أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
965
التاريخ: 5-08-2015
1699
التاريخ: 11-4-2017
993
التاريخ: 22-2-2018
1144
|
الإمامة واجبة عقلا بشرطين : أحدهما : بقاء التكليف العقلي ، نظرا إلى أن سقوطه مسقط وجوبها.
وثانيهما : ارتفاع العصمة عن
المكلفين ، نظرا إلى غنى المعصوم عن اللطف الذي حاجة من ليس معصوما إليه بالإمامة
ماسة لا بد منه ولا بدل إلا باعتبارهما
لأن ثبوت اللطف بالرئاسة العقلية على هذين الشرطين ظاهر ، وما ثبت اللطف به
لا يكون إلا واجبا ، ولهذا ان وجود الرئيس منبسط اليد مرهوب الجانب نافذ الأمر
والنهي ، محقق التمكين في كل ما هو رئيس فيه، لا يخفى كونه مقربا إلى الصلاح ،
مبعدا عن الفساد ، ولا معنى للطف إلى ذلك وعدمه أو عدم تمكنه بانقباض يده أو جحده
جملة ينعكس الأمر معه بفوات ما وجوده وما يتبعه لطف فيه. فيؤول إلى ظهور المفاسد
وفوات المصالح ، وهذا معلوم لكل عاقل ، خبر العوائد (1) الزمانية، والأحوال
البشرية ، فمن أنكره لم يحسن مكالمته بجحده ما لا شبهة في مثله ، ومن عارضة بما
وقع عند رئاسة معينة من فتن ومحن لم تتوجه
معارضته عليه ولم يقدح فيه ، لأنه كلام في جنس الرئاسة لا في تعيينها.
وكل واحد منهما منفصل عن
الآخر مع أن الواقع عند الاعتبار ليس من قبل الرئيس بل من مخالفة المرؤوسين له
وجهلهم به ، فلا ملامة إلا عليهم ، وإذا ثبت أن في الرئاسة لطفا ، وكان اللطف
واجبا ... وجبت الإمامة في كل زمان من أزمان التكليف ، لوجوب الألطاف الدينية التي
لا يحسن إلا معها ، لكونها شرطا فيه ،
ولأن مع استقرار الشريعة واستمرارها إلى قيام الساعة يتعين وجوب إزاحة العلة في
حفظها بعد أدائها ، كحفظها بمن به أدائها في حال الأداء ، ولا حافظ لها في الحقيقة
إلا من حكمه في وجوب الاقتداء به ، وإزاحة
العلة بوجود حكم مؤديها ، وهو الرئيس الذي
لا يجوز خلو زمان التكليف من وجوده فيه ، لأنها إن لم تكن محفوظة جاز دخول التبديل
والتحريف فيها ، وهو مناف لوجوب القطع على صحتها ولإزاحة علة من هو مكلف بها وإن
كانت محفوظة ، فأما الكتاب فليس مشتملا على جميع أحكامها ، ولا كل ما اشتمل عليه
مبين ، لما فيه من المجمل الذي لا بد له من بيان ، أو السنة ، وحكمها في عدم
الإحاطة بجميع الأحكام حكم الكتاب ، ومتواترها قليل بالنسبة إلى الآحاد الذي هو
كثير واتصاله به جائز إما بإعراض الناقلين عنه ، أو باختلافهم فيه أو بغيرهما من
الأسباب ، وليس الآحاد مثمرا علما ولا موجبا عملا ولا طريقا إلى العلم بشيء من
الأحكام الشرعية فلا بد لها من ضابط.
والإجماع ولا حجة به إلا
بوجود المعصوم وتعيينه فيه ، وإلا مع خلوة منه ، وجواز الخطأ على كل واحد من
المجمعين لا حجة في إجماعهم ، ولا فرق بينه وبين انفرادهم ، كما لا حجة في إجماع
أهل الكفر على ما أجمعوا عليه من كفرهم الذي كل واحد منهم عليه بإجماعه أو
انفراده.
ولو كان مجرد إجماع أهل
الخطاء علة في كونه حجة ، لزم مثله في إجماع كل فرقة من فرق الكفار ، بل لو قامت
الحجة بإجماع أهل الزلل والعصيان قياما يفيد ارتفاع ذلك عنهم ، وارتفعت بانفصالهم
وانفرادهم ارتفاعا يقتضي عود ذلك إليهم ، لزم مثله في الكفار ، بل في السودان حتى
يصح أن يقال :
إن كل واحد من الزنج أسود ،
فإذا أجمعوا على أمر ما ، أو اجتمعوا له زالت السوادية عنهم واختصوا بالبياضية
بدلا منها ، فإذا انفصلوا وانفرد كل واحد منهم عن الآخر عادت إليهم ، وبسقوط ذلك
واستحالته يعلم قطعا أنه لا حجة في الإجماع إلا بتعيين من في قوله بانفراده الحجة
، أو القياس والرأي ، ولا يخفى سقوطهما ، لأن المعول فيهما على الظن الذي يخطئ ويصيب مع خلوهما عن طريق
إلى العلم بثبوتهما ، ودليل على جواز التعبد بهما والعمل بأحكام الشرع لا عن علم
يقيني وطريق قطعي بصحته فاسد ، فإذا بطل أن يكون الشيء ... حافظا لها ، وكان حفظها واجبا ، لوجوب إزاحة
العلة في التعبد بها ، ثبت أنه لا حافظ لها بعد مؤديها إلا الإمام القائم في ذلك
مقامه.
