أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-05-2015
4948
التاريخ: 29-5-2022
1848
التاريخ: 8-1-2023
1296
التاريخ: 29-12-2022
1575
|
ولمّا شاع ذكر الإمام ( عليه السّلام ) وانتشرت فضائله ومآثره في بغداد ، ضاق الرشيد من ذلك ذرعا ، وخاف منه فاعتقله ثانية فأودعه في بيت الفضل بن يحيى .
ولما رأى الفضل عبادة الإمام ( عليه السّلام ) واقباله على اللّه وانشغاله بذكره أكبر الإمام ، ولم يضيّق عليه وكان في كل يوم يبعث اليه بمائدة فاخرة من الطعام ، وقد رأى ( عليه السّلام ) من السعة في سجن الفضل ما لم يرها في بقية السجون .
ولمّا أو عز الرشيد للفضل باغتيال الإمام ( عليه السّلام ) امتنع ولم يجبه إلى ذلك وخاف من اللّه لأنه كان ممّن يذهب إلى الإمامة ويدين بها ، وهذا هو الذي سبب تنكيل الرشيد بالفضل واتهام البرامكة بالتشيع[1].
الإمام ( عليه السّلام ) في سجن السّندي بن شاهك
وبعد سجن الفضل أمر هارون بنقل الإمام ( عليه السّلام ) إلى سجن السندي بن شاهك وأمره بالتضييق عليه فاستجاب هذا الأثيم لذلك فقابل الإمام ( عليه السّلام ) بكل جفوة وقسوة ، والإمام صابر محتسب فأمره الطاغية أن يقيّد الإمام ( عليه السّلام ) بثلاثين رطلا من الحديد ويقفل الباب في وجهه ولا يدعه يخرج الّا للوضوء .
وامتثل السندي لذلك فقام بإرهاق الإمام ( عليه السّلام ) وبذل جميع جهوده للتضييق عليه ، ووكّل بشّارا مولاه ، وكان من أشد الناس بغضا لآل أبي طالب ولكنه لم يلبث أن تغير حاله وآب إلى طريق الحق ؛ وذلك لما رآه من كرامات الإمام ( عليه السّلام ) ومعاجزه ، وقام ببعض الخدمات له[2].
نشاط الإمام ( عليه السّلام ) داخل السّجن
وقام الإمام بنشاط متميّز من داخل السجن ، وفيما يلي نلخّص ذلك ضمن عدة نقاط :
1 - عبادته داخل السّجن :
أقبل الإمام كما قلنا على عبادة اللّه تعالى فكان يصوم النهار ويقوم الليل ولا يفتر عن ذكر اللّه .
وهذه أخت الجلّاد السندي بن شاهك تحدّثنا عمّا رأته من اقبال الإمام وطاعته للّه والتي أثّرت في نفسها وأصبحت فيما بعد من الصالحات فكانت تعطف على الإمام ( عليه السّلام ) وتقوم بخدمته وإذا نظرت اليه أرسلت ما في عينيها من دموع وهي تقول : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل[3].
2 - اتّصال العلماء به :
واتّصل جماعة من العلماء والرواة بالإمام ( عليه السّلام ) من طريق خفي فانتهلوا من نمير علومه فمنهم موسى بن إبراهيم المروزي ، وقد سمح له السندي بذلك لأنّه كان معلّما لولده ، وقد ألّف موسى بن إبراهيم كتابا مما سمعه من الإمام[4].
3 - إرسال الاستفتاءات إليه :
وكانت بعض الأقاليم الإسلامية التي تدين بالإمامة ترسل عنها مبعوثا خاصا للإمام ( عليه السّلام ) حينما كان في سجن السندي ، فتزوده بالرسائل فكان ( عليه السّلام ) يجيبهم عنها ، وممن جاءه هناك علي بن سويد ، فقد اتّصل بالإمام ( عليه السّلام ) وسلّم إليه الكتب فأجابه ( عليه السّلام )[5].
4 - نصب الوكلاء :
وعيّن الإمام ( عليه السّلام ) جماعة من تلامذته وأصحابه ، فجعلهم وكلاء له في بعض البلاد الإسلامية ، وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الإسلامية منهم ، كما وكّلهم في قبض الحقوق الشرعية ، لصرفها على الفقراء والبائسين من الشيعة وانفاقها في وجوه البر والخير ، فقد نصب المفضل بن عمر وكيلا له في قبض الحقوق وأذن له في صرفها على مستحقيها[6].
ومن هنا بدأت ظاهرة الوكالة في تخطيط أهل البيت ( عليهم السّلام ) لإدارة الجماعة الصالحة وتطوّرت فيما بعد بمرور الزمن . كما سوف نلاحظ ذلك في حياة الإمام الجواد والهادي والعسكري والإمام المهدي ( عليهم السّلام ) .
5 - تعيينه لولي عهده :
ونصب الإمام ( عليه السّلام ) من بعده ولده الإمام الرضا ( عليه السّلام ) فجعله علما لشيعته ومرجعا لامة جدّه ، فقد حدّث الحسين بن المختار ، قال : لمّا كان الإمام موسى ( عليه السّلام ) في السجن خرجت لنا ألواح من عنده وقد كتب فيها « عهدي إلى أكبر ولدي »[7].
6 - وصيته ( عليه السّلام ) :
وأوصى الإمام ( عليه السّلام ) ولده الإمام الرضا ( عليه السّلام ) وعهد إليه بالأمر من بعده على صدقاته ونيابته عنه في شؤونه الخاصة والعامة وقد أشهد عليها جماعة من المؤمنين وقبل أن يدلي بها ويسجّلها أمر باحضار الشهود .
7 - صلابة الإمام وشموخه أمام ضغوط الرّشيد :
وبعد ما مكث الإمام ( عليه السّلام ) زمنا طويلا في سجن هارون تكلّم معه جماعة من خواصّ شيعته فطلبوا منه أن يتكلم مع بعض الشخصيات المقرّبة عند الرشيد ليتوسط في اطلاق سراحه ، فامتنع ( عليه السّلام ) وترفّع عن ذلك وقال لهم :
« حدثني أبي عن آبائه أن اللّه عزّ وجلّ أوحى إلى داود ، يا داود إنه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني ، وعرفت ذلك منه الّا قطعت عنه أسباب السماء ، وأسخت الأرض من تحته »[8].
[1] راجع مقاتل الطالبيين : 503 - 504 .
[2] اختيار معرفة الرجال : 438 ح 827 .
[3] تاريخ بغداد : 13 / 31 .
[4] النجاشي : 407 برقم 1082 .
[5] حياة الإمام موسى الكاظم : 2 / 492 .
[6] حياة الإمام موسى الكاظم : 2 / 493 .
[7] عيون أخبار الرضا : 1 / 30 ، ومسند الإمام الكاظم : 2 / 147 ح 36 .
[8] تاريخ اليعقوبي : 2 / 361 ، وفاة موسى بن جعفر ، تحقيق عبد الأمير مهنا . ط بيروت منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|