أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2022
1575
التاريخ: 13-1-2023
1344
التاريخ: 9-1-2023
1159
التاريخ: 28-12-2022
1115
|
كان عام 169 من الهجرة عاماً يعج بالأزمات والظلام والاضطراب والأحزان، لأنّه قد تقلّد فيه الهادي ابن المهدي منصب الخلافة، وهو ذلك الشاب الخليع الماجن الطائش، وكان حكمه مصدراً لأحداث مريرة دفع المجتمع الإسلامي ثمنها باهظاً، وبالطبع ليس جلوس الهادي على كرسي أبيه بالأمر الجديد ،لأنّه قد صار الحكم الإسلامي على يد الخلفاء الظالمين نظاماً وراثياً منذ فترة طويلة، وكان ينتقل من شخص إلى آخر بين الأُسرة العباسية، وأصبح انتقاله بهذه الطريقة و هو ما كان يقارنه صمت الناس الإجباري والمرير أمراً عادياً إنّ هذا الأمر الجديد جعل مصير المسلمين في يد شاب غير ناضج فاقد للمؤهّلات وخليع ماجن كالهادي حيث قد تقلّد الخلافة ولما يبلغ الخامسة والعشرين .
ولم يكن متمتعاً بالمؤهّلات الأخلاقية لتولّي منصب الخلافة الهام واستلام قيادة المجتمع الإسلامي وقد كان شاباً يتناول المسكر طائشاً خليعاً، وراح يمارس أعماله تلك حتى بعد تقلّد الخلافة ودون مرعاة لحرمتها وكان مع ذلك قاسي القلب، سيء الأخلاق، صعب المرام .
تربّى الهادي في بيئة البلاط العباسي الملوثة، ورضع من ثدي هذا النظام المستبد والظالم الغاصب، وبهذه التربية التي تربّى بها الهادي لو لم يصبح خليفة لكان من أُولئك الشباب المتغطرسين الطائشين الذين لا هدف لهم غير اتّباع الملذّات والشهوات ؛ فقد كان في عهد خلافة أبيه يدعو هو وأخوه هارون مجموعة من المغنين إلى مجلسهم الارستقراطي الذي كان يقام بأموال بيت المال، ويلهون ويسكرون ويطربون، وقد أفرط في ذلك وبالغ لدرجة انّه أثار غضب أبيه المهدي: فعاقب ندماءه ومغنّيه الذين كان يحبهم، كما منع يوماً إبراهيم الموصلي، المغني الشهير آنذاك من المشاركة في مجلسه، ولكن الهادي كان يواصل ذلك، فسجن المهدي إبراهيم لهذا السبب .
وراح الهادي الذي كان يواجه معارضة أبيه أحياناً بسبب سلوكه الشائن في عهده يمارس مجونه ولهوه بعد تقلّد الخلافة ويصرف أموال المسلمين العامة في مجالسه الليلية الملوثة .
ويروي المؤرّخون انّه كان يدعو إبراهيم الموصلي إلى قصر الخلافة ويستمع إلى غنائه ساعات طويلة، وقد بلغت درجة شغفه به ان أهدى له أموالاً طائلة، وقد بلغ المال الذي حصل عليه إبراهيم من الخليفة يوماً مائة وخمسين ألف دينار .
وكان ابن إبراهيم يقول: لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب والفضة .
وقد غنّى إبراهيم الموصلي يوماً له بأغنيات أطربته بشدة، فطلب منه أن يغنّيها مرة أُخرى، وأمر في نهاية المجلس أحد خدمه بأن يقود إبراهيم إلى خزينة بيت المال ليأخذ ما يشاء منها من أموال المسلمين ، بل لو أراد أن يأخذ كلّ ما فيها فلا يمنعه من ذلك! وقال إبراهيم: دخلت خزانة بيت المال وأخذت ثلاثين ألف دينار فقط!
وكان من الواضح من سيرته هذه انّه غير قادر على تحمّل مسؤولية قيادة المجتمع الإسلامي، ولهذا السبب ساد الاضطراب في البلاد الإسلامية التي كانت مستقرة في البداية والأقطار راضخة للحكم المركزي، وتسبّب سلوكه الشائن وسيرته وأعماله القبيحة في ذلك أكثر، وراحت تظهر موجة غضب عارمة في جميع الأرجاء .
ومن المؤكد هناك أسباب عديدة تسببت في حدوث هذه الأوضاع غير انّ السبب الذي أثار غضب الناس أكثر من أي شيء آخر هو التضييق على بني هاشم والعلويين ؛ فقد ضغط على العلويّين وبني هاشم وضيّق عليهم منذ بداية خلافته، ومنعهم حقوقهم التي كانوا يتقاضونها من بيت المال منذ عهد المهدي، وأحدث الرعب والخوف بينهم من خلال مطاردته المستمرة لهم، وأمر باعتقالهم في جميع الإرجاء وبإحضارهم إلى بغداد أثارت هذه المضايقات الأحرار والشجعان من رجال بني هاشم ودفعتهم إلى مواجهة الاضطهاد والقمع المستمر الذي يقوم به الحكم العباسي، وراحت تنمو بذرة حركة مناهضة للحكم العباسي بقيادة واحد من أحفاد الإمام الحسن المجتبى يسمّى الحسين صاحب فخ ؛ ولم يكن قد آن أوان تشكيل هذه الحركة، ولم يأت موعد ظهورها الذي هو موسم الحج، غير انّ مضايقات عامل المدينة الشديدة آنذاك تسبّبت في أن تندلع نارها بشكل أسرع، وكان عامل المدينة الذي هو من المعادين لأهل بيت النبوة يعامل ليكون قد خدم جهاز الخلافة بشكل جيد ولعله لإثبات جدارته سادات الهاشميين وشخصياتهم المرموقة معاملة قاسية كلّ يوم بذريعة ما، ومن ذلك إجبارهم على تسجيل حضورهم في قصر الأمارة كلّ يوم، ولم يقتصر على ذلك فقط بل راح يجعل بعضهم يضمن حضور الآخر، ويعاقب ويسجن البعض بسبب عدم حضور الآخر ؛ وقد عاقب يوماً حسيناً صاحب فخ ويحيى بن عبد اللّه بسبب عدم حضور أحد سادات بني هاشم بشدة واعتقلهم كرهائن عنده، وأصبح ذلك كشر أصاب مخزناً للبارود، فتسبب في انفجار غضب الهاشميين وثورتهم، وسرّع في ظهور حركتهم، واندلعت نار الحرب في المدينة .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|