المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



أثار التظلم الاداري الوجوبي  
  
3512   01:59 صباحاً   التاريخ: 29-4-2022
المؤلف : زينب عباس محسن الابراهيمي
الكتاب أو المصدر : التظلم الإداري باعتباره شرطا من شروط قبول الدعوى امام القضاء الاداري
الجزء والصفحة : ص79-92
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يترتب على التظلم الوجوبي الى الإدارة مع توافر شروطه عدة أثار ، منها ما يتحقق بمجرد تقديم التظلم الى الإدارة ضمن المدة القانونية المقررة للطعن القضائي ، ومنها لا يتحقق ألا بعد استجابة الإدارة للتظلم إذا ما وجدت أن صاحب الشأن على حق ، ويترتب على تقديم التظلم ضمن المدة القانونية المقررة لتقديم التظلم أمام الإدارة أثران هما :-

الأول :- قطع ميعاد الطعن القضائي ، ويترتب عليه انقطاع ميعاد الطعن القضائي ، فقطع الميعاد يعني عدم الاعتداد بالمدة المنصرمة منه  (1).

الثاني :- قبول الدعوى أمام القضاء من الناحية الشكلية في حالة التظلم الإداري الوجوبي  .

أما الأثر المترتب بعد استجابة الإدارة للتظلم إذا وجدت أن صاحب الشأن على حق فهو بلا شك إلغاء القرار الإداري ، أو تعديله .

وبناءاً على ما تقدم سينقسم هذا الموضوع  الى ثلاثة مباحث وعلى النحو آلاتي :-

المبحث الأول:- قطع ميعاد دعوى الإلغاء

المبحث الثاني :- قبول الدعوى أمام القضاء الإداري

المبحث الثالث :- إلغاء القرار الإداري

المبحث الأول

قطع ميعــاد دعوى الإلغاء

القاعدة العامة في التظلم الإداري أن ميعاد الدعوى لا ينقطع إذا قدمه ذو المصلحة في الميعاد المقرر لرفع الدعوى أمام القضاء ، والذي يحسب من تاريخ نشر القرار محل الطعن أو بتبليغ صاحب الشأن به ، أو علمه به علماً يقيناً ثابتاً ، وذلك يعني أن التظلم يعتد به قانوناً لقطع ميعاد الدعوى هو الذي يقع قبل انقضاء مدة الطعن القضائي ، وهي ستون يوماً في العراق  (2).

وبتقديم التظلم الى الإدارة ينقطع ميعاد الدعوى ، حيث تبدأ الإدارة في نظر التظلم خلال المدة المحددة للبت في التظلم ، ويبدأ حساب المدة المقررة للبت في التظلم من اليوم التالي لوصول التظلم ، فلا يحسب اليوم الذي يصل فيه التظلم الى الإدارة ، أي أن العبرة في حساب تقديم التظلم هي تاريخ وصوله للإدارة وليس تاريخ إرساله ، والقاعدة ذاتها تطبق بشأن رد الإدارة بعد تقديم التظلم ، ويتوقف حسب الميعاد الجديد على موقف الإدارة من التظلم  (3) .

وبذلك يترتب على مجرد تقديم التظلم قطع ميعاد دعوى الإلغاء ويبدأ حساب ميعاد جديد من تاريخ إعلان صاحب الشأن برد الإدارة الصريح بالرفض ، أما إذا أجابته لطلبه فلا حاجة بعد ذلك لرفع دعوى قضائية ، بيد انه قد يحدث الاّ ترد الإدارة أصلاً على المتظلم ، فما هو الحكم في هذه الحالة ؟   (4) .

أجاب قانون مجلس شورى الدولة المعدل رقم 65 لسنة 1979 على ذلك ، فعند البت في التظلم أو رفضه تقوم محكمة القضاء الاداري بتسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني  (5) ، فأعتبر القانون عدم رد الادارة على التظلم بمثابة قرار برفض التظلم وبالتالي يبدأ حساب ميعاد جديد للتظلم مقداره ستون يوماً ، والتظلم الذي يترتب هذا الأثر هو التظلم الأول .

