أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-8-2020
3745
التاريخ: 13-8-2020
5110
التاريخ: 13-8-2020
4282
التاريخ: 13-8-2020
4463
|
قال تعالى : {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر : 47 - 55] .
ذكر سبحانه ما يجري بين أهل النار من التحاج فقال {وإذ يتحاجون في النار} معناه واذكر يا محمد لقومك الوقت الذي يتحاج فيه أهل النار في النار ويتخاصم الرؤساء والأتباع {فيقول الضعفاء} وهم الأتباع {للذين استكبروا} وهم الرؤساء {إنا كنا لكم} معاشر الرؤساء {تبعا} وكنا نمتثل أمركم ونجيبكم إلى ما تدعوننا إليه {فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار} لأنه يلزم الرئيس الدفع عن أتباعه والمنقادين لأمره أي هل أنتم حاملون عنا قسطا من النار والعذاب الذي نحن فيه .
{قال الذين استكبروا إنا كل فيها} أي نحن وأنتم في النار وكل فيها مبتدأ وخبر في موضع رفع بأنه خبر إن ويجوز أن يكون كل خبر إن المعنى أنا مجتمعون في النار {إن الله قد حكم بين العباد} بذلك وبأن لا يتحمل أحد عن أحد وأنه يعاقب من أشرك به وعبد معه غيره لا محالة .
{وقال الذين في النار} أي حصلوا في النار من الأتباع والمتبوعين {لخزنة جهنم} وهم الذين يتولون عذاب أهل النار من الملائكة الموكلين بهم {ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب} يقولون ذلك لأنه لا طاقة لهم على شدة العذاب ولشدة جزعهم إلا أنهم يطمعون في التخفيف لأن معارفهم ضرورية يعلمون أن عقابهم لا ينقطع ولا يخفف عنهم {قالوا} أي قال الخزنة لهم {أ ولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات} أي الحجج والدلالات على صحة التوحيد والنبوات أي فكفرتم وعاندتم حتى استحققتم هذا العذاب .
{قالوا بلى} جاءتنا الرسل والبينات فكذبناهم وجحدنا نبوتهم {قالوا فادعوا} أي قالت الخزنة فادعوا أنتم فإنا لا ندعو إلا بإذن ولم يؤذن لنا فيه وقيل إنما قالوا ذلك استخفافا بهم وقيل معناه فادعوا بالويل والثبور {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} أي في ضياع لأنه لا ينتفع به .
ثم أخبر سبحانه عن نفسه بأنه ينصر رسله ومن صدقهم فقال {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا} أي ننصرهم بوجوه النصر فإن النصر قد يكون بالحجة ويكون أيضا بالغلبة في المحاربة وذلك بحسب ما تقتضيه الحكمة ويعلمه سبحانه من المصلحة ويكون أيضا بالألطاف والتأييد وتقوية القلب ويكون بإهلاك العدو وكل هذا قد كان للأنبياء والمؤمنين من قبل الله تعالى فهم منصورون بالحجة على من خالفهم وقد نصروا أيضا بالقهر على من ناواهم وقد نصروا بإهلاك عدوهم وإنجائهم مع من آمن معهم وقد يكون النصر بالانتقام لهم كما نصر يحيى بن زكريا لما قتل حين قتل به سبعون ألفا فهم لا محالة منصورون في الدنيا بأحد هذه الوجوه .
{ويوم يقوم الأشهاد} جمع شاهد مثل الأصحاب جمع صاحب هم الذين يشهدون بالحق للمؤمنين وعلى المبطلين والكافرين يوم القيامة وفي ذلك سرور للمحق وفضيحة للمبطل في ذلك الجمع العظيم وقيل هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون عن قتادة وقيل هم الحفظة من الملائكة عن مجاهد يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار بالتكذيب وقيل هم الأنبياء وحدهم يشهدون للناس وعليهم .
ثم أخبر سبحانه عن ذلك اليوم فقال {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} أي إن اعتذروا من كفرهم لم يقبل منهم وإن تابوا لم تنفعهم التوبة وإنما نفى أن تنفعهم المعذرة في الآخرة مع كونها نافعة في دار الدنيا لأن الآخرة دار الإلجاء إلى العمل والملجأ غير محمود على العمل الذي ألجىء إليه .
{ولهم اللعنة} أي البعد من الرحمة والحكم عليهم بدوام العقاب {ولهم سوء الدار} جهنم نعوذ بالله منها ثم بين سبحانه نصرته موسى وقومه فقال {ولقد آتينا موسى الهدى} أي أعطيناه التوراة فيها أدلة واضحة على معرفة الله وتوحيده {وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} أي وأورثنا من بعد موسى بني إسرائيل التوراة وما فيه من البيان {هدى} أي هو هدى أي دلالة يعرفون بها معالم دينهم {وذكرى لأولي الألباب} أي وتذكير لأولي العقول لأنهم الذين يتمكنون من الانتفاع به دون من لا عقل له ويجوز أن يكون هدى وذكرى منصوبين على أن يكونا مصدرين وضعا موضع الحال من الكتاب بمعنى هاديا ومذكرا ويجوز أن يكون بمعنى المفعول له أي للهدى والتذكير .
ثم أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالصبر فقال {فاصبر} يا محمد على أذى قومك وتحمل المشاق في تكذيبهم إياك {إن وعد الله} الذي وعدك به من النصر في الدنيا والثواب في الآخرة {حق} لا خلف فيه {واستغفر لذنبك} من جوز الصغائر على الأنبياء قال معناه اطلب المغفرة من الله على صغيرة وقعت منك ولعظيم نعمته على الأنبياء كلفهم التوبة من الصغائر ومن لا يجوز ذلك عليهم وهو الصحيح قال هذا تعبد من الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالدعاء والاستغفار لكي يزيد في الدرجات وليصير سنة لمن بعده (2) .