وهذه الطريقة وإن كانت دالة
على وجوب الإمامة مع بقاء الشريعة ، فإنها دالة أيضا على عصمة الإمام ، لأن خلوه
من العصمة مناف لكونه حافظا لما ثبت أنه لا حافظ له سواه ، فلا بد من اختصاصه بها
، لاختصاصه بما لا يثبت إلا بثبوتها ، ولا يتم إلا بوجوبها له ، وكان المحوج إليه
جواز الخطأ على غيره فلو لا عصمته لكان ما
أحوج إليه حاصلا فيه ، فلا مزية له مع ذلك على غيره. بل يكون حكمه في الاحتجاج حكم
الغير ، فإن تسلسل إلى غير نهاية كان محالا ، وإن انتهى إلى معصوم مميز بذلك كان
هو المراد ، ولأنه لو جاز عليه ما ينافي العصمة ، لحق بكل من جاز عليه الخطأ في
دخوله تحت الذم والحد والتعزير وغيره مما يتنزه بعض رعيته عنه ، فكيف يصح وقوع ما
يوجب ذلك منه؟
وإذا ثبت عصمته فلا بد من
كونه أفضل الرعية باطنا ، أي أكثر هم ثوابا وأعلى منزلة عند الله، لأنه معصوم
مستحق من المدح والتعظيم مطلقهما ، فلو لا تميزه بهذه الفضيلة ، لم يثبت له ذلك،
ولا كان بين المعصوم وغيره ممن ليس كذلك فرق ، ولا بين ثبوتها ونفيها أيضا فرق.
وقد تحقق الفرق بما لا خفاء
فيه وظاهرا أي في كل ما هو رئيس فيه ، لأنه متقدم على جميع الأمة ، مفروض الطاعة
عليهم. وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه معلوم يقتضيه عقل كل
عاقل ، لاقتضاء العقول ، وشهادتها أنه لا وجه لقبحه سوى كونه كذلك ، وطاعة من يقبح
تقدمه في ما بمثله ثبوت الطاعة قبيحة.
ومن لا تجب طاعته لا تثبت
إمامته ، فتقدير كونه مفضولا أو تجويزه ، مناف لكونه إماما ، ولأن ثبوت فضيلته
باطنا يقتضي ثبوتها له ظاهرا ، إذ التفرقة بينهما أو إثبات إحداهما دون الأخرى لا
وجه له.
وأعلم بالتدبير والسياسة ،
لتولية ذلك ولزوم كون المتولي عالما بما تولاه ، وإلا لم تثبت ولايته. وبجميع
أحكام الشريعة ، لفتواه وحكمه بها ، والحاكم المفتي إن لم يكن أعلم بالأحكام
والفتاوى من المستفتي والمحكوم له أو عليه ، لم يكن لكونه كذلك وجه، وكان تقدمه
على من هو أعلم منه بالحكم والفتوى قبيحا، ولا ثبوت لإمامته معه، فوجب تميزه بما
لا يتم كونه إماما إلا به.
وأكرم ، لأنه قائم بضبط
الحقوق المالية ، ووضعها في مواضعها.
وأشجع، وإن كان إليه جوار،
لأنه فتية فيه ويختص بتدبيره وتوليه.
وأزهد وأعبد ، لأنه قدوة
فيهما والداعي إليهما.
وبثبوت عصمته ثبوت هذه الصفات
له ، إذ هي أصل صفات الكمال والكاشف عنها لتعيينه وتمييز شخصه أما المعجز المطابق لادعائه أو نص صادق يخصه ،
لأن اختصاصه بها مما لا يشاهد ، بل مما لا يحيط به علما إلا علام الغيوب سبحانه ،
لكونه أمرا باطنا لا سبيل إلى العلم به والقطع عليه إلا بما يكشف عنه ، وليس إلا
ما أشرنا إليه ، فلو لم يكن منصوصا عليه بالإمامة أو مختصا بمعجز يصدق ادعاه بها
تعذر تعيينه ، ولم يكن لأحد ممن كلف ذلك طريق إليه ، وما تكليف ما لا طريق إلى
العلم به في القبح بل في التعذر إلا كتكليف ما لا قدرة عليه.
وكلما لا تتم إزاحة علة
المكلف في تكليفه إلا به ، فهو واجب لوجوب إزاحتها. وقد بطل بثبوت كون النص أو
المعجز طريقي تعيين الإمام ما يدعى من الاختيار. ويبطله زائدا أنه لو ساغ في
الإمامة لساغ في النبوة وفي الأمور الدينية ، ولأنه إن خص قوما دون قوم فلا وجه له
لكونه تخصيصا لا بمخصص وترجيحا لا بمرجح ، وإن عم جميع الأمة أو سائر علمائها وأهل
الرأي والمشورة منها ، فلا خفاء في تعذره واستحالته ، ولو كان ممكنا لم يثبت ، ولا
اتفق لأحد ممن ادعيت إمامته ، ثم هو مناف لما له وجبت الإمامة ، لأنه يقتضي من
اختلاف الآراء وتشتت الأهواء ما أيسره منع المستحق وإعطاء من لا يستحق ، وجواز نصب
أئمة شتى في وقت واحد، فأما أن تفوت جملة المصالح المناطة بالإمام أو أكثرها ،
وأما أن تعم بفواتها كل المفاسد أو معظمها ، وذلك ينافي ما قلناه ، وما يدعى أيضا
من الميراث بمثل ما أبطلنا به الاختيار ، ولأنه لو تعين للإمامة لتعينت لكل مستحق
له ، ويندرج في ذلك النساء والصبيان ، فكان ظاهر البطلان.
وإذا تحققت هذه الخصائص
والمزايا للإمام ، وثبت أنه لا يتم ولا يثبت كونه إماما على الحقيقة إلا باختصاصه
وامتيازه بها ، فلا شبهة في انتفائها عمن ادعيت إمامتهما بطريقي الاختيار والميراث لما بين هذين الطريقين
وبين ما قدمناه من التفاوت والتنافي المقطوع بهما على بطلان كل واحد منهما ،
لمنافاته مدلول الأدلة.
وحينئذ يجب أن يكون أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ إماما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل لاختصاصه بذلك وامتيازه به ، فإنه إذا
تعين قطعا تعدى من سواه ممن ادعت إمامته عنها وخلوة منها ، وكان سقوط إمامته بذلك ظاهرا
، ثبت كونه ـ عليه السلام ـ مختصا بها ، لادعائه الإمامة ، أو ادعائها له ، وتحققت بذلك
إمامته ، وإلا خرج الحق عن أمة الإسلام ، أو صح خلو زمان التكليف من الإمام ، أو
صحت إمامة العاري من الصفات المعتبرة ، وفي العلم بفساد ذلك ، بل باستحالته دلالة
على ثبوت إمامته ، ولأنه ـ عليه السلام ـ مختص بالنصوص القرآنية ، وهي آيات كثيرة
، يكفي في الاستدلال.
منها : آية مدحه لما تصدق
بخاتمه في حال ركوعه ، قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَهُمْ رَاكِعُونَ } [المائدة: 55].
فأثبت له سبحانه الولاية التي
مراده بها فرض الطاعة ما أثبته لنفسه ولرسوله ، مؤكدا ذلك بلفظة ( إِنَّما )
الدالة على تحقيق ما تضمنته وتأكيده ونفي ما لم تتضمنه.
فكان اختصاص هذه ولاية به ،
كاختصاصها بهما بثبوت هذا التأكيد ، وباقتضاء وأو العطف إلحاق المعطوف به بالمعطوف
عليه.
وبأنها لو كانت عامة لم يكن
لهذا التأكيد وجه ، ولا كان بين من له الولاية ومن هي عليه فرق ، ولا كان لما
أثبته تعالى له ولرسوله من الاختصاص بها وجه ، مع أن المذكور فيها من إيتاء الزكاة
في حال الركوع لم يثبت إلا له ولم يكن إلا منه ، وعليه إجماع المحققين من المفسرين
(2) وبالنصوص النبوية.
منها : الجلية التي لا تحتمل
التأويل : لدلالتها بظاهر لفظها على المعنى المراد بها ، وهي كثيرة مع اختلاف
ألفاظها واتفاق معانيها كأمره :
أن يسلموا عليه ـ صلوات الله
عليه ـ بإمرة المؤمنين (3) ، وتصريحه بأنه بعده الإمام والخليفة والوصي (4).
وهذا الضرب من النص وإن لم
يظهر بين مخالفي الشيعة ، كظهور غيره من النصوص فلأغراض أوجبت إعراضهم عن التواتر
بنقله. ودعتهم إلى كتمانه ، فلذلك جاء في
نقلهم آحادا وفي نقل الشيعة متواترا ، لأنهم مع اختلافهم وتباين آرائهم ، وبلوغهم
في الكثرة حدا يستحيل معه حصول التواطؤ وما يجري مجراه ، وتساوي طبقاتهم في ذلك ،
وكون المنقول مدركا في الأصل لا شبهة في مثله
قد أطبقوا على نقله وقد بنوا بروايته خلفا عن سلف ، فهو بينهم شائع ذائع لا
يرتاب فيه منهم بعيد ولا قريب ، ولا يزال إجماعهم منعقدا عليه من لدن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الآن بل إلى انقضاء التكليف ، فلو لا أنه
حق وأنهم صادقون في روايته ونقله لم يكن لشيء من ذلك وجه ، وفيه المراد.
ومنها : الخفية المحتملة
للتأويل :
أولها : نص يوم الغدير : قوله
صلى الله عليه وآله وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » (5). ولا ريب عند محصل أنه قدم
مقدمة تفيد نفاذ الأمر وإيجاب الطاعة ، وصرح فيها بذكر «الأولى » بذلك ، ثم عطف
عليها بهذا اللفظ الذي هو في معناها ، فكان مراده بالجملتين واحدا، إذ المولى
بمعنى الأولى ، ولو أراد به غيره لم يكن كلامه مقيدا ، فإن جميع ما تحتمله لفظة «مولى
» من الأقسام المعروفة في اللغة لا تصح أن تكون شيء منها مرادا ها هنا سوى «الأولى » لأنها كلها
ترجع في التحقيق إليه ، فكأنه أصل لها ، ولأن منها ما علم استحالته ، ومنها ما علم
ضرورة ثبوته بينهما ، فلا فائدة في إشارته إليه ونصه به ، سيما في ذلك المحفل
العظيم والجمع الكثير والوقت الشديد ، مع المشهور من تهنئة من حضر (6) ، وإعلانهم
بذلك نثرا ونظما ، ورضاه صلى الله عليه وآله وسلم ، وسروره بكل ما ظهر منهم من ذلك.
