المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التقوى خير زاد
15-12-2017
امل الانسان بالعفو وإجابة الدعاء
15-8-2020
ISOMERIZATION OF n-BUTANE (Isobutane Production)
21-8-2017
بحث في مؤيدات وثاقة إبراهيم بن هاشم
20-6-2019
؟How has carbon dioxide level changed
15-2-2019
ري الفلفل
18-9-2020


الخيانة في جيش الامام الحسن ( عليه السّلام )  
  
4888   03:38 مساءً   التاريخ: 10-6-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 4، ص133-141
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / صلح الامام الحسن (عليه السّلام) /

خيانة قائد الجيش :

وصل عبيد اللّه بن العباس إلى « مسكن »[1] فعسكر فيها ، وقابل العدوّ وجها لوجه ، وعندها بدأت تظهر بوادر الفتنة بوضوح ، وانطلقت دسائس معاوية تشقّ طريقها إلى المعسكر حيث تجد المجال الخصب بوجود المنافقين ومن يؤثرون العافية ، وكانت الشائعة الكاذبة « أنّ الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلم تقتلون أنفسكم ؟ »[2].

وارتبك الموقف أمام قائد الجيش وسرت همهمة في الجيش عن صدق الشائعة أو كذبها ، فبين مصدّق لها وبين مكذّب ، وبين من يحاول إثباتها على أيّ حال ، ولم يحاول القائد عبيد اللّه أن يتأكّد من كذب هذه الشائعة وبعدها عن الواقع ، لأنّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) كان مشغولا في تلك الأثناء ببعث الرسل إلى الأطراف وتهيئة الكتائب اللاحقة بالطلائع ومكاتبة معاوية بالحرب وبعث الحماس بخطبه اللاهبة المحرضة على القتال ، ولم يكتب في صلح ولم يكن من رأيه آنذاك أبدا .

فسرت الحيرة في نفس قائد الجيش ممّا دفعه للانطواء ، فأخذ يفكّر في مصيره ، وكان قد بلغه تخاذل الكوفيين عن التحرّك نحو المعركة وتباطؤهم عن تلبية نداء الجهاد ، فبدت في نفسه بعض التصورات من أنّه في موقف لا يغبط عليه ، وأنّ هذه الطلائع من جيش الكوفة والتي تقف في مواجهة جيش الشام المكتظ لا يمكن أن تقاوم تلك الجموع الحاشدة أو تلتحم معها في معركة مع فقدان توازن القوى بينها .

وبينا هو يعيش هذه الحيرة وتلك الأوهام وصلته رسائل معاوية وهي تحمل في طيّاتها عوامل الإغراء التي تمسّ الوتر الحسّاس في نفس ابن عباس من حبّه للتعاظم وتطلّعه للسبق ، وكان معاوية قد خبر نقاط الضعف التي يحملها عبيد اللّه هذا .

وكانت رسالة معاوية تحمل : « أنّ الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلّم الأمر إليّ ، فإن دخلت في طاعتي كنت متبوعا ، وإلّا دخلت وأنت تابع » وجعل له فيها ألف ألف درهم[3].

وكان أسلوب معاوية في حربه مع أعدائه هو استغلال نقاط الضعف في خصومه ، واستغلال كلّ ما من شأنه أن يوهن العزيمة ويشلّ القوى فيهم .

وهكذا انكفأ عبيد اللّه بن عباس على نفسه واستجاب لداعي الخيانة ، ملتمسا لعدوّه الذي وتره بابنيه ، مخلّفا وراءه لعنة التاريخ ، وقد شاء لنفسه أن ينحدر إلى هذا المستوى الساقط فيدخل حمى معاوية ليلا دخول المهزوم المخذول ، الذي يأباه كلّ حرّ ينبض عنده الضمير .

وينبلج الصبح عن افتقاد المعسكر قائده ، فترقص قلوب المنافقين والمسالمين ، وتدمى عيون المخلصين ، هذا والحسن ( عليه السّلام ) لا يزال في موقفه الصلب بضرورة مقاتلة معاوية .

