المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



نشأة الإمام موسى الكاظم ( عليه السّلام )  
  
1575   04:16 مساءً   التاريخ: 29-12-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 9، ص41-46
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام موسى بن جعفر الكاظم / قضايا عامة /

هو سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، الكبير القدر العظيم الشأن ، الجاد في العبادة المشهور بالكرامات ، الكاظم الغيظ والعافي عن الناس ، العبد الصالح وباب الحوائج إلى اللّه كما هو المعروف عند أهل العراق .

1 - الأب : هو سادس أئمة أهل البيت بعد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) أبو عبد اللّه جعفر ابن محمد الصادق معجزة الاسلام ومفخرة الإنسانية على مرّ العصور وعبر الأجيال ، لم تسمع الدنيا بمثله فضلا ونبلا وعلما وكمالا .

2 - الام : لقد كانت أم الإمام موسى الكاظم ( عليه السّلام ) من تلكم النسوة اللاتي جلبن لأسواق يثرب وقد خصّها اللّه بالفضل وعناها بالشرف فصارت وعاء للإمامة والكرامة وتزوّج بها أبو عبد اللّه ، فكانت من أعزّ نسائه واحبّهن إليه ، وآثرهن عنده .

واختلف المؤرخون اختلافا كثيرا في نسبها فقيل انّها اندلسية ، وتكنّى لؤلؤة[1] وقيل إنّها رومية[2] ، وقيل انّها من أجلّ بيوت الأعاجم[3] ، وكانت السيدة حميدة تعامل في بيتها معاملة كريمة ، فكانت موضع عناية وتقدير عند جميع العلويات ، كما انّ الإمام الصادق ( عليه السّلام ) كان يغدق عليها بمعروفه ، وقد رأى فيها وفور العقل والكمال ، وحسن الايمان وأثنى عليها ثناءا عاطرا ، فقال فيها : « حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أديت إليّ كرامة من اللّه وللحجة من بعدي . . . »[4] ، وقد غذّاها الإمام الصادق بعلومه حتى أصبحت في طليعة نساء عصرها علما وورعا وايمانا ، وعهد إليها بتفقيه النساء المسلمات وتعليمهن الأحكام الشرعية[5] ، وأجدر بها أن تحتل هذه المكانة ، وأن تكون من ألمع نساء عصرها في العفّة والفقه والكمال .

3 - الوليد المبارك : وامتدّ الزمن بعد زواج الإمام بها ، وسافر الإمام أبو عبد اللّه إلى بيت اللّه الحرام لأداء فريضة الحج ، فحملها معه ، وبعد الانتهاء من مراسيمة قفلوا راجعين إلى يثرب ، فلمّا انتهوا إلى « الأبواء »[6]. أحسّت حميدة بالطلق فأرسلت خلف الإمام تخبره بالأمر ، لأنه قد عهد إليها أن لا تسبقه بشأن وليده ، وكان أبو عبد اللّه يتناول طعام الغداء مع جماعة من أصحابه ، فلما وافاه النبأ المسرّ قام مبادرا إليها فلم يلبث قليلا حتى وضعت حميدة سيدا من سادات المسلمين ، وإماما من أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) .

لقد أشرقت الدنيا بهذا المولود المبارك الذي ما ولد - في عصره - أيمن ، ولا أكثر عائدة ولطفا على الاسلام منه .

لقد ولد أبرّ الناس ، وأعطفهم على الفقراء ، وأكثرهم عناءا ومحنة في سبيل اللّه وأعظمهم عبادة وخوفا من اللّه .

وبادر الإمام أبو عبد اللّه فتناول وليده فأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى .

وانطلق الإمام أبو عبد اللّه عائدا إلى أصحابه ، وقد علت على ثغره ابتسامة فبادره أصحابه قائلين :

أسرّك اللّه ، وجعلنا فداك ، يا سيدنا ما فعلت حميدة ؟

فبشرهم بمولوده المبارك ، وعرّفهم عظيم أمره قائلا :

« قد وهب اللّه لي غلاما ، وهو خير من برأ اللّه » .

