مناظرة الشيخ الصدوق مع ملحد عند ركن الدولة في غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) |
885
09:40 صباحاً
التاريخ: 11-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-11-2019
2787
التاريخ: 4-11-2019
550
التاريخ: 12-11-2019
753
التاريخ: 4-11-2019
633
|
[مناظرة الشيخ الصدوق (1) مع ملحد :]
لقد كلمني بعض الملحدين في مجلس الأمير السعيد ركن الدولة (رضي الله عنه) فقال لي: وجب على إمامكم أن يخرج فقد كاد أهل الروم يغلبون المسلمين.
فقلت له: إن أهل الكفر كانوا في أيام نبينا (صلى الله عليه وآله) أكثر عددا منهم اليوم، وقد أسر (صلى الله عليه وآله) أمره وكتمه أربعين سنة بأمر الله جل ذكره، وبعد ذلك أظهره لمن وثق به وكتمه ثلاث سنين عمن لم يثق به، ثم آل الأمر إلى أن تعاقدوا على هجرانه وهجران جميع بني هاشم والمحامين عليه لأجله، فخرجوا إلى الشعب وبقوا فيه ثلاث سنين فلو أن قائلا قال في تلك السنين: لم لا يخرج محمد (صلى الله عليه وآله) فإنه واجب عليه الخروج لغلبة المشركين على المسلمين؟ ما كان يكون جوابنا له إلا أنه (صلى الله عليه وآله) بأمر الله تعالى ذكره خرج إلى الشعب حين خرج وبإذنه غاب ومتى أمره بالظهور والخروج خرج وظهر. لأن النبي (صلى الله عليه وآله) بقي في الشعب هذه المدة حتى أوحى عز وجل إليه أنه قد بعث أرضة على الصحيفة المكتوبة بين قريش في هجران النبي (صلى الله عليه وآله) وجميع بني هاشم، المختومة بأربعين خاتما، المعدلة عند زمعة بن الأسود فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها اسم الله عز وجل، فقام أبو طالب فدخل مكة، فلما رأته قريش قدروا أنه قد جاء ليسلم إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يقتلوه أو يرجعوه عن نبوته، فاستقبلوه وعظموه فلما جلس قال لهم: يا معشر قريش إن ابن أخي محمد لم أجرب عليه كذبا قط، وإنه قد أخبرني أن ربه أوحى إليه أنه قد بعث على الصحيفة المكتوبة بينكم الأرضة، فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها من أسماء الله عز وجل، فأخرجوا الصحيفة وفكوها فوجدوها كما قال، فآمن بعض وبقي بعض على كفره، ورجع النبي (صلى الله عليه وآله) وبنو هاشم إلى مكة (2)، هكذا الإمام (عليه السلام) إذا أذن الله له في الخروج خرج.
وشيء آخر وهو أن الله تعالى ذكره أقدر على أعدائه الكفار من الإمام، فلو أن قائلا قال: لم يمهل الله أعداءه ولا يبيدهم وهم يكفرون به ويشركون؟ لكان جوابنا له أن الله تعالى ذكره لا يخاف الفوت فيعاجلهم بالعقوبة، و { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].
ولا يقال له: لم ولا وكيف، وهكذا إظهار الإمام إلى الله الذي غيبه فمتى أراده أذن فيه فظهر.
فقال الملحد: لست أؤمن بإمام لا أراه، ولا تلزمني حجته ما لم أره.
فقلت له: يجب أن تقول: إنه لا تلزمك حجة الله تعالى ذكره لأنك لا تراه، ولا تلزمك حجة الرسول (صلى الله عليه وآله) لأنك لم تره. فقال للأمير السعيد ركن الدولة (رضي الله عنه): أيها الأمير راع ما يقول هذا الشيخ فإنه يقول: إن الإمام إنما غاب ولا يرى لأن الله عز وجل لا يرى.
فقال له الأمير (رحمه الله): لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقولت عليه، وهذا انقطاع منك وإقرار بالعجز.
وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا (عليه السلام) ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلا بالهذيان والوساوس والخرافات المموهة (3).
_______________
(1) هو: الشيخ الأجل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشتهر بالصدوق - رضي الله تعالى عنه وأعلى مقامه - شيخ من مشائخ الشيعة، وركن من أركان الشريعة، رئيس المحدثين، ولد في قم حدود سنة 306 ه بدعاء الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن - عجل الله تعالى فرجه الشريف -، ونال بذلك عظيم الفضل والفخر، ووصفه الإمام (عليه السلام) في التوقيع الخارج من ناحيته المقدسة بأنه: فقيه خير مبارك ينفع الله به، فعمت بركته ببركة الإمام (عليه السلام) وانتفع به الخاص والعام، وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام، وعم الانتفاع بفقهه وحديثه الفقهاء الأعلام، وكان جليلا حافظا للأحاديث بصيرا بالرجال ناقلا للأخبار لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو ثلاثمائة مصنف في شتى فنون العلم وأنواعه، وأشهرها: كتاب من لا يحضره الفقيه، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، علل الشرائع، إكمال الدين وإتمام النعمة، أمالي الصدوق، معاني الأخبار، توفي - عليه الرحمة - في بلدة الري سنة 381 ه، وقبره بالقرب من قبر السيد عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه).
راجع ترجمته في: تنقيح المقال للعلامة المامقاني: ج 3 ص 154 ترجمة رقم: 11104، الفهرست للشيخ الطوسي: ص 156 ترجمة رقم: 695، روضات الجنات: ج 6 ص 132 ترجمة رقم: 574، وفي أكثر كتبه في المقدمة وفي العديد من الكتب الرجالية.
(2) راجع قصة الصحيفة في: البداية والنهاية لابن كثير: ج 2 ص 95 - 97، دلائل النبوة لأبي نعيم: ج 1 ص 272 - 275 ح 272، الكامل في التأريخ لابن الأثير: ج 2 ص 87 - 90، بحار الأنوار: ج 19 ص 1 - 4 ح 1.
(3) كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 1 ص 87 - 88.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|