ويكاد الأمر ينتقض على الإمام ( عليه السّلام ) في مسكن ، ولكنّ القائد الشرعي - وهو الرجل المؤمن الصامد قيس بن سعد بن عبادة الذي جعله الإمام ( عليه السّلام ) خلفا لعبيد اللّه بن العباس إذا غاب عن القيادة - حاول جادا في أن يحافظ على البقية الباقية من معنويات الجيش المنهارة بانهزام القائد وإقرار التماسك بين فرقه وأفراده ، فقام فيهم خطيبا وقال :

« أيّها الناس ! لا يهولنّكم ولا يعظمنّ عليكم ما صنع هذا الرجل المولّه ، إنّ هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قطّ ، إنّ أباه عمّ رسول اللّه خرج يقاتله ببدر ، فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري ، فأتى به رسول اللّه فأخذ فداءه فقسّمه بين المسلمين ، وإنّ أخاه ولّاه على البصرة فسرق ماله ومال المسلمين ، فاشترى به الجواري وزعم أنّ ذلك له حلال ، وإنّ هذا ولّاه على اليمن فهرب من بسر بن أرطاة ، وترك ولده حتى قتلوا ، وصنع الآن هذا الذي صنع »[4].

وهكذا اندفع قيس الصامد في موقفه ، المؤمن بهدفه ، يودّع سلفه بهذه الكلمات الساخرة اللاذعة التي تكشف عن الماضي الهزيل له ، وعن نفسيته الساقطة التي دفعته للتردّي في هذا المنحدر السحيق .

وقد فعل قيس في نفوس سامعيه ما أراد ، فانطلقت الحناجر بحماس وتوثّب تنادي : « الحمد للّه الذي أخرجه من بيننا »[5] فصنع قيس حالة من الشدّ والعزيمة في ذلك الموقف الذي كان للانهيار المؤلم الوشيك عرضة ، وعاد النظام يسيطر على عناصر الجيش ، واطمأنّ الناس لقائدهم الجديد .

 توالي الخيانات في جيش الإمام ( عليه السّلام ) :

وصلت أنباء استسلام عبيد اللّه لعدوّه إلى المدائن ، وشاع جوّ من المحنة في النفوس ، وشعر الإمام ( عليه السّلام ) بالطعنة في الصميم تأتيه من أقرب الناس اليه وأخصّهم به ، وتسرّبت اليه أنباء عن مكاتبة بعض رؤساء الأجناد والقوّاد لمعاوية وطلبهم الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، ومكاتبة معاوية لبعضهم بالأمان والمواعيد[6]. وممّا يذكر : « أنّ معاوية دسّ إلى عمرو بن حريث والأشعث بن قيس وحجار بن أبجر وشبث بن ربعي دسيسا أفرد كلّ واحد منهم بعين من عيونه : أنّك إذا قتلت الحسن فلك مائة ألف درهم ، وجند من أجناد الشام ، وبنت من بناتي » .

فبلغ الحسن ( عليه السّلام ) ذلك فاستلأم ولبس درعا وسترها ، وكان يحترز ولا يتقدّم للصلاة إلّا كذلك ، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة[7].

وهكذا توالت الخيانات في جيش الإمام ، ومن ذلك : « أنّ الحسن بعث إلى معاوية قائدا من كندة في أربعة آلاف ، فلمّا نزل الأنبار بعث اليه معاوية بخمسمائة ألف درهم ، ووعده بولاية بعض كور الشام والجزيرة ، فصار اليه في مائتين من خاصّته ، ثم بعث رجلا من مراد ففعل كالأول بعد ما حلف الأيمان التي لا تقوم لها الجبال أنّه لا يفعل ، وأخبرهم الحسن أنّه سيفعل كصاحبه »[8].

ويقف الإمام الحسن ( عليه السّلام ) أمام هذه النكبات والمحن المتتالية ، متطامنا على نفسه ناظرا في أمره ، وإلى أين ستنتهي به هذه المسيرة .