عليه سنتناول اثر التظلم في قطع ميعاد الدعوى في مطلبين وعلى النحو الآتي :-

المطلب الأول :- حساب الميعاد عند الرفض الصريح أو الضمني

المطلب الثاني :- اثر الرفض الجزئي للتظلم على الميعاد

المطلب الأول

حساب الميعاد عند الرفض الصريح أو الضمني

أذا تقدم صاحب الشأن بالتظلم الإداري الى الجهة الإدارية المختصة مع توافر شروطه فانه ينتج آثره في قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء .

ويترتب على تقديم التظلم حساب ميعاد جديد لرفع الدعوى ، فاذا رفضت الإدارة التظلم المقدم  أليها صراحة ، ففي هذه الحالة يبدأ حساب الميعاد الجديد لرفع دعوى الإلغاء اعتباراً من اليوم التالي لعلم ذي الشأن بقرار الرفض الصريح للتظلم  (6) .

ويعني القرار الصريح برفض التظلم أن تكشف الجهة الإدارية المختصة عن رأيها بوضوح وبما لا يقبل الشك ، فاذا كان الرفض غير صادر من جهة مختصة  أو انه غير قاطع الدلالة ، لا يمكن اعتباره قراراً صريحاً بالرفض  (7) .

أما إذا ألتزمت الإدارة جانب الصمت ولم ترد على التظلم المقدم أليها فتكون هذه الحالة بمثابة رفض ضمني للتظلم ، ويبدأ حساب الميعاد من اليوم التالي لانقضاء المدة اللازمة للبت في التظلم وهي ( 60 ) يوماً في مصر و ( 30 ) يوماً في العراق  (8) .

واذا قام صاحب الشأن بإرسال اكثر من تظلم الى الجهة الإدارية المختصة بتواريخ مختلفة فان العبرة في هذه الحالة تكون بتاريخ التظلم الأول ، فهو الذي يقطع الميعاد ولا يلتفت الى بقية التظلمات المرسلة بعد هذا التاريخ مهما تعددت  (9).

ومما تقدم يتبين أن التظلم الإداري يقطع ميعاد دعوى الإلغاء ويكون سبباً في امتداده ليبدأ من جديد من تاريخ رد الإدارة الصريح أو الضمني بالرفض .

والقاعدة أنه يجب انتظار ميعاد البت في التظلم بعد تقديمه الى الادارة خلال المدة المقررة للنظر والبت فيه من قبلها ، وبالتالي الوقوف على قرارها بالرفض الصريح أو الضمني المستفاد من سكوتها دون رد لحين انقضاء المدة المذكورة (10).

وسنتناول حساب هذا النوع من الميعاد سواء كان الرد صريحاً إثم ضمنياً في كل من  مصر والعراق ونتناول كلاً  منها في  فرع مستقل وعلى النحو الآتي :-

الفرع الأول :- حساب الميعاد عند الرفض الصريح أو الضمني في مصر

الفرع الثاني :- حساب الميعاد عند الرفض الصريح أو الضمني في العراق

الفرع الأول

حساب بالميعاد عند الرفض الصريح أو الضمني في مصر القضاء الإداري أستقر على قبول الدعوى أمام القضاء بعد تقديم التظلم الى الإدارة إذا ردت الإدارة صراحة" بالرفض قبل انقضاء المدة المقررة للبت في التظلم دون حاجة لانتظار انقضائها ، أو إذا كشفت نيتها عن ذلك ، أو أذا تعجل ذوو الشأن في تقديم الدعوى وانقضى الميعاد أثناء سير الدعوى دون أن ترد الإدارة ، لما في ذلك كله من تحقيق للعدالة   (11) .

ومع ذلك إذا ما اتخذت الإدارة مسلكاً إيجابيا يدل على عدم إهمالها للتظلم ، وأنها في سبيلها لأجابة المتظلم لطلبه ، فأن الميعاد المحدد للإدارة لردها على التظلم يمتد ، والقول بغير ذلك يعني دفع المتظلم الى مخاصمة الإدارة قضائياً في الوقت الذي اتجهت فيه نية الإدارة نحو قبول التظلم ، وهذا ينافي الهدف من  تقرير التظلم ، وهو تلافي اللجوء للطعن القضائي على قرارات الإدارة من خلال إعطائها فرصة للتصحيح اللاحق لتلك القرارات  (12) .

وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بهذا الخصوص بأن قرينة الرفض الحكمي للتظلم المستفاد من مضي ( 60 ) يوماً على التظلم تنتفي إذا لم تهمل جهة الإدارة التظلم ، بأن اتخذت مسلكاً إيجابيا نحو الاستجابة للتظلم بعد أن استشعرت الجهة الإدارية أن للمتظلم حقاً وأنها في سبيل أجابته الى تظلمه  (13) .

وأساس امتداد الميعاد في حالة اتخاذ الادارة مسلكاً إيجابيا ينم عن الاستجابة لطلب المتظلم ، هو انتقاء القرينة القانونية على رفض التظلم والمستقاة من مرور ( 60 ) يوماً على التقدم به دون أن تبت فيه  (14) .

الفرع الثاني

حساب الميعاد وعند الرفض الصريح أو الضمني في العراق يلاحظ على المشرع العراقي في قانون مجلس شورى الدولة لسنة 1979 المعدل في المادة ( 7 / ثانياً / و ) أورد عبارة غامضة وغير قابلة للتطبيق في حالة رفع الدعوى بعد رفض التظلم ، أو عدم البت فيه حيث نصت على ( ... وعند عدم البت في التظلم أو رفضه تقوم محكمة القضاء الإداري بتسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني ) ، فمن الذي يسجل الطعن وكيف ؟ فهل هي محكمة القضاء الإداري كما يبدو من ظاهر النص؟ ، أن هذا الأمر يبدو مستحيلاً من الناحية الواقعية في القانون العراقي ما لم يبادر صاحب الشأن بطلب ذلك (15).

أما من الناحية العملية فأن صاحب الشأن أو وكيله القانوني هو الذي يقوم بتقديم عريضة الدعوى الى رئيس محكمة القضاء الإداري ، وهو بدوره يؤشر عليها من أجل استيفاء الرسم القانوني عنها ، حيث تعتبر الدعوى قائمة من تاريخ دفع الرسم عنها أو من تاريخ صدور القرار بالأعضاء من الرسم القانوني  (16).

ويضاف لذلك أن محكمة القضاء الإداري لا تبحث عن التظلم الإداري عند تسجيل الطعن لديها ، وإنما تبحث عن التظلم أثناء سير الدعوى  (17) .

وبهذا يكون ما أورده المشرع العراقي في المادة ( 7 / ثانياً / و ) من قبيل اللغو التشريعي (18) .

المطلب الثاني

أثر الرفض الجزئي للتظلم على الميعاد

أنه إذا ما قدم صاحب الشأن تظلمه من قرار أداري معين الى الإدارة ، فأن الإدارة أما أن ترفض التظلم فيبقى القرار محل التظلم قائماً ، أو أن تلتزم الصمت فتسكت عن الرد حتى انتهاء المدة المقررة للبت بالتظلم فتكون النتيجة قراراً ضمنياً بالرفض وبذلك يبقى القرار محل التظلم قائماً أيضاً ، أو تستجيب الإدارة لطلب المدعي فتلغي القرار الاداري .

بيد أن الإدارة في بعض الأحيان تتصرف بطريقة أخرى عما ذكر أعلاه ، وذلك عندما تقوم بتعديل القرار المتظلم منه فقط بعد أن تعيد النظر فيه وترى أن بعض الأسباب التي بنيَّ عليها  القرار صحيح والبعض الآخر ليس كذلك ، فتقوم الإدارة بتعديل الأسباب غير الصحيحة   (19).

وبذلك هل يعتبر هذا التعديل قراراً جديداً لا صلة له بالقرار الذي سبق التظلم منه ؟ وعند صدور القرار الجديد بعد تعديل القرار الأول جزئياً فعند ذلك هل يمكن أو يجب التظلم من القرار الجديد وانتظار انقضاء مدة البت فيه ثم رفع الدعوى ؟ وهل للتظلم من القرار مرة ثانية الى الإدارة اثر على ميعاد رفع الدعوى ؟

ذهب جانب من الفقه الى أن القرار الجديد يعتبر شيئاً أخر غير القرار القديم المتظلم منه ما دام جاء قرار أخر معدلاً له ، وهذا القرار المعدل يعتبر قراراً جديداً قابلاً للطعن فيه بالإلغاء خلال المدة المحددة لرفع دعوى الإلغاء والتي يبدأ سريانها بالنسبة لصاحب الشأن من تاريخ العلم بذلك القرار، ولا تأثير لتاريخ صدور القرار الجديد بالنظر الى تاريخ القرار القديم المعدل وذلك خلافاً لقرارات رفض التظلم المؤكدة للقرار محل التظلم والتي تعتبر امتداداً له   (20).

