حديث القرية عن الكلبي

قال: حدثني معروف بن الخربوذ قال: كان من شأن القرية [1] وهي بناحية الرجيع [2] ماء لهذيل أن حرب بن أمية بن عبد شمس ومرداس بن أبي عامر السلمي اشترياها من خويلد بن واثلة بن مطحل [3] الهذلي، فقال مرداس: (البسيط)

إني انتخبت لها [4] حربا وإخوته ... كيما يقال ولّى العهد مرداس

ثم المقدّم دون الناس حاجته [5] ... إني لعقد شديد العقد دسّاس [6]

فعمدا فنقّياهما، فبينا هما يقلعان ما فيها [7] إذ استخرجا حية بيضاء فابتدراها بسيوطهما [8] فقتلاها، فعدى عليهما مكانهما، فأما مرداس فخنق حتى مات مكانه، فدفن بالقريّة، وحمل حرب إلى مكة فمرض فقال لبنيه وكانوا معه: أدركوا الجانّ فاسقوه وتعاهدوه فان يعش يعش أبوكم فأخذوا الجانّ فجعلوا يتعاهدونه ويسقونه الماء وحرب في مثل ذلك فمات الجانّ، فأتى آت بني حرب وحرب في آخر رمق فقال: مات الجانّ، فقال بعض بني حرب:

بعد، فقال حرب: بعد أبوك، ثم مات مكانه، فسمعوا باكية تبكي الجانّ وتذكر حربا واسم الجانّ عمرو: (الرجز)

ويل لحرب [9] فارسا ... مطاعنا مخالسا

ويل أم عمرو فارسا ... إذ لبسوا القوانسا

كلاهما أصبحت منه ... في الحياة يائسا

أخرب حرب حصنه ... وهدّم الكنائسا

لنقتلن بقتله ... جحاجحا [10] عنابسا

لنقعدن لركبهم ... ونجلس المجالسا

العنابس أبو حرب بن أمية وعنبسة بن أمية وهو أبو سفيان وكان أكبر بني أمية وحرب بن أمية وسفيان بن أمية، فعطلت القرية وتفرق [11] الناس منها حتى إذا كان زمن عمر بن الخطاب وثب عليها كليب بن عهمة أخو بني ظفر بن الحارث بن بهثة [12] بن سليم، فقال عباس بن مرداس يخاصمه: (الكامل)

أكليب ما لك كل يوم ظالما ... والظلم أنكد وجهه ملعون

قد كان قومك يحسبونك سيدا [13] ... وإخال أنك سيد معيون [14]

فإذا رجعت الى نسائك فادّهن ... إن المسالم ناعم مدهون

إن القريّة قد تبين شأنها ... لو كان ينفع عندك التبيين

أظلمتنا ثم انطلقت تحدها [15] ... وأبو يزيد [16] بجوّها مدفون

فافعل بقومك ما أراد بوائل [17] ... يوم الغدير [18] سميّك [19] المطعون

وأظن أنك سوف تلقى مثلها ... في صفحتيك سنانها المسنون

وقال أمية بن عبد شمس يرثى حربا: (الوافر)

[و-] [20] لو قتلوا بحرب ألف ألف ... من الجنان والأنس الكرام

رأيتهم له وغلا [21] وقلنا ... أرونا مثل حرب في الأنام

الوغل ما حل عن الغربال من قماش [22] الطعام، وإنما سموا بنو أمية

الأربعة [23] العنابس بأبي سفيان وهو عنبسة بن أمية حيث قيدوا أنفسهم والعنابس الأسد واحدها عنبس.

________________

[1] القرية كسمية.

[2] الرجيع كحبيب: ماء لهذيل بين مكة والطائف.

[3] مطحل كمنبر وقيل كمحسن.

[4] في الأصل: ابتعثت بها، والتصحيح من الأغاني 6/ 92، والشطر الثاني فيه: إني بحبل وثيق العهد دساس.

[5] في الأغاني 6/ 92: إني أقوم قبل الأمر حجته، والشطر الثاني فيه: كيما يقال ولى الأمر مرداس.

[6] الدساس: الشداد.

[7] أي من الشجر، وكانت القرية غيضة شجر ملتف.

[8] في الأصل: لسبوطهما.

[9] في الأصل: أم عمرو، والتصحيح من الأغاني 6/ 92.

[10] الجحاجح بتقديم الجيم على الحاء جمع الجحجح وهو السيد المسارع إلى المكارم.

[11] في الأصل: فرق.

[12] بهثة بضم الباء وسكون الهاء بعدها ثاء مثلثة.

[13] في الأصل: سيد.

[14] المعيون: الذي أصابته العين.

[15] الشطر الأول في الأغاني 6/ 93: حيث انطلقت تخطها لي ظالما.

[16] أبو يزيد كنية مرداس بن أبي عامر.

[17] في الأصل: بوايل- بالياء المثناة.

[18] يوم الغدير حرب دريد بن الصمة مع غطفان، أنظر الأغاني 9/ 6 و 19/ 27.

[19] المراد بسميك المطعون: كليب بن ربيعة- قاله أبو عبيدة معمر في النقائض 2/ 907.

[20] ليس في الأصل (مدير) .

[21] الوغل كعقل: الضعيف الدني الساقط المقصر في الأشياء.

[22] قماش كل شيء فتاته.

[23] عند مصعب الزبيري العنابس خمس: حرب بن أمية وأبو حرب وأبو سفيان وسفيان وعمرو- نسب قريش ص 100.