المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



سب معاوية لأمير المؤمنين  
  
4792   04:08 مساءاً   التاريخ: 7-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص335-342
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / صلح الامام الحسن (عليه السّلام) /

إذا مات الإنسان وجب أن تموت معه الحزازات وتنطوي معه الأحقاد وسائر المؤثرات وقد جرت سيرة الناس على ذلك منذ فجر التأريخ ولكن ابن هند قد جافى ذلك فقد أخذ بعد إبرام الصلح يعلن سب أمير المؤمنين (عليه السلام) ويبالغ فى انتقاصه لم يمنعه عنه أنه قد اشترط عليه تركه فى اتفاقية الصلح ولم يمنعه عنه انتقال الإمام إلى جوار الله وقد قيل :

 

واحترام الأموات حتم وإن             كانوا بعادا فكيف بالقرباء

 

لقد اندفع معاوية بجميع طاقاته وقواه إلى النيل من الإمام وإلى الحط من شأنه وقد سخّر جميع أجهزة دولته فى ذلك حتى جعل سب العترة الطاهرة سنة من سنن المسلمين يحتجون على تركها ويتنادون عليها ويأثمون على عدم أدائها ؛ ومما لا شبهة فيه أن سب أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما هو سب للنبي (صلى الله عليه واله) وانتقاص له فقد أثر عنه (صلى الله عليه واله) أنه قال :  من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله  , وأثر عنه أنه قال : من آذى عليا فقد

آذاني , وقال (صلى الله عليه واله) :  اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله .

وتواترت الأخبار عنه (صلى الله عليه واله) في أن الإمام أخوه ووصيه وخليله وباب مدينة علمه ولو لا جهاده ودفاعه عن دين الله لما قام الإسلام وما عبد الله عابد ولا وحّده موحد وقديما قيل :

أعلى المنابر تعلنون بسبه          وبسيفه نصبت لكم أعوادها

أما بواعث سبه فان معاوية علم أنه لا يستقيم له الأمر إلا بانتقاص الإمام والنيل منه وقد صرح بذلك مروان بن الحكم فقال : لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك أي بسب علي .

وعلى أي حال فان معاوية حينما رجع إلى دمشق بعد الصلح أمر بجمع الناس فقام فيهم خطيبا فقال : أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لي : إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة فان فيها الأبدال وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب .

فأخذ الناس في لعنه وانتقاصه ثم اتخذ سبه سنة جارية في خطب الجمعة والأعياد فكان يخطب على الناس ويقول في آخر خطبته : اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما  فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر ثم كتب إلى جميع عماله وولاته بلعن أخي رسول الله وسيد هذه الأمة ؛ فانبرت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنونه ويبرؤون منه ؛ وأما موقف الإمام الحسن من سب معاوية فقد جاءه رسول معاوية فلما رأى الرسول هيبة الإمام وعظمته قال له :  أسأل الله أن يحفظك ويهلك هؤلاء القوم ؛ فنهره الإمام وقال له :  رفقا لا تخن من ائتمنك وحسبك أن تحبني لحب رسول الله (صلى الله عليه واله) ولأبي وأمي ومن الخيانة أن يثق بك قوم وأنت عدو لهم وتدعو عليهم  الملاحم والفتن .

