمر الاولى لها أهمية استثنائية في صياغة الاخلاق والطباع. ففي هذه السنين تنمو الضمائر وتتكامل ويلعب حجر الام في خلق هذه الحركة لديه. وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام في ثورته يوم عاشوراء الى حجر الأم هذا في رده على طلب اعدائه بالاستسلام، اذ قال عليه السلام انه يأبى الانصياع الى هذا الظلم ولاجور لترعرعه في تلك الحجور الطاهرة الابية.

ولا بد من القيام بالكثير من المتابعة والاهتمام في هذا المجال لكي تتجذر لدى الطفل الرغبة والميل الى تطبيق العدالة ومراعاتها ومن ضمن تلك الاهتمامات مسألة تربية وتنمية الارادة اذ ان الطفل الفاقد للإرادة لا نفع يرجى منه على الاطلاق ولا يعد فرداً مناسباً وسليماً كما ان الدقة والاهتمام والالتزام بالاستقامة والثبات في عمله يعد أمراً آخر لا بد من ان يحظى بالاهتمام والتشجيع. وينبغي له ان يألف مسألة الاعتراف بأخطائه ولا يلقي تبعة ذلك على الآخرين. أو إذا ارتكب خطأ ما عليه أن يعترف بذلك ولا يدعي انه ناجم عن محيطه.

كما يجب على الطفل ان يعلم ويدرك انه ليس فرداً كاملاً في أي مرحلة من مراحل عمره ولغرض بلوغه مرحلة الكمال والنضج فهو بحاجة الى نصح الوالدين وارشادهم وهدايتهم له والى اتباعه الاسوة الحسنة والنماذج القيمة التي وضعت بين يديه وان يعلم في نفس الوقت وضمن مراعاته لجميع هذه الظروف والاحوال بانه مازال هناك الكثير من الامور التي لم يطلع عليها بعد وعليه ان يتعلمها.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.