{وسبح بحمد ربك} أي نزه الله تعالى واعترف بشكره وإضافة النعم إليه ونفي التشبيه عنه وقيل نزه صفاته عن صفات المحدثين ونزه أفعاله عن أفعال الظالمين وقيل معناه صل بأمر ربك {بالعشي} من زوال الشمس إلى الليل {والإبكار} من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس عن مجاهد وقيل يريد الصلوات الخمس عن ابن عباس وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال : (( قال الله جل جلاله يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما أهمك)) .
____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص446-449 .
2- وقد مر ان القران نزل باياك أعني واسمعي يا جارة ، كما ورد في روايات كثيرة فراجع . المسيح : اسم خص الله به موسى بن مريم (عليه السلام) . وقيل في وجه تسميته (عليه السلام) بالمسيح وجوه . وممن سمي بالمسيح هو الكذاب الدجال قال الشاعر : ((اذا المسيح يقتل مسيحاً)) يعني عيسى بن مريم يقتل الدجال ، وسمي الدجال مسيحا لوجوه ذكرها اللسان في ((مسح)) فراجع . وروي بعض المحدثين : المسيح بكسر الميم والتشديد – في الدجال ((بوزن سكيت)) وقد يستفاد من الروايات ان الدجال رجل من اليهود . قال في (الكشاف) ، في تفسير الآية . وقيل : المجادلون هم اليهود ، وكانوا يقولون : يخرج صاحبنا المسيح بن داود ، يريدون الدجال ، ويبلغ سلطانه البرد والبحر ، وتسير معه الانهار ، وهو آية من آيات الله ، فرجع الينا الملك ، فسمى الله تمنيهم ذلك كبرا ، ونفى ان يبلغوا متمناهم .
تقدمت هذه الآيات باللفظ أو بالمعنى ، لذا نفسرها تفسيرا سريعا ، ونشير إلى سورة الآية ورقمها .
{وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء - أي التابعون - للذين استكبروا - أي المتبوعون - انا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار} ؟
الإنسان في الآخرة مع من أحب في الدنيا وأطاع ، فمن تبع الهداة في هذه الدار فهو معهم في نعيم الجنان ، ويشكرهم على هدايته إلى سبيل السلامة والنجاة ، أما من أسلس قياده للطغاة فإنه يلعنهم غدا ، ويقول لهم : أنتم السبب في شقائي ، فهل تخففون عني بعض ما أقاسيه من العذاب ؟ . وتقدم مثله في الآية 21 من سورة إبراهيم ج 4 ص 434 .
{قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهً قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ} . ويجيب المتبوعون من سمع لهم وأطاع : لا جدال اليوم ولا كلام ، فقد حكم اللَّه على كل نفس بما كسبت ، وقضى علينا وعلى من اتبعنا بعذاب الجحيم {وقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} . قاسوا عذاب جهنم على سجن الدنيا ، حيث يسمح للمسجونين فيه أن يستروحوا ساعة خارج السجن ، ومن ثم طلبوا ان يعاملوا في النار كما يعامل المسجون في الدنيا .
{قالُوا أَولَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} . أجابهم الخزنة : ان اللَّه قد أعذر إليكم على لسان رسله باعترافكم ، إذن ، فلا لوم إذا لم يستجب لدعائكم ، ولوموا أنفسكم ان كنتم تعقلون . وتقدم مثله في الآية 71 من سورة الزمر ، وبصورة أوسع في الآية 50 من سورة الأعراف ج 3 ص 335 .
{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهادُ} . يوم الاشهاد هو يوم القيامة حيث يشهد على المجرمين الكرام الكاتبون والعلماء المبلَّغون وأعضاء المجرم وجوارحه : حَتَّى إِذا ما جاؤُوها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأَبْصارُهُمْ وجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ - 20 فصلت . وتدل الآية بوضوح ان اللَّه ينصر الأنبياء والمؤمنين المخلصين في الدنيا والآخرة ، والنصر في الآخرة واضح ، أما النصر في الدنيا فله صور ومظاهر ، فقد يكون بالقهر والغلبة على الأعداء ، وقد يكون بانتشار العقيدة والمبدأ ، وعلو الشأن وجميل الذكر مدى الأجيال ، فإن بعض شهداء الفضيلة صارت قبورهم كعبة يحج إليها الملايين ، والتاريخ متخم بالشواهد على ذلك ، وتقدم مثله في الآية 38 من سورة الحج ج 5 ص 331 فقرة لا يخلو المؤمن من ناصر .
{يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ولَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} حيث لا حميم يدفع ولا معذرة تنفع العصاة لأن اللَّه سبحانه قطع عليهم جميع الأعذار ، والسعيد من استغنى عن الاعتذار بصالح الأعمال {ولَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وذِكْرى لأُولِي الأَلْبابِ} . المراد هنا بالهدى المعجزات الدالة على نبوة موسى ، وما أوحى اللَّه به إليه من حلاله وحرامه ، والمراد بالكتاب التوراة الصادقة . . بعد أن ذكر سبحانه انه ينصر الرسل والمؤمنين أشار إلى موسى ومن أخلص من بني إسرائيل لأنه نصرهم على فرعون وقومه .
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} . الخطاب لمحمد (صلى الله عليه واله) يأمره اللَّه فيه أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ، ويشير إلى وعده تعالى الذي صرحت به الآية 33 من سورة التوبة : {هُو الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ودِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوكَرِهً الْمُشْرِكُونَ} . وليس لما وعد اللَّه مترك {واستغفر لذنبك} .
والأمر بالاستغفار من الذنب لا يستدعي وجوده ، فقد سأل النبي ربه أن يحكم بالحق مع العلم انه لا يحكم إلا به : {قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} - 112 الأنبياء .
وتسأل : إذن ، ما الفائدة من الأمر بالاستغفار من الذنب ؟
الجواب : لا شيء سوى العبادة تماما كالأمر بالتهليل والتكبير والتسبيح {وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ والإِبْكارِ} . العشي من الزوال إلى الليل ، والأبكار من الفجر إلى الضحى . . هذا ، إلى أن أمر النبي بالاستغفار من الذنب مع عدم صدوره منه يدل على أمر المذنبين بالتوبة بطريق أولى ، وتسمى هذه الدلالة بفحوى الخطاب ولحنه أيضا لأن السامع يدرك ان الحكم الثابت للمنطوق ثابت للمسكوت عنه بمجرد سماع اللفظ .
