المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06

Decimal Expansion
23-11-2019
ما هو مقدار الحرية الذي بإمكانك ان تمنحه لطفلك؟
15-1-2021
مصادر أخبار الصحيفة
6-12-2019
Serpins
23-1-2020
معنى كلمة عبا
22-8-2021
مفاهيم حول التنمية المستدامة
2023-03-09


مهاجاة جرير والفرزدق  
  
11586   05:38 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص252-255
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /

اشتهر جرير على الخصوص بمهاجاته الفرزدق وغيره من معاصريه، وكان الناس يخافون لسانه. والسبب في اشتهاره بالهجاء ان رجلا اسمه غسان بن ذهيل من عشيرة سليط هجاه بأبيات منها:

لعمري لئن كانت بجيلة زانها     جرير لقد أخزى كليبا جريرها

يريد ان جريرا أخزى كليبا وهو البطن الذي هو منه .. فأجابه جرير بقصيدة وقعت على راس الرجل وقوع السهام، منها قوله:

الا ليت شعري عن سليط الم تجد      سليط سوى غسان جارا يجيرها

فقد ضمنوا الاحساب صاحب سوأة      يناجي بها نفسا خبيثا ضميرها

فاستنصر غسان رجلا اسمه البعيث، فنصره وهجا جريرا وقال فيه:

كليب لئام الناس قد تعلمونه     وانت إذا عدَّت كليب لئيمها

فأجابه جرير على الوزن والقافية. وبلغ ذلك الفرزدق وكان يحسد جرير فانتصر للبعيث، فاحتدم الهجاء بينهما... وانقسم الادباء في الانتصار لها الى حزبين كما تقدم. وبلغ من أحد المشغوفين بالفرزدق انه عقد جائزة قيمتها 4000 درهم وفرس لمن يفضل الفرزدق على جرير (1) وقد جمعت منا قضاتهما في كتاب يعرف بنقائض جرير والفرزدق طبع في ليدن في جزأين سنة 1905.

وانتشبت المهاجاة بين جرير والاخطل لسبب ذكرناه في ترجمة الاخطل. وهاجاه ايضا عمر بن لجأ التميمي وسراقة بن مرداس ثم المستنير بن سبرة العنبري لأنه اعان عليه ابن لجأ. ثم هاجى راعي الإبل وهو من الفحول، لأنه فضل الفرزدق عليه وله في هجائه حديث طويل، والراعي من بني نمير فهجا جريرا بأبيات منها:

رأيت الجحش جحش بني كليب       تيمم حوض دجلة ثم هابا

فذهب جرير اليه ليستكفه او يعاتبه فلقيه في المربد – نادي الادباء والشعراء بالبصرة – على بغلة، وبجانبه ابنه جندل على مهر. فاقترب منه جرير وحياه وقال: (يا ابا جندل ان قولك يستمع وإنك تفضل الفرزدق علي تفضيلا قبيحا، وانا امدح قومك وهو يهجوهم، وهو ابن عمي. ويكفيك من ذاك إذا ذكرنا ان تقول كلاهما شاعر كريم ولا تحمل مني ولا منه لائمة). فلم يجبه الراعي، ولكنه لحق ابنه ورفع الابن عصاه فضرب عجز بغلته وخاطب اباه قائلا: (لا اراك واقفا على هذا الكلب من بني كليب كأنك تخشى منه شرا او ترجو خيرا).

فرفست البغلة جريرا، فوقعت قلنسوته عن راسه. فانصرف مغضبا أكثر حتى إذا صلى العشاء بمنزله في علية (غرفة) له قال: (ارفعوا الي باطية من نبيذ واسرجوا لي) فاسرجوا له واتوه بباطية من نبيذ وجعل يشرب ويستحث قريحته وينظم حتى كان السحر، وقد نظم 80 بيتا ختمها بقوله:

فغض الطرف إنك من نمير      فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ثم جاء المربد وانشد هذه القصيدة في مجلس الادباء وفيهم الفرزدق والراعي، فكان لها وقع شديد ولا سيما البيت الاخير.

وقد لا يفقه القارئ قوة الهجاء اذا لم يعلم ان كعبا وكلابا ونميرا ثلاثة ابطن من عامر بن صعصعة من قيس .. فجرير فضل كعبا وكلابا على نمير مع انهمنا اخواه. ولم يسمع ذلك البيت أحد من العرب يومئذ الا قال: (لا يفلح النميري بعد ذلك ابداً) ومن هذه القصيدة أبيات من ابلغ ما يكون، كقوله:

إذا غضبت عليك بنو تميم       حسبت الناس كلهم غضابا

وهو أحسن بيت في الفخر، وبسببه بدأت المهاجاة بين جرير والعباس بن يزيد الكندي، وقد ساءه تفاخر جرير بتميم فعارضه بقوله:

الا رغمت انوف بني تميم     فساة التمر ان كانوا غضايا

لقد غضبت عليك بنو تميم         فما نكات بغضبتها ذبابا

لو اطلع الغراب على تميم         وما فيها من السوءات شابا

فاغتنم جرير سقطة من العباس وهجاه بأبيات على نفس الوزن والقافية أولها:

إذا جهل الشقي ولم يقدر      لبعض الامر أوشك ان يصابا

وممن هاجاهم جرير ايضا جفنة الهزاني، والمرار بن منقذ، وحكيم بن معية، والاشهب بن رميلة، وغيرهم. وربما تهاجى الرجلان قبل ان يتعارفا كما يتناقش الصحافيان او الكاتبان اليوم وبينهما الوف من الأميال.

وتجد اخبار هذه المهاجاة في الاغاني ج7، وفي كتاب نقائض جرير والفرزدق، وفي الشعر والشعراء.

وأحسن اقوال جرير في النسيب قوله:

ان العيون التي في طرفها حور     قتلننا ثم لا يحيين قتلانا

ومن أحسن شعره قوله يرثي ابنه:

قالوا نصيبك من اجر فقلت لهم        كيف العزاء وقد فارقت اشبالي

فارقتني حيث كف الدهر من بصري       وحين صرت كعظم الرمة البالي

ومن قوله يرثي امرأته:

لولا الحياة لعادني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار

ولهت قلبي اذ علتني كبرة    وذوو التمائم من بنيك صغار

لا يلبث الاحباب ان يتفرقوا     ليل يكر عليهم ونهار

صلى الملائكة الذين تخيروا      والطيبون عليك والابرار

وهو من أصحاب الملحمات ومطع ملحمته:

حي الغداة برامة الاطلالا       رسما تقادم عهده فأحالا

وقد ذكرنا امثله من هجائه، ومنها أيضاً قوله في هجاء تميم:

من الاصلاب ينزل لؤم تيم      وفي الارحام يخلق والمشيم

وكان جرير على الاجمال من الشعراء طلاب العطاء من الخلفاء والامراء، وكان يقيم هو والفرزدق بجوار البصرة. ونظرا لاشتغال الناس بهما أهمل ذكر من عاصرهما من الشعراء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاغاني ج7.

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.