أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
938
التاريخ: 3-08-2015
1421
التاريخ: 11-3-2019
1075
التاريخ: 3-08-2015
1133
|
[قال] والحاصل : أنّه يدلّ على وجوب عصمة الأنبياء أوّلا العقل ؛ لأنّ بعث البشر المعصوم المرقوم لطف ؛ لعدم ارتباط الجميع بالملك ـ لو لم ندّع عدم الإمكان ـ إلاّ فيمن شذّ وندر ، فلا بدّ من بعثته ـ إتماما للحجّة ـ للغرض والحجّة ؛ مضافا إلى أنّ غيره مرجوح.
وثانيا : النقل
كما قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي
إِلَيْهِمْ} [يوسف: 109].
وقال تعالى :
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ
حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51].
وقال تعالى : {قَالَتْ
لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ
يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ
بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [إبراهيم: 11].
وقال تعالى : {لَا
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] وقال : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى
آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 33، 34]. الآية ـ إلى أن قال : ـ
{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90].
وقال تعالى بعد
ذكر من الأنبياء : {وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ
وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [الأنعام: 86، 87].
وإلى مثل ما ذكرنا
أشار المصنّف مع بيان شارح القوشجي بقوله : « ( وتجب في النبيّ العصمة ليحصل
الوثوق بأقواله وأفعاله فيحصل الغرض من البعثة ) وهو متابعة المبعوث إليهم في
أوامره ونواهيه ( ولوجوب متابعته وضدّها ) يعني لو صدر عنه الذنب ، لزم اجتماع
وجوب الضدّين وهما متابعته ومخالفته.
أمّا الأوّل :
فللإجماع المنعقد على وجوب متابعة النبيّ صلى الله عليه وآله ، ولقوله تعالى : {قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } [آل
عمران: 31].
وأمّا الثاني :
فلأنّ متابعة المذنب حرام. ( ولوجوب الإنكار عليه ) يعني لو صدر عنه الذنب ، لوجب
منعه وزجره والإنكار عليه ؛ لعموم أدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكنّه
حرام ؛ لاستلزامه الإيذاء المحرّم بالإجماع ؛ ولقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}
[الأحزاب: 57].
ولزم أيضا أمورا
أخر كلّها منتفية :
منها : أن يكون
شهادته مردودة ؛ إذ لا شهادة للفاسق بالإجماع ، ولقوله تعالى : {إِنْ جَاءَكُمْ
فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] واللازم باطل بالإجماع ؛ ولأنّ من
لا تقبل شهادته في القليل الزائل بسرعة من متاع الدنيا كيف تسمع شهادته في الدين
القيّم؟!
ومنها : استحقاقه
العذاب واللعن واللوم ؛ لدخوله تحت قوله تعالى : {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: 23]، وقوله تعالى : {أَلَا
لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] ؛ وقوله : {لِمَ تَقُولُونَ مَا
لَا تَفْعَلُونَ } [الصف: 2]؛ وقوله : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ
وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44].
لكن ذلك منتف
بالإجماع ، ولكونه من أعظم المنفّرات.
ومنها : عدم نيله
عهد النبوّة ؛ لقوله تعالى : {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] ؛
فإنّ المراد به النبوّة أو الإمامة التي دونها.
ومنها : كونه غير
مخلص ؛ لأنّ المذنب قد أغواه الشيطان والمخلص ليس كذلك ؛ لقوله تعالى حكاية عن
إبليس : {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ
الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83].
ومنها : كونه من
حزب الشيطان ومتّبعيه ، واللازم قطعيّ البطلان.
ومنها : عدم كونه
متسارعا في الخيرات معدودا عند الله من المصطفين الأخيار ؛ إذ لا خير في المذنب ،
لكن اللازم منتف ؛ لقوله تعالى في حقّ بعضهم : {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ
فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] ، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ
الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص: 47].
بقي الكلام في أنّ العصمة من أيّ معصية تجب ؛ فإنّ ما
يتوهّم صدوره عن الأنبياء من المعاصي إمّا أن يكون منافيا لما تقتضيه المعجزة
كالكذب فيما يتعلّق بالتبليغ ، أولا؟ والثاني إمّا أن يكون كفرا ، أو معصية غيره ،
وهي إمّا أن تكون كبيرة كالقتل والزنى ، أو صغيرة منفّرة كسرقة لقمة والتطفيف
بحبّة ، أو غير منفّرة ككذبة وشتمه وهمّ بمعصية ، كلّ ذلك إمّا عمدا أو سهوا ، بعد
البعثة أو قبله.