اللَّه وإسرائيل :
ولمناسبة قوله تعالى : {وأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وذِكْرى} نشير إلى أنه في المجلد الأول قلنا : ان معنى إسرائيل عبد اللَّه ، لأن كلمة (إسرا) معناها في العبرية عبد ، و(ايل) اللَّه ، قلنا هذا تبعا لكثير من المفسرين ، منهم الطبري والرازي وصاحب مجمع البيان ، وبعد أن باشرنا بالمجلد السادس تبين لنا ان هذا القول يفتقر إلى الإثبات ، وكان علينا أن لا نثق بأقوال المفسرين ، أو ننسب هذا القول إلى قائله - على الأقل - كما يقتضيه منطق العلم ، ولكن الثقة بالمخبرين وبخاصة القدامى كانت وما زالت آفة المؤلفين والمحدثين .
منذ أمد بحثت في مكتبات بيروت التجارية عن كتاب (التلمود) فلم أجده ووجدت الكنز المرصود في قواعد التلمود وقاموس الكتاب المقدس . فاشتريتهما ، وقد ساهم في وضع القاموس 27 مثقفا مسيحيا ، منهم 17 قسا ، والباقون بين دكتور وشماس وأستاذ واشمندريت ، وجاء فيه بالنص : (إسرائيل : معنى هذا الاسم العبري (يجاهد اللَّه) أو(يصارع اللَّه) وهو اسم يعقوب إذ أطلقه عليه الملاك الذي صارعه حتى مطلع الفجر . التوراة سفر التكوين الأصحاح 32 الآية 28) .
فمعنى إسرائيل - إذن - يصارع اللَّه ويجاهده بنص التوراة ، والفرق كبير جدا بين العبد والمصارع ، لأن المصارع والمبارز نظير ومثيل ، أما العبد فرقيق وضعيف ، وبهذا يتبين معنا ان التوراة الحالية غير الكتاب الذي أشار إليه سبحانه بقوله : {وأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ هُدىً وذِكْرى} لأن هذا الكتاب كما وصفه سبحانه هدى وذكرى ، أما التوراة الموجودة فهوى وعمى لأنها تقول :
يعقوب صارع الرب حتى مطلع الفجر ، ولوط ضاجع ابنتيه وحملتا منه ، وداود اغتصب الزوجات وقتل أزواجهن ، وقد أجمع الباحثون ان التوراة الحالية كتبت بعد موسى بأمد غير قصير {انظر قاموس الكتاب المقدس ص 763 و1120 المطبعة الإنجيلية ببيروت سنة 1964 ، وكتاب (الأسفار المقدسة) لعبد الواحد وافي ص 16 وما بعدها ، الطبعة الأولى سنة 1964 .
وأيضا يتبين معنا أن بني إسرائيل الأوائل الذين أورثهم اللَّه الكتاب هم أبعد الناس نسبا وشبها بدولة إسرائيل قاعدة الاستعمار الجديد في الشرق الأوسط .
ونشرت مجلة (المجلة) المصرية في عدد كانون الثاني سنة 1970 بحثا استغرق حوالي 20 صفحة بعنوان (توراة اليهود) لحسين ذي الفقار صبري نقل فيه عن الصهيوني (نيهر) ان إله إسرائيل كما يراه الفكر اليهودي مرتبط ارتباطا عضويا بالواقع المتسلسل لتاريخ بني إسرائيل ، فإذا تلاشى الوجود الإسرائيلي فكأن الدلائل الدالة على وجود الإله قد زالت ، فهو إذن عدم ، وان على كل يهودي أن يصارع الذات المجهولة - أي اللَّه - حتى مطلع الفجر تماما كما صارعها يعقوب ، سواء أكانت هذه المصارعة مميتة أم ظافرة . وأيضا نقل الكاتب عن (بوبر) الصهيوني ان المعنى الذي تتجه إليه تلقائيا أذهان جمهرة اليهود هوان يعقوب كان قويا ضد اللَّه .
ثم خرج الكاتب من بحثه الطويل العميق إلى نتيجة استنتجها من التوراة وغيرها من الكتب اليهودية الدينية ومن أقوال المفكرين الصهاينة ، خرج بهذه النتيجة ، وهي ان لب العقيدة الصهيونية أن تفرض إسرائيل وجودها بالتصدي لما يهدد كيانها ، حتى ولوكان الرب مصدر هذا التهديد ، وان التوراة الحالية ليست إلا تحليلا دقيقا لنفسية اليهود ، وتناقضا لعلاقتهم مع اللَّه ، فهم معه وعليه في آن واحد ، وهو صاحب شخصية مزدوجة في توراتهم فهو الرجيم ، وأيضا هو الرحيم .
هذه هي الصهيونية ، انها في عقيدة أصحابها أقوى وأعظم من اللَّه ، وان وجوده مرتبط بوجود إسرائيل ، فإذا ما تلاشت فقد زال اللَّه من الوجود ، ومن هنا التقت الصهيونية مع الاستعمار العالمي ، وتحالفا معا ضد الشعوب والأديان والإنسانية ، وكان من نتيجة هذا التحالف وجود إسرائيل في أرض فلسطين ، ولكن روح النقمة والعداء للاستعمار والصهيونية قد انتشرت في كل بلد عربي ، وللَّه الحمد ، ولا شيء أدل على ذلك من المقاومة الفلسطينية ، وإجماع العرب كلمة واحدة على دعمها وتأييدها ، وسنجني ثمارها بحول اللَّه ان عاجلا أو آجلا .
_________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص457-461 .
قوله تعالى : {وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا - إلى قوله - بين العباد} يفيد السياق أن الضمير في {يتحاجون} لآل فرعون ومن الدليل على ذلك تغيير السياق في قوله بعد : {وقال الذين في النار} والمعنى وحاق بآل فرعون سوء العذاب إذ يتحاجون في النار أو واذكر من سوء عذابهم إذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء منهم للذين استكبروا إنا كنا في الدنيا لكم تبعا وكان لازم ذلك أن تكفونا في الحوائج وتنصرونا في الشدائد ولا شدة أشد مما نحن فيه فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار وإن لم يكن جميع عذابها فقد قنعنا بالبعض .
