أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-5-2020
3396
التاريخ: 31-5-2020
2469
|
قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَو نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } [سبأ : 7 ، 9]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1)
عاد سبحانه إلى الحكاية عن الكفار فقال {وقال الذين كفروا} أي بعضهم لبعض أو القادة للأتباع على وجه الاستبعاد والتعجب {هل ندلكم على رجل} يعنون محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) {ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} أي يزعم أنكم تبعثون بعد أن تكونوا عظاما ورفاتا وترابا وهو قوله {إذا مزقتم كل ممزق} أي فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع وأكلتكم الأرض والسباع والطيور والجديد المستأنف المعاد والمعنى إنكم يجدد خلقكم بأن تنشروا وتبعثوا .
{أفترى على الله كذبا} معناه هل كذب على الله متعمدا حين زعم أنا نبعث بعد الموت وهو استفهام تعجب وإنكار {أم به جنة} أي جنون فهو يتكلم بما لا يعلم ثم رد سبحانه عليهم قولهم فقال {بل} ليس الأمر على ما قالوا من الافتراء والجنون {الذين لا يؤمنون بالآخرة} أي هؤلاء الذين لا يصدقون بالبعث والجزاء والثواب والعقاب {في العذاب} في الآخرة {والضلال البعيد} من الحق في الدنيا .
ثم وعظهم سبحانه ليعتبروا فقال {أ فلم يروا} أي أ فلم ينظر هؤلاء الكفار {إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} كيف أحاطت بهم وذلك أن الإنسان حيث ما نظر رأى السماء والأرض قدامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يقدر على الخروج منها وقيل معناه أ فلم يتدبروا ويتفكروا في السماء والأرض فيستدلوا بذلك على قدرة الله تعالى .
ثم ذكر سبحانه قدرته على إهلاكهم فقال {إن نشأ نخسف بهم الأرض} كما خسفنا بقارون {أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي قطعة من السماء تغطيهم وتهلكهم {إن في ذلك لآية} معناه إن فيما ترون من السماء والأرض لدلالة على قدرة الله على البعث وعلى ما يشاء من الخسف بهم {لكل عبد منيب} أناب إلى الله ورجع إلى طاعته أ فلا يرتدع هؤلاء عن التكذيب بآيات الله والإنكار لقدرته على البعث .
______________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص195-196 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1)
{وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} . هكذا قال المشركون : محمد كاذب أو مجنون - نعوذ باللَّه - ولما ذا نطقوا بكلمة الكفر ؟ . . لأن النبي قال :
ان الإنسان بعد الموت يبعث حيا . . ولا دليل على انكارهم هذا إلا التعجب والاستغراب تماما كقولهم : {أجعل الآلهة إلها واحدا ان هذا لشيء عجاب} .
وهو ، كما ترى ، مستمد من ذاتهم وتصورهم ، ومعنى هذا انهم ينفون الواقع بالفكرة والتصور ، مع العلم ان الفكرة لا تكون صادقة إلا إذا كانت انعكاسا عن الواقع ومن صلبه ، وان على من يعتنق نظرية ما أن يبرهن على صدقها بوجود الواقع المعبر عنها ، وليس له أن ينفي الواقع بفكرة مسبقة لا تقوم على أساس . .
والى هذا يشير الإمام علي (عليه السلام) بقوله : (يعرف الرجال بالحق ، ولا يعرف الحق بالرجال) . {بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذابِ والضَّلالِ الْبَعِيدِ} .
هم في الجهل والضلال لأنهم قاسوا الحق والواقع بأفكارهم وأوهامهم ، والعكس هو الصحيح أي كان عليهم أن يقيسوا أفكارهم بالحق والواقع .
{أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ والأَرْضِ} . يقول سبحانه للمكذبين : وأي عجب من بعثكم بعد الموت : {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم} ألا يدل هذا الخلق على وحدانيته وكمال قدرته ، ومنها الإعادة إلى الحياة بعد الموت ؟ وتكلمنا عن ذلك مرارا . أنظر ج 1 ص 77 وج 2 ص 396 وج 4 ص 132 .
{إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَو نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} . ذلك إشارة إلى خلق السماوات والأرض ، فإنه يدل على عظمة اللَّه وقدرته على إحياء العظاء وهي رميم عند من يرجع إلى عقله وضميره ، أما قوله تعالى : {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ} فهو تهديد ووعيد لمن جحد وكفر بالآخرة أن تبتلعه الأرض ، أو ترميه السماء بقطع من نار فتحرقه .
______________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص249-250 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1)
قوله تعالى : {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد} كلام منهم وارد مورد الاستهزاء يعرفون فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعضهم لبعض بالقول بالمعاد .
