أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
3469
التاريخ: 7-4-2016
4828
التاريخ: 10-6-2022
4890
التاريخ: 7-03-2015
3163
|
إنّ من أكثر جوانب حياة الإمام الحسن أهمية وحساسية وإثارة للبحث والجدل والذي أثار إشكاليات الأصدقاء السطحيين والأعداء المغرضين ومن لا خبرة لهم، هو ذلك الجانب المتعلّق بعملية صلحه مع معاوية واعتزاله الخلافة والحكم الإسلامي اضطراراً.
وقد تساءل البعض وبعد أن درسوا حياة الإمام الحسن وأحداث تلك الفترة عن دافعه في صلحه مع معاوية؟ أو لم يبايعه أتباع أبيه علي وشيعته؟! أو لم يكن من الأفضل أن يقوم الإمام الحسن بما قام به الإمام الحسين بعد ذلك ويقف في وجه معاوية وحينها إمّا كان ينتصر أو تزلزل شهادته أركان حكمه؟!.
وقبل أن نجيب على هذه الأسئلة يلزم في البداية أن نلفت الانتباه إلى النقاط الثلاث التالية:
1. جهاد الإمام الحسن (عليه السلام) قبل الإمامة
كان الإمام الحسن (عليه السلام) ـ كما يشهد التاريخ ـ شخصاً شجاعاً مقداماً وشهماً، لا يعرف الخوف طريقه إليه، ولم يبخل يوماً في تقديم أي تضحية في سبيل تقدّم الإسلام وإعلاء كلمته، وكان دائم الاستعداد للجهاد في سبيل اللّه.
في حرب الجمل
كان الإمام الحسن يقاتل مع أبيه أمير المؤمنين جنباً إلى جنب وفي الخط الأمامي من ساحة القتال في حرب الجمل، وكان يتسابق مع أصحاب علي (عليه السلام) الشجعان البسلاء في ذلك، ويشن على قلب جيش الأعداء هجمات خطيرة وعنيفة.
وقبل بدء الحرب دخل الكوفة وبأمر من أبيه برفقة عمار بن ياسر وعدّة من أصحاب أمير المؤمنين ودعا أهلها للمشاركة في القتال.
في حرب صفين
.مناظرات الإمام الحسن الدامغة مع بني أُميّة
لم يتساهل الإمام الحسن (عليه السلام) يوماً في بيان الحقّ وإظهاره والدفاع عن الإسلام، فقد كان ينتقد الأعمال الغير إسلامية التي كان يقوم بها معاوية، ويكشف الغطاء عن ماضيه المشين المخزي علناً وبلا مهابة.
وبعد استشهاد أمير المؤمنين وصلح الحسن عبّأت الخوارج قواتها جميعاً لقتال معاوية، وقد سمع هذا الأخير انّ حوثرة الأسدي ـ وهو من قادة الخوارج ـ قد تمرّد عليه وجنّد له جيشاً.
وأرسل معاوية ـ لتثبيت موقعه وتعزيزه ومحاولة منه للتظاهر بأنّ الإمام مطيع لأوامره ـ إلى الحسن و هو في طريقه إلى المدينة رسالة يدعوه فيها إلى القضاء على تمرّد حوثرة، ثمّ يواصل مسيره، فأجاب الإمام : «واللّه لقد كففت عنك، لحقن دماء المسلمين، انّي تركتك لصلاح الأُمّة وما أحب ذاك يسعني، أفأُقاتل عنك قوماً أنت واللّه أولى بالقتال منهم».
تظهر في هذه الكلمات روح البسالة والشجاعة لا سيما تلك العبارة التي يحتقر فيها معاوية بكلّ عظمة حيث قال: فإنّي تركتك لصلاح الأُمّة .
قانون الصلح في الإسلام وممّا ينبغي معرفته هو انّه لا يوجد هناك قانون واحد باسم الحرب والجهاد، فكما يأمر الإسلام المسلمين بالجهاد والقتال في ظروف معينة، كذلك يأمرهم بالصلح كلما لم تنفع الحرب في الوصول إلى الهدف.
وقد شاهدنا كلتا الحالتين في سيرة نبي الإسلام (صلَّى الله عليه وآله)، فقد خاض المعركة في بدر وأُحد والأحزاب وحنين، بينما
والآن ولأجل أن تتضح دوافع صلحه (عليه السلام) ونتائجه جيداً يجب علينا أن نتصفح التاريخ وندرس هذا الموضوع في ضوء الوثائق التاريخية الأصيلة.
وينبغي القول عموماً انّ الإمام الحسن (عليه السلام) لم يصالح في الواقع بل فُرض الصلح عليه، أي تعاونت الظروف المتردية مع العوامل الأُخرى بحيث أوجدت وضعاً جعل الصلح أمراً ضرورياً مفروضاً على الإمام و لم ير حلاً غير ذلك، بحيث لو كان أي شخص يعيش ظروفه لما كان يختار غير الصلح والهدنة، ذلك انّ الأوضاع والظروف خارج العالم الإسلامي والوضع الداخلي في العراق ومعسكره هو (عليه السلام) ، كلّ ذلك كان يدعو إلى عدم استمرارية الحرب، وسوف ندرس جميع ذلك بالصورة التالية.