والذي يظهر لنا من بعض النصوص أنّ ابن عباس لم يفرّ وحده ، بل خرج معه عدد وفير من الزعماء والقوّاد والجند ، وهو أمر يمكن أن يساعد عليه الجوّ المشحون بالتشاؤم واليأس من توقّع انتصار الإمام ( عليه السّلام ) على عدوّه .

وهكذا أخذت الأنباء تتوارد على الإمام في المدائن بفرار الخاصة من القواد والزعماء ، وقد تبع انهزام هؤلاء فرار كثير من الجند ، حيث كان انهزامهم سببا لحدوث تمرّد وفوضى شاملة في الجيش .

وقد ارتفعت أرقام الفارّين إلى معاوية بعد فرار عبيد اللّه وخاصّته إلى ثمانية آلاف ، كما يذكر اليعقوبي في تاريخه فيقول : « إنّه - يعني معاوية - أرسل إلى عبيد اللّه بن عباس ، وجعل له ألف ألف درهم ، فصار اليه في ثمانية آلاف من أصحابه ، وأقام قيس بن سعد على محاربته »[9].

وإذا أخذنا في اعتبارنا أنّ الجيش الذي كان في « مسكن » إثنا عشر ألفا فستكون نسبة الفارّين منه إلى معاوية وهي ثلثا الجيش نسبة كبيرة ، في حين كان الجيش الذي يقوده معاوية لمواجهة الحسن ( عليه السّلام ) ستين ألفا تضاف اليه آلاف الفارّين من جيش الحسن ( عليه السّلام ) .

وحقّا أنّها لصدمة رهيبة ومحنة حادّة تتداعى أمامها القوى ، وتنفرج بها أنياب الكارثة عن مأساة مرعبة يتحمّل جزء كبيرا من مسؤوليّتها عبيد اللّه بن العباس أمام اللّه والتاريخ .

والشيء الذي يمكن فهمه من هذا الفرار الجماعي هو وجود تآمر على الخيانة في أوساط جملة من الزعماء والوجوه ، وإلّا فبأيّ قاعدة منطقية يمكن تفسير فرار ثمانية آلاف مقاتل من جيش يستعد للقتال في فترة قصيرة ، وهل يكون ذلك إلّا عن سابق تفكير وإحكام لخطة خائنة ؟ ! .

ويقف الإمام ( عليه السّلام ) باحثا عن المخرج من هذا المأزق الذي تداعت به معنويات جيشه في « مسكن » وتزلزلت منه قوى جيشه في المدائن ، خاصة إذا نظر بعين الموازنة بين جيشه وجيش عدوه من حيث العدد .

فكان جيشه يتألف من عشرين ألفا فقط كما أجمعت عليه المصادر التاريخية[10] « 1 » بينما يتألف جيش عدّوه من ستين ألفا ، وبعد لحاظ الآلاف الثمانية التي التحقت بمعاوية في « مسكن » بعد خيانة عبيد اللّه يصبح جيش الحسن ( عليه السّلام ) خمس جيش عدوه ، وهذا انهيار كبير حسب الموازين والحسابات العسكرية ، هذا فضلا عمّا تقوله بعض المصادر بخصوص فرار بعض أفراد الجيش في المدائن ممّن استهوتهم المطامع بالاستيلاء على المغانم وجاؤوا رغبة فيها إذا قدّر الانتصار لجيش الإمام الحسن ( عليه السّلام ) ، فواكبوا مسيرة الجيش ، ثم فرّوا بعد أن أحسّوا تفوّق الطرف الآخر عسكريا في العدّة والعدد .

وممّا زاد في انهيار الموقف حرب الإشاعات الكاذبة التي شنّها معاوية للقضاء على البقية الباقية من معنويات الجيش في مسكن والمدائن ، ونذكر هنا بعض هذه الشائعات ومدى تأثيرها على المعنويات العامة في جيش الإمام الحسن ( عليه السّلام ) بكلا شقّيه في المدائن ومسكن .

وقد عمل معاوية بكلّ ما أمكنه من خبث ومكر من أجل الوقيعة بالجيش الكوفي وتفتيت قواه ، وكان اختياره للأكاذيب ينمّ عن خبرة دقيقة في حبكها وانتقائها ، فأرسل من يدسّ في معسكر المدائن : « . . . بأنّ قيس ابن سعد وهو قائد مسكن بعد فرار ابن عباس قد صالح معاوية وصار معه . . . »[11].