وهذا ظهور مما رسخ في نفوسهم في الدنيا من الالتجاء بكبريائهم ومتبوعيهم من دون الله يظهر منهم ذلك يوم القيامة وهم يعلمون أنهم في يوم لا تغني فيه نفس عن نفس شيئا والأمر يومئذ لله وله نظائر محكية عنهم في كلامه تعالى من كذبهم يومئذ وخلفهم وإنكارهم أعمالهم وتكذيب بعضهم لبعض وغير ذلك .
وقوله : {قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} جواب من مستكبريهم عن قولهم ومحصله أن اليوم يوم جزاء لا يوم عمل فالأسباب ساقطة عن التأثير وقد طاحت منا ما كنا نتوهمه لأنفسنا في الدنيا من القوة والقدرة فحالنا وحالكم - ونحن جميعا في النار - واحدة .
فقولهم : {إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} مفاده أن ظهور الحكم الإلهي قد أبطل أحكام سائر الأسباب وتأثيراتها وأثبتنا على ما نحن فيه من الحال في حد سواء فلسنا نختص دونكم بقوة حتى نغني عنكم شيئا من العذاب .
ومما قيل في الآية أن الضمير في قوله {يتحاجون} لمطلق الكفار من أهل النار وهو بعيد كما عرفت ، وقيل : الضمير لقريش وهو أبعد .
قوله تعالى : {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب} مكالمة بين أهل النار - ومنهم آل فرعون - وبين خزنة جهنم أوردها سبحانه تلو قصة آل فرعون ، وهم إنما سألوا الخزنة أن يدعوا لهم ليأسهم من أن يستجاب منهم أنفسهم .
والمراد باليوم من العذاب ما يناسب من معنى اليوم لعالمهم الذي هم فيه ، ويؤول معناه إلى قطعة من العذاب .
قوله تعالى : {قالوا أ ولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} أجابوهم بالاستخبار عن إتيان رسلهم إياهم بالبينات فاعترفوا بذلك وهو اعتراف منهم بأنهم كفروا بهم مع العلم بكونهم على الحق وهو الكفر بالنبوة فلم يجبهم الخزنة فيما سألوهم من الدعاء إثباتا ولا نفيا بل ردوهم إلى أنفسهم مشيرين إلى أنهم لا يستجاب لهم دعاء .
وقوله : {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} أي إن دعاءهم قد أحاط به الضلال فلا يهتدي إلى هدف الإجابة وهو تتمة كلام الخزنة على ما يعطيه السياق ، ويحتمل أن يكون من كلامه تعالى ، على بعد .
والجملة على أي حال تفيد معنى التعليل والمحصل : ادعوا فلا يستجاب لكم فإنكم كافرون ، والكافرون لا يستجاب لهم دعاء .
وتعليق حكم عدم الاستجابة بوصف الكفر مشعر بعليته وذلك أن الله سبحانه وإن وعد عباده وعدا قطعيا أن يجيب دعوة من دعاه منهم فقال : {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة : 186] ، والدعاء إذا كان واقعا على حقيقته لا يرد البتة لكن الذي يتضمنه متن هذا الوعد هو أن يكون هناك دعاء وطلب حقيقة وأن يتعلق ذلك بالله حقيقة أي يدعو الداعي ويطلب جدا وينقطع في ذلك إلى الله عن سائر الأسباب التي يسميها أسبابا .
والكافر بعذاب الآخرة وهو الذي ينكرها ويستر حقيقتها لا يتمشى منه طلب جدي لرفعه أما في الدنيا فظاهر ، وأما في الآخرة فلأنه وإن أيقن به بالمعاينة وانقطع إلى الله سبحانه لما هو فيه من الشدة وقد انقطعت عنه الأسباب لكن صفة الإنكار لزمته وبالا وقد جوزي بها فلا تدعه يطلب ما كان ينكره طلبا جديا .
على أن الكلام في انقطاعه إلى الله أيضا كالكلام في طلبه الجدي للتخلص وأنى له الانقطاع إلى الله هناك ولم يتلبس به في الدنيا فافهمه .
وبذلك يظهر ضعف الاستدلال بالآية على أن دعاء الكافر لا يستجاب مطلقا فإنك عرفت أن مدلول الآية عدم استجابة دعائه في ما يكفر به وينكره لا مطلقا كيف؟ وهناك آيات كثيرة تذكر استجابة دعائه في موارد الاضطرار .
قوله تعالى : {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} الأشهاد جمع شهيد بمعنى شاهد ، والآية وعد نوعي لا وعد شخصي لكل واحد شخصي منهم في كل واقعة شخصية ، وقد تقدم كلام في معنى النصر الإلهي في تفسير قوله تعالى : } إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ} [الصافات : 172] .
قوله تعالى : {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} تفسير ليوم يقوم الأشهاد ، وظاهر إضافة المصدر إلى فاعله في قوله {معذرتهم} ولم يقل : إن يعتذروا ، تحقق معذرة ما منهم يومئذ ، وأما قوله : {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات : 35 ، 36] فمحمول على بعض مراحل يوم القيامة وعقباته لدلالة آيات أخرى على وقوع تكلم ما منهم يومئذ .
وقوله : {ولهم اللعنة} أي البعد من رحمة الله ، وقوله {لهم سوء الدار} أي الدار السيئة وهي جهنم .
قوله تعالى : {ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب - إلى قوله - الألباب} خاتمة لما تقدم من إرسال موسى بالآيات والسلطان المبين ومجادلة آل فرعون في الآيات بالباطل ومحاجة مؤمن آل فرعون ، يشير بها وقد صدرت بلام القسم إلى حقية ما أرسل به وظلمهم في ما قابلوه به .
والمراد بالهدى الدين الذي أوتيه موسى ، وبإيراث بني إسرائيل الكتاب إبقاء التوراة بينهم يعملون بها ويهتدون .