أجل انه خير من برأ اللّه علما وتقوى وصلاحا ، وتحرّجا في الدين وأحاط الإمام أصحابه علما بأن وليده من أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) الذين فرض اللّه طاعتهم على عباده قائلا لهم :

« فدونكم ، فو اللّه هو صاحبكم »[7].

وكانت ولادته في سنة ( 128 ه )[8] وقيل سنة ( 129 ه )[9] وذلك في أيام حكم عبد الملك بن مروان .

4 - حب وتكريم : وقطع الإمام موسى شوطا من طفولته وهو ناعم البال يستقبل الحياة كل يوم بحفاوة وتكريم ، فأبوه يغدق عليه بعطفه المستفيض ، وجماهير المسلمين تقابله بالعناية والتكريم ، وقد قدمه الإمام الصادق ( عليه السّلام ) على بقية ولده ، وحمل له من الحب ما لا يحمله لغيره ، فمن مظاهر ودّه أنه وهب له قطعة من أرض تسمى البسرية ، كان قد اشتراها بست وعشرين ألف دينار[10].

وتكلّم الإمام موسى وهو طفل بكلام أثار اعجاب أبيه فاندفع أبوه قائلا :

« الحمد للّه الذي جعلك خلفا من الآباء ، وسرورا من الأبناء ، وعوضا عن الأصدقاء »[11].

5 - صفته : كان أسمر شديد السمرة[12] ، ربع القامة ، كث اللحية[13] ووصفه شقيق البلخي فقال : كان حسن الوجه ، شديد السمرة ، نحيف الجسم .

وحاكى الإمام موسى في هيبته هيبة الأنبياء ، وبدت في ملامح شكله سيماء الأئمة الطاهرين من آبائه ، فما رآه أحد إلّا هابه وأكبره .

6 - نقش خاتمه : « الملك للّه وحده »[14].

7 - كناه : أبو الحسن الأول ، أبو الحسن الماضي ، أبو إبراهيم ، أبو علي ، أبو إسماعيل .

8 - ألقابه : أمّا ألقابه فتدل على بعض مظاهر شخصيته ، وجملة من جوانب عظمته ، وهي كما يلي :

الصابر : لأنه صبر على الآلام والخطوب التي تلقاها من حكام الجور ، الذين قابلوه بجميع ألوان الاسائة والمكروه .

الزاهر : لأنه زهر بأخلاقه الشريفة وكرمه المضيء الذي مثل به خلق جده الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) .

العبد الصالح : ولقب بالعبد الصالح لعبادته ، واجتهاده في الطاعة ، حتى صار مضرب المثل في عبادته على ممرّ العصور والأجيال وقد عرف بهذا اللقب عند رواة الحديث فكان الراوي عنه يقول : حدثني « العبد الصالح » .

السيد : لأنه من سادات المسلمين ، وإمام من أئمتهم ، وقد مدحه بهذا اللقب الشاعر الشهير أبو الفتح بقوله :

أنا للسيد الشريف غلام * حيثما كنت فليبلغ سلامي

وإذا كنت للشريف غلاما * فأنا الحر والزمان غلامي[15]

الوفي : لأنه أوفى إنسان خلق في عصره ، فقد كان وفيّا بارّا باخوانه وشيعته وبارّا حتى باعدائه والحاقدين عليه .

الأمين : وكل ما للفظ الأمانة من معنى قد مثل في شخصيته العظيمة فقد كان أمينا على شؤون الدين وأحكامه ، وأمينا على أمور المسلمين وقد حاز هذا اللقب كما حازه جده الرسول الأعظم من قبل ، ونال به ثقة الناس جميعا .

