أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2019
1420
التاريخ: 20-9-2018
1640
التاريخ: 23-12-2019
2712
التاريخ: 17-5-2021
1527
|
التجني على العراقيين :
وقد كان العراق موطنا لعلي «عليه السلام» مدة خلافته ، وقد ناصر العراقيون عليا ، ورأوا ورووا بعض فضائله «عليه السلام».
وقاتلوا الناكثين والمارقين والقاسطين معه ، فعاداهم الناس ، واتهموهم بالكذب والوضع لأجل ذلك ، وفرضوا عليهم حصارا ثقافيا وإعلاميا.
ولعل أول من بادر إلى اتهامهم بذلك هو أم المؤمنين عائشة (1) التي لقيت على أيديهم في حرب الجمل شر هزيمة.
واتهمهم بذلك أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص الذي لقي منهم الأمرين في حرب صفين (2).
وكذلك الزهري (3) الذي كان له وجاهة ومكانة خاصة في البلاط الأموي (4).
أما مالك ، الذي لم يرو عن أحد من الكوفيين ، سوى عبد الله بن إدريس ، الذي كان على مذهبه ، فقد رأى : أن أحاديث أهل العراق ، تنزل منزلة أحاديث أهل الكتاب ، أي فلا تصدق ولا تكذب (5).
وكان يقول : لم يرو أولونا عن أوليهم ، كذلك لا يروي آخرونا عن آخريهم (6).
السبب هو السياسة والانحراف عن علي عليه السّلام :
وقد كانت هذه السياسة سياسة أموية وشامية ، ضد علي «عليه السلام» ، منطلقها التعصب والتجني ، وليس تحري الحق ، والتزام جانبه.
وقد قالوا عن الجوزجاني :
إنه في كتابه في الرجال «يتشدد في جرح الكوفيين من أصحاب علي ، من أجل المذهب» ، لذلك قال ابن حجر :
«لا عبرة بحطه على الكوفيين» (7).
وقال الأوزاعي :
«كانت الخلفاء بالشام ، فإذا كانت الحادثة سألوا عنها علماء أهل الشام ، وأهل المدينة ، وكانت أحاديث العراق لا تجاوز جدر بيوتهم ، فمتى كان علماء أهل الشام يحملون عن خوارج أهل العراق؟!» (8).
ويقول ابن المبارك : «ما دخلت الشام إلا لأستغني عن حديث أهل الكوفة» (9).
بل إن ذلك قد انعكس حتى على علوم العربية ، مثل علم النحو وغيره ؛ حيث نجد اهتماما ظاهرا بتكريس نحو البصريين ، واستبعاد نحو الكوفيين ، مهما عاضدته الدلائل والشواهد ، فراجع ولاحظ. ولهذا البحث مجال آخر.
فشل المحاولات :
على أن كل تلك الجهود ، وإن تركت بعض الأثر بصورة عامة ، ولكنها لم تؤت كل ثمارها المرجوة ، فقد فرض الفقه والحديث العراقي نفسه على الساحة ، ولا يمكنهم الاستغناء عنه بالكلية ، فقبلوه على مضض وكره منهم ، حتى ليقول ابن المديني :
«لو تركت أهل البصرة لحال القدر ، وتركت أهل الكوفة لذلك الرأي (يعني التشيع) خربت الكتب» (10).
وقال محمد بن يعقوب : «إن كتاب أستاذه (يعني صحيح مسلم) ملآن من حديث الشيعة» (11).
وقد روى البخاري نفسه عن طائفة كبيرة ممن ينسبون إلى التشيع من العراقيين وغيرهم (12).
خلاصات لا بد من قراءتها :
ولمزيد من التأييد والتأكيد على ما نريد أن نقوله ، نعود إلى التذكير ببعض النقاط المفيدة في إيضاح المطلوب ، فنقول :
لا معايير ولا ضوابط :
لقد كانت كل تلك السياسات التي تحدثنا عنها تنفذ في حين : أن الناس لم يكونوا قادرين على تمييز الغث من السمين ، والصحيح من السقيم ، لأنهم كانوا قد فقدوا المعايير والضوابط المعقولة والمقبولة ، التي تمكنهم من ممارسة دور الرقابة الدقيقة والمسؤولة على ما يزعم أنه شريعة ودين ، وأحكام وإسلام.
إنفلات الزمام :
وبما أن الناس كانوا يريدون معرفة شيء عن دينهم ، ويحبون قرآنهم ، وإسلامهم ، ونبيهم.
وبما أنه لم يعد ثمة من يستطيع أن يعارض أو أن يعترض ، فقد راجت بضائع الكذابين والوضاعين ، وقامت سوقهم على قدم وساق.
