المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

مـفهوم هـيكل السـوق
25-5-2019
Interactions of Hormones in Shoots
30-10-2016
الطلـب المستقـل والطلـب التابـع Independent & Dependent Demand
1-3-2021
الجميز
2023-09-24
Kiyoshi Oka
21-9-2017
عبد اللّه بن عباس السّتري
16-7-2016


شهادة ابي محمد العسكري  
  
3811   03:55 مساءً   التاريخ: 2-08-2015
المؤلف : عباس القمي
الكتاب أو المصدر : الانوار البهية في تواريخ الحجج الالهية
الجزء والصفحة : ص266- 274
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي العسكري / شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) /

قبض ابو محمد (عليه السلام) بسر من رأى يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومئتين في خلافة المعتمد وهو ابن ثمان وعشرين سنة ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه ابوه (عليه السلام) بسر من رأى.

قال شيخنا الطبرسي : ذهب كثير من اصحابنا الى انه مضى مسموماً وكذلك ابوه وجده وجميع الأئمة (عليهم السلام) خرجوا من الدنيا بالشهادة واسناده في ذلك بما رُوِيَ عن الصادق (عليه السلام) ما منا الا مقتول او شهيد واللّه اعلم بحقيقة ذلك.

اقول: وروي عن ابي محمد الحسن ابن امير المؤمنين (عليه السلام) انه قال عند وفاته لجنادة بن ابي امية: ما منا الا مسموم او مقتول ؛ وقال الكفعمي وغيره: سمه المعتمد .

