المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

The dipole radiator
2024-03-18
مفهوم الضوء
11-1-2016
لقطات الكاميرا- ب - التقريب الأقصى أو التقريب المفرط
23-3-2022
Refractors: Astigmatism
19-8-2020
البراهين النقليّة على القدرة
24-10-2014
Power Level
27-4-2017


تفسير الآية (30-35) من سورة غافر  
  
3790   04:56 مساءً   التاريخ: 13-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الغين / سورة غافر /

قال تعالى : {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُو مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر : 30 - 35] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قال تعالى : {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب} أي عذابا مثل يوم الأحزاب قال الجبائي القائل لذلك موسى لأن المؤمن من آل فرعون كان يكتم إيمانه وهذا لا يصح لأنه قريب من قوله {أ تقتلون رجلا أن يقول ربي الله} وأراد بالأحزاب الجماعات التي تحزبت على أنبيائها بالتكذيب وقد يطلق اليوم على النعمة والمحنة فكأنه قال يوم هلاكهم .

ثم فسر سبحانه ذلك فقال {مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود} والدأب العادة ومعناه إني أخاف عليكم مثل سنة الله في قوم نوح وعاد وثمود وحالهم حين أهلكهم الله واستأصلهم جزاء على كفرهم {والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد} وفي هذا أوضح دلالة على فساد قول المجبرة القائلة بأن كل ظلم يكون في العالم فهو بإرادة الله تعالى .

ثم حذرهم عذاب الآخرة أيضا فقال {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد} حذف الياء للاجتزاء بالكسرة الدالة عليها وهو يوم القيامة ينادي فيه بعض الظالمين بعضا بالويل والثبور وقيل إنه اليوم الذي ينادي فيه أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا الآية وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله عن الحسن وقتادة وابن زيد وقيل ينادي فيه كل أناس بإمامهم .

{يوم تولون مدبرين} أي يوم تعرضون على النار فارين منها مقدرين أن الفرار ينفعكم وقيل منصرفين إلى النار بعد الحساب عن قتادة ومقاتل {ما لكم من الله من عاصم} أي مانع من عذاب الله {ومن يضلل الله فما له من هاد} أي من يضلل الله عن طريق الجنة فما له من هاد يهديه إليها {ولقد جائكم يوسف} وهو يوسف بن يعقوب بعثه الله رسولا إلى القبط {من قبل} أي من قبل موسى {بالبينات} أي بالحجج الواضحات {فما زلتم في شك مما جائكم به} من عبادة الله تعالى وحده لا شريك له عن ابن عباس وقيل مما دعاكم إليه من الدين .

{حتى إذا هلك} أي : مات {قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا} أي أقمتم على كفركم وظننتم أن الله تعالى لا يجدد لكم إيجاب الحجة {كذلك} أي مثل ذلك الضلال {يضل الله من هو مسرف} على نفسه كافر وأصل الإسراف مجاوزة الحد {مرتاب} أي شاك في التوحيد ونبوة الأنبياء {الذين يجادلون في آيات الله} أي في دفع آيات الله وإبطالها وموضع الذين نصب لأنه بدل من قوله {من هو مسرف} ويجوز أن يكون رفعا بتقديم هم {بغير سلطان} أي بغير حجة .

{أتاهم كبر مقتاً عند الله} : أي كبر ذلك الجدال منهم عداوة عند الله {وعند الذين آمنوا} بالله والمعنى مقته الله تعالى ولعنه وأعد له العذاب ومقته المؤمنون وأبغضوه بذلك الجدال وأنتم جادلتم وخاصمتم في رد آيات الله مثلهم فاستحققتم ذلك {كذلك} أي مثل ما طبع على قلوب أولئك بأن ختم عليها علامة لكفرهم {يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} يفعل ذلك عقوبة له على كفره والجبار صفة للمتكبر وهو الذي يأنف من قبول الحق قيل وهو القتال .

_________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص438-441 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

 

{وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ والَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ} . المراد بالأحزاب الجماعات التي تكتلت وتحزبت ضد أنبيائها بدليل قوله : {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ} . . لما قال فرعون :

وما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ قال المؤمن الناصح : وأنا أيضا ما قلت لكم الذي قلته إلا خوفا أن يصيبكم ما أصاب الأولين من الهلاك حين كذبوا أنبياءهم {ومَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ} ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتكذيب الرسل والتمرد على أمر اللَّه ونهيه .

