أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-11-2019
1532
التاريخ: 21-5-2021
2002
التاريخ: 9-9-2018
1208
التاريخ: 8-4-2021
2269
|
سابقته في الجاهلية والإسلام
مات أبو بكر شيخا ولم تمتد مدة خلافته سوى سنتين فقد كان شيخا في زمن رسول الله ، وقد مات رسول الله عن عمر يناهز الثالثة والستين ، وقد قام رسول الله بالدعوة للإسلام وبدأ نزول الوحي عليه وهو في سن الأربعين ، وأول من آمن به من النساء زوجته المخلصة خديجة بنت خويلد وربيبه علي بن أبي طالب الساكن معه في داره وهو في سن الثالثة عشرة وهذا يدل على أنه كان كامل العقل والذكاء والاخلاص لرسول الله يوم نزلت الآية (وانذر عشيرتك الأقربين) ، فاضطر رسول الله انصياعا وطاعة لأمر الله أن يجمع عشيرته بدعوته إياهم لوليمة غداء وقد حضر منهم حوالي أربعين شخصا ، وتلا عليهم الآية ، بعد تناولهم الغذاء وقال : " ما أظن شابا من العرب أتى قومه بأفضل ما جئتكم به وهو الدين الحنيف ، وشهادة أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله ، فمن منكم يؤازرني على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي ؟ " وكررها ثلاثا والقوم صامتون ، وفي كل مرة يقوم بها علي ويقول : " أنا يا رسول الله " ، فيقعده ، وفي الثالثة قال : " إن هذا علي أخي ووصيي وخليفتي عليكم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا " . فضحك بعض القوم وقالوا لأبي طالب: عليك أن تطيع ابنك بعد هذا؟ ويظهر من هذا عدة أشياء: أن القرآن وأوامره انما نزلت أولا بإنذار عشيرته وان عليا سبق الرجال والصبيان أو بعبارة أخرى أسبق الذكور تلبية لدعوة الاسلام وهو لم يبلغ الحلم مضافا إلى ذلك أن (عليا) (عليه السلام) آنذاك رغم كونه لم يبلغ الحلم فرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يثق بعقله وذكائه ومنطقه حينما قبل منه قوله ونصبه أخاه ووصيه وخليفته ، وان هذا كان قبل أن يؤمن أحد من عشيرته وهم الذين أنذرهم قبل كل فرد .
وتمر سبع سنوات على إيمان علي ، وبعد ايمان ما يقارب نحوا من خمسين صحابيا ، يؤمن أبو بكر ( 1 ) وهو آنذاك يقل عن رسول الله سنتين وعمره 45 سنة ، وقبلها كان كباقي قريش يعبد الأوثان ، وهنا نعرف ان أبا بكر سابقته في الجاهلية وتأصله في الشرك كان أطول منهما في الاسلام ، ولكن بعدها قبل دين الإسلام واحكم هذه الصلة بالاسلام ورسول الله بتزويجه عائشة من رسول الله بعد وفاة زوجته الحنون المخلصة خديجة الكبرى ، وصلة الزواج لها اثر عميق في الصلة ، والنساء كما قيل يقربن البعيد ويبعدن القريب ، وهكذا كانت عائشة بدخولها لبيت رسول الله قربت أباها أكثر فأكثر حتى زاد رهق قريش للمسلمين فاضطر رسول الله بعد هجرة أغلبية أصحابه الذين آمنوا ، إلى أن يهاجر هو نفسه وقد بلغ حنق قريش أقصاه ، وأجمعوا على قتله ، فصمم نفسه على الهجرة وقد هاجر أصحابه المخلصون من المسلمين للمدينة ودعوه إليهم ، وكان آنذاك أبو بكر في مكة وإذا علمت قريش فسوف تحول دون سفره بعد أن صمموا على قتله فلا بد له من السفر ولا بد له من اغفالهم وان يترك شخصا ينام محله ويلتحف بغطائه خلال المدة التي يكون قد خرج من مكة إلى محل آمن ولا شك ان الذي يقوم بهذه التضحية بالنوم مكان رسول الله قد عرض نفسه للقتل ، إذ أن قريشا بعد تصميمهم على قتله ربما جردوا سيوفهم وهووا بها عليه وهو مغطى دون التحقق من أنه هو أم لا وحتى لو عرفوه فسوف يقتلونه لما أداه من الاخلاص لألد أعدائهم ، ومن هذا الذي يقي رسول الله بنفسه ، ويعرض نفسه للإهانة والنكاية إلا من عم الايمان كل جذور قلبه وهو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) والذي قدم نفسه قربانا لابن عمه بل أخيه وأبي زوجته ، والذي نصبه أخا ووصيا وخليفة له من قبل وهكذا نام في محله وعند الصباح لاقى ما لاقى من الإهانة والضرب من قريش ، ولكنه لم يقتل ، ونزلت فيه الآية الكريمة ، بينما نرى رسول الله يصادف أبا بكر في الطريق فيستصحبه معه ( 2 ) .