وقوله : {هدى وذكرى لأولي الألباب} أي حال كون الكتاب هدى يهتدي به عامتهم وذكرى يتذكر به خاصتهم من أولي الألباب .
ولما قص قصة موسى وإرساله بالحق إلى فرعون وقومه ، ومجادلتهم في آيات الله بالباطل ومكرهم فيها ونصره تعالى لنبيه وإبطاله كيدهم وما آل إليه أمرهم من خيبة السعي وسوء المنقلب فرع على ذلك أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر منبها له أن وعد الله بالنصر حق وأن كيد قومه وجدالهم بالباطل واستكبارهم عن قبول دعوته سيبطل ويعود وبالا على أنفسهم فليسوا بمعجزي الله وستقوم الساعة الموعودة ويدخلون جهنم داخرين .
قوله تعالى : {فاصبر إن وعد الله حق} إلى آخر الآية .
تفريع على ما تقدم من الأمر بالاعتبار في قوله : {أ ولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم} وما أورد بعده من قصة موسى ومآل أمر المستكبرين المجادلين بالباطل ونصره تعالى للحق وأهله .
والمعنى : إذا كان الأمر على ذلك فاصبر على إيذاء المشركين ومجادلتهم بالباطل إن وعد الله حق وسيفي لك بما وعد ، والمراد بالوعد ما في قوله قبيل هذا : {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا} الآية من وعد النصر .
وقوله : {واستغفر لذنبك} أمر له بالاستغفار لما يعد بالنسبة إليه ذنبا وإن لم يكن ذنبا بمعنى المخالفة للأمر المولوي لمكان عصمته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد تقدم كلام في معنى الذنب والمغفرة في أواخر الجزء السادس من الكتاب .
وللذنب المنسوب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) معنى آخر سنشير إليه في تفسير أول سورة الفتح إن شاء الله تعالى ، وقيل : المراد بذنبه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذنب أمته أعطي الشفاعة فيه .
وقوله : {وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} أي نزهه سبحانه مصاحبا لحمده على جميل آلائه مستمرا متواليا بتوالي الأيام أوفي كل صباح ومساء ، وكونه بالعشي والإبكار على المعنى الأول من قبيل الكناية .
وقيل : المراد به صلاتا الصبح والعصر ، والآية مدنية .
وفيه أن المسلم من الروايات ومنها أخبار المعراج أن الصلوات الخمس فرضت جميعا بمكة قبل الهجرة فلوكان المراد به الفريضتين كان ذلك بمكة قبل فرض بقية الصلوات الخمس .
_________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص457-461 .
نقاش الضعفاء والمستكبرين في جهنّم :
لقد لفت مؤمن آل فرعون في نهاية كلامه نظر القوم إلى القيامة والعذاب وجهنم ، لذلك جاءت هذه المجموعة من الآيات الكريمة وهي تقف بشكل رائع دقيق على تحاجج وتخاصم أهل النّار فيما بينهم ، وبالذات تحاجج المستضعفين مع المستكبرين .
يقول تعالى : {وإذ يتحاجون في النّار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا نصيباً من النّار}(2) .
المراد من «الضعفاء» هنا هم أُولئك الذين يفتقدون العلم الكافي والإستقلال الفكري ، إذ كان هؤلاء يتبعون زعماء الكفر الذي يطلق عليهم القرآن اسم المستكبرين ، وكانت التبعية مجرّد انقياد أعمى بلا تفكير أو وعي .
ولكن هؤلاء الأتباع يعلمون أنّ العذاب سيشمل زعماءهم ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ، فلماذا إذن يستغيثون بهم ويلجأون إليهم كي يتحملوا عنهم قسطاً من العذاب .
ذهب البعض إلى أنّ ذلك يحصل تبعاً لعادتهم في الإنقياد إلى زعمائهم في هذه الدنيا ، لذلك تكون استغاثتهم بهم في الآخرة كنوع من الإنقياد اللاّإرادي وراء قادتهم .
ولكن الأفضل أن نقول : إن الإستغاثة هناك هي نوع من السخرية والإستهزاء واللوم ، يوم يثبت أنّ كلّ ادعاءات المستكبرين مجرّد تقولات زائفة عارية عن المضمون والحقيقة (3) .
(وفي الحقيقة فان الإمام أمير المؤمنين ـ يحذر بهذا الكلام أُولئك الذين سمعوا وصايا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الغدير ـ أو أنّها وصلتهم بطريق صحيح ـ ثمّ اعتذروا بأنّهم نسوها ليتبعوا أناساً آخرين) .
إنّ المستكبرين لم يسكتوا على هذا الكلام وذكروا جواباً يدل على ضعفهم الكامل وذلتهم في ذلك الموقف المهول ، إذ يحكي القرآن على لسان قولهم : {قال الذين استكبروا إنّا كلّ فيها إنّ الله قد حكم بين العباد} .
يريدون أن يقولوا : لوكان بمستطاعنا حل مشاكلكم فالأحرى بنا والأجدر أن نحل مشاكلنا وما حلّ بنا ، ولكنا لا نستطيع أن نمنع العذاب عن أنفسنا ولا عنكم ، ولا أن نتحمل عنكم جزءاً من العقاب!
والملاحظ هنا أنّ الآية (21) من سورة «إبراهيم» تتضمن نفس هذا الإقتراح من قبل الضعفاء إزاء المستكبرين ، الذين قالوا جواباً على هذا : { لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ } [إبراهيم : 21] .
والمقصود بالهداية هنا هي الهداية الى طريق الخلاص من العذاب .
وهكذا يظهر أنّ هذين الجوابين لا يتعارضان فيما بينهما ، بل يكمل أحدهما الآخر .
وعندما تغلق في وجههم السبل ، سبل النجاة والخلاص ، يتوجه الجميع إلى خزنة النّار : {وقال الذين في النّار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب} (4) .
إنهم يعلمون أنّ العذاب الإلهي لا يرتفع ، لذلك يطلبون أن يتوقف عنهم ولو ليوم واحد كي يرتاحوا قليلا . . . إنّهم قانعون بهذا المقدار!
