تفسير قوله تعالى : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ...} |
2662
05:30 مساءاً
التاريخ: 14-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-06-2015
1907
التاريخ: 12-06-2015
2350
التاريخ: 14-06-2015
1928
التاريخ: 14-06-2015
3126
|
قال تعالى : {وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل
عمران : 104]
{وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ} اللام للأمر و«منكم» للتبعيض
فالوجوب كفائي منوط بحصول الغرض كما في التبيان. والحكم في الآية كسائر التكاليف
لطف عام لجميع الناس وإن كان الخطاب متوجها الى المسلمين لأنهم حينئذ هم المصغون
الى خطاب الوحي والمتلقون لشرائعه بترحيب الإيمان. وفي التبيان وقيل «من» لتخصيص
المخاطبين من بين سائر الأجناس مثلها في قوله تعالى { فَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج : 30] . أقول
يعني ان «من» تفيد هنا ما يسمى في الاصطلاح بالتجريد نحو رأيت منك أسدا وليكن لي
منك صديق ، وكقول الزعيم لأصحابه لينهض منكم جيش ولينتظم منكم صفوف إذا أراد
نهوضهم وانتظامهم بأجمعهم أي كونوا جميعا أمة يدعون الآية (ويدفعه أولا) ان
هذا خلاف الظاهر والمتداول من لفظ «من» وليس في المقام قرينة تصرفها من التبعيض
اليه ومما يشهد للتبعيض او يدل عليه معتبرة مسعدة بن صدقة المروية في الكافي والخصال
والتهذيب وفيها ان الصادق (عليه السلام) استشهد للتبعيض بالآية- وثانيا- ان هذا
المعنى يصرف وجه الكلام عن الأمر لبعض المسلمين بالمعروف ونهيهم عن المنكر مع
حاجتهم الى اللطف بهذا الإصلاح. بل يكون وجهه هو أمرهم ونهيهم لغيرهم. وهذا مما
يأباه عموم لطف الآية ومجد إصلاحها وكرامة شريعتها. فالظاهر إذن من لفظ «من» وسوق
الآية هو التبعيض . ولذكر الأمة جهتان- الأولى- بيان
ان هذا المقام توصلي يراد منه حصول الغرض بمن يحصله وليس بتعبدي واجب على كل احد
على كل حال بل قد يسقط الوجوب عن كثير من الناس لعدم تأثيرهم او غير ذلك مما ذكر
في شروطه- الثانية-
الاشارة الى ان هذا المقام يحتاج غالبا في تأثيره الى التعاضد والتعاون وإذا ترك
المتصدي وحده او شك أن تحول وحدته دون نهوضه ودون التأثير فيجب تحصيل الأثر
بالمعاونة والاجتماع «و الخير» معروف وهو ما هدى اليه العقل السليم أو دلّ على
فضيلته الشرع. وقد تكفل الدين الحنيف والشرع الشريف ، والقرآن الكريم بالدلالة على
كل خير كالإسلام والإيمان والمعارف الدينية.
و كرامة الطاعة واتباع الحق والعدل والتزين
بالأخلاق الفاضلة ، واسباب التكميل والتهذيب وترويض النفس والسعادة ، وفضيلة العلم
، ونظام الاجتماع ، والمدنية ، والصلاح والإصلاح ، وانك إذا تتبعت القرآن الكريم والسنة
الشريفة تجد الدعوة الى ذلك والأمر بها جارية على أحسن نهج وأعمه وأنفعه ، وأوضحه
وأوفقه بالحكمة. و«المعروف» هو ما يعرف العقلاء والمتشرعة رجحانه في حسنه من دلالة
العقل او الشرع ، و«المنكر» ما أنكره واستبشعه العقلاء والمتشرعة لدلالة العقل أو
الشرع على رداءته. وفي الكافي والتهذيب مسندا عن الباقر (عليه السلام) في حديث ان
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضته عظيمة بها
تقام الفرائض وتؤمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من
الأعداء ويستقيم الأمر الحديث.
و قد شدد الإنذار في السنة والنكير
على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهدد بعقاب الدنيا ووباله قبل الآخرة.