فلو لا أنه مراده لم يسغ له الرضى به ، ولوجب عليه الإعلام بغرضه ،
والإبانة عن قصده ، لاستحالة التلبيس والتعمية عليه ، فكأنه صلى الله عليه وآله
قال ـ بعد أن قدرهم على فرض طاعته ، وثبوت ولايته التي هي نفاذ أمره ونهيه فيهم
عاطفا على النسق من غير تراخ ـ : «فمن كنت أولى به منه فعلي بعدي أولى وأحق به منه
». ولو أراد ما سوى هذا المعنى لم يكن لكلامه معنى ، ويحل عن ذلك.
ولا معنى للإمام إلا من اختص
بهذا الشأن.
وثانيها : نص غزاة تبوك :
قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » (7) ، ولا
مندوحة عن أنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد «بمنزلة» جميع المنازل لانتهاء المنزلتين الاخوة للأبوة ضرورة
، والنبوة استثناء. فلو كان مراده غير ذلك كان مستثنيا أمرا من أمر مع انتفاء أمر
آخر ، تبعا لما استثناه. وانتفاء شيئين من شيء واحد مما لا يعقل. بل ولا واحد من واحد، لكونه
نقضا لحقيقة الاستثناء ولغوا لا فائدة فيه ...
وإذا كان من جملة منازل هارون
من موسى ـ عليهما السلام ـ الخلافة في قومه ، كما أخبر تعالى عنه (8) ، مع ما
يضامها (9) من محبة ، وشد أزر ، وقوة اختصاص ، تحقق أنه صلى الله عليه وآله وسلم عنى بهذا النص ذلك ، وأراده وهو صريح
الإمامة.
ولا يقدح ... موت هارون في
حياة موسى، لأنه لو بقي بعده لاستمر على ما كان له منه، لاستحالة عزله عنه.
ولما بقي علي ـ عليه السلام ـ
بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثبت له ما أثبته ، واختص بما خصه به.
وثالثها : نص القضاء : قوله
صلى الله عليه وآله وسلم : « أقضاكم علي » ـ عليه السلام ـ (10) وإنما أراد أنه أعلمهم
بالقضاء الذي يجمع علوم الدين ويقتضي التقديم في الحكم ، والمقطوع على تميزه بذلك
لا يكون إلا معصوما ، ولم يتحقق ذلك بعده بلا فصل إلا لعلي ـ عليه السلام.
ورابعها : نص المحبة :
المعينة في حديث الطائر (11) وحديث خيبر (12) ونظائر هما. لأن محبة الله ورسوله
مفيدة علو المنزلة عندهما ، وهي ما أردناه.
من الفضيلة باطنا وظاهرا ،
ولا امتياز بها إلا لمن ثبت كونه معصوما ، وبثبوت عصمته ثبوت إمامته.
وخامسها : نص الفعال : وهو
المشهور عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، من إستخلافه له في حياته ، وإقامته في كثير من الأمور مقام نفسه ،
على وجه لم يعزله ولا استبدل به ، ولا خفاء أن الحاجة إليه بعد وفاته آكد منها في
حال حياته فكان ذلك مستمرا له وباقيا فيه.
وقد ظهرت له ـ عليه السلام ـ
مطابقة لادعائه الإمامة فنون المعجزات التي ظهورها واشتهارها مغن عن التطويل بذكرها
، كل صنف منها دال على إمامته ، وشاهد بها ، وما أشرنا إليه من نصوصه وكراماته معروف أمرها ، مشهور نقلها ، لظهوره
وشياعه بين الطائفتين المختلفتين، والفرقتين المتباينتين ، ولا يكاد يقدح في
روايته إلا من طوى العناد أو منطو على الإلحاد ، فإن الشك فيها كالشك في كل ما ظهر
واشتهر من معجزات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وآياته وحروبه وغزواته.
وإذا ثبت إمامته ـ عليه
السلام ـ فكل ما يعترض به من أقواله وأفعاله للقدح في كونه منصوصا عليه بها ساقط
على رأي الخاصة والعامة، لأنه من المطهرين المعصومين.
فكل ما يقال من أنه بائع من
تقدمه ، ورضي بهم ونكح من سبيهم واقتدى بصلاتهم وتناول من عطائهم ولم ينكر عليهم ، ولا غير كثيرا من أحكامهم عند
خلافته ، مع انقياده إلى واحد منهم بعد واحد حتى دخل الشورى ، وانتهى إلى تحكيم
الحكمين ، وما لا يزال المخالف به متشبثا متعلقا من هذه الأشياء وأمثالها ، لا قدح
به ولا تعويل على مثله ، أما عند الخاصة ... من عصمته وطهارته ، فلا بد لكل ما كان
منه من ذلك ، وغيره من وجه حكمة وسبب مصلحة، فالطاعن به إن وافق على ثبوت العصمة
سقطت مطاعنه ، وتيقن الصواب والمصلحة في ذلك ، فحمله عليهما وصرفه إليهما ، وإلا
لم يحسن إجابته عنه ولا مكالمته فيه ، لمخالفته في الأصل الذي يبنى عليه ويرجع
إليه.