 وروى الشيخ الصدوق عن ابيه وابن الوليد معاً عن سعد بن عبد اللّه قال: حدثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمد العسكري (عليهم السلام) ودفنه ممن لا يوقف على احصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التعاطي بالكذب وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومئتين وذلك بعد مضي ابي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) بثمانية عشر سنة او اكثر مجلس احمد بن عبيد اللّه بن خاقان وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم وكان من أنصب خلق اللّه واشدهم عداوة لهم فجرى ذكر المقيمين من آل ابي طالب بسر من رأى ومذاهبهم وصلاحهم واقدارهم عند السلطان قال احمد بن عبيد اللّه ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام) ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند اهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم وتقديمهم اياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء والكتاب وعوام الناس وإني كنت قائماً ذات يوم على رأس ابي وهو يوم مجلسه للناس اذ دخل عليه حجابه فقالوا له: ابن الرضا على الباب فقال بصوت عال ائذنوا له فدخل رجل اسمر اعين حسن القامة جميل الوجه جيد البدن حدث السن له جلالة وهيبة فلما نظر اليه ابي قام فمشى اليه خطوات ولا اعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ولا بالقواد ولا بأولياء العهد فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه ومنكبيه واخذ بيده واجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس الى جنبه مقبلاً عليه بوجهه وجعل يكلمه و يكنيه ويفديه بنفسه وأبويه وانا متعجب مما ارى منه اذ دخل عليه الحجاب فقالوا الموفّق قد جاء وكان الموفّق اذا جاء ودخل على ابي الموفق باللّه هو ابو احمد طلحة بن المتوكل اخو المعتمد على اللّه وولي عهده وهو الذي الف باسمه زبير بن بكار الموفقيات وكان يخطب له بلقبين اللهم اصلح الأمير الناصر لدين اللّه ابا احمد طلحة الموفق باللّه ولي عهد المسلمين واخا امير المؤمنين ولقب بالناصر حين فرغ من امر محمد بن علي صاحب الزنج منه تقدم حجابه وخاصة قواده فقاموا بين مجلس ابي وبين باب الدار سماطين الى ان يدخل ويخرج فلم يزل ابي مقبلاً عليه يحدثه حتى نظر الى غلمان الخاصة فقال (رحمه اللّه) اذا شئت فقم جعلني اللّه فداك أبا محمد ثم قال لغلمانه خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الامير يعني الموفّق وقام ابي فعانقه وقبل وجهه ومضى فقلت لحجاب ابي وغلمانه ويلكم من هذا الذي فعل به ابي هذا الذي فعل؟ فقالوا هذا رجل من العلوية يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجباً فلم أزل يومي ذلك قلقاً متفكراً في أمره وأمر ابي وما رأيت منه حتى كان الليل وكانت عادته ان يصلّي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرات وما يرفعه الى السلطان فلما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه فقال يا احمد الك حاجة؟ قلت نعم يا ابه ان اذنت سألتك عنها فقال قد اذنت لك يا بني فقل ما احببت فقلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والاكرام والتبجيل وفديته بنفسك وابويك؟ فقال يا بني ذلك ابن الرضا ذاك امام الرافضة فسكت ساعة فقال: يا بني لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها احد من بني هاشم غير هذا فان هذا يستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل اخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه لرأيت رجلا جليلاً نبيلاً خيّراً فاضلاً فازددت قلقاً وتفكّراً وغيظاً على ابي مما سمعت منه فيه ولم يكن لي همة بعد ذلك الا السؤال عن خبره والبحث عن امره فما سألت عنه احدا من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس الا وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على اهل بيته ومشايخه وغيرهم وكل يقول: هو امام الرافضة فعظم قدره عندي اذ لم أر له ولياً ولا عدواً الا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه فقال له بعض اهل المجلس من الاشعريين: يا ابا بكر: فما حال اخيه جعفر؟, فقال ومن جعفر فيسأل عن خبره او يقرن به؟, ان جعفر معلن بالفسق ماجن شريب للخمور اقلّ من رأيت من الرجال وأهتكهم لستره فدم خمار جبار قليل في نفسه خفيف واللّه لقد ورد على السلطان واصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي (عليهما السلام) ما تعجبت منه وما ظننت انه يكون وذلك انه لما اعتلّ بعث الى ابي ان ابن الرضا (عليه السلام) قد اعتل فركب من ساعته مبادراً الى دار الخلافة ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة نفر من خدم امير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فمنهم نحرير وأمرهم بلزوم دار الحسن بن علي (عليهما السلام) وتعرف خبره وحاله وبعث الى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف اليه وتعاهده في صباح ومساء فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من اخبره انه قد ضعف فركب حتى بكر اليه ثم امر المتطببين بلزومه وبعث الى قاضي القضاة فاحضره مجلسه وامره ان يختار من اصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فاحضرهم فبعث بهم الى دار الحسن (عليه السلام) وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً فلم يزالوا هناك حتى توفي (عليه السلام) لأيام مضت من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومئتين فصارت سر من رأى ضجة واحدة مات ابن الرضا وبعث السلطان الى داره من يفتشها ويفتش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا اثر ولده وجاءوا بنساء يعرفن بالحبل فدخلن على جواريه فنظر اليهن فذكر بعضهن ان هناك جارية بها حبل فأمر بها فجعلت في حجرة ووكّل بها نحرير الخادم واصحابه ونسوة معهم ثم اخذوا بعد ذلك في تهيئته (عليه السلام) وعطلت الاسواق وركب ابي وبنو هاشم والقواد والكتاب وسائر الناس الى جنازته (عليه السلام) فكانت سر من رأى يومئذ شبيهة بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان الى أبي عيسى المتوكل فأمره بالصلاة عليه فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا ابو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام) مات حتف انفه على فراشه حضر من خدم امير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ثم غطى وجهه وقام فصلى عليه وكبر عليه خمساً وأمر بحمله وحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه ابوه (عليهما السلام) فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان واصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا على قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين امه واخيه جعفر وادعت امه وصيته وثبت ذلك عند القاضي والسلطان على ذلك يطلب اثر ولده فجاء جعفر بعد قسمته الميراث الى ابي وقال له: اجعل لي مرتبة ابي واخي وأوصل اليك في كل سنة عشرين الف دينار فزبره أبي واسمعه وقال له: يا احمق ان السلطان اعزه اللّه جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا ان اباك واخاك ائمة ليردهم عن ذلك فلم يقدر عليه ولم يتهيأ له صرفهم عن هذا القول فيهما وجهد ان يزيل اباك واخاك عن تلك المرتبة فلم يتهيأ له ذلك فان كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة بك الى سلطان يرتبك مراتبهم ولا غير سلطان وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها واستقله عند ذلك واستضعفه وأمر ان يحجب عنه فلم يأذن له بالدخول عليه حتى مات أبي وخرجنا والأمر على تلك الحال والسلطان يطلب اثر ولد الحسن بن علي (عليهما السلام) .