لكن إجابة الخزنة تأتي منطقية واضحة : {قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات}؟
وفي الجواب قالوا : {قالوا بلى} .
فيستطرد الخزنة : {قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلاّ في ضلال} .
إنّكم بأنفسكم اعترفتم بأنّ الأنبياء والرسل جاءوا بالدلائل الواضحة ، ولكنّكم كفرتم بما جاءكم وكذبتم الأنبياء . لذلك لا ينفعكم الدعاء ، لأنّ الله لا يستجيب لدعاء الكافرين .
بعض المفسّرين يرى في تفسير الجملة الاخيرة أنّ المراد هو أنّنا لا نستطيع الدعاء لكم بدون اذن من الله تعالى ، فادعوا انتم بذلك ، وذلك اشارة الى انغلاق سبل النجاة أمامكم .
صحيح أنّ الكافر يصبح مؤمناً في يوم القيامة ، إلاّ أنّ هذا الإيمان لا يقلل من آثار كفره ، لذلك يلازمه لقب الكافر .
لكن يبدو أنّ التّفسير الأوّل أفضل وأكثر قبولا .
وقوله تعالى : {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر : 51 - 55] .
الوعد بنصر المؤمنين :
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن تحاجج أهل النّار وعجزهم عن أن ينصر أحدهم الآخر ، وبعد أن تحدثت الآيات التي سبقتها عن مؤمن آل فرعون وحماية الله له من كيد فرعون وآل فرعون ، عادت هذه المجموعة من الآيات البينات تتحدث عن شمول الحماية والنصر الإلهي لأنبياء الله ورسله وللذين آمنوا ، في هذه الدنيا وفي الآخرة .
إنّها تتحدث عن قانون عام تنطق بمضمونه الآية الكريمة : {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} .
إنّها الحماية المؤكّدة بأنواع التأكيد ، والتي لا ترتبط بقيد أو شرط ، والتي يستتبعها الفوز والنصر ، النصر في المنطق والبيان; وفي الحرب والميدان; وفي إرسال العذاب الإلهي على القوم الظالمين ، وفي الإمداد الغيبي الذي يقوي القلوب ويشد الأرواح ويجذبها إلى بارئها جلّ وعلا .
إنّ الآية تواجهنا باسم جديد ليوم القيامة هو : {يوم يقوم الأشهاد} .
«أشهاد» جمع «شاهد» أو «شهيد» (مثل ما أنّ أصحاب جمع صاحب ، وأشراف جمع شريف) وهي تعني الذي يشهد على شيء ما .
لقد ذكرت مجموعة من الآراء حول المقصود بالأشهاد ، نستطيع اجمالها بما يلي :
1ـ الأشهاد هم الملائكة الذين يراقبون أعمال الإنسان .
2ـ هم الأنبياء الذين يشهدون على الأمم .
3ـ هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون الذين يشهدون على أعمال الناس .
أمّا احتمال أن تدخل أعضاء الإنسان ضمن هذا المعنى ، فهو أمر غير وارد ، بالرغم من شمولية مصطلح «الأشهاد» لأنّ تعبير (يوم يقوم الأشهاد) لا يتناسب وهذا الإحتمال .
إنّ التعبير يشير إلى معنى لطيف ، حيث يريد أن يقول أنّ : (يوم الأشهاد)الذي تنبسط فيه الأمور في محضر الله تبارك وتعالى ، وتنكشف السرائر والأسرار لكافة الخلائق ، هو يوم تكون الفضيحة فيه أفظع ما تكون ، ويكون الإنتصار فيه أروع ما يكون . . . إنّه اليوم الذي ينصر الله فيه الأنبياء والمؤمنين ويزيد في كرامتهم .
إنّ يوم الأشهاد يوم افتضاح الكافرين وسوء عاقبة الظالمين ، هو : {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} .
فمن جهة هو يوم لا تنفع المعذرة فيه ، ولا يحول شيء دون افتضاح الظالمين أمام الأشهاد .
ومن جهة اُخرى هو يوم تشمل اللعنة الإلهية فيه الظالمين ، واللعنة هنا البعد عن الرحمة .
ومن جهة ثالثه هو يوم ينزل فيه العذاب الجسماني على الظالمين ، ويوضعون في أسوأ مكان من نار جهنم .
سؤال :
إنّ الآية تفتح المجال واسعاً للسؤال التالي : إذا كان الله (تبارك وتعالى) قد وعد حتماً بانتصار الأنبياء والمؤمنين ، فلماذا نشاهد ، ـ على طول التأريخ ـ مقتل مجموعة من الأنبياء والمؤمنين على أيدي الكفار؟ ولماذا ينزل بهم الضيق والشدة من قبل أعداء الله ، ثمّ لماذا تلحق بهم الهزيمة العسكرية ؟ وهل يكون ذلك نقضاً للوعد الإلهي الذي تتحدث عنه الآية الكريمة؟
الجواب على كلّ هذه الأسئلة المتشعبة يتضح من خلال ملاحظة واحدة هي : إن أكثر الناس ضحية المقاييس المحدودة في تقييم مفهوم النصر ، إذ يعتبرون الإنتصار يتمثل فقط في قدرة الإنسان على دحر عدوه ، أو السيطرة على الحكم لفترة وجيزة !
إنّ مثل هؤلاء لا يرون أي اعتبار لانتصار الهدف وتقدم الغاية ، أو تفوق وانتشار المذهب والفكرة; هؤلاء لا ينظرون إلى قيمة المجاهد الشهيد الذي يتحول إلى نموذج وقدوة في حياة الناس وعلى مدى الأجيال . ولا ينظرون إلى القيمة الكبرى التي يستبطنها مفهوم العزة والكرامة والرفعة التي ينادي بها أحرار البشر والقرب من الله تعالى ونيل رضاه .
وبديهي إنّ الإنحباس في إطار هذا التقييم المحدود يجعل من العسير الجواب على ذلك الاشكال ، أما الإنطلاق إلى أفق المعاني الواسعة الوضّاءة لمفهوم النصر الإلهي والاخذ بنظر الاعتبار القيم الواقعية للنصر سيؤدى بنا الى معرفة المعنى العميق للآية .