وفيما يخص سابقة أبي بكر ما رواه ابن عبد ربه في العقد الفريد عن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حماد بن زيد قال : بعث إلي يحيى بن أكثم وإلى عدة من أصحابي هو يومئذ قاضي القضاة فقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غدا مع الفجر أربعين رجلا كلهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب ، فسموا من تظنونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين فسمينا له عدة ، وذكر هو عدة حتى تم العدد الذي أراد وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر وبعث إلى من لم يحضر فأمره بذلك فغدونا عليه قبل طلوع الفجر إلى أن قال : قال اسحق يا أمير المؤمنين ! ان فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في علي ، وقد دعا للمناظرة . فقال : يا إسحاق ! إختر ، إن شئت سألتك لسألتك ، وإن شئت أن تسأل فقل ، فقال اسحق : فاغتنمتها منه فقلت : بل أسألك يا أمير المؤمنين ، قال : سل ، قلت : من أين ؟ قال أمير المؤمنين : إن علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله ، وأحقهم بالخلافة بعده ؟ قال : يا اسحق خبرني عن الناس : بم يتفاضلون حتى يقال فلان أفضل من فلان ؟ قلت : بالأعمال الصالحة قال : صدقت ، قال : فأخبرني عمن فضل صاحبه على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم إن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول الله ، أيلحق به ؟ قال : فأطرقت فقال لي : يا اسحق ، لا تقل نعم ، فإن قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهادا وحجا وصياما وصلاة وصدقة . فقلت : أجل يا أمير المؤمنين ، لا يلحق المفضول على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الفاضل أبدا . إلى أن قال : قال ، يا اسحق ! فانظر ما رواه لك أصحابك ومن اخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك من فضائل علي بن أبي طالب ، فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر ، فان رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي ، فقل إنه أفضل منه ، لا والله ولكن فقس إلى فضائله ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر ، فإن وجدت لهما من الفضائل ما لعلي وحده فقل انهما أفضل منه . لا والله ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ، فإن وجدتها مثل فضائل علي فقل انهم أفضل منه ، لا والله ولكن قس فضائله بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة فان وجدتها تشاكل فضائله ، فقل إنهم أفضل منه .
ثم قال: يا إسحاق! أي الاعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت: الاخلاص بالشهادة. قال: أليس السبق إلى الاسلام؟ قلت: نعم. قال: إقرأ ذلك في كتاب الله تعالى يقول: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) انما عنى من سبق إلى الاسلام ، فهل علمت أحدا سبق عليا إلى الاسلام ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ! ان عليا أسلم وهو حدث السن لا يجوز عليه الحكم ، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم . قال : أخبرني أيهما أسلم قبل ، ثم أناظرك من بعده في الحداثة والكمال ؟ قلت : علي أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة . فقال : نعم ، أخبرني عن اسلام علي حين أسلم لا يخلو من أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعاه إلى الاسلام أو يكون الهاما من الله تعالى ؟ قال : فأطرقت . فقال لي : يا إسحاق ! لا تقل إلهاما
فتقدمه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لان رسول الله لم يعرف الاسلام حتى اتاه جبرئيل من الله تعالى ، قلت : أجل . بل دعاه رسول الله للإسلام ، قال : يا إسحاق ! فهل يخلو رسول الله حين دعاه إلى الاسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلف ذلك من نفسه ؟ قال : فأطرقت . فقال : يا اسحق ! لا تنسب رسول الله إلى التكلف ، فان الله تعالى يقول : ( وما أنا من المتكلفين ) قلت : أجل يا أمير المؤمنين بل دعاه بأمر الله تعالى ، قال : هل من صفة الجبار جل ثناؤه ان يكلف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم ؟ قلت : أعوذ بالله ! فقال : افتراه في قياس قولك يا إسحاق : " ان عليا ( عليه السلام ) أسلم صبيا لا يجوز عليه الحكم " قد كلف رسول الله من دعاء الصبيان ما لا يطيقون فهو يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شئ ولا يجوز عليهم حكم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ أترى هذا جائز عندك ان تنسبه إلى الله عز وجل ؟ قلت : أعوذ بالله . قال : يا إسحاق ! فأراك انما قصدت لفضيلة فضل بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا على هذا الخلق أبانه بها منهم ليعرف مكانه وفضله ولو كان الله تبارك وتعالى امره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا ؟ قلت : بلى . قال : فهل بلغك ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعا أحدا من الصبيان من أهله وقرابته - لئلا تقول ان عليا ابن عمه - ؟ قلت : لا أدري ، فعل أم لم يفعل . قال : يا اسحق ! أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسأل عنه؟ قلت: لا. قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك، قال: ثم أي الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الاسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل الله (وسيأتي ذكر الباقي في الموارد الأخر منها في موضوع الجهاد) . والإسلام وان جب ما قبله من الاعمال والرذائل وما لحقت بصاحبه من الموبقات بيد ان غرائز الشخص وطرز أعماله وهوايته وعاداته وما جبل عليه غريزيا واكتسبه بالتربية والمحيط ونشأ عليه لا تكاد تلازمه ، على الأخص إذا بلغ الأربعين وتمكنت منه كما قال الشاعر :
ان الغصون إذا قويتها اعتدلت *** ولا تلين إذا كانت من الخشب
فهناك بون شاسع بين طفل نشأ في أحضان الفضيلة والايمان الأصيل مثل علي ( عليه السلام ) ربيب رسول الله والذي انتخبه دون البرية من الأقرباء والمهاجرين والأنصار وصيا وخليفة وأخا وصهرا وأبا لولده ونزهه القرآن من الأرجاس ، وأبي بكر الذي قضى ثلاثة أرباع عمره في أحضان الشرك ، وسايرهم بالأخلاق والصفات والاعمال . راجع كشف الغمة ج 2 ص 154 للامام الشعراني عن عكرمة ، كان أبو بكر يقامر أبي بن خلف وغيره من المشركين وذلك قبل أن يحرم القمار .