وروى الشيخ عن ابي سهل اسماعيل بن علي النوبختي قال: دخلت على ابي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) في المرضة التي مات فيها وانا عنده اذ قال لخادمه عقيد وكان الخادم اسود نوبياً قد خدم من قبله علي بن محمد وهو ربي الحسن (عليه السلام) فقال له: يا عقيد اغل لي ماء بمصطكى فأغلى له ثم جاءت به صيقل الجارية ام الخلف (عليه السلام) فلما صار القدح في يديه وهمّ بشربه جعلت يده ترتعد حتى ضرب القدح ثنايا الحسن (عليه السلام) ، فتركه من يده وقال لعقيد ادخل البيت فإنك ترى صبيا ساجداً فأتني به قال ابو سهل قال عقيد: فدخلت اتحرى فاذا انا بصبي ساجد رافع سبابته نحو السماء  فسلمت عليه فأوجز في صلاته فقلت ان سيّدي يأمرك بالخروج اليه اذ جاءت امه صيقل فأخذت بيده واخرجته الى ابيه الحسن (عليه السلام) قال ابو سهل فلما مشى الصبي بين يديه سلم واذا هو دري اللون وفي شعر رأسه قطط مفلج الاسنان فلما رآه الحسن (عليه السلام) بكى وقال يا سيد أهل بيته اسقني الماء فإني ذاهب الى ربّي وأخذ الصبي القدح المغلى بالمصطكي بيده ثم حرك شفتيه ثم سقاه فلما شربه قال: هيئوني للصلاة فطرح في حجره منديل فوضاه الصبي واحدة واحدة ومسح على رأسه وقدميه فقال له ابو محمد (عليه السلام) ابشر يا بنيّ فانت صاحب الزمان وانت المهدي وانت حجة اللّه على ارضه وانت ولدي ووصيي وانا ولدتك وانت محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) ولدك رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وانت خاتم الأئمة الطاهرين وبشر بك رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وسماك وكناك بذلك عهد الى أبي عن آبائك الطاهرين صلى اللّه على اهل البيت ربنا انه حميد مجيد ومات الحسن بن علي من وقته (صلوات اللّه عليهم اجمعين) .

وروي انه لما مات الحسن بن علي (عليه السلام) حضر غسله عثمان بن سعيد (رضي اللّه عنه وأرضاه) وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره وقال الشيخ علي السدابادي في المقنع: ان الحسن بن علي نصّ على ولده الخلف الصالح (عليه السلام) وجعل وكيله ابا محمد عثمان بن سعيد العمري الوسيط بينه وبين شيعته في حياته فلما ادركته الوفاة امره فجمع شيعتهم واخبرهم ان ولده الخلف صاحب الامر بعده وان ابا محمد عثمان بن سعيد العمري وكيله وهو بابه والسفير بينه وبين شيعته فمن كانت له حاجة قصده كما كان يقصده في حال حياته وسلم اليه جواريه فلما قبض (عليه السلام) تكلم اخوه جعفر وادعى الامامة لنفسه وبذل للمعتمد بذلًا اشاع ذكره فقال له وزير المعتمد قد كان المتوكل وغيره يروم نسخ ناموس اخيك فلم يصح لهم فاستمل انت شيعته بما تقدر عليه فلما لم يبلغ غرضه سعى بجواري اخيه وقال: في جملة الجواري جارية اذا ولدت ولداً يكون ذهاب دولتكم على يده فانفذ المعتمد الى عثمان بن سعيد وأمره ان ينقلهن الى دار القاضي او بعض الشهود حتي يستبرئهن بالوضع فسلمهن الى ذلك العدل فأقمن عنده سنة ثم ردهن الى عثمان بن سعيد لأن الولد المطلوب كان قد ولد قبل ذلك بست سنين وقيل بخمس وقيل بأربع واظهره ابو الحسن بخاصة شيعته وأراهم شخصه وعرفهم بأنه الذي يقصد اليه منه فلما تسلم عثمان بن سعيد الجواري وفيهم ام صاحب الأمر (عليه السلام) نقلهن الى مدينة السلام وكانت الشيعة تقصده من كل بلد: بقصص وحوائج وكانت الاجوبة تخرج اليهم على يده .  