والتمزيق التقطيع والتفريق ، وكونهم في خلق جديد استقرارهم فيه أي تجديد خلقتهم بإحيائهم بعد موتهم ووجودهم ثانيا بعد عدمهم ، وقوله : {إذا مزقتم} ظرف لقوله : {إنكم لفي خلق جديد} .
والمعنى : وقال الذين كفروا بعضهم لبعض على طريق الاستهزاء بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لإنذاره إياهم بالبعث والجزاء : هل ندلكم على رجل والمراد به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينبئكم ويخبركم أنكم ستستقرون في خلق جديد ويتجدد لكم الوجود إذا فرقت أبدانكم كل التفريق وقطعت بحيث لا يتميز شيء منها من شيء .
قوله تعالى : {افترى على الله كذبا أم به جنة} إلخ ، الاستفهام للتعجيب فإن القول ببعث الأجساد بعد فنائها عجيب عندهم لا يقول به عاقل إلا لتلبيس الأمر على الناس وإضلالهم لينال بعض ما عندهم وإلا فكيف يلتبس فيه الأمر على عاقل ، ولهذا رددوا الأمر بين الافتراء والجنة في الاستفهام والمعنى : أ هو عاقل يكذب على الله افتراء عليه بالقول بالبعث أم به نوع جنون يتفوه بما بدا له من غير فكر مستقيم .
وقوله : {بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد} رد لقولهم وإضراب عن الترديد الذي أتوا به مستفهمين ، ومحصله أن ذلك ليس افتراء على الله ولا جنون فيه بل هؤلاء الكفار مستقرون في عذاب سيظهر لهم وقد أبعدهم ذلك عن الحق فكانوا في ضلال بعيد لا يسعهم مع ذلك أن يعقلوا الحق ويذعنوا به .
ووضع الموصول موضع الضمير في قوله : {بل الذين لا يؤمنون بالآخرة} للدلالة على أن علة وقوعهم فيما وقعوا فيه من العذاب والضلال عدم إيمانهم بالآخرة .
قوله تعالى : {أ فلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} إلخ ، وعظ وإنذار لهم باستعظام ما اجترءوا عليه من تكذيب آيات الله والاستهزاء برسوله فالمراد بقوله : {ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} إحاطة السماء والأرض بهم من بين أيديهم ومن خلفهم فأينما نظروا وجدوا سماء تظلهم وأرضا تقلهم لا مفر لهم منهما .
وقوله : {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي إذ أحاط بهم الأرض والسماء وهما مدبرتان بتدبيرنا منقادتان مسخرتان لنا أن نشأ نخسف بهم الأرض فنهلكهم أو نسقط عليهم قطعة من السماء فنهلكهم فما لهم لا ينتهون عن هذه الأقاويل؟ .
وقوله : {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب { أي فيما ذكر من إحاطة السماء والأرض وكونهما مدبرتين لله سبحانه أن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط عليهم كسفا من السماء لآية لكل عبد منيب ، راجع إلى ربه بالطاعة ، فهؤلاء لا يستهينون بهذه الأمور ولا يجترءون على تكذيب هذه الآيات إلا لكونهم مستكبرين عاتين لا يريدون إنابة إلى ربهم ورجوعا إلى طاعته .
________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص290-291 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1)
يعود تعالى إلى مسألة القيامة والبعث في الآية التي بعدها ، ويكمل البحوث السابقة بطريقة اُخرى ، فيقول تعالى : {وقال الذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبئكم إذا مُزقتم كلّ ممزق إنّكم لفي خلق جديد} .
يبدو أنّ إصرار ـ هؤلاء الكفّار ـ على إنكار مسألة المعاد يعتمد على أمرين : ـ
الأوّل : توهمّهم أنّ المعاد الذي تحدّث عنه رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) وهو «المعاد الجسماني» ، أمر يسهل الإشكال عليه والطعن فيه ، وأنّ بإمكانهم تنفير الناس منه فينكرونه بسهولة .
الثّاني : أنّ الإعتقاد بالمعاد ، أو حتّى القبول بإحتماله ـ على كلّ حال ـ إنّما يفرض على الإنسان مسؤوليات وتعهّدات ، ويضعه وجهاً لوجه أمام الحقّ ، وهذا ما إعتبره رؤوس الكفر خطراً حقيقيّاً ، لذا فقد أصرّوا على إلغاء فكرة المعاد والجزاء الاُخروي على الأعمال من أذهان الناس . فقالوا : أيمكن لهذه العظام المتفسّخة ، وهذه الذرّات المبعثرة ، التي تعصف بها الريح من كلّ جانب ، أن تُجمع في يوم وتُلبس ثوب الحياة من جديد؟
وإستخدامهم لكلمة (رجل) بصيغة النكرة في تعبيرهم عن الرّسول (صلى الله عليه وآله) يقصد منه التحقير «وحاشاه» .