وبعد أن حذرهم المؤمن عذاب الدنيا حذرهم عذاب الآخرة بقوله : {ويا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ} أي عذاب يوم القيامة حيث تسمعون الصيحة بالحق ، فتخرجون من القبور إلى الحساب والجزاء {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} تحاولون الهرب من عذاب الحريق ، ولكن هيهات {ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ} كيف وهو الغالب على أمره لا يرده شيء ، ولا ينازعه شيء {ومَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ} أي من يسلك طريق الضلال فإن اللَّه يضله ، ولا يجد من يهديه تماما كمن يشرب السم فإن اللَّه يميته ولا يجد من يحييه أو يشفيه .

{ولَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ} . هذا على حذف مضاف أي جاء آباءكم أيها المصريون ، فشكوا في نبوة يوسف ، فكذلك أنتم شككتم في نبوة موسى . وفي قاموس الكتاب المقدس ان يوسف معناه في العبرية يزيد ، وان أمه أسمته بهذا الاسم ليزيدها ابنا آخر ، وانه مات وهو ابن 110 سنين {حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} . ويومئ هذا إلى انهم فرحوا بموت يوسف لأنهم تحرروا من التكاليف الإلهية ، وقالوا من غير علم بل بدافع من الشهوات والأهواء : ان اللَّه لن يرسل رسولا بعد يوسف إلى يوم يبعثون .

{كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ} في اللَّه والحق . . وأضل اللَّه المسرف المرتاب لأنه خرج من الهدى وارتكس بسوء اختياره في الضلالة والعمى {الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ} . المراد بالذين يجادلون الخ المسرفون المرتابون ، وآيات اللَّه دلائله على وحدانيته ونبوة أنبيائه ، والسلطان الحجة ، والمعنى ان المجرمين يردون حجج اللَّه القاطعة بالرغبات والأهواء وتقليد الآباء .

{كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} أن يجادل المجرمون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير . {كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} . كل من التكبر والتجبر هو بالذات سبب من أسباب الختم على القلب ، وانما أسند ذلك إليه تعالى لأنه هو الذي جعل التكبر سببا لعمى القلب تماما كما جعل الجهل سببا للحيرة والبعد عن الحق ، وجعل الدرس والبحث سببا للعلم والوعي .

________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص450-451 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1)

 

قوله تعالى : {وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب - إلى قوله - للعباد} المراد بالذي آمن هو مؤمن آل فرعون ، ولا يعبأ بما قيل : إنه موسى لقوة كلامه ، والمراد بالأحزاب الأمم المذكورون في الآية التالية قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، وقوله : {مثل دأب قوم نوح} بيان للمثل السابق والدأب هو العادة .

والمعنى : يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأقوام الماضين مثل العادة الجارية من العذاب عليهم واحدا بعد واحد لكفرهم وتكذيبهم الرسل ، أو مثل جزاء عادتهم الدائمة من الكفر والتكذيب وما الله يريد ظلما للعباد .

قوله تعالى : {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد - إلى قوله - من هاد} يوم التناد يوم القيامة ، ولعل تسميته بذلك لكون الظالمين فيه ينادي بعضهم بعضا وينادون بالويل والثبور على ما اعتادوا به في الدنيا .

وقيل : المراد بالتنادي المناداة التي تقع بين أصحاب الجنة وأصحاب النار على ما ذكره الله تعالى في سورة الأعراف ، وهناك وجوه أخر ذكروها لا جدوى فيها .

وقوله : {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} المراد به يوم القيامة ولعل المراد أنهم يفرون في النار من شدة عذابها ليتخلصوا منها فردوا إليها كما قال تعالى : {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج : 22] .

وقوله : {ومن يضلل الله فما له من هاد} بمنزلة التعليل لقوله : {ما لكم من الله من عاصم} أي تفرون مدبرين ما لكم من عاصم ولوكان لكان من جانب الله وليس وذلك لأن الله أضلهم ومن يضلل الله فما له من هاد .

قوله تعالى : {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات} إلى آخر الآية .

لما ذكر أن الله أضلهم ولا هادي لهم استشهد له بما عاملوا به يوسف (عليه السلام) في رسالته إليهم حيث شكوا في نبوته ما دام حيا ثم إذا مات قالوا : لا نبي بعده .

فالمعنى : وأقسم لقد جاءكم يوسف من قبل بالآيات البينات التي لا تدع ريبا في رسالته من الله فما زلتم في شك مما جاءكم به ما دام حيا حتى إذا هلك ومات قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا فناقضتم أنفسكم ولم تبالوا .

ثم أكده – وهو في معنى التعليل - بقوله : {كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب} .

قوله تعالى : {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم} إلخ وصف لكل مسرف مرتاب فإن من تعدى طوره بالإعراض عن الحق واتباع الهوى واستقر في نفسه الارتياب فكان لا يستقر على علم ولا يطمئن إلى حجة تهديه إلى الحق جادل في آيات الله بغير برهان إذا خالفت مقتضى هواه .

وقوله : {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} يفيد أن قلوبهم مطبوع عليها فلا يفقهون حجة ولا يركنون إلى برهان .

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص268-269 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

التحذير من العاقبة !

كان الشعب المصري آنذاك يمتاز نسبياً بمواصفات التمدّن والثقافة ، وقد اطّلع على أقوال المؤرخين بشأن الأقوام السابقة ، أمثال قوم نوح وعاد وثمود الذين لم تكن أرضهم تبعد عنهم كثيراً ، وكانوا على علم بما آل إليه مصيرهم .

لذلك كلّه فكّر مؤمن آل فرعون بتوجيه أنظار هؤلاء إلى أحداث التأريخ وأخذ يحذرهم من تكرار العواقب الأليمة التي نزلت بغيرهم ، عساهم أن يتيقظوا ويتجنّبوا قتل موسى (عليه السلام) يقول القرآن الكريم حكاية على لسانه : (وقال الذي آمن يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب) .

ثم أوضح مراده من هذا الكلام بأنني خائف عليكم عن العادات والتقاليد السيئة التي كانت متفشّية في الاقوام السالفة . {مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم} (2) .

لقد نالت هذه الأقوام جزاء ما كانت عليه من الكفر والطغيان ، إذ قتل من قتل منهم بالطوفان العظيم ، وأصيب آخرون منهم بالريح الشديدة ، وبعضهم بالصواعق المحرقة ، ومجموعة بالزلازل المخرّبة .

واليوم يخاطبهم مؤمن آل فرعون : ألا تخشون أن تصيبكم إحدى هذه البلايا العظيمة بسبب إصراركم على الكفر والطغيان؟ هل عندكم ضمان بأنّكم لستم مثل أولئك; أو أن العقوبات الإلهية لا تشملكم ; ترى ماذا عمل أُولئك حتى أصابهم ما أصابهم ، لقد اعترضوا على دعوة الأنبياء الإلهيين ، وفي بعض الأحيان عمدوا إلى قتلهم . . . لذلك كلّه فإني أخاف عليكم مثل هذا المصير المؤلم ! ؟

ولكن ينبغي أن تعلموا أنّ ما سيصيبكم ويقع بساحتكم هومن عند أنفسكم وبما جنت أيديكم : {وما الله يريد ظلماً للعباد} .

لقد خلق الله الناس بفضله وكرمه ، ووهبهم من نعمه ظاهرة وباطنة ، وأرسل أنبياءه لهدايتهم ، ولصدّ طغيان العتاة عنهم ، لذلك فإنّ طغيان العباد وصدّهم عن السبيل هو السبب فيما ينزل بهم من العذاب الأليم .

ثم تضيف الآية على لسانه : {وياقوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد} أي يوم تطلبون العون من بعضكم البعض ، إلاّ أصواتكم لا تصل إلى أي مكان .

«التناد» مأخوذة اًصلا من كلمة «ندا» وتعني «المناداة» (وهي في الأصل (التنادي) وحذفت الياء ووضعت الكسرة في محلّها) والمشهور بين المفسّرين أنّ (يوم التناد) هومن أسماء يوم القيامة ، وقد ذكروا أسباباً لهذه التسمية متشابهة تقريباً ، فمنهم من يقول : إن ذلك يعود إلى مناداة أهل النّار لأهل الجنّة ، كما يقول القرآن : {ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله} فجاءهم الجواب : {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ } [الأعراف : 50] (3) . أو أنّ التسمية تعود إلى مناداة الناس بعضهم لبعض طلباً للعون والمساعدة .

وهناك من قال : إن سبب التسمية يعود إلى أنّ الملائكة تناديهم للحساب ، وهم يطلبون العون من الملائكة .

أو لأنّ منادي المحشر ينادي : {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [هود : 18] .

وقال بعضهم : إنّ السبب يعود إلى أنّ المؤمن عندما يشاهد صحيفة أعماله ينادي برضى وشوق : {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } [الحاقة : 19] بينما الكافر من شدة خوفه وهول ما يحلّ به يصرخ وينادي : {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } [الحاقة : 25] .

ولكن يمكن تصور معنى أوسع للآية ، بحيث يشمل «يوم التناد في هذه الدنيا أيضاً ، لأنّ المعنى ـ كما رأيناـ يعني (يوم مناداة البعض للبعض الآخر) وهذا المعنى يعبّر عن ضعف الإنسان وعجزه عندما تنزل به المحن وتحيطه المصاعب والملمّات ، وينقطع عنه العون وأسباب المساعدة ، فيبدأ بالصراخ ولكن بغير نتيجة .

وفي عالمنا هذا ثمّة أمثلة عديدة على «يوم التناد» مثل الأيّام التي ينزل فيها العذاب الإلهي ، أو الأيّام التي يصل فيها المجتمع إلى طريق مسدود لكثرة ما ارتكب من ذنوب وخطايا ، وقد نستطيع أن نتصور صوراً اُخرى عن يوم التناد في حياتنا من خلال الحالات التي يمرّ بها الناس بالمشاكل والصعاب المختلفة حيث يصرخ الجميع عندها طالبين للحل والنجاة!

الآية التالية تفسّر يوم التناد بقولها : {يوم تولّون مدبرين مالكم من الله من عاصم} .

ومثل هؤلاء حق عليهم القول : {ومن يضلل الله فما له من هاد} إنّ هؤلاء الذين ضلّوا في الحياة الدنيا بابتعادهم عن سبل الرشاد والهداية وتنكبهم عن الطريق المستقيم ، سيظلّون في الآخرة عن الجنّة والرضوان والنعم الإلهية الكبرى . وقد يكون في التعبير القرآني إيماءة خفيفة إلى قول فرعون : {ما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد} .

وقوله تعالى : {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر : 34 ، 35] .

 

عجز المتكبرين عن الأدراك الصحيح !

هذا المقطع من الآيات الكريمة يستمر في عرض كلام مؤمن آل فرعون ، ومن خلال نظرة فاحصة في سياق الآيات ، يظهر أنّ مؤمن آل فرعون طرح كلامه في خمسة مقاطع ، كلّ منها اكتسى بلون من المخاطبة ، وشكل من الدليل ، الذي يستهدف النفوذ إلى قلب فرعون والمحيطين به ، بغية محو الصدأ وآثار الكفر السوداء منها كي تذعن لله ورسالاته وأنبيائه ، وتترك التكبر والطغيان :

المقطع الأوّل : راعى فيه مؤمن آل فرعون الاحتياط ، ودعا القوم إلى الحذر من الأضرار المحتملة من جهتين : (قال لهم : لوكان موسى كاذباً فسينال جزاء كذبه ، أمّا لوكان صادقاً فيشملنا العذاب ، إذاً عليكم أن لا تتركوا العمل بالإحتياط) .

المقطع الثّاني : وفيه وجّه مؤمن آل فرعون الدعوة إلى التأمّل بما حلّ بالأقوام السابقة وما نال الأمم الداثرة من المصير والجزاء ، كي يأخذوا العبرة من ذلك المصير !

المقطع الثّالث : كأمن في الآيات القرآنية التي بين أيدينا ، إذ تذكر هم الآيات ـ من خلال خطاب مؤمن آل فرعون ـ بجزء من تأريخهم ، هذا التأريخ الذي لا يبعد كثيراً عنهم ، ولم تمحى بعد أواصر الإرتباط الذهني والتأريخي فيما بينهم وبينه ; وهذا الجزء يتمثل في نبوة يوسف (عليه السلام) ، الذي يعتبر أحد أجداد موسى ، حيث يبدأ قصة التذكير معهم بقوله تعالى : {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات} (4) وبالدلائل الواضحة لهدايتكم ولكنكم : {فمازلتم في شك ممّا جاءكم به} .

وشككم هنا ليس بسبب صعوبة دعوته أو عدم اشتمالها على الأدلة والعلائم الكافية ، بل بسبب غروركم حيث أظهرتم الشك والتردد فيها .

ولأجل أن تتنصلوا من المسؤولية ، وتعطوا لأنفسكم الذرائع والمبررات ، قلتم : {حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا} .

بناء على ذلك كلّه لم تشملكم الهداية الإلهية بسبب أعمالكم ومواقفكم : {كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب) .

لقد سلكتم سبيل الأسراف والتعدي على حدود الله تعالى كما قمتم بالتشكيك في كلّ شيء ، حتى غدا ذلك كلّه سبباً لحرمانكم من اللطف الإلهي في الهداية ، فسدرتم في وادي الضلال والغي ، كي تنتظركم عاقبة هذا الطريق الغاوي .

واليوم ـ والسياق ما زال يحكي خطاب مؤمن آل فرعون لهم ـ اتبعتم نفس الأسلوب حيال دعوة موسى (عليه السلام) ، إذ تركتم البحث في أدلة نبوته وعلائم بعثته ورسالته ، فابتعدت عنكم أنوار الهداية ، وظلت قلوبكم سوداء محجوبة عن إشعاعاتها الهادية الوضّاءة .

الآية الكريمة التي تليها تعرّف «المسرف المرتاب» بقول الله تبارك وتعالى : {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم} (5) .

هؤلاء يرفضون آيات الله البينات من دون أي دليل واضح من عقل أو نقل ، بل يستجيبون في ذلك إلى أهوائهم المغرضة ووساوسهم المضلّة الواهية ، كي يستمروا في رفع راية الجدل والمعارضة .

وللكشف عن قبح هذه المواقف عند الله وعند الذين آمنوا ، تقول الآية : {كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا} (6) .

ذلك لأنّ الجدال بالباطل (الجدال السلبي) واتخاذ المواقف ضدّ الوقائع والآيات القائمة على أساس الدليل المنطقي ، يعتبر أساساً لضلال المجادلين وتنكبهم عن جادة الهداية والصواب ، وكذلك في اغواء للآخرين ، حيث تنطفيء أنوار الهداية في تلك الأوساط ، وتتقوى أسس ودعائم حاكمية الباطل .

في النهاية ، وبسبب عدم تسليم هؤلاء أمام الحق ، تقرّر الآية قوله تعالى : {كذلك يطبع الله على كلّ قلب متكبر جبّار} (7) .

أجل ، إنّ العناد في مقابل الحق يشكّل ستاراً مظلماً حول فكر الإنسان ، ويسلب منه قابليته على التشخيص الهادي الصحيح ، بحيث ينتهي الأمر إلى أن يتحول القلب إلى مثل الإناء المغلق ، الذي لا يمكن افراغه من محتواه الفاسد ، ولا ادخال المحتوى الهادي الصحيح .

إنّ الأشخاص الذين يقفون في وجه الحق وأهله بسبب اتصاف بصفتي التكبر والتجبر ، فإنّ الله تعالى سوف يسلب منهم روح طلب الحقيقة الى درجة أن الحق سيكون مراً في مذاقهم ، والباطل حلواً .

وفي كلّ الأحوال ، لقد قام مؤمن آل فرعون بعمله من خلال الوسائل التي وقفنا عليها آنفاً ، فانتهى ـ كما سيظهر في الآية اللاحقة ـ إلى أجهاض مخطط فرعون في قتل موسى (عليه السلام) ، أو على الأقل وفّر الوقت الكافي في تأخير تنفيذ هذا لمخطط إلى أن استطاع موسى (عليه السلام) أن يفلت من الخطر .

لقد كانت هذه مهمّة عظيمة أنجزها هذا الرجل المؤمن الشجاع ، الذي انصب جهده في هذه المرحلة الخطيرة من الدعوة الموسوية على إنقاذ حياة كليم الله (عليه السلام) : وكما سيتضح لاحقاً من احتمال أن هذا الرجل ضحى بحياته أيضاً في هذا السبيل .

____________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص69-74 .

2 ـ «داب» على وزن (ضرب) تعني في الأصل الإستمرار في السير ، و(دائب) تطلق على الكائن الذي يستمر في سيره ثمّ أصبحت بعد ذلك تستعمل لأي عادة مستمرة . . . والمقصود هنا من (دأب قوم نوح) هو قيامهم واستمرارهم واعتيادهم على الشرك والطغيان والظلم والكفر .

3 ـ ورد هذا المعنى أيضاً في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في كتاب «معانى الأخبار» للصدوق .

4 ـ تعتبر هذه الآية هي الوحيدة في القرآن الكريم التي تشير صراحة إلى نبوة يوسف (عليه السلام) ، وإن كنّا لا نعدم إشارات متفرقة لهذه النبوّة في سياق آيات قرآنية اُخرى .

5 ـ (الذين) هنا بدل عن «مسرف مرتاب» إلاّ أنّ المبدل عنه مفرد ، في حين أنّ البدل جاء على صيغة الجمع ! السبب في ذلك أنّ الخطاب لا يستهدف شخصاً معيناً وإنّما يشتمل على النوع .

6 ـ فاعل «كبر» هو(الجدال) حيث نستفيد ذلك من الجملة السابقة ، أمّا «مقتاً» فهي تمييز ، فيما يرى بعض المفسّرين أنّ الفاعل هو «مسرف مرتاب» إلاّ أنّ الرأي الأوّل أفضل .

7 ـ «متكبر جبار» وصف للقلب ، وليست وصفاً لشخص ، بالرغم من أنّها مضافة . اشارة الى أنّ أساس التكبر والتجبر انما ينبع من القلب ، ولأنّ القلب يسيطر على كلّ أعضاء ووجود الإنسان ، فإنّ كلّ الوجود الإنساني سيكتسي هذا الطابع الفاسد البذيء .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .