تفسير قوله تعالى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ..} |
3126
02:10 صباحاً
التاريخ: 14-06-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-06-2015
1877
التاريخ: 12-06-2015
2805
التاريخ: 14-06-2015
1743
التاريخ: 2023-07-19
1065
|
قال
تعالى : {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة : 223] .
{نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الحرث في الأصل الكراب مصدر حرث
الأرض اي كربها ثم استعمل في الأرض التي تحرث كما في هذه الآية ثم استعمل في نبات
الأرض المسبب عن الحرث كما في قوله تعالى {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة : 205] . وفي الآية شبه تمتع الرجل بزوجته بحرث
الأرض والزوجة بالأرض التي تحرث فسميت حرثا اي محل تمتع لكم كما ان الأرض محل حفر
وحرث وليس المراد ان إتيان المرأة لا يحل الا حيث يكون إتيانها زرعا للنسل حتى لو
قلنا ان معنى انى شئتم هو اي وقت شئتم. او في القبل سواء كان من أمام او من خلف
فإن الآية على هذين التقديرين ساكتة عن تحريم ما عداها حتى لو قلنا ان الأمر في
قوله تعالى {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} للوجوب «1» كيف ولا خلاف بين المسلمين في جواز إتيان
اليائسة ومعلومة العقم وإتيان المرأة مطلقا في أعكانها وبين فخذيها وساقيها حتى ما
بين أليتيها مثلا {فَأْتُوا} الأمر للاباحة {حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} اين شئتم وقد أنكر بعضهم مجيء انى
في اللغة بمعنى كيف او بمعنى اي وقت والأول متيقن في اللغة والأخيران شكك فيهما.
والظاهر ان انى الاستفهامية مساوية في المعنى للشرطية وكلما جاء في القرآن من
الاستفهامية صالح لأن يراد منه المكان والجهة مع ان منها ما لا يصلح ان يكون بمعنى
كيف كما في قوله تعالى في سورة آل عمران{قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِكُمْ} [آل
عمران : 165] و{يَا مَرْيَمُ
أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران : 37] وأما بمعنى أي وقت فليس في القرآن ما
يصلح له. وفي الدر المنثور في ذكر القول الثاني من المسألة ذكر من اخرج عن أبي
سعيد الخدري ان رجلا أصاب امرأة في دبرها فأنكر الناس عليه ذلك فأنزلت {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ
أَنَّى شِئْتُمْ} وذكر من اخرج اثنتي عشرة رواية عن عبد
اللّه بن عمر ان الآية نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن. وروي عن ابن عبد البر
ان الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة مشهورة. وأورد عن مالك ما يكذب
رواية الخلاف عن ابن عمر وصححه الدارقطني عن مالك. وفي تهذيب الشيخ في الصحيح عن
الصادق (عليه السلام) انه استشهد للحل بهذه الآية ولم يذكر انها نزلت في ذلك. وكذا
رواية العياشي عن زرارة عن الباقر (عليه السلام)
والظاهر ان استشهادهما عليهما السلام انما هو بعمومها لا بنزولها في هذا الشأن.
وملخص الكلام في المسألة ان قول نافع بالجواز معروف وحكاه الطحاوي وحجاج بن ارطاة
وعن مالك روايتان. وفي الخلاف عن المزني قال بعض أصحابنا حرام وقال بعضهم حلال ثم
قال وآخر ما قال الشافعي لا أرخص فيه. وذكرت في الدر المنثور وغيره رواية الجواز
عن أبي مليكة.
وعن عبد اللّه بن القاسم قال ما
أدركت أحدا اقتدي به في ديني يشك انه حلال يعني وطء المرأة من دبرها ثم قرأ {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ثم قال وأي شيء أبين من هذا. وفيه
اخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد اللّه بن الحكم ان
الشافعي سئل عنه فقال ما صح عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في تحليله ولا
تحريمه شيء والقياس انه حلال. وفيه أيضا بعد ان ذكر روايات القول في التحريم قال
الحفاظ في جميع الأحاديث المرفوعة «يعني المسندة عن النبي (صلى الله عليه واله
وسلم)» وعدتها نحو عشرين حديثا كلها ضعيفة لا يصح منها شيء والموقوفة يعني ما وقف
سنده على الصحابي او التابعي هو الصحيح وقال الحافظ بن حجر في المرفوع منكر
لا يصح من وجه كما صرح بذلك البخاري والبزار والنسائي انتهى . أقول وذهب أصحابنا
الى جوازه على كراهية شديدة وهي المحصل من أحاديثنا ووجه الجمع بينها وبذلك يستنكر
ان يكون نزول الآية في إباحته نعم لا بأس في نزولها للعموم {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} اى هذه احكام ما يعود الى دنياكم
وقدموا لآخرتكم من الخيرات والأعمال الصالحة ما ينفعكم فيها {وَاتَّقُوا اللَّهَ} فان خير الزاد التقوى {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} اي وليكن عملكم عمل العالم المتيقن بأنه
يموت ويحشر ويلاقي ربه يوم الحساب والجزاء لا عمل الغافل مع إقراره بالمعاد في
إسلامه {وَبَشِّرِ} يا رسول اللّه {الْمُؤْمِنِينَ} حق الايمان والثابتين عليه بحيث
استحقوا الوصف بذلك.
______________________________
(1) في الدر المنثور اخرج
الحاكم عن ابن عبد الحكم ان الشافعي ناظر محمد بن الحسن في ذلك اي في حرمة إتيان
الزوجة في دبرها فاحتج عليه ابن الحسن بان الحرث إنما يكون في الفرج فقال له فيكون
ما سوى الفرج محرما فالتزمه فقال أ رأيت لو وطأها بين ساقيها او في أعكانها أ في
ذلك حرث قال لا قال أ فيحرم قال لا قال فكيف تحتج بما لا تقول به.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|