وروى الإمام أبو بكر الجصاص الرازي الحنفي المتوفى في 370 في احكام القرآن ص 388 الأخلاق بين أهل العلم في تحريم القمار وإن المخاطرة من القمار .
قال ابن عباس : ان المخاطرة قمار ، وان أهل الجاهلية كان يخاطرون على المال والزوجة وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه ، وقد خاطر أبو بكر الصديق المشركين حين نزلت ( آلم غلبت الروم ) كما ذكر ذلك عن أبي بكر الإسكافي في الرد على رسالة العثمانية للجاحظ ص 34 وشرح ابن أبي الحديد ج 3 ص 234 من الاجتماع عند أبي بكر لشرب الخمر .
وأيد ذلك وأخرجه الفاكهي في كتاب أخبار مكة بإسناده عن أبي القموص قال : شرب أبو بكر الخمر [ في الجاهلية ] ( 3 ) وأنشد الأبيات :
تحيي أم بكر بالسلام *** وهل لي بعد قومك من سلام ؟
فبلغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقام يجر إزاره حتى دخل فتلقاه عمر وكان مع أبي بكر فلما نظر إلى وجهه محمرا قال : نعوذ بالله من غضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . والله لا يلج لنا رأسا أبدا فكان أول من حرمها على نفسه .
وفي زمن اسلامه رثى قتلى المشركين في بدر ، وقد مر ذلك مفصلا والمجلس الذي اجتمعوا به حتى في زمن اسلامه هو وعمر وأبو عبيدة حتى بلغوا أكثر من عشرة وكان ساقيهم انس بن مالك ، وقد غضب رسول الله لذلك حتى قال عمر وهو معهم وقد نظر لوجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) محمرا فقال : نعوذ بالله من غضب
رسول الله. ( 4 )
___________________
( 1 ) ترى تفصيله في الموسوعة هذه .
( 2 ) سأذكر ذلك في مناظرات المأمون مع أئمة السنة .
( 3 ) قال الأميني رحمه الله تعالى في كتابه " الغدير " 7 / 95 : هذه الكلمة دخيلة في الرواية ، وذيل الرواية يكذبها أيضا .
( 4 ) ذكر ذلك الترمذي في نوادر الأصول ص 66 وأضاف مما تنكره القلوب وذكره ابن حجر في الإصابة ، والطبراني ج 2 ص 203 في طبعة 211 عن ابن بشار مسلسلا إلى أبي الغموض ، كما اخرج ذلك البزار عن انس بن مالك أنه قال كنت ساقي القوم . أخرج ذلك ابن حجر في فتح الباري ج 1 ص 30 وعمدة القارئ للعيني ج 20 ص 84 كما جاء في تهذيب التهذيب ، وجاء في عمدة القارئ ج 10 ص 84 وفتح الباري ج 10 ص 30 ان المشاركين كانوا أحد عشر رجلا في نادي الخمر في عام الفتح وهي سنة ثمان للهجرة في دار أبي طلحة زيد بن سهل وكانت السقاية لأنس بن مالك في صحيح البخاري في تفسير آية الخمر ومثله صحيح مسلم في التفسير كما أخرجه السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 321 والإمام أحمد في
مسنده ج 3 ص 181 و 227 والطبري في تفسيره ج 7 ص 24 والبيهقي في السنن الكبرى ج 8 ص 286 و 290 ، وابن كثير في تفسيره ج 2 ص 93 و 94 وفي فتح الباري ذكر رجال الندوة بأسمائهم فيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وأخرجه ابن أبي الحديد في تفسيره ج 7 ص 24 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 52 والعيني في عمدة القارئ ج 8 ص 589 والسيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 321 والنووي في شرح مسلم هامش ارشاد القسطلاني ج 2 ص 232 والآلوسي ج 2 ص 125 وإذا رأينا التفاسير حول تحريم الخمرة نجدها نزلت أوائل الهجرة بينما كانت الندوة وما مر في العام الثامن للهجرة . راجع تفسير القرطبي 1 : 132 وتفسير ابن كثير ص 35 وتفسير الخازن ج 1 والقرطبي أيضا ج 3 ص 60 والرازي في تفسيره ج 2 ص 329 وأخرج : حرمت بعد أحد في 3 هجرية .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|