المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التلقيح insemination والإخصاب fertilization في الابقار
2024-11-01
الحمل ونمو الجنين في الابقار Pregnancy and growth of the embryo
2024-11-01
Elision
2024-11-01
Assimilation
2024-11-01
Rhythm
2024-11-01
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31



الهادي العباسي  
  
3436   01:58 مساءً   التاريخ: 15-05-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص381-384.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام موسى بن جعفر الكاظم / قضايا عامة /

كان عام 169 من الهجرة عاماً يعج بالأزمات والظلام والاضطراب والأحزان، لأنّه قد تقلّد فيه الهادي ابن المهدي منصب الخلافة، وهو ذلك الشاب الخليع الماجن الطائش، وكان حكمه مصدراً لأحداث مريرة دفع المجتمع الإسلامي ثمنها باهظاً، وبالطبع ليس جلوس الهادي على كرسي أبيه بالأمر الجديد ،لأنّه قد صار الحكم الإسلامي على يد الخلفاء الظالمين نظاماً وراثياً منذ فترة طويلة، وكان ينتقل من شخص إلى آخر بين الأُسرة العباسية، وأصبح انتقاله بهذه الطريقة و هو ما كان يقارنه صمت الناس الإجباري والمرير أمراً عادياً إنّ هذا الأمر الجديد جعل مصير المسلمين في يد شاب غير ناضج فاقد للمؤهّلات وخليع ماجن كالهادي حيث قد تقلّد الخلافة ولما يبلغ الخامسة والعشرين .

ولم يكن متمتعاً بالمؤهّلات الأخلاقية لتولّي منصب الخلافة الهام واستلام قيادة المجتمع الإسلامي وقد كان شاباً يتناول المسكر طائشاً خليعاً، وراح يمارس أعماله تلك حتى بعد تقلّد الخلافة ودون مرعاة لحرمتها وكان مع ذلك قاسي القلب، سيء الأخلاق، صعب المرام .

تربّى الهادي في بيئة البلاط العباسي الملوثة، ورضع من ثدي هذا النظام المستبد والظالم الغاصب، وبهذه التربية التي تربّى بها الهادي لو لم يصبح خليفة لكان من أُولئك الشباب المتغطرسين الطائشين الذين لا هدف لهم غير اتّباع الملذّات والشهوات ؛ فقد كان في عهد خلافة أبيه يدعو هو وأخوه هارون مجموعة من المغنين إلى مجلسهم الارستقراطي الذي كان يقام بأموال بيت المال، ويلهون ويسكرون ويطربون، وقد أفرط في ذلك وبالغ لدرجة انّه أثار غضب أبيه المهدي: فعاقب ندماءه ومغنّيه الذين كان يحبهم، كما منع يوماً إبراهيم الموصلي، المغني الشهير آنذاك من المشاركة في مجلسه، ولكن الهادي كان يواصل ذلك، فسجن المهدي إبراهيم لهذا السبب .

وراح الهادي الذي كان يواجه معارضة أبيه أحياناً بسبب سلوكه الشائن في عهده يمارس مجونه ولهوه بعد تقلّد الخلافة ويصرف أموال المسلمين العامة في مجالسه الليلية الملوثة .

ويروي المؤرّخون انّه كان يدعو إبراهيم الموصلي إلى قصر الخلافة ويستمع إلى غنائه ساعات طويلة، وقد بلغت درجة شغفه به ان أهدى له أموالاً طائلة، وقد بلغ المال الذي حصل عليه إبراهيم من الخليفة يوماً مائة وخمسين ألف دينار .

وكان ابن إبراهيم يقول: لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب والفضة .

وقد غنّى إبراهيم الموصلي يوماً له بأغنيات أطربته بشدة، فطلب منه أن يغنّيها مرة أُخرى، وأمر في نهاية المجلس أحد خدمه بأن يقود إبراهيم إلى خزينة بيت المال ليأخذ ما يشاء منها من أموال المسلمين ، بل لو أراد أن يأخذ كلّ ما فيها فلا يمنعه من ذلك! وقال إبراهيم: دخلت خزانة بيت المال وأخذت ثلاثين ألف دينار فقط!

وكان من الواضح من سيرته هذه انّه غير قادر على تحمّل مسؤولية قيادة المجتمع الإسلامي، ولهذا السبب ساد الاضطراب في البلاد الإسلامية التي كانت مستقرة في البداية والأقطار راضخة للحكم المركزي، وتسبّب سلوكه الشائن وسيرته وأعماله القبيحة في ذلك أكثر، وراحت تظهر موجة غضب عارمة في جميع الأرجاء .

ومن المؤكد هناك أسباب عديدة تسببت في حدوث هذه الأوضاع غير انّ السبب الذي أثار غضب الناس أكثر من أي شيء آخر هو التضييق على بني هاشم والعلويين ؛ فقد ضغط على العلويّين وبني هاشم وضيّق عليهم منذ بداية خلافته، ومنعهم حقوقهم التي كانوا يتقاضونها من بيت المال منذ عهد المهدي، وأحدث الرعب والخوف بينهم من خلال مطاردته المستمرة لهم، وأمر باعتقالهم في جميع الإرجاء وبإحضارهم إلى بغداد أثارت هذه المضايقات الأحرار والشجعان من رجال بني هاشم ودفعتهم إلى مواجهة الاضطهاد والقمع المستمر الذي يقوم به الحكم العباسي، وراحت تنمو بذرة حركة مناهضة للحكم العباسي بقيادة واحد من أحفاد الإمام الحسن المجتبى يسمّى الحسين صاحب فخ ؛ ولم يكن قد آن أوان تشكيل هذه الحركة، ولم يأت موعد ظهورها الذي هو موسم الحج، غير انّ مضايقات عامل المدينة الشديدة آنذاك تسبّبت في أن تندلع نارها بشكل أسرع، وكان عامل المدينة الذي هو من المعادين لأهل بيت النبوة يعامل ليكون قد خدم جهاز الخلافة بشكل جيد ولعله لإثبات جدارته  سادات الهاشميين وشخصياتهم المرموقة معاملة قاسية كلّ يوم بذريعة ما، ومن ذلك إجبارهم على تسجيل حضورهم في قصر الأمارة كلّ يوم، ولم يقتصر على ذلك فقط بل راح يجعل بعضهم يضمن حضور الآخر، ويعاقب ويسجن البعض بسبب عدم حضور الآخر ؛ وقد عاقب يوماً حسيناً صاحب فخ ويحيى بن عبد اللّه بسبب عدم حضور أحد سادات بني هاشم بشدة واعتقلهم كرهائن عنده، وأصبح ذلك كشر أصاب مخزناً للبارود، فتسبب في انفجار غضب الهاشميين وثورتهم، وسرّع في ظهور حركتهم، واندلعت نار الحرب في المدينة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.