فمن ذلك ما روي في الكافي وعقاب الأعمال والتهذيب مسندا عن الرضا (عليه السلام)
كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) يقول إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر فليأذنوا بوقاع من اللّه «1» وذكر في
كنز العمال من اخرج نحو معناه عن حذيفة وأبي بكره وجرير عن رسول اللّه (صلى الله
عليه واله وسلم)
وعن الرضا (عليه السلام) ايضا
لتأمرنّ بالمعروف ولتنهن عن المنكر او ليستعملن اللّه عليكم شراركم «2» فيدعو
خياركم فلا يستجاب لهم «3» وذكر في
كنز العمال من اخرج هذا المعنى ونحوه عن ابن مسعود وحذيفة. وأبي هريرة وعائشة عن
رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم).
وقد جمع في الوسائل وكنز العمال في
باب الأمر بالمعروف جملة من الأحاديث فلتراجع .
وفي المقام مسائل - الأولى- انه وان
كان الظاهر بحسب اللغة كون الدعوة والأمر والنهي ما كان باللسان. ولكن المعلوم من
مغزى الآية وفحواها ووجهة إصلاحها وقرائنها من الشريعة هو ان المراد ما يكون باعثا
على الانقياد لفعل المعروف ورادعا عن المنكر من القول والفعل والوسائل المحصلة
لذلك حتى الإلجاء لكن بعض الوسائل الفعلية تحتاج إلى الاذن من ولي الأمر سلطان
الوقت او من ينوب منابه -الثانية- ذهب
الشيخ في التبيان والحلي في السرائر وحكي عن المرتضى والحلبي والقاضي والطوسي في
التجريد والعلامة وكثير من غيرهم ونقلت حكاية الشيخ له عن جماعة انهما يجبان على
الكفاية بمعنى انهما يجبان على كل مكلف لم يفقد شرط الوجوب لكنهما يسقطان بقيام من
به الكفاية او نهوضه لهما مع المراعاة بحصول الغرض. وهذا هو المفهوم من المقام وأمثاله
مما يكون التكليف فيه لغرض يتعلق بغير المكلف. وهو الظاهر من الآية ورواية مسعدة
المشار إليها. وفي نهاية الشيخ والوسيلة وحكى عن بعض المتأخرين انهما من فروض
الأعيان وذكر في المختلف احتجاج الشيخ له بالآية وبعض الروايات الواردة في الباب
«ويدفعه» ان الآية ظاهرة في فرض الكفاية والروايات لا تنافي ذلك. هذا وإذا احتاج
الواجب الى تعاون جماعة وجب على كل مكلف به أن يهيأ نفسه للانضمام الى من يعاونه
بل ويدعو الى ذلك - الثالث- يشترط
في وجوبهما جواز التأثير.
وحكي على ذلك الإجماع بل يدل عليه
العلم بأن وجوبهما إنما هو لتحصيل الائتمار والانتهاء.
وعلى ذلك لا يجبان إلا أن يحرز إصرار
المأمور على ترك المعروف والمنهي على فعل المنكر. بل ربما يصادف ذلك اهانة التائب
وهي مفسدة. ومع الشك فالأصل عدم الوجوب خصوصا مع احتمال المفسدة المذكورة ولزوم
الاحتراز عن الإهانة للغير إلا بحق ومن أجل ذلك يتوقف الأمر والنهي على معرفة
المعروف او المنكر فإن كان الجهل من حيث الشرع وجب التعلم بوجوب تعلم الأحكام
الشرعية وإن كان من حيث الاشتباه الخارجي فالأصل البراءة مع لزوم الاحتراز عن
اهانة الغير إلا بحق -الرابعة- أن لا
تكون فيهما مفسدة من نحو ما تقدم أو ضرر يرجح الحذر منه على مصلحتها بحسب المورد
الخاص. والتفصيل موكول الى كتب الفقه {وَأُولئِكَ} الواو
للاستئناف والمشار إليهم هم الذين يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر على النحو المطلوب.
______________________________
(1) وقاع كوقائع جمع واقعة وهي النازلة الشديدة. ويحتمل أن تكون مصدر واقع بمعنى
حارب كحراب بمعنى المحاربة.
(2) أي لا يحول بلطفه دون استيلائهم
عليكم بل يخذلكم ويترك أمرهم لمجرى الأسباب العادية والمقادير فكنى عن ذلك
بالاستعمال لما للطفه جلت آلاؤه من الأثر في صد الأسباب عن مجاريها.
(3) سموا خيارا بظاهر الحال فإنهم
عصاة بتضييعهم لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذا لا يستجاب دعاؤهم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|