في حين ذهب جانب آخر من الفقه الى أن القرار الجديد الذي أصدرته الإدارة ما هو الاّ رد منها على التظلم الذي قدم في الميعاد القانوني ، وهو نتيجة لاستجابتها للتظلم واتخاذها إجراءات تنم عن جديتها في البحث فيه بصورة إيجابية ، وما القرار الجديد الا نتيجة لأعادة النظر بالقرار محل التظلم ، وهو غير منقطع الصلة به ، وذلك يعني تحقيق الغاية التي أريدت للتظلم الاداري ، وهو فسح المجال أمام الإدارة لأعادة النظر في قرارها ، فتكفي بذلك نفسها وصاحب الشأن مشقة التقاضي   (21).

أما القضاء الاداري في مصر فانه استقر على أن القرارات الصادرة من الإدارة بصدد ما يقدم أليها من تظلمات هي تعقيب ورد منها على المتظلم حتى ولو كانت معدلة للقرار محل التظلم ، فهي تتصل بذات الوقائع التي كان يشتمل عليها القرار الأول المتظلم منه ، وفي هذه الحالة لسنا بصدد قرار جديد يستلزم تظلماً جديداً ورداً جديداً صريحاً أو ضمنياً من جانب الإدارة تراعي فيه مواعيد جديدة أخرى   (22) .

وفي العراق فان القضاء الاداري لا يختلف رأيه مما ذكر بالنسبة للقضاء الاداري المصري فإذا كان القرار الصادر نتيجة التظلم قد تم تعديله فقط في القرار المتظلم منه على نحو لا يحقق مصلحة المتظلم كاملة ، فانه يمكن الطعن فيه مباشرة خلال ( 60 ) يوماً التالية من دون أن يعتبر هذا القرار الصادر نتيجة التظلم والمعدل للقرار المتظلم منه قراراً جديداً يجوز الطعن فيه استقلالا (23).

في حين ذهب جانب من الفقه العراقي الى أن ما نص عليه المشرع في المادة              ( 7/ ثانياً / و ) من قانون مجلس شورى الدولة يشوبه بعض الغموض الذي يفسح المجال لتفسيرات قد تقلص من ولاية محكمة القضاء الاداري لأنه يبين بشكل واضح إمكانية التقاضي أمام المحكمة في حالة قبول التظلم والبت فيه خلافاً لمصلحة المتظلم  (24) .

أن عدم البت في التظلم لاشك انه يمثل التصرف السلبي للإدارة والذي يفتح أمام المتظلم باب القضاء الاداري ، بينما كان اللازم أن يتضمن النص وبشكل واضح الجانب الإيجابي من تصرف الإدارة وما يترتب عليه من اقتناع المتظلم بقرارها حول تظلمه  (25) .

ونحن بدورنا نؤيد ما ذهب أليه القضاء الاداري في كل من مصر والعراق من أن القرار الجديد الذي أصدرته الإدارة لا يشكل قراراً جديداً وهو لا يعدو أن يكون رداً على التظلم .

المبحث الثاني

قبول الطعن أمام القضاء الاداري

لا شك أن التظلم الاداري في أساسه وسيلة اختيارية لصاحب الشأن في الالتجاء أليها إذا رأى وجهاً لذلك (26) ، وإذا كانت تلك هي القاعدة فقد يجعله المشرع وجوبياً على سبيل الاستثناء ويجعله شرطاً لقبول الدعوى أو الطعن أمام القضاء الاداري   (27) .

وعلى هذا الأساس يغدو التظلم الوجوبي من جملة الشروط المتعلقة بالإجراءات والمواعيد بوصفه شرطاً شكلياً يترتب على تقديمه الى الإدارة مع توافر الشروط الأخرى قبول الدعوى أمام القضاء ، وذلك بعد أن ترفض الإدارة الاستجابة لتظلم ذي الشأن وترد طلبه سواء كان ذلك الرد بقرار صريح أو بقرار ضمني يستفاد من انقضاء المدة المقررة للبت في التظلم دون رد  (28) .

