أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2019
1772
التاريخ: 5-5-2020
2095
التاريخ: 11-10-2016
2344
التاريخ: 11-3-2021
4592
|
العبودية لله تعالى تتقوم بالشعور بالتقصير؛ ولذلك جاءت الروايات والأحاديث الشريفة مؤكدة تأكيداً متواصلا على لزوم تحسيس النفس بالتقصير فعن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) : (عليك بالجد ، ولا تخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله تعالى لا يعبد حق عبادته)(1)
فهنا وصيتان وهما :
الأولى: الجد في طاعة الله، وعدم التسامح مع النفس في الطاعة .
الثانية: أن لا يخرج نفسه عن دائرة التقصير.
عن الإمام الرضا (عليه السلام) : (ان رجلا كان في بني إسرائيل عبد الله تبارك وتعالى أربعين سنة، فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أوتيت إلا منك ولا أكديت(2) إلا لك فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ذمك لنفسك أفضل من عبادة أربعين سنة)(3)
قد يكون المقصود بالحديث ان الاحساس بالذنب والشعور بالتقصير هو نتيجة عبادة اربعين سنة ؛ ولذا فهي ثمرة العبادة فهي افضل منها.
عن الفضل بن يونس عن ابي الحسن (عليه السلام) قال : (اكثر من ان تقول : اللهم لا تجعلني من المعارين ، ولا تخرجني من التقصير، قلت : أما المعارون (4) فقد عرفت ان الرجل يعار الدين ، ثم يخرج منه فما معنى لا تخرجني من التقصير ؟
فقال (عليه السلام) : كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصراً عند نفسك ، فإن الناس كلهم في اعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل)(5)
وفي كل زمان هناك اناس يعبدون الله على حرف فإذا تراكمت الغيوم واشتدت المحن ، وتوالت الشدائد يخرجون عن الإيمان ، لأن هذا الايمان ايمان معار اي عارية عندهم غير مستقر في قلوبهم ، وليس جزء من شخصية المؤمن ولهذا فإن من ضرورات الايمان الإحساس بالتقصير حقيقة ، وهذا التأكيد على تحسيس الإنسان بالتقصير إنما جاء لأمر مهم خطير وهو : ان الخروج من دائرة التقصير دخول في دائرة المن على الله وهو الكفر بعينه.
إن العبادة عن ايمان ووعي هي التي تغذي الإنسان بالإحساس بالتقصير وهي العبادة الصحيحة، فالعبادة غير مقصودة لذاتها ، وانما هي وسيلة لتحسيس الانسان بالتقصير بين يدي الله تبارك وتعالى؛ ولهذا ، يقول تعالى : {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الحجرات: 17].
كما ورد في الحديث الشريف : (ان الله عز وجل قال لداود (عليه السلام) : يا داود بشر المذنبين، وانذر الصديقين، قال : كيف ابشر المذنبين، وانذر الصديقين ؟
قال : يا داود بشر المذنبين اني اقبل التوبة ، واعفو عن الذنب ، وانذر الصديقين أن لا يعجبوا بأعمالهم فإنه ليس عبد انصبه للحساب إلا هلك)(6).
وعن الصادق (عليه السلام) : (ان كان الممر على الصراط فالعجب لماذا؟)(7).
ان الإنسان العارف بالله تبارك وتعالى كلما ازداد علماً وعبادة فإنه يزداد خشوعاً وخضوعاً وخوفاً من الله وشعوراً بالتقصير { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وفي عكسه الإنسان الاجوف يعجب بأعماله، وتنتفخ اوداجه ولذلك فإن الله تعالى يسلب العبد المعجب بعبادته لذة المناجاة والنشاط والاستمرارية في عمله فيلقي عليه نعاساً، ليرجعه إلى صوابه لئلا يأخذه الاعجاب بعبادته فعب أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه واله) قال : (قال الله تعالى : أنا اعلم بما يصلح به امر عبادي ، وان من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادته فيقوم من رقاده ولذيذ وساده، فيجتهد ويتعب نفسه في عبادتي ، فاضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني له، وإبقاء عليه ، فينام حتى يصبح، فيقوم ماقتا لنفسه زارياً عليها، ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب بأعماله فيأتيه ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله، ورضاه عن نفسه، حتى يظن أنه قد فاق العابدين، وجاز في عبادته التقصير فيتباعد مني عند ذلك، وهو يظن أنه تقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين ما يطلبون من كرامتي، والنعيم في جناتي ورفع درجاتي في جواري ولكن رحمتي فليبغوا، والفضل مني فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، وهي تبلغهم رضواني ومغفرتي، وألبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت)(8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 228/71 .
(2) أكديت: كناية عن الحرمان في الطلب يقال: أكدى الرجل أي أخفق ولم يظفر بحاجته.
(3) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 71/228 .
(4) المعارون هم المترددون بين الايمان والكفر مستضعفين في علمهم فمن آمن منهم كان إيمانهم مستودعا فإن يشأ الله ان يتمه لهم لحسن استعدادهم وإقبالهم إلى الله ، اتمه بفضله وتوفيقه وجعله ثابتاً مستقراً فيهم ، وان يشأ ان يسلبهم إياه لزوال استعدادهم الفطري، وفساد استعدادهم الكسبي ، سلبهم ورفع عنهم توفيقهم. المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 69/224.
(5) ثقة الإسلام الكليني ، الاصول الكافي : 2/73.
(6) المصدر نفسه : 2/314.
(7) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 72/314.
(8) المحدث المجلسي، بحار الأنوار: 72/ 321
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|