ثمّة كلام لطيف لسيّد قطب في تفسيره «في ظلال القرآن» يناسب هذا المقام ، إذ يورد فيه ذكرى بطل كربلاء الإمام الحسين(عليه السلام) كمثال على المعنى الواسع لمفهوم النصر فيقول : « . . . والحسين ـ رضوان الله عليه ـ وهو يستشهد في تلك الصورة العظيمة من جانب ، المفجعة من جانب ، أكانت هذه نصراً أم هزيمة؟ في الصورة الظاهرة وبالمقياس الصغير كانت هزيمة . فأمّا في الحقيقة الخالصة وبالمقياس الكبير فقد كانت نصراً . فما من شهيد في الأرض تهتز له الجوانح بالحب والعطف وتهفو له القلوب وتجيش بالغيرة والفداء كالحسين رضوان الله عليه ، يستوي في هذا المتشيعون وغير المتشيعين من المسلمين وكثير من غير المسلمين» (5) .
وينبغي أن نضيف إلى هذا الكلام أن شيعة أهل البيت عليهم السلام يشاهدون كل يوم بأعينهم آثار الخير من حياة سيّد الشهداء الإمام أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) ويلمسون آثار استشهاده واستشهاد صحبه البررة من أهل بيته وأصحابه; إن مجالس العزاء التي تقام للحديث عن مناقب الحسين وصحبه الكرام هي ينبوع الخير لحركة عظيمة ثرّة ما زال عطاؤها لم ولن ينضب !
لقد شاهدنا بأعيننا ومن خلال النموذج الثوري الذي شهدته أرض إيران المسلمة ، كيف استطاع الملايين من أبناء الإسلام أن يتحركوا في أيّام عاشوراء للقضاء على الظلم والطغيان والإستكبار .
لقد شاهدنا بأعيننا كيف استطاع هذا الجيل المضحي الذي تربى في مدرسة أبي الشهداء الحسين(عليه السلام) وتغذى ممّا تدره مجالس عزائه ، أن يحطّم بأيد خالية عرش أقوى السلاطين الجبّارين .
نعم ، لقد شاهدنا دم الحسين الشهيد وقد سرى في العروق عزةً وحركةً وانتفاضة ، غيرت الحسابات السياسية والعسكرية للدول الكبرى .
بعد كلّ ذلك ، ومع كلّ العطاء الثر الهادي الذي استمدته كلّ الأجيال ـ خلال التأريخ ـ من ذكرى الطف وسيّد الشهداء ، ألا يعتبر الحسين (عليه السلام) منتصراً حتى باتت آثار نصره الظافر حاضرة فينا بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عشر قرناً على استشهاده !؟
سؤال آخر
ثمة سؤال آخر يتبلور من المقابلة بين الآية التي بين أيدينا والآية (36) من سورة «المرسلات» إذ نقرأ الآية التي نحن بصددها أنّ اعتذار الظالمين لا يؤثر ولا ينفعهم يوم القيامة ، فيما تنص الآية من سورة المرسلات على أنّه لا يسمح لهم بالإعتذار أصلا ، حيث قوله تعالى : {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} فكيف يا ترى نوفّق بين الإثنين ؟
قبل الإجابة ينبغي الإنتباه إلى ملاحظتين :
الأولى : أنّ ليوم القيامة مواقف معينة تختلف شرائطها ، ففي بعضها يتوقف اللسان عن العمل وتنطق الأرجل والأيدي والجوارح ، وتقوم بالشهادة على عمل الإنسان . وفي مواقف اُخرى ينطلق اللسان بالنطق والكلام (كما تحكي ذلك الآية 65 من سورة «يس» والآيات السابقة في هذه السورة التي تحدثت عن تحاجج أهل النّار) .
بناءٌ على هذا ، فلا مانع من عدم السماح لهم بالإعتذار في بعض المواقف ، في حين يسمح لهم في مواقف اُخرى ، وإن كان الإعتذار لا يجدي شيئاً ولا يغير من المصير .
الملاحظة الثانية : إنّ الإنسان يتحدث في بعض الأحيان بكلام لا فائدة منه ، ففي مثل هذه الموارد يكون الشخص كمن لم يتكلّم أصلا . بناءً على هذا يمكن أن تكون الآية الدالة على عدم السماح لهم بالإعتذار تقع وفق هذا المعنى ، أي أنّ اعتذارهم برغم خروجه من أفواههم ، إلاّ أنّه لا فائدة ترجى منه .
تنتقل الآيات الكريمة بعد ذلك للحديث عن أحد الموارد التي انتصر فيها الرسل نتيجة الحماية الإلهية والدعم الربّاني لهم ، فتتحدث عن النّبي الكليم(عليه السلام) : {ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب} .
إنّ هداية الله لموسى تنطوي على معاني واسعة ، إذ تشمل مقام النبوة والوحي ، والكتاب السماوي (التوراة) والمعاجز لتي وقعت على يديه (عليه السلام) أثناء تنفيذه لرسالات ربّه وتبليغه إيّاها .
إن استخدام كلمة «ميراث» بالنسبة الى التوراة يعود إلى أنّ بني إسرائيل توارثوه جيلا بعد جيل ، وكان بإمكانهم الإستفادة منه بدون مشقة; تماماً مثل الميراث الذي يصل إلى الإنسان بدون عناء وتعب ، ولكنّهم فرّطوا بهذا الميراث الإلهي الكبير .
الآية التي بعدها تضيف : {هدى وذكرى لأولي الألباب} (6) .
الفرق بين «الهداية» و«الذكرى» أنّ الهداية تكون في مطلع العمل وبدايته ، أما التذكير فهويشمل تنبيه الإنسان بأُمور سمعها مسبقاً وآمن بها لكنّه نسيها .
وبعبارة اُخرى : إنّ الكتب السماوية تعتبر مشاعل هداية ونور في بداية انطلاقة الإنسان ، وترافقه في أشواط حياته تبث من نورها وهداها عليه .
