أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-16
2061
التاريخ: 22-04-2015
2053
التاريخ: 27-08-2015
2392
التاريخ: 9-10-2014
2366
|
قال تعالى : {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سبأ : 23 - 27] .
كثيراً ما يلاحظ أفراد فضلاء وعلى مستوى من العلم والمعرفة ، لا يمكنهم النفوذ في أفكار الآخرين ، لعدم إطّلاعهم على الفنون الخاصّة بالبحث والإستدلال ، وعدم رعايتهم للجوانب النفسية ، على عكس البعض الآخر الذين ليسوا على وفرة من العلم ، إلاّ أنّهم موفّقين من ناحية جذب القلوب وتسخيرها والنفوذ في أفكار الآخرين.
والعلّة الأساسية لذلك هي أنّ طريقة البحث ، واُسلوب التعامل مع الطرف المقابل يجب أن تكون مقرونة باُصول وقواعد تتّسق مع الخُلُق والروح ، فلا تستثار الجوانب السلبية في الطرف المقابل ، كي لا يندفع إلى العناد والإصرار ، إذ أنّ مراعاة الجانب النفسي ستؤدّي إلى إيقاظ وجدانه وإثارة روح البحث عن الحقيقة وإحيائها فيه.
والمهمّ هنا أن نعلم أنّ الإنسان ليس فكراً وعقلا صرفاً كي يستسلم أمام قدرة الإستدلال ، بل علاوةً على ذلك فإنّ مجموعة من العواطف والأحاسيس التي تشكّل جانباً مهمّاً من روحه مطوية في وجوده ، والتي يجب إشباعها بشكل صحيح ومعقول. والقرآن الكريم علّمنا كيفية مزج البحوث المنطقية بالاُصول الأخلاقية في المحاورة ، حتّى تنفذ في أرواح الآخرين.
شرط التأثير والنفوذ في روح الطرف المقابل هو إحساس الطرف المقابل بأنّ المتحدّث يتحلّى بالصفات التالية :
1 ـ مؤمن بما يقول ، وما يقوله صادر من أعماقه .
2 ـ هدفه من البحث طلب الحقّ ، وليس التفوّق والتعالي .
3 ـ لا يقصد تحقير الطرف المقابل ، وإعلاء شأن نفسه .
4 ـ ليس له مصلحة شخصية فيما يقول ، بل إنّ ما يقوله نابع من الإخلاص.
5 ـ يكنّ الإحترام للطرف المقابل ، لذا فهو يستخدم الأدب والرقّة في تعبيراته.
6 ـ لا يريد إثارة العناد لدى الطرف المقابل ، ويكتفي من البحث في موضوع بالمقدار الكافي ، دون الإصرار على إثبات أنّ الحقّ إلى جانبه. ليعرض حديثه.
7 ـ منصف ، لا يفرط بالإنصاف أبداً ، حتّى وإن لم يراع الطرف المقابل هذه الاُصول.
8 ـ لا يقصد تحميل الآخرين أفكاره ، بل يرغب في إيجاد الدافع لدى الآخرين حتّى يوصلهم إلى الحقيقة بمنتهى الحرية.
الدقّة المتناهية في هذه الايات ، واُسلوب تعامل الرّسول (صلى الله عليه وآله) ـ بأمر الله ـ مع المخالفين ، المقترن بكثير من اللفتات الجميلة ، تعتبر دليلا حيّاً على ما ذكرناه . فهو أحياناً يصل إلى حدّ لا يشير بدقّة إلى المهتدي أو المضلّ في أحد الفريقين ، بل يقول : {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ : 24] حتّى يثير في الذهن التساؤل عن علامات الهدى أو الضلال في أي الفريقين.
أو يقول : {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} [سبأ : 26] .
طبعاً لا يمكن إنكار أنّ كلّ ذلك بالنسبة إلى الأشخاص المؤمّل إهتداؤهم ، وإلاّ فإنّ القرآن يتعامل مع الأعداء المعاندين والظلمة القساة الذين لا يؤمّل منهم القبول بذلك بطريقة اُخرى . اُسلوب محاورات الرّسول (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) مع مخالفيهم يمثّل نموذجاً حيّاً في هذا المجال ، وكمثال على ذلك لاحظوا ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) بهذا الخصوص في كتب الحديث :
ففي أوائل كتاب توحيد المفضّل نقرأ «روى محمّد بن سنان قال : حدّثني المفضّل بن عمر قال : كنت ذات يوم بعد العصر جالساً في الروضة الشريفة بين القبر والمنبر ، وأنا مفكّر فيما خصّ الله تعالى به سيّدنا محمّداً (صلى الله عليه وآله) ، من الشرف والفضائل ، وما منحه وأعطاه وشرّفه وحباه ، ممّا لا يعرفه الجمهور من الاُمّة وما جهلوه من فضله وعظيم منزلته ، وخطير مرتبته ، فإنّي لكذلك إذ أقبل «ابن أبي العوجاء ، «رجل ملحد معروف». إلى أن يذكر أحاديث هذا الرجل التي سمعها المفضّل ... إلى أن (قال المفضّل) : فلم أملك نفسي غضباً وغيظاً وحنقاً ، فقلت : ياعدوّ الله ألحدت في دين الله ، وأنكرت الباري جلّ قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم وصوّرك في أتمّ صورة ، ونقلك في أحوالك حتّى بلغ إلى حيث إنتهيت. فلو تفكّرت في نفسك وصدقك ولطيف حسّك ، لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة ، وشواهده جلّ وتقدّس في خلقك واضحة ، وبراهينه لك لائحة ، فقال : ياهذا إن كنت من أهل الكلام كلّمناك فإن ثبتت لك حجّة تبعناك ، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك ، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمّد الصادق فما هكذا تخاطبنا ، ولا بمثل دليلك تجادل فينا ، ولقد سمع من كلامنا أكثر ممّا سمعت ، فما أفحش في خطابنا ، ولا تعدّى في جوابنا ، وإنّه الحليم الرزين ، العاقل الرصين ، لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق ، يسمع كلامنا ، ويصغي إلينا ويتعرّف حجّتنا ، حتّى إذا إستفرغنا ما عندنا ، وظننا أنّا قطعناه ، دحض حجّتنا بكلام يسير ، وخطاب قصير يلزمنا به الحجّة ، ويقطع العذر ، ولا نستطيع لجوابه ردّاً ، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه» (1).
____________________
1 ـ توحيد المفضّل ـ أوائل الكتاب.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|