والجمهور على وجوب عصمتهم عمّا ينافي مقتضى المعجزة ،
وقد جوّزه القاضي سهوا ؛ زعما منه أن لا يخلّ في التصديق المقصود بالمعجزة وعن
الكفر. وقد جوّزه الأزارقة من الخوارج ؛ بناء على تجويزهم الذنب ، مع قولهم بأنّ
كلّ ذنب كفر. وجوّز الشيعة إظهاره تقيّة ؛ احترازا عن إلقاء النفس في التهلكة.
وردّ بأنّ أولى الأوقات بالتقيّة (1) ابتداء الدعوة ؛
لضعف الداعي وشوكة المخالف ، وكذا عن تعمّد الكبائر بعد البعثة ، وجوّزه الحشويّة.
وكذا عن الصغائر المنفّرة لإخلالها بالدعوة إلى
الاتّباع ؛ ولهذا ذهب كثير من المعتزلة إلى نفي الكبائر قبل البعثة أيضا ، وبعض
الشيعة إلى نفي الصغائر ولو سهوا ، والمذهب عند محقّقي الأشاعرة منع الكبائر
والصغائر الخسيسة بعد البعثة مطلقا ، والصغائر غير الخسيسة عمدا لا سهوا.
وذهب إمام الحرمين من الأشاعرة ، وأبو هاشم من المعتزلة
إلى تجويز الصغائر عمدا (2).
فالمصنّف إن أراد وجوب العصمة عن جميع المعاصي كما هو
الظاهر من كلامه والظاهر من الشروح ، فلا يخفى أنّ ما ذكره من الأدلّة لا يفي بذلك
؛ فإنّ صدور الذنب عنه سيّما الصغيرة سهوا لا يخل بالوثوق بقوله وفعله ، والمتابعة
قبل البعثة غير واجبة وبعد البعثة إنّما تجب فيما يتعلّق بالشريعة وتبليغ الأحكام
، وبالجملة فيما ليس بزلّة ولا طبع.
والإنكار على ما صدر عنهم سهوا غير جائز ، وردّ الشهادة
إنّما يكون بكبيرة ، أو إصرار على صغيرة من غير إنابة أو رجوع ، ولزوم الزجر
والمنع واستحقاق العذاب واللعن واللوم إنّما هو على تقدير التعمّد وعدم الإنابة ،
ومع ذلك فلا يتأذّى به النبيّ صلى الله عليه وآله بل يبتهج. وبمجرّد كبيرة سهوا ،
أو صغيرة ولو عمدا لا يعدّ المرء من الظالمين على الإطلاق ، ولا من الذين أغواهم
الشيطان ، ولا عن حزب الشيطان سيّما مع الإنابة ، وعلى تقدير كون الخيرات لعموم
كلّ فعل وتركه ، فمسارعة البعض إليها وكونه من زمرة الأخيار لا ينافي صدور ذنب من
آخر سيّما سهوا ، أو مع التوبة.
وبالجملة : فدلالة الوجوه المذكورة على نفي الكبيرة سهوا
، والصغيرة غير المنفّرة عمدا محلّ نظر.
ويجب أيضا في النبيّ ( كمال العقل والذكاء والفطنة
وقوّة الرأي ) لأنّ من لم يتّصف بها لم يرغب في متابعته والانقياد لأوامره
ونواهيه.
( ويجب أيضا عدم السهو ) لئلاّ يسهو فيما أمر بتبليغه ،
ولعلّ مراده أن لا يكون السهو في الأمور ديدنا له وعادة ( و ) عدم ( كلّ يتنفّر
عنه من دناءة الآباء ، أو عمر الأمّهات ، والفظاعة والغلظة والأبنة وشبهها ) من
الأمراض التي يتنفّر عنها الطبائع ، كالبرص والجذام وسلس البول والريح ، والأكل
على الطريق وشبهه من الأمور الخسيسة » (3).
__________________
(1) في الأصل : « بالبعثة » وما أثبتناه موافق لما ورد
في « شرح القوشجي » : 357 ـ 359.
(2) انظر تفصيل الأقوال في « كشف المراد » : 351 وما
بعدها.
(3) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : 357 ـ 359.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المَجمَع العلميّ يطلق سلسلة محافل قرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|