ولكن الذي يستفيد من مشاعل الهدى هذه هم «أولو الألباب» وأصحاب العقل ، وليس الجهلة والمعاندون المتعصبون .
الآية الاخيرة ـ من المقطع الذي بين أيديناـ تنطوي على وصايا وتعليمات مهمّة للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وهي في واقعها تعليمات عامة للجميع ، بالرغم من أنّ المخاطب بها هو شخص الرّسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) .
يقول تعالى : {فاصبر إن وعد الله حق} .
عليك أن تصبر على عناد القوم ولجاجة الأعداء .
عليك أن تصبر حيال جهل بعض الأصدقاء والمعارف ، وتتحمل أحياناً أذاهم وتخاذلهم .
وعليك أيضاً أن تصبر إزاء العواطف النفسية .
إنّ سر انتصارك في جميع الأُمور يقوم على أساس الصبر والإستقامة .
ثم اعلم أنّ وعد الله بنصرك وأمتك لا يمكن التخلف عنه ، وإيمانك ـ وإيمانهم ـ بحقانية الوعد الإلهي يجعلك مطمئناً ومستقيماً في عملك ، فتهون الصعاب عليك وعلى المؤمنين .
لقد أمر الله تعالى رسوله مرّات عديدة بالصبر ، والأمر بالصبر جاء مطلقاً في بعض الموارد ، كما في الآية التي بصددها ، وجاء مقيداً في موارد اُخرى ويختص بأمر معين ، كما في الآيتين (39ـ40) من سورة «ق» : {فاصبر على ما يقولون} . وكذلك يخاطبه تعالى في الآية (28) من سورة الكهف بقوله تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف : 28] .
إنّ جميع انتصارات الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين الأوائل إنّما تمّت بفضل الصبر والإستقامة واليوم لابدّ أن نسير على خطى رسول الله ونصبر كما صبر الرّسول وأصحابه إذ لولاه لما حالفنا النصر مقابل أعدائنا الألداء .
الفقرة الأُخرى من التعليمات الربانية تقول : {واستغفر لذنبك} .
واضح أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) معصوم لم يرتكب ذنباً ولا معصية ، لكنّا قد أشرنا في غير هذا المكان إلى أنّ أمثال هذه التعابير في القرآن الكريم ، والتي تشمل في خطابها الرّسول الاكرم وسائر الأنبياء ، إنّما تشمل ما نستطيع تسميته بـ «الذنوب النسبية» لأنّ من الأعمال ما هو عبادة وحسنة بالنسبة للناس العاديين ، بينما هي ذنب للرسل والأنبياء لأنّ : {حسنات الأبرار سيئات المقربين} .
فالغفلة ـ مثلا ـ لا تليق بمقامهم ، ولو للحظة واحدة . وكذلك الحال بالنسبة لترك الأولى ، إذ أن منزلتهم الرفيعة ومعرفتهم العالية تتوجب أن يحذروا هذه الأُمور ويستغفروا منها متى ما صدرت عنهم .
وما ذهب إليه البعض من أنّ المقصود بالذنوب هي ذنوب المجتمع ، أو ذنوب الآخرين التي ارتكبوها بشأن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أو أنّ الإستغفار تعبدي فهو بعيد .
الفقرة الأخيرة في الآية الكريمة تقول : {وسبّح بحمد ربك بالعشي والإبكار} .
«العشي» فترة ما بعد الظهر إلى قبل غروب الشمس ، أما «الإبكار» فهوما بين الطلوعين .
ويمكن أن تطلق لفظتا (العشي والإبكار) على الوقت المعيّن بالعصر والصباح ، حيث يكون الإنسان مُهيأً للحمد وتسبيح خالقه تبارك وتعالى بسبب عدم شروعه بعد بعمله اليومي ، أو أنّه قد انتهى منه .
وقد اعتبر البعض أنّ هذا الحمد والتسبيح إشارة إلى صلاة الصبح والعصر ، أو الصلوات اليومية الخمس ، في حين أنّ ظاهر الآية ينطوي على مفهوم أوسع من ذلك الصلوات هي إحدى مصاديقها .
في كلّ الأحوال تعتبر التعليمات الثلاث الآنفة الذكر شاملة بناء الإنسان وإعداده للرقي في ظل اللطف والرعاية الإلهية ، وهي إلى ذلك زاده في سيره للوصول نحو الأهداف الكبيرة .
فهناك أولا ـ وقبل كلّ شيء ـ التحمّل والصبر على الشدائد والصعوبات ، ثّم تطهير النفس من آثار الذنوب . وأخيراً تكليل كلّ ذلك بذكر الله ، حيث تسبيحه وحمده يعني تنزيهه من كلّ عيب ونقص ، وحمده فوق كلّ حسن وكمال .
إنّ الحمد والتسبيح الذي يكون لله تعالى يؤثر في قلب الإنسان ويطهره من جميع العيوب ، ومن سيئات الغفلة واللهو ، ويجعله يتصف باليقظة والكمال .
_____________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص88-97 .
2 ـ يتصور البعض أنّ الضمير في «يتحاجون» يعود إلى آل فرعون ، إلاّ أنّ القرائن تفيد أنّ الآية تنطوي على مفهوم عام يشمل جميع الكفّار .
3 ـ «تبعاً» جمع تابع ، والبعض يحتمل أن تكون مصدراً ، خصوصاً وأنّ إطلاق المصدر على الأشخاص الموصوفين بصفة معينة أمر متعارف . والمعنى في هذه الحال هو : إنّنا كنا لكم عين التبعية .
4 ـ «خزنة» جمع خازن ، وتعني الحارس .
5 ـ في ظلال القرآن ، ج 7 ، ص 189ـ 190 .
6 ـ يمكن أن تكون «هدى وذكرى» مفعولا لأجله أو مصدراً بمعنى الحال ، أي (هادياً ومذكراً لأولي الألباب) لكن البعض احتمل أن تكون بدلا أو خيراً لمبتدأ محذوف ، إلاّ أن ذلك غير مناسب كما يبدو .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|