من ناحية السياسة الخارجية
فمن ناحية السياسة الخارجية لتلك الفترة لم تكن الحرب الأهلية الداخلية في صالح العالم الإسلامي، لأنّ الروم الشرقية التي كانت قد تلقّت ضربات قوية من الإسلام كانت تتحيّن الفرصة المناسبة دائماً لضرب الإسلام ضربة انتقامية كبيرة كي تأمن سطوته وسلطته، وعندما وصل نبأ اصطفاف جيشي الإمام الحسن ومعاوية أمام بعضهما إلى قادة الروم، راحوا يعتقدون انّهم حصلوا على أفضل فرصة ممكنة لتحقيق أهدافهم، ولذلك انطلقوا بجيش جرّار للهجوم على العالم الإسلامي لينتقموا من المسلمين، فهل يبقى هناك خيار أمام شخصية مثل الإمام الحسن حملت أعباء رسالة الحفاظ على الإسلام غير الصلح والهدنة الذي وقى العالم الإسلامي من هذا الخطر الكبير وفي هذه الظروف الحرجة، وحتى لو كان ذلك على حساب الضغوط النفسية ولوم الاصدقاء السذج السطحيين؟!
وكتب اليعقوبي المؤرّخ المعروف: ورجع معاوية إلى الشام سنة 41 وبلغه انّ طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عمّا يحتاج إلى تدبيره وأحكامه، فوجه فصالحه على مائة ألف دينار.
تدلّ هذه الوثيقة التاريخية على أنّه عندما كان النزاع مشتداً بين الطرفين في المجتمع الإسلامي كان عدو المسلمين المشترك على استعداد للهجوم عليه حيث كان العالم الإسلامي عرضة لخطر حقيقي، ولو كانت الحرب تندلع بين الإمام ومعاوية، لكانت امبراطورية الروم الشرقية هي المنتصر الوحيد وليس هما، غير انّ هذا الخطر قد اندفع بحكمة الإمام وتدبيره وسعة أُفق نظرته وتسامحه، وقد قال الإمام الباقر (عليه السلام) لشخص اعترض على صلح الإمام الحسن (عليه السلام) : «اسكت، فإنّه أعلم بما صنع لولا ما صنع لكان أمر عظيم».
من ناحية السياسة الداخلية
ما من شكّ في أنّه يجب على كلّ قائد يريد الانتصار على عدوه في ساحة القتال أن يتمتع بجبهة داخلية قوية مستقرة ومتحدة، لأنّ خوض الحرب بدونها سوف لن يجلب سوى الهزيمة الفادحة، وعند دراسة دوافع صلح الإمام الحسن من ناحية السياسة الداخلية والوضع الداخلي يلفت انتباهنا أمر مهم جداً، وهو فقدان تلك الجبهة الداخلية القوية المتحدة حيث لم يكن يتمتع أهل العراق لا سيما الكوفيون منهم بالاستعداد النفسي للقتال ولا بالانسجام والاتحاد في زمن الإمام.
الملل من الحرب
لقد كانت حروب الجمل وصفين والنهروان والحروب الخاطفة التي نشبت بين قوات معاوية وبين مراكز الحدود في العراق والحجاز و اليمن بعد التحكيم قد ولّدت عند أصحاب الإمام علي حنيناً إلى السلم والموادعة، فقد مرت عليهم خمس سنين وهم لا يضعون سلاحهم من حرب إلاّ ليشهروه في حرب أُخرى، وكانوا لا يقاتلون جماعات غريبة عنهم وإنّما يحاربون عشائرهم وإخوانهم بالأمس ومن عرفهم وعرفوه الذين أصبحوا الآن في معسكر معاوية.
وقد عبّر الناس عن رغبتهم في الدعة وكراهيتهم للقتال بتثاقلهم عن حرب الفرق الشامية التي كانت تغير على الحجاز واليمن وحدود العراق، وتثاقلهم عن الاستجابة للإمام عليّ حين دعاهم للخروج ثانية إلى صفين.
فلما استشهد الإمام علي (عليه السلام) وبويع الحسن (عليه السلام) بالخلافة برزت هذه الظاهرة على أشدها وبخاصة حين دعاهم الحسن للتجهّز لحرب الشام حيث كانت الاستجابة بطيئة جداً. وعندما وصل خبر تحرك جيش معاوية باتجاه الكوفة، أمر الإمام الحسن أن يجتمع الناس في مسجدها، ثمّ خطب خطبة، وبعد أن أشار إلى تعبئة قوات معاوية، دعاهم إلى الجهاد في سبيل اللّه، والصمود والثبات في قتال أتباع الضلالة والفئة الباغية، وذكّرهم بضرورة الصبر والتضحية واحتمال الصعوبات، وبالنظر إلى أنّه كان على علم بمستوى الناس النفسي، قلق (عليه السلام) من عدم استجابتهم لدعوته، وهذا ما حدث بالفعل، فبعد ان أنهى خطبته المثيرة الجهادية، لزم الجميع الصمت ولم يستجب له أحد منهم ولا أيّدوه بكلمة، وقد كان هذا الموقف مؤسفاً ومحزناً إلى درجة انّ أحد أصحاب أمير المؤمنين البسلاء الذي كان حاضراً أنّبهم ووبّخهم ولامهم على هذا التثاقل والتخاذل ووصفهم بأنّهم أبطال مزيّفون جبناء، ودعاهم إلى قتال الشاميين والوقوف مع الإمام جنباً إلى جنب.
ويدلّ هذا الأمر على مدى الخذلان والتثاقل الذي وصل إليه أهالي العراق آنذاك حيث خمدت في نفوسهم نار الحماس والجهاد ولم يكونوا على استعداد لخوض القتال.
وأخيراً وبعد خطب بعض أصحاب الحسن (عليه السلام) الكبار ومحاولاتهم لتعبئة القوات وحث الناس على القتال، انطلق الحسن مع نفر قليل من الكوفيين متجهاً نحو مكان يدعى «النُّخيلة» وعسكر هناك، وبعد انتظار لتعزيز القوات طال عشرة أيام اجتمع في معسكره أربعة آلاف مقاتل.
ولأجل ذلك اضطر الإمام إلى العودة للكوفة للمحاولة مرة أُخرى لتعبئة قوات أكثر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|