« ويوجّه إلى عسكر قيس في مسكن من يتحدّث أنّ الحسن قد صالح معاوية وأجابه . . . »[12].

ثم ينشر في المدائن إشاعة هي : « . . ألا إنّ قيس بن سعد قد قتل فانفروا ، فنفروا بسرادق الحسن فنهبوا متاعه فنازعوه بساطا تحته ، فازداد لهم بغضا ومنهم ذعرا ، ودخل المقصورة البيضاء في المدائن . . »[13].

وهكذا طوّقت موجة الشائعات المتدفّقة بمكر معاوية وخبثة جناحي الجيش في المدائن ومسكن ، وفصمت ما تبقّى فيه من تماسك ، وكانت سببا في زلزلة فئات كثيرة من غوغاء الناس المتأرجحين بين الطاعة والعصيان ومحبّي الفتن والاضطرابات .

وما الذي ينتظر أن تفعله الشائعات في جيش كجيش المدائن الذي سبق وأنّه علم بخيانة قائد « مسكن » الذي لم يكن قيس بمنزلته في نظره ، فلم لا يصدق خيانة قائدها الثاني أو خبر قتله ؟ وليس جيش مسكن بأقلّ حظّا من تأثّره بهذه الشائعات ، وقد سبق وأنّه أصيب بخيانة قائده من قبل .

وفي غمرة هذه الأحداث جاء وفد يمثّل أهل الشام مؤلّف من المغيرة ابن شعبة وعبد اللّه بن كريز وعبد الرحمن بن الحكم وهو يحمل كتب أهل العراق ليطلع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) عليها وما تكنّه ضمائر بعض أصحابه من السوء ، وأنّهم تطوّعوا في صفوف جيشه لإذكاء نار الفتنة عندما يحين موعدها المرتقب ، وتنشر الكتب بين يدي الإمام ( عليه السّلام ) ولم تكن لتزيده يقينا على ما يعرف من أصحابها من دخيلة السوء وحبّ الفتنة ، وكانت خطوطهم وتواقيعهم واضحة لديه وصريحة .

وعرض الصلح على الإمام بالشروط التي يراها مناسبة ، ولكنّ الإمام لم يشأ أن يعطيهم من نفسه ما يرضي به طموح معاوية ، وكان دقيقا في جوابه ، بحيث لم يشعرهم فيه بقبول الصلح أو ما يشير إلى ذلك ، بل اندفع يعظهم ويدعوهم إلى اللّه عز وجل وما فيه نصح لهم وللامّة ويذكّرهم بما هم مسؤولون به أمام اللّه ورسوله في حقّه .

وحين رأى المغيرة ورفاقه أنّ الدور الأول من الرواية التي حاولها مكر معاوية قد فشلت في إقناع الإمام ( عليه السّلام ) بالصلح بل بقي موقفه صامدا أمام هذه المؤثرات القوية انتقلوا لتنفيذ حلقة ثانية من سلسلة المحاولات المعدّة من قبل معاوية وإن آتت اكلها لاحقا ، فلا أقل من أنّها ستترك أثرا سيّئا يزيد موقف الإمام حراجة وإن لم يتحقّق منها إقناع الإمام بالصلح . غادر الوفد مقصورة الإمام مستعرضا مضارب الجيش الذي كان يترقّب نتائج المفاوضات ، فرفع أحد أفراد الوفد صوته ليسمعه الناس : « إنّ اللّه قد حقن بابن رسول اللّه الدماء وسكّن الفتنة وأجاب إلى الصلح . . »[14].

وهكذا مثّلوا دورهم أروع تمثيل ، وخلقوا جوّا لاهبا من المأساة تدهور على أثرها الموقف ، وتفجّرت كوامن الفتنة واضطرب تماسك الجيش ولاحت في الأفق بوادر المحنة ، فأيّ غائلة هذه التي ألهب نارها المغيرة ورفاقه ؟ .