وسار عماله على ذلك ومن أبى منهم عزله فقد عزل سعيد بن العاص عن إمارة يثرب لأنه امتنع من سب الإمام وجعل في مكانه مروان بن الحكم وقد بالغ هذا الوغد الخبيث في لعن الإمام وانتقاصه حتى امتنع الإمام الحسن (عليه السلام) من الحضور فى الجامع وكان المغيرة بن شعبة يبالغ فى كثرة السب حتى لم يحص أحد كثرة سبه له وكان زياد يحرض الناس على ذلك ومن أبى عرضه على السيف ؛ لقد بالغ الولاة في لعن الإمام حتى جعلوا سبه من أجزاء صلاة الجمعة وبلغ الحال أن بعضهم نسي اللعن في خطبة الجمعة فذكره وهو في السفر فقضاه وبنوا مسجدا سموه  مسجد الذكر وخطب هشام بن عبد الملك بعرفة فلم يتناول الإمام بسوء فانكر عليه عبد الملك بن الوليد قائلا : يا أمير المؤمنين هذا يوم كانت الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب ؛ فقال له هشام :  ليس لهذا جئنا ولما ولي عبد الملك بن مروان جعل في طليعة مهامه سب أمير المؤمنين وتعميم لعنه على جميع الحضر الإسلامية وقد رمى بالفجور فى مجلسه وكان خالد بن عبد الله القسري وهو أحد ولاة الأمويين على مكة والعراق يجاهر في لعن

أمير المؤمنين والحسن والحسين فكان ينزو على المنبر ويقول : اللهم العن علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم صهر رسول الله (صلى الله عليه واله) على ابنته وأبا الحسن والحسين ؛ ثم يلتفت إلى الناس ويقول لهم : هل كنيت؟  .

وذكر الحافظ السيوطي أنه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين الف منبر يلعن عليها ابن أبي طالب (عليه السلام) وذلك بما سنه لهم معاوية وفي ذلك يقول العلامة أحمد حفظي مصطفى الشافعي في أرجوزته :

وقد حكى الشيخ السيوطي أنه          قد كان فيما جعلوه سنة

سبعون الف منبر وعشرة             من فوقهن يلعنون حيدرة

وهذه في جنبها العظائم                   تصغر بل توجه اللوائم

ولما رأى سواد الناس والطبقة الواطئة في الشعب أن أحب شيء للسلطة الأموية وأقوى سبب للاتّصال بها سب أمير المؤمنين (عليه السلام) وانتقاصه أخذوا يتقربون إليها بذلك فقد أقبل بعض الأوغاد إلى الحجاج وهو رافع عقيرته قائلا : أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج .

فأنس الحجاج بذلك وتضاحك وقال له : للطف ما توصلت به فقد وليتك موضع كذ  ؛ لقد انتشر سب أمير المؤمنين ولعنه في جميع الأقطار الإسلامية سوى سجستان فانه لم يلعن على منابرها إلا مرة واحدة ولما أصر الأمويون على ذلك امتنعوا عليهم حتى أضطر الأمويون أخيرا إلى موافقتهم وبذلك فقد حاز أهل سجستان الشرف والمجد وسجلت لهم هذه المأثرة بمداد من الشرف والنور.

وظل الأمويون مصرين على سب بطل الإسلام وحامى حوزته وقد بذلوا قصارى جهودهم فى نشر ذلك إلى أن جاء دور عمر بن عبد العزيز فمنع السب وكتب بالمنع إلى جميع عماله وولاته وأمر أن يجعل بدل اللعن فى خطبة الجمعة والأعياد قوله تعالى : {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]  , وقيل بل جعل مكان ذلك قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] , وقيل بل جعلهما معا وقد سجل بذلك مكرمة لا تنسى مدى الأجيال والأحقاب وقد مدحه شاعر العبقرية والنبوغ السيد الشريف الرضي ; على ذلك وشكر له هذه اليد البيضاء التي أسداها على عموم المسلمين فقال :

يا ابن عبد العزيز لو بكت الع            ين فتى من أمية لبكيتك

غير أني أقول إنك قد طب               ت وإن لم يطب ولم يزك بيتك

أنت نزهتنا عن السب والقذ                 ف فلو أمكن الجزاء جزيتك

ولو اني رأيت قبرك لاستحيي        ت من أن أرى وما حييتك

لقد قدم له السيد الشريف آيات الشكر والثناء بهذه الأبيات الرائعة وشكره على محوه لهذه البدعة التي أثبتت جاهلية معاوية ومروقه من الدين .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.