وتمكنوا من إشاعة أباطيلهم ، وترهاتهم ، وأضاليلهم.
ولم يكن كثير من الناس يملكون القدرة على تمييز الصحيح من السقيم ، والحق من الباطل ، والأصيل من الدخيل.
أهل الكتاب يمارسون دورهم :
وكان أهل الكتاب في طليعة المستفيدين من هذه الأجواء.
حيث إن ذلك قد سهّل على الذين أظهروا الإسلام منهم : أن ينشروا أباطيلهم وترهاتهم ، بعد أن خلت لهم الساحة ، وأصبحوا هم مصدر العلم والمعارف الدينية ، والثقافة لأكثر الناس ، خصوصا مع ما كانوا ينعمون به من حماية وتأييد من قبل الحكام آنئذ.
إبعاد أهل البيت عليهم السّلام عن الساحة :
إنما أصبح ذلك ممكنا بعد أن تمكن الحكام من فرض ظروف منعت الصفوة من أهل البيت «عليهم السلام» ، وشيعتهم الأبرار رضوان الله تعالى عليهم من ممارسة دورهم في التصحيح والتنقيح ، والتقليم والتطعيم ، وفضح زيف المزيفين ، ودفع كيد الخائنين.
وحرص أكثر الناس ولا سيما الحاقدون والمتزلفون ، وضعفاء النفوس ، على الابتعاد عنهم «عليهم السلام» ، ولا سيما بعد استشهاد سيد شباب أهل الجنة ، الإمام الحسين «عليه السلام» ، وصحبه الأخيار ، وأهل بيته الأطهار في كربلاء الفداء.
وقد أشار الإمام السجاد إلى ذلك ، فقال : «اللهم إن هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ، ومواضع أمنائك. في الدرجة الرفيعة ، التي اختصصتهم بها ، قد ابتزوها حتى عاد صفوتك ، وخلفاؤك مغلوبين ، مقهورين ، مبتزين. يرون حكمك مبدلا ، وكتابك منبوذا ، وفرائضك محرفة عن جهات أشراعك ، وسنن نبيك متروكة الخ ..» (13).
والملفت للنظر هنا : أنه «عليه السلام» يقرر هذه الحقيقة ويعلنها في صيغة دعاء ، في خصوص يوم عرفة في موسم الحج ، حيث يجتمع الناس من مختلف الأقطار والأمصار ، ليستفيدوا من هذه الشعيرة العظيمة ، ويعودوا إلى بلادهم بمزيد من الطهر ، والصفاء ، والإخلاص ، والوعي لدينهم ، ولعقيدتهم.
ثم تكون هذه الفقرات جزءا من دعاء يدعو به المسلمون كل يوم جمعة في طول البلاد الإسلامية وعرضها وباستمرار ، ليسهم ذلك في المزيد من إيجاد حالة الوعي الرسالي ، وليكون من ثم واحدا من مسؤولياتهم الإيمانية ، والعقيدية.
وقد تعودنا من الإمام السجاد «عليه السلام» هذا الأسلوب الفذ في أكثر من مجال من مجالات الفكر ، والعقيدة ، والسلوك ، كما يتضح ذلك بالمراجعة إلى الصحيفة السجادية ، وغيرها من الأدعية المنقولة عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطيبين الطاهرين.
__________________
(1) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٤ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج ١ ص ٧٠.
(2) الطبقات الكبرى لابن سعد ط صادر ج ٤ ص ٢٦٧.
(3) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٤ وتهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٧٠.
(4) ستأتي إشارة إلى ذلك حين الحديث حول روايات بدء الوحي ، وقصة ورقة بن نوفل.
(5) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٥ عن ابن تيمية في المنتقى من منهاج الاعتدال ص ٨٨.
(6) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٥ عن الكامل لابن عدي ج ١ ص ٣ ـ أ.
(7) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٩٣ وراجع تهذيب التهذيب ج ١ ص ٩٣ وج ٥ ص ٤٦ وج ١٠ ص ١٥٨.
(8) تهذيب تاريخ دمشق ج ١ ص ٧٠ ـ ٧١ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٥ عنه.
(9) المصدران السابقان.
(10) الكفاية في علم الرواية ص ١٢٩.
(11) الكفاية في علم الرواية ص ١٢٩.
(12) راجع : فتح الباري (المقدمة) ص ٤٦٠ و ٤٦١ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٨.
(13) الصحيفة السجادية ، دعاء ٤٨. وهو الدعاء الخاص بيوم الجمعة وعرفة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|