الكاظم : وانما لقّب بذلك لما كظمه من الغيظ عما فعل به الظالمون من التنكيل والارهاق حتى قضى شهيدا مسموما في ظلمات السجون لم يبد لاحد آلامه وأشجانه بل قابل ذلك بالشكر للّه والثناء عليه ، ويقول ابن الأثير : « انه عرف بهذا اللقب لصبره ، ودماثة خلقه ، ومقابلته الشر بالاحسان »[16].

ذو النفس الزكية : وذلك لصفاء ذاته التي لم تتلوّث بمآثم الحياة ولا بأقذار المادة حتى سمت ، وانبتلت عن النظير .

باب الحوائج : وهذا أكثر ألقابه ذكرا ، وأشهرها ذيوعا وانتشارا ، فقد اشتهر بين العام والخاص أنه ما قصده مكروب أو حزين إلا فرّج اللّه آلامه وأحزانه وما استجار أحد بضريحه المقدس إلا قضيت حوائجه ، ورجع إلى أهله مثلوج القلب مستريح الفكر مما ألم به من طوارق الزمن وفجائع الأيام ، وقد آمن بذلك جمهور شيعته بل عموم المسلمين على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم ، فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول :

« ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر الّا سهّل اللّه تعالى لي ما أحب »[17].

وقال الإمام الشافعي : « قبر موسى الكاظم الترياق المجرّب »[18].

لقد كان الإمام موسى في حياته مفزعا وملجأ لعموم المسلمين وكذلك كان بعد وفاته حصنا منيعا لمن استجار به[19].

 


[1] مرآة العقول : 1 / 451 ، معالم العترة .

[2] تحفة الأزهار وزلال الأنهار ، للسيد ضامن ابن شدقم ، مخطوط ، يوجد في قسم المخطوطات ، من مكتبة الإمام كاشف الغطاء في النجف الأشرف .

[3] الأنوار البهية : 152 .

[4] بحار الأنوار : 48 / 6 ، أصول الكافي : 1 / 477 ، أعيان الشيعة : 2 / 5 .

[5] الأنوار الإلهية : 153 .

[6] الأبواء : بالفتح ثم السكون ، وواو والف ممدودة ، قرية من أعمال الفرع بالمدينة ، وبه قبر الزاكية آمنة بنت وهب أم النبي العظيم ( صلّى اللّه عليه واله ) .

[7] بحار الأنوار : 48 / 2 ، عن بصائر الدرجات : 129 ، ب 12 ، ح 9 .

[8] مناقب آل أبي طالب : 4 / 349 ، وتهذيب التهذيب : 10 / 34 .

[9] أعيان الشيعة : 2 / 5 ، وعن تحفة الأزهار أنه ولد قبل طلوع فجر يوم الثلاثاء من صفر سنة ( 127 ه ) وعن بحر الانساب أنه ولد يوم الأحد لسبع ليال خلون من صفر .

[10] دلائل الإمامة : 49 - 50 .

[11] بحار الأنوار : 48 / 24 ، عن عيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) : 1 / 29 .

[12] الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 222 ، أخبار الدول : 112 .

[13] مناقب آل أبي طالب : 4 / 348 .

[14] أخبار الدول : 112 .

[15] أخبار الدول : 113 .

[16] مختصر تأريخ العرب : 209 .

[17] تأريخ بغداد : 1 / 133 طبعة دار الكتب العلمية بيروت .

[18] تحفة العالم : 2 / 20 .

[19] لقد اعتقد أغلب المسلمين أن اللّه يكشف البلاء ، ويدفع الضر بالالتجاء إلى ضريح الإمام ( عليه السّلام ) ، وقال ابن شهرآشوب في مناقبه : رؤي في بغداد امرأة تهرول فقيل : إلى أين ؟ قالت : إلى موسى بن جعفر فانّه حبس ابني ، فقال لها حنبلي : انّه قد مات في الحبس ، فقالت : بحقّ المقتول في الحبس ان تريني القدرة ، فإذا بابنها قد اطلق واخذ ابن المستهزئ بجنايته . المناقب : 4 / 305 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.