وأما عند العامة فلأن
الاجتهاد يؤدي إلى ما هو أكثر من ذلك ، والمجتهد فيه عندهم مصيب ، وهو ـ عليه
السلام ـ من أجل المجتهدين ، فلا ملامة عليه في جميع ما أداه اجتهاده إليه على
أصولهم ، فكيف يليق مع هذا الأصل الطعن بشيء من ذلك ، على أن المحقق المحرر أنه ـ عليه السلام ـ لم يكن راضيا بشيء مما ادعى رضاه به. بل لا طريق إلى العلم بذلك ، لاحتماله
وجوها من التقية والاحتياط وخوف انقلاب الملة وارتداد أكثر الأمة ، وغيرها من
الوجوه التي يحتملها إظهار الرضا ، وكذا كل ما اعتمده ـ عليه السلام ـ من ذلك لم
يكن اختيارا وإيثارا بل تقية واضطرارا.
وقد تظلم من القوم وأنكر
عليهم بالقول بحسب إمكان الوقت ولم يأل جهدا في التلويح بذلك بل في التصريح ، ولو
لم يكن منه شيء من ذلك كان في إباحة التقية ما لولاها لم يكن مباحا ، وتسويغها ما
لولاها لم يكن سائغا كفاية.
وقد وضح ... أن أحكام ظالميه
ومحاربيه والباغين عليه أحكام أهل الارتداد ، وهي الكفر الذي لم يتقدمه إيمان.
ولو لم يشهد بذلك إلا شهادة
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن حبهما واحد وبغضهما واحد (13) ، ودعاؤه له بقوله : « اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه » (14).
وإخباره أن حربه كحربه بقوله
: « حربك حربي ، وسلمك سلمي » (15). لكفى وأغنى عن غيره ، فإن عدو الله ومبغض رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أو محاربة كافر إجماعا ، وما أراد بالحرب إلا حكمه لا نفسه ، وما
يدعى لمحاربيه في تسوية محال ، لكونه عدولا عن معلوم إلى مجهول أو مظنون ، ولفقد
أماراتها وأسبابها منهم ، ولأن جميع ما يعول عليه في ذلك ساقط، لكونه آحادا
ومعارضا بما يناقضه.
ولما لم تكن أحكامهم متفقة بل
مختلفة ، حسبما قررته الشيعة ، لم يلزم حملهم على من يسبي ويغنم منهم ، وإن حملوا
عليهم في لزوم الكفر ودوام عقابه.
والطريق في إثبات إمامة
الأئمة الأحد عشر بعد أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ من ابنه الحسن إلى الحجة
المهدي محمد بن الحسن ـ صلوات الله عليهم ـ ، واحدة ، لأن كل من ادعيت إمامته
سواهم من لدن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وإلى المهدي ـ عليه السلام ـ لم يكن
مقطوعا على عصمته ، ولا ممتازا بما يجب
للإمام من مزايا الكمال لأن الأمة بين قائلين
:
قائل باعتبار ذلك ، وأنه لا
يثبت كون الإمام إماما به ، وقائل لا باعتباره بل إما بالاختيار أو الميراث أو القيام بالسيف أو الإشارة إلى
حياة من لا شبهة في موته ، لكونه معلوما ضرورة ، أو التعويل في الإمامة على ما لا
يعقل إلا في الربوبية أو على ما لا يعقل أصلا ، أو التمويه بادعاء عصمة من ظهر
فسقهم وسوء سيرتهم ، مغن عن القدح فيهم ، مع المعلوم المفهوم من رداءة بواطنهم ،
وخبث سريرتهم ، فتكافأت هذه الأقوال كلها في فساد أصولها وقواعدها التي هي مبنية
عليها ، وكانت نسبتها في البطلان والسقوط نسبة واحدة ، فإن فيها ما قد انقرض
القائلون به انقراضا لم يبق منهم سوى الحكاية عنهم ، والحق لا يجوز انقراضه ،
وفيها ما ظهور فساده ، وبعده عن الحق يغني عن تكليف الكلام عليه ، فيكون الإجماع
الكلي والوفاق القطع والعلم اليقيني مفردا حاصلا أنه لا عصمة ولا مزايا كمال لكل
من عدا أئمتنا الاثني عشر ـ عليهمالسلام ـ من جميع من ادعيت لهم الإمامة على اختلاف
طرقها وجهاتها في الادعاء.
فبطلان الجميع على هذا الأصل
ظاهر ، وكان فيه شيء واحد ، وحينئذ لولا ثبوت إمامة أئمتنا ـ عليهمالسلام ـ والقطع على أنه لا حظ لأحد سواهم في الإمامة
، لامتيازهم بخصائصها ومزاياها التي كون الإمام إماما مشروطا بها ومترتبا على ثبوتها لزم إما خروج الحق عن هذه
الأمة، أو خلو زمان التكليف من الرئيس ، أو إمامة من لا طمع له بمزية من تلك المزايا ، لاستحالتها فيه، وبفساد ذلك ،
واستحالته ، وقيام الأدلة عقلا وسمعا على خلافه ودلالة واضحة على ما أشرنا إليه
ونبهنا عليه ، من إمامة أئمتنا ـ عليهمالسلام ـ ، ولأنهم مختصون بالنصوص الربانية الدالة
على عصمتهم وكمال صفاتهم قوله تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] وهم من لا يجوز عليهم الكذب ، والكون معهم هو
الانقياد لهم ، وإطلاق الأمر به يقتضي فرقا بين من يجب معه ومن يجب عليه ، وفيه ما
أردناه.
وقوله {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ} [النساء: 59] وعموم الأمر وإطلاقه بوجوب طاعة أولى الأمر عطفا على عمومه
، وإطلاقه بوجوب طاعة الرسول، وطاعة الآمر سبحانه يقتضي كون الحكم في الجميع
واحدا.
أو بوجوب الفرق بين من تجب له
الطاعة وبين من تجب عليه ، وفيه الغرض.
وقوله {وَيَوْمَ نَبْعَثُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} [النحل: 84] إخبار عن أنه لا بد لكل زمان تكليف من
شهيد على الأمة ، هو الرئيس الذي لا شهيد عليه إلا الله وإلا تسلسل الأمر. وفيه ما
قصدناه.
وقوله {فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] أمر بوجوب المسؤولين لا
يجوز كونهم سائلين ، لإحاطتهم علما بكل ما يسألون عنه ، وهو المعول.
وقوله في آخر آية إبراهيم {قَالَ
لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] نفى استحقاق عهده الذي هو إمامة
الأئمة كل من تناوله اسم الظلم وجاز عليه ، وفيه ثبوت عصمة من استحق ذلك واختص به
، وهو المقصد مع كثير من الآيات التي يطول شرحها.
وبالنصوص النبوية المتضمنة
أسماء هم وأوصافهم وتعيينهم واحدا بعد واحد ، والتصريح فيها بثبوت إمامتهم ولزوم
خلافتهم وفرض طاعتهم وإيجاب ولايتهم ، والتنبيه على عددهم وغيبة قائمهم (16) وما
يكون لهم ومنهم إلى قيام الساعة ، فإنها أكثر من أن تحصى ، وأعظم من أن تستقصى ،
لظهورها وشياعها في نقل كل مؤالف ومخالف ، فتواتر نقلها واتفاق الفريقين على
روايتها أشهر من كل مشهور ، وأظهر من كل ظهور ، وليس غرضنا ها هنا ذكر الأحاديث ،
كراهية التطويل بإيرادها ، واكتفاء بالإشارة إليها ، رغبة في الاختصار ، وإلا
أوردنا منها جملا من الطرفين تحقق ما أشرنا إليه
وعولنا عليه ، من أرادها أخذها من مظانها ، وفي كل نص منها ظهور المحجة
وقيام الحجة ، لأن مع تضمنها لهذا العدد المخصوص المعين الذي لم يقع ادعاؤه ولا
أشير به إلى ما سوى المعنيين فيها ، وتصريحا بأسمائهم وسماتهم ونعوتهم وصفاتهم
وأنسابهم وأسبابهم ، ليستحيل تعلقها بغيرهم
وأن يكون المراد بها سواهم.
وإذا صحت هذه الجملة فما به
ثبتت إمامة أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ من النص الجلي الذي هو من بعض براهينها
الكاشف عنها كشفا لا يحتمل سواها ، والمختص به اختصاصا يستحيل تعلقه بغيره به
بعينه من جهة النصوص التي أشرنا إليها تثبت إمامة الأئمة الإحدى عشر من ولده ـ
عليهم السلام ـ لأنها واضحة جلية في تصريحها بثبوت الإمامة التي لا يحتمل شيئا
سواه، وإن كانت إمامتهم ثابتة بغير ذلك ، ويكفي في ثبوتها نص كل واحد منهم على
الذي يليه بالإمامة والإشارة إليه بالوصية ، وإيداعه من الذخائر النبوية والعلوم
الباهرة الحقية ما لا يقوم به إلا المخصوص بالعصمة ، وتميزه بالعهد إليه والتعويل عليه عن باقي الأهل
والأولاد والذرية.
وهذه وإن كانت حجة قاطعة
وطريقة معتمدة في إثبات إمامتهم ـ عليهم السلام ـ إلا أنها تختص بنقل الطائفة المحقة ،
فهم متدينون بروايتها ، متواترون بنقلها ، مجمعون على صحتها ، وفي بعضهم ما تقوم
بنقله الحجة فكيف في جميعهم؟ ولو كان في هذا الضرب من النص ما هو من خبر الآحاد
كان بكثرته واتفاق دلالته على المدلول الواحد مع انضمام بعضه إلى بعض ما يبلغ درجة
المتواتر ويقتضي مقتضاه.
كيف وإجماع الفرقة الناجية
منعقد عليه ، مع كون المعصوم في جملة إجماعهم ، لاستحالة كونه في غيره ، فإن كل من
خالفهم موافق لهم على أنه لا معصوم فيمن
عداهم من جميع الفرق على اختلافها فلا بد من كونه فيهم ، لاستحالة خلو زمان
التكليف ممن هذه صفته.
ومما اختصوا به ـ عليهم السلام ـ ظهور المعجزات مطابقة لادعائهم الإمامة ،
فلولا أنهم صادقون في ادعائها لم يكن لظهورها وجه ، لاستحالة منافات الحكمة
الإلهية.
وحكم معجزاتهم في ظهور النقل
والرواية لها بين الشيعة وبين مخالفيها أيضا حكم نصوصهم ، من أراد الجميع أخذه من
مواضعه المختصة بذكره (17).
وإذا تمهدت هذه الأصول ،
وتقررت قواعدها ، علم بثبوتها وجود إمام الزمان القائم المهدي ـ صلوات الله عليه ـ
، وأن زمان التكليف لا يخلو من وجوده ، وكان الكلام في غيبته مترتبا عليها ومتفرعا
عنها.
وجملته أن مع ثبوت عصمته لا بد له من وجه حكمة فيها ،
للقطع ، اليقيني على حسن جميع أفعال المعصوم واختصاصها بالثواب الذي لا يقدر له
سواه ، ولو قدح في العصمة ما لا يظهر فيه وجه المصلحة ، أو يظهر جملة لا تفصيلا ،
لقدح مثل ذلك في حكمة الله تعالى.
فكما أن كل ما لا يتبين فيه
وجه المصلحة من الأمور التي يكثر عددها
يجب حمله على ما يناسب الحكمة ويطابقها ، ولا يليق القدح بمثله فيها ،
لكونه فرعا محتملا يبنى على أصل غير محتمل ، فكذلك يجب حمل الغيبة لاشتمالها على
العصمة التي لا مدخل للاحتمال منها ، ويكفي هذا في معرفة الحق واعتقاده.
والزيادة عليه : أن العلم
بوجوب التحرز من الضرر ـ ولو كان مظنونا فكيف إذا كان معلوما ـ مركوز في غريزة عقل
كل عاقل ، فهو من العلوم الضرورية التي بها كمال العقل ، وإمام الزمان ـ عليه
السلام ـ لما لم يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه تعين عليه من فرض
الاحتزاز ، دفعا للضرر عن النفس ما لا تعين على آبائه ـ عليهمالسلام.
ولا غاية في التحرز أبلغ من
الغيبة ، فيجب تجويزه ـ صلوات الله عليه ـ الخوف ، أو قطعه عليه إن لم يتوقاه حصل
احترازه وتوقيه منه ، فكانت غيبته أما
حسنة ، لحسن ما لا مدفع للضرر إلا به ، أو واجبة لوجوبه.
ثم إذا لم يكن من قبل الله
للقطع على أنه سبحانه قد أزاح العلة بإيجاد الإمام وتمكينه والإعلام والإبانة له
عن غيره بالمعجز المطابق ، وبالنص عليه ، وكان تكليفه ـ عليه السلام ـ القيام بما
فوض إليه إنما هو مع التمكن من ذلك ، لكونه
مشروطا به متوقفا عليه ، وكان تمكينه منه موقوفا على طاعته التي هي مشروطة بمعرفة
الأمة له وانقيادهم إليه وتعويلهم عليه ، لكونهم مكلفين بذلك ، قادرين عليه ،
مرتهنين به ، وكانت الأمة بين محق أو مبطل
، فالمحق بالنسبة إلى المبطل قليل من كثير ، وجزء من كل ، والمبطل عكسه ، فأي حرج
على الإمام في غيبته؟ إذا كان مخافا على نفسه ، مدفوعا عما يجب له من طاعة وغيرها
، ممنوعا من حقه ، ومرتبته لا بأمر من قبل الله أو قبله ، بل بما هو معلوم ، من جهل أكثر الأمة وعنادها وزيغها
عن الحق وتشبثها باتباع أهوائها المضلة وآرائها المزلة وهل هو فيها إلا محتاط
لنفسه وشيعته غاية الاحتياط ، مرتبط بما يجب له وعليه أحسن الارتباط.
ففوات اللطف العام بظهوره
متمكنا لا يعدو إثمه من سببها وأحوج إليها
، وإن كان اللطف الخاص بوجوده ومعرفته وترقبه حاصلا لأوليائه.
هذا مع ما ثبت من أنه تعالى
كما لا يلجىء إلى طاعة ، لا يمنع من معصية ، إذ الإلجاء والمنع منافيان للتكليف الذي
بشرطه الاختيار ، فسبب الغيبة وإن كان قبيحا إلا أن مسببه في غاية الحسن ، وليس المراد
بها أكثر من أنه ـ عليه السلام ـ لا يميز عن غيره ولا يعرف بعينه ، مع تجويز كونه
مخالط الأولياء والأعداء.
وعلى هذا لا يمتنع ظهوره
لكثير من أوليائه إذا دعت المصلحة إلى ذلك ، ومن لا يظهر له منهم لا بد فيه من وجه
حكمة تغني جملة القطع عليه عن تفصيل ولا يعجب ، أو إنكار لطول عمره بعد القطع على
إثبات الفاعل المختار سبحانه ، لاستناده إليه ، أو اقتداره عليه ، كما لا معنى
للتعجب من ذلك ، مع إنكار الفاعل المختار ، إذ الكلام في الفروع لا مع تسليم الأصل
والوفاق عليه لا معنى له ولا فائدة فيه.
ولو كان عمره ـ عليه السلام ـ خارقا لا معتادا ، لجاز بالنسبة إلى حسن
الاختيار ، ولوجب بالنسبة إلى ما لا يتم
إلا به ، وفاتت الحدود وما يتبعها من
الأحكام والحقوق المعطلة لا إثم في تعطيلها إلا على من أحوج إليه مع بقائها في ذمم من تعلقت به ، الله ولي
التوفيق.
__________________
(1) « خبر » بمعنى « جرب
ومارس ».
(2) قال الفيض الكاشاني ـ قده ـ في الصافي عند
تفسير الآية ما نصه : والأخبار مما روته العامة والخاصة في أن هذه الآية نزلت في
أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كثيرة جدا ، ونقل في المجمع عن جمهور المفسرين أنها
نزلت في أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ حين تصدق بخاتمه في ركوعه.
وقال السيد شرف الدين الأسترآبادي : اتفقت روايات
العامة والخاصة على أن المعني بـ ( الَّذِينَ آمَنُوا ) : أنه أمير المؤمنين ـ
عليه السلام ـ لأنه لم يتصدق أحد وهو راكع غيره. أنظر « تأويل الآيات الظاهرة في
العترة الطاهرة » : 1 ـ 151.
(3) بحار الأنوار 37 ـ 290.
وإحقاق الحق 4 ـ 276 ـ 277. و 15 ـ 223.
(4)
أنظر الغدير 1 ـ 215 ، وبحار الأنوار 37 ـ 109.
(5) بحار الأنوار 37 ـ
108 ـ 253. والغدير 1 ـ 214. وفرائد السمطين 1 ـ 64. ونهج الحق ص 173.
(6) في
فرائد السمطين 1 ـ 77 ، الباب 13 في فضل صوم يوم عيد الغدير وما له من الأجر
الجزيل والثواب الوافر الكثير بإسناده. إلى أن قال : لما أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي ـ عليه السلام ـ فقال : « من كنت
مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه، وانصر من نصره » فقال له
: عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم !
(7) بحار الأنوار 37 ـ 254 ـ 289. وفرائد
السمطين 1 ـ 122. ومناقب ابن المغازلي ص 27. وأسد الغابة 4 ـ 26 ، و 5 ـ 8.
والغدير 1 ـ 51 و 397 و 7 ـ 176. ونهج الحق ص 216.
(8) {وَقَالَ مُوسَى
لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142].
(9) من ضم الشيء إلى الشيء.
(10) نهج الحق ص 236. والغدير 3 ـ 96 و 7 ـ 183
و 6 ـ 69. وفرائد السمطين 1 ـ 166 ونص الحديث فيه : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أرحم هذه الأمة. وأقضاهم علي ـ عليه
السلام. وشرح النهج لابن أبي الحديد 1 ـ 18. وفيه : وقد روت العامة والخاصة قوله
صلى الله عليه وآله وسلم : « أقضاكم علي ».
(11) حديث الطير المشوي
من الأحاديث المشهورة بين العامة والخاصة وإليك بعض مصادره فانظر التاج الجامع
للأصول 3 ـ 336 ، وأسد الغابة 4 ـ 30 ، والغدير 9 ـ 395 ، وبحار الأنوار 38 ـ 348
، ونهج الحق ص 220.
(12)
المشهور بحديث الراية لاحظ الغدير 7 ـ 200 و 204 ، ونهج الحق ص 216 ، وبحار
الأنوار 39 ـ 7 ـ 19.
(13) حيث قال صلى الله
عليه آله : « من أحب عليا فقد أحبني ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ».
لاحظ الغدير 3 ـ 25 ، و
9 ـ 268. ونهج الحق ص 259 وبحار الأنوار 7 ـ 221 و 39 ـ 275.
(14) بحار الأنوار 37 ـ
108 ـ 253 ، والغدير 1 ـ 214. ونهج الحق ص 173.
(15) إحقاق الحق 4 ـ 258
والغدير 10 ـ 126 و 278 وأمالي الطوسي 1 ـ 374 وأمالي الصدوق ـ ره ـ المجلس 21
برقم 1. وعوالي اللئالي 4 ـ 87.
أقول : إن في هذا
المضمار للشارح المعتزلي كلاما أحب أن أشير إليه حيث قال :
لنفرض أن النبي ـ عليه السلام ـ ما نص عليه بالخلافة بعده ، أليس يعلم
معاوية وغيره من الصحابة أنه قال له في ألف مقام : « أنا حرب لمن حاربت وسلم لمن
سالمت. وحربك حربي وسلمك سلمي » ... شرح النهج لابن أبي الحديد 18 ـ 24. ومناقب ابن
المغازلي ص 50.
(16) أقول : النصوص التي
تدل على إمامة الأئمة الاثني عشر ـ عليهمالسلام ـ مع التنبيه على أسمائهم وعدد هم ، كثيرة
جدا تبلغ فوق التواتر فإليك بعض المصادر : بحار الأنوار 23 ـ 289 و ج 36 ـ 192 ،
الباب 40 : نصوص الله على الأئمة ـ عليهم السلام ـ و ص 226 ، الباب 41 : نصوص الرسول صلى
الله عليه وآله على الأئمة ـ عليهمالسلام. وكفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني
عشر.
وإثبات الهداة ج 1 ،
الباب 9 برقم 863. وتأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة 1 ـ 135 برقم
13. وعوالي اللئالي 4 ـ 89 برقم 120 ـ 124. ونور الثقلين 1 ـ 499 برقم 331 ـ 332.
وتفسير البرهان 1 ـ 381
ـ 386. وأصول الكافي 1 ـ 286 من كتاب الحجة ، وفرائد السمطين 2 ـ 134 ، وصحيح مسلم
3 ـ 1 ، كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش.
ولاحظ صحيح البخاري 9 ـ
81 باب الاستخلاف. والمستدرك 3 ـ 618.
ومسند أحمد بن حنبل 5 ـ
88 و 89 و 90 و 92 و 97 و 98 و 107 ، ونقل المجلسي ـ قده ـ أخبار الأئمة الاثني
عشر من كتب العامة المسميات عندهم بالصحاح الستة في روضة المتقين 13 ـ 267 ـ 270.
(17) مثل مدينة المعاجز ، وإثبات الهداة وبحار الأنوار ـ أبواب معجزاتهم
ـ عليهم السلام ـ وقد ذكر المحدث الجليل الحر العاملي في إثبات الهداة (720)
معجزة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم و (1907) معجزة للأئمة الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ ، واكتفى السيد هاشم البحراني في كتاب
مدينة المعاجز بذكر (2066) معجزة للأئمة الاثني عشر ـ عليهم السلام ـ فلاحظ .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|