 عليه أن قبول الدعوى أمام القضاء الاداري يعد أثراً مهماً وواضحاً من أثار التظلم الاداري الوجوبي ، حيث انه شرط مهم لقبول الدعوى لدى المحكمة المختصة وبدونه ترد الدعوى شكلاً .

وفي مصر يرتب المشرع على تقديم التظلم الاداري الوجوبي الى الجهة المختصة أو إحدى هيئاتها الرئاسية قبول الدعوى أمام القضاء وبعكسه ترد الدعوى لعدم استيفاء شروط التظلم الاداري   (29).

والى ذلك ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر بالقول ( فاذا كان الثابت أن القرار محل النزاع قرار صادر من سلطة تأديبية رئاسية لا من مجلس تأديب ، ولو انه صدر من مجلس الضبط الجمركي ، فقد كان يتعين وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة ( 12 ) من قانون مجلس الدولة التظلم منه أولاً الى الهيئة الإدارية التي أصدرته ، أو الهيئات الرئاسية وأنتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم ، والاّ كان طلب إلغائه رأساً أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء أداري غير مقبول ، وأذا كان المدعي قد بادر بإقامة هذه الدعوى رأساً دون التظلم منه وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم فأنها تكون غير مقبولة )  (30).

أما المشرع العراقي رتب على تقديم التظلم الاداري الوجوبي الى الجهات الإدارية المختصة قبول الطعن بالقرارات الخاصة بالتظلم أمام القضاء ، وبعكسه ترد الدعوى من الناحية الشكلية ، غير انه على خلاف القضاء المصري فأن المشرع لم يسمح بقبول الدعوى أمام القضاء بعد تقديم التظلم الى الإدارة ، وأنما أوجب الانتظار للطعن بالقرار الخاص بالتظلم ، وليس بالقرار الاداري الأول محل الطعن ، وسايره في ذلك القضاء العراقي  (31).

المبحث الثالث

إلغـــاء القرار الاداري

يعد إلغاء القرار الاداري من أهم آثار التظلم الاداري الوجوبي ، فبموجبه تتحقق إرادة المتظلم من القرار الاداري ، عليه سنتناول في هذا المبحث ما المقصود من إلغاء القرار الاداري ، ومن ثم نميزه عن الإلغاء القضائي حيث سنقسم المبحث الى مطلبين وعلى النحو الآتي :-

المطلب الأول :- تعريف إلغاء القرار الاداري .

المطلب الثاني :- التمييز بين الإلغاء الاداري والإلغاء القضائي .

المطلب الأول

تعريف إلغاء القرار الاداري

أورد الفقه تعريفات عديدة لإلغاء القرار الاداري لا مجال للخوض فيها كلها بل سنشير الى بعض منها:-

فقد عرف الإلغاء الاداري بأنه وضع حد للقرار الاداري بالنسبة للمستقبل ، ويتم ذلك بإصدار قرار أداري يقضي بإلغاء قرار أداري سابق وإنهاء وجوده من اللحظة التي يحددها القرار الملغي وفي حالة عدم تحديدها تكون من لحظة صدور القرار الملغى  (32).

وعرف كذلك بأنه القضاء على القوة القانونية للقرار بالنسبة للمستقبل بقرار أداري، أي بعمل أداري يصدر عن السلطة المختصة ويترتب على القرار بهذا التحديد تجريده من قوته القانونية بحيث يصبح غير منتج لأي اثر قانوني من تاريخ إلغائه  (33).

وعرف أيضاً بأنه تجريد القرار الاداري من قوته القانونية بالنسبة للمستقبل فقط ، مع بقاء ما خلف من آثار في الماضي بواسطة السلطة الإدارية المختصة   (34) .

كما عرف الدكتور طعمية الجرف الإلغاء الاداري بأنه إزالة بعض أو كل آثار القرار الاداري بالنسبة للمستقبل اعتباراً من تاريخ الإلغاء مع بقاء الآثار التي رتبها في الماضي سليمة  (35) .

ونستخلص من التعاريف أعلاه أن إلغاء القرار الاداري ما هو الاّ إزالة آثار القرار الاداري كلاً أو جزءاً بالنسبة للمستقبل فقط واعتباراً من  تاريخ الإلغاء دون التأثير على الآثار التي يرتبها في الماضي ويشمل الإلغاء القرارات الإدارية السليمة والمعيبة على حد سواء .