ولكن فاتهم أنّنا في بدء الخليقة لم نكن إلاّ أجزاء مبعثرة ، فكلّ قطرة ماء في أبداننا إنّما كانت قطرة في زاوية من بحر أو ينبوع ماء ، وكلّ ذرّة من مواد أجسامنا ، كانت في جانب من جوانب هذه الأرض المترامية ، وسيجمعها الله تبارك وتعالى في النهاية أيضاً كما جمعها في البدء ، وهو على كلّ شيء قدير .
والعجيب أنّهم اعتبروا ذلك دليلا على كذب الرّسول (صلى الله عليه وآله) أو جنونه ، وحاشاه (افترى على الله كذباً أم به جنّة) .
وإلاّ فكيف يمكن لرجل عاقل أو صادق أن يتفوّه بمثل هذا الحديث !!؟
ولكن القرآن يردّ عليهم بشكل حاسم قائلا : {بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد} .
فأي ضلال أوضح من أن يرى مُنكِرُ المعاد باُمّ عينيه مثالا لهذا المعاد في عالم الطبيعة في كلّ عام بإحياء الأرض الميتة بالزرع .
المعاد الذي لولا وجوده لما كان للحياة في هذا العالم أي معنى أو محتوى .
وأخيراً فإنكار المعاد مساو لإنكار قدرة وعدل وحكمة الله جلّ وعلا .
ولكن لماذا يؤكّد تعالى أنّهم الآن في العذاب والضلال؟
ذلك لأنّ الإنسان يواجه في حياته مشاكل وأحداثاً لا يمكنه ـ بدون الإيمان بالآخرة ـ تحمّلها ، والحقيقة أنّ الحياة لوحُدَّت بهذه الأيّام القليلة من عمر الدنيا لكان تصوّر الموت بالنسبة لكلّ إنسان كابوساً مرعباً ، لهذا السبب نرى أنّ منكري المعاد في قلق دائم منغّص وعذاب أليم ، في حال المؤمنين بالمعاد يعتبرون الموت قنطرة إلى عالم البقاء ، ووسيلة لكسر القيود والتحرّر من سجن الدنيا .
نعم ، فالإيمان بالمعاد ، يغمر قلب الإنسان بالطمأنينة ، ويهوّن عليه المشكلات ، ويجعله أكثر قدرة على الإيثار والفداء والتضحية .
أمّا الذين يرون المعاد ـ لجهلهم وكفرهم ـ دليلا على الكذب أو الجنون ، إنّما يأسرون أنفسهم في عذاب العمى ، والضلال البعيد .
ومع أنّ بعض المفسّرين اعتبروا هذا العذاب إشارة إلى عذاب الآخرة ، ولكنّ ظاهر الآية يدلّل على أنّهم أسرى هذا العذاب والضلال الآن وفي هذه الدنيا .
ثمّ ينتقل القرآن الكريم لتقديم دليل آخر عن المعاد ، مقترن بتهديد الغافلين المعاندين فيقول تعالى : {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} .
فإنّ هذه السماء العظيمة بكلّ عجائبها ، بكواكبها الثابتة والسيّارة ، وبالأنظمة التي تحكمها ، وكذلك الأرض بكلّ مدهشاتها وأنواع موجوداتها الحيّة ، وبركاتها ومواهبها ، لأوضح دليل على قدرة الخلاّق العظيم .
فهل أنّ القدير على كلّ هذه الاُمور ، عاجز عن إعادة الإنسان بعد الموت إلى الحياة؟
وهذا هو «برهان القدرة» الذي استدلّ به القرآن الكريم في آيات اُخرى في مواجهة منكري المعاد ، ومن جملة هذه الآيات ، الآية (82) من سورة يس . الآية (99) من سورة الإسراء والآيتين (6 و7) من سورة ق .
ونشير إلى أنّ هذه الجملة كانت مقدّمة لتهديد تلك الفئة المتعصّبة من ذوي القلوب السوداء ، الذين يصّرون على عدم رؤية كلّ هذه الحقائق . لذا يضيف تعالى قائلا : (إن نشأ نخسف بهم الأرض) فنأمر الأرض فتنشقّ بزلزلة مهولة وتبتلعهم ، أو نأمر السماء فترميهم بقطعات من الحجر وتدمّر بيوتهم وتهلكهم {أو نسقط عليهم كسفاً من السماء} أجل ، إنّ في هذا الأمر دلائل واضحة على قدرة الله تعالى على كلّ شيء ، ولكن يختّص بإدراك ذلك كلّ إنسان يتدبّر في مصيره ويسعى في الإنابة إلى الله {إنّ في ذلك لآية لكلّ عبد منيب} .
لابدّ أن سمع أو شاهد كلّ منّا نماذج من الزلازل أو الخسف في الأرض ، أو سقوط النيازك من السماء ، أو بتساقط وتناثر صخور الجبال بسبب صاعقة أو إنفجار بركان ، وكلّ عاقل يدرك إمكانية حصول مثل هذه الاُمور في أيّة لحظة وفي أيّ مكان من العالم ، فإذا كانت الأرض هادئة تحت أقدامنا ، والسماء آمنة فوق رؤوسنا ، فلأنّها كذلك بقدرة اُخرى وبأمر من آمر ، فكيف نستطيع ـ ونحن المحكومون بقدرته في كلّ طرفة عين ـ إنكار قدرته على البعث بعد الموت ، أو كيف نستطيع الفرار من سلطة حكومته!! .
هنا يجب الإلتفات إلى جملة اُمور :
1 ـ يعبّر القرآن الكريم هنا عن السماء التي فوق رؤوسنا ، والأرض التي تحت أقدامنا بـ (ما بين أيديهم) و(ما خلفهم) . وهو المورد الوحيد الذي يلاحظ فيه مثل هذا التعبير . وهذا التعبير لعلّه إشارة إلى أنّ قدرة وعظمة الله أظهر في السماء وقت طلوع أو غروب الشمس وظهور القمر والنجوم فيها . ونعلم أنّ من يقف غالب باتّجاه الاُفق تكون السماء بين يديه ، والأرض التي تأتي بالدرجة الثّانية من الأهميّة اُطلق عليها (ما خلفهم) .
كذلك هي إشارة إلى هؤلاء المغرورين أنّهم إن لم يجيزوا لأنفسهم النظر إلى ما فوق رؤوسهم ، فلا أقل من أن ينظروا إلى ما بين أيديهم في جوار الاُفق .
2 ـ نعلم بأنّنا نعيش بين مصدرين عظيمين من مصادر الخطر على حياتنا :
أوّلهما : باطن الكرة الأرضية المشتعل الذي هو عبارة عن صخور مذابة ومشتعلة وفي حالة من الفوران ، وفي الحقيقة فإنّ حياة جميع البشر فوق مجموعة من البراكن ـ بالقوّة ـ وبمجرّد صدور أمر إلهي صغير ينطلق أحد هذه البراكين ليهزّ منطقة عظيمة من الأرض وينثر عليها الأحجار الملتهبة والمواد المعدنية المذابة المشتعلة .
وثانيهما : مئات الآلاف من الأحجار الصغيرة والكبيرة السابحة في الفضاء الخارجي تنجذب نحو الأرض يومياً بفعل جاذبيتها ، ولولا إحتراقها نتيجة إصطدامها بالغلاف الغازي ، لكنّا هدفاً «لمطر حجري» بشكل متواصل ليل نهار ، وأحياناً تكون أحجامها وسرعتها وقوّتها إلى درجة أنّها تتخطّى ذلك المانع وتنطلق باتّجاه الأرض لتصطدم بها . وهذا واحد من الأخطار السماوية ، وعليه فإذا كنّا نعيش وسط هذين المصدرين الرهيبين للخطر ، بمنتهى الأمن والأمان بأمر الله ، أفلا يكفي ذلك لأن نتوجّه إلى جلال قدرته العظيمة ونسجد تعظيماً وطاعة له!! .
3 ـ من الجدير بالملاحظة أنّ الآية الأخيرة من الآيات مورد البحث أشارت إلى {أنّ في ذلك لآية} ولكنّها حدّدت {لكلّ عبد منيب} . والإشارة تستبعد ذلك المتمرّس بالعصيان الذي خلع عن رقبته طوق العبودية لله سبحانه وتعالى ، والغافلين الذين أداموا السير في الطريق الخاطئة الملوّثة بالخطايا واستبعدوا عن أذهانهم ـ كلياً ـ التوبة والإنابة ، فهؤلاء أيضاً لا يمكنهم الإنتفاع من هذه الآية المشرقة ، لأنّ وجود الشمس الساطعة لا يكفي وحده لتحصل الرؤية ، بل يستلزم أيضاً العين المبصرة وإرتفاع الحجاب بينهما .
__________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص514-517 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|