وروي عن ابي محمد (عليه السلام) انه قال يوماً لأمه تصيبني في سنة ستين ومئتين خزارة اخاف ان انكب منها نكبة فأظهرت الجزع واخذها البكاء فقال لابد من وقوع امر اللّه لا تجزعي وفي رواية انه امرها بالحج في سنة تسع وخمسين ومئتين وعرّفها ما يناله في سنة ستين وخرجت ام ابي محمد (عليه السلام) الى مكة .

وروي عنه (عليه السلام) قال: في سنة مئتين وستين تفترق شيعتي ففيها قبض (عليه السلام) فتفرقت شيعته.

قال شيخنا المفيد (رحمه اللّه) : ومرض ابو محمد (عليه السلام) في اول شهر ربيع الأول سنة ستين ومئتين ومات في يوم الجمعة لثماني ليال خلون من هذا الشهر في السنة المذكورة وله يوم وفاته ثمان وعشرون سنة ودفن في البيت الذي دفن فيه ابوه من دارهما بسر من رأى وخلف ابنه المنتظر لدولة الحق وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وشدة طلب سلطان الزمان واجتهاده في البحث عن أمره ولما شاع من مذهب الشيعة الإِمامية فيه وعرف من انتظارهم له فلم يظهر ولده (عليه السلام) في حياته ولا عرفه الجمهور بعد وفاته وتولى جعفر بن علي اخو ابي محمد (عليه السلام) اخذ تركته وسعى في حبس جواري ابي محمد (عليه السلام) واعتقال حلائله وشنع على اصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بإمامته واغرى بالقوم حتى اخافهم وشردهم وجرى على مخلفي ابي محمد (عليه السلام) بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل ولم يظفر السلطان منهم بطائل وحاز جعفر ظاهر تركة ابي محمد (عليه السلام) واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه ولم يقبل احد منهم ذلك ولا اعتقده فيه فصار الى سلطان الوقت يلتمس مرتبة اخيه وبذل مالاً جليلاً وتقرب بكل ما ظن انه يتقرب به فلم ينتفع بشيء من ذلك ؛ وقال عثمان بن سعيد (قدس اللّه روحه) لعبد اللّه بن جعفر الحميري ان الأمر عند السلطان أن ابا محمد (عليه السلام) مضى ولم يخلف ولداً وقسم ميراثه واخذه من لا حق له وصبر على ذلك وهو ذا عياله يجولون وليس احد يجسر ان يتعرف اليهم او ينيلهم شيئاً ؛ وروى ابو هاشم الجعفري قال: قال لي ابو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) : قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين ؛ وقال المفيد (رحمة الله): يزاران من ظاهر الشباك ومنع من دخول الدار وقال الشيخ ابو جعفر وهو الاحوط لأنها ملك الغير فلا يجوز التصرف فيها الا بإذنه قال ولو أن أحداً دخلها لم يكن مأثوماً وخاصة اذا تأول في ذلك ما روي عنهم (عليهم اسلام) انهم جعلوا شيعتهم في حل من مالهم.

اقول: قال علي بن عيسى الاربلي (رحمه اللّه): حكى لي بعض الاصحاب ان الخليفة المستنصر مشى مرة الى سر من رأى وزار العسكريين (عليهما السلام) وخرج فزار التربة التي دفن فيها الخلفاء من آبائه وأهل بيته وهم في قبة خربة يصيبها المطر وعليها ذرق الطيور وأنا رأيتها على هذه الحال فقيل له انتم خلفاء الأرض وملوك الدنيا ولكم الأمر في العالم وهذه قبور آبائكم بهذه الحال؟ لا يزورها زائر ولا يخطر بها خاطر وليس فيها احد يميط عنها الاذى وقبور هؤلاء العلويين كما ترونها بالستور والقناديل والفروش والزلالي والفراشين والشمع والبخور وغير ذلك فقال هذا امر سماويّ لا يحصل باجتهادنا ولو حملنا الناس على ذلك ما قبلوه ولا فعلوا وصدق فان الاعتقادات لا تحصل بالقهر ولا يتمكن احد من الإِكراه عليها .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.