المطلب الثاني

التمييز بين الإلغاء الاداري والإلغاء القضائي

 

المقصود بالإلغاء القضائي قيام القضاء بإزالة آثار القرار الاداري غير المشروع بالنسبة الى الماضي والحاضر والمستقبل ، وذلك من تاريخ صدور القرار الاداري من الادارة   (36) .

أن الإلغاء القضائي هو وسيلة من وسائل انقضاء القرار الاداري ، فعندما يطعن  صاحب الشأن بالقرار الاداري أمام القضاء المختص عن طريق دعوى الإلغاء وبسبب عدم مشروعية القرار الاداري ويحكم القضاء بإلغائه بذلك يعتبر القرار الملغي بحكم القضاء كأن لم يكن ، ومن تاريخ صدوره في مواجهة أطراف الدعوى وفي مواجهة الكافة ، لأن حجية حكم الإلغاء حجية مطلقة   (37) .

أما الإلغاء الاداري  فهو يزيل آثار القرار الاداري كلاً او جزءاً بالنسبة للمستقبل فقط .

غير أن سلطة الإدارة في الإلغاء ليست مطلقة بل هي مقيدة بمواعيد الطعن حيث يتحصن القرار الاداري غير المشروع بانقضاء تلك المواعيد ضد الإلغاء القضائي ، ومن باب أولى ضد الإلغاء الاداري أيضاً ، حيث لا يباح للإدارة مالا يباح للقضاء   (38) .

ويرى بعض الفقه أن إلغاء الإدارة لقرارها المعيب بالنسبة للمستقبل ما هو الاّ إلغاء بأثر رجعي رأت الإدارة أن تحد من أثره فتقصره على المستقبل فقط ، فيكون إلغاء في واقع الأمر وذلك بما تملك الإدارة من سلطة في الإلغاء والسحب  (39) .

حيث يكون الفرق بين الإلغاء الاداري وبين السحب هو في مدى ما يرتبان من اثر ، فالأول لا ينسحب على الماضي وليس له آثر رجعي ، بينما يمحو السحب آثر القرار الاداري بالنسبة للماضي والحاضر  (40) .

وعلى هذا أن الإدارة هي التي تقرر إلغاء القرار الاداري بأثر رجعي فيكون سحباً ، أو أن تقصر الإدارة آثره على المستقبل فيكون ألغاءً . والإلغاء الاداري أما أن يكون ألغاءً كلياً يتناول القرار بكامله فيكون ألغاءً مباشراً ، أو أن يتمثل في تعديل القرار بإلغائه جزئياً فيكون ألغاءً غير مباشر  (41).

_____________

  1- د. طارق فتح الله خضر ، دعوى الإلغاء ، بدون مكان طبع ، 1997  ، ص 118

2- هاشم حمادي عيسى، النظام القانوني للتظلم الإداري، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، ، ص 190

3- عبد الغني بسيوني ، ، ص 171

4- د . داود الباز ، الوجيز في قضاء الإلغاء ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، بدون سنة طبع  ، ص 88

5- انظر نص المادة ( 7/ ثانياً / و ) من قانون مجلس شورى الدولة ، المعدلة رقم 65 لسنة 1979

6- سليم نعيم الخفاجي، ميعاد رفع دعوى الإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري في العراق، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 2001،   ، ص106

7- سمير صادق ، ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، ط 1 ، دار الفكر العربي ، مصر ، 1969 ، ص 206

8- سليم نعيم الخفاجي ، المصدر السابق ، ص 107

9- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، المصدر السابق ، ص 200

10- هاشم حمادي عيسى، النظام القانوني للتظلم الإداري، رسالة ماجستير، جامعة بغداد،1989 ، ص 200

11- هاشم حمادي عيسى، النظام القانوني للتظلم الإداري، رسالة ماجستير، جامعة بغداد،1989 ، ص 200

12- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، الضمانات التأديبية في الوظيفة العامة، ط2، دار الفكر والقانون، المنصورة، 2004  ، ص 266

13- حكم المحكمة الإدارية العليا ، جلسة 19/4/1994 طعن رقم 1940 السنة 387ق عليا ، الموسوعة الإدارية الحديثة ، ج 4 ، ص 845

14- حكم المحكمة الإدارية العليا ، جلسة 7/2/1984 ، طعن رقم 282 لسنة 26ق ، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا لسنة 29 ، ج1 ، ص 692

15- أستاذناً المرحوم  د . الدكتور أبراهيم طه الفياض ، إجراءات صياغة الأحكام لدى القضاء الإداري ، بحث منشور في سلسلة المائدة الحرة ، بيت الحكمة ، إبداع للطبع والتصميم ، بغداد ، 1999   ، ص 83

16- انظر نص المادة ( 48 ) الفقرة الثانية من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل .

17- أستاذنا المرحوم د . الدكتور أبراهيم طه الفياض ، إجراءات صياغة الأحكام لدى القضاء الإداري ، بحث منشور في سلسلة المائدة الحرة ، بيت الحكمة ، إبداع للطبع والتصميم ، بغداد ، 1999  ، ص 83

18-  د . محمد كامل ليلة ،  ص 1073

19- هاشم حمادي عيسى ، المصدر السابق ، ص 209

20- د. محمد كامل ليلة ، المصدر السابق ، ص177

21- سمير صادق ، ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، ط1 ، دار الفكر العربي بمصر . 1969 ، ص223

22- د. سامي جمال الدين، القضاء الإداري والرقابة على أعمال الإدارة، دار الجامعة الجديدة، القاهرة، بدون سنة طبع،1992 ، ص 164-165

23- سليم نعيم الخفاجي ، المصدر السابق ، ص106

24- د. فاروق أحمد خماس ، محكمة القضاء الاداري في ضوء القانون رقم 106 لسنة 1989 ، فاروق أحمد خماس، الرقابة على أعمال الإدارة في العراق، دار الكتب للطاعة والنشر، جامعة الموصل، 1988 ، ص 236

25- المصدر نفسه ، ص236

26- د. طعيمة الجرف ، رقابة القضاء الاداري لأعمال الإدارة العامة ، قضاء الإلغاء ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1984 ، ص 181

27- د. عصام عبد الوهاب البرزنجي، د. أبراهيم الفياض ، توزيع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الاداري وحسم أشكالات التنازع بينهما، بيت الحكمة ، سلسلة المائدة الحرة ،1999  ، ص209

28- هاشم حمادي عيسى ، المصدر السابق ، ص209

 29- فتوح محمد عثمان ، القضاء الاداري ، دراسة مقارنة ، بلا دار نشر ، بدون مكان طبع ، 1988 ، ص 73

30-  حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر ، قضية رقم 8 في 26 / 4 / 1960  ، السنة الثانية القضائية ، نقلاً عن د. سعد عصفور ، ولاية القضاء الاداري  على أعمال الإدارة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، بدون سنة طبع  ، ص413

31- هاشم حمادي عيسى ، المصدر السابق ، ص211

32- د. ماهر صالح علاوي ، القانون الاداري ، بدون مكان طبع ، 1989 ، ص246

33- د. محمد فؤاد مهنا ، القانون الاداري المصري ، ج1 ، بدون مكان طبع ، 1985 ، ص 637

 34- د. محمد عبد العال السناري ، أصول القانون الاداري ، المكتبة القانونية ، بدون مكان طبع ، بدون سنة طبع ، ص222

35- د. طعيمة الجرف ، القانون الاداري ونشاط الادارة ، دار النهضة العربية ، 1985 ، ص192

36- محمد مهدي صالح ، مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ، رسالة ماجستير – جامعة بغداد ، 2001 ، ص188

37- د . سمير صادق ، المبادئ العامة في القضاء الاداري المصري ، دار الفكر الحديث للطبع والنشر ، بدون مكان طبع ، بدون سنة طبع ، ص577

38 - د. طعيمة الجرف ، القانون الاداري ونشاط الادارة ، المصدر السابق ، ص192

39- د. عبد القادر خليل ، نظرية سحب القرارات الإدارية ، دار النهضة العربية ، 1964 ، ص330

40- قرار ديوان التدوين القانوني رقم 122 في 27/5/1972 ، السنة الثالثة ، العدد الأول، 1973 الجمهورية العراقية ، وزارة العدل ، ص 52

41-  د.توفيق شحاته ، مبادئ القانون الاداري ، ج1، ط1، دار النشر للجامعات المصرية ، 1954 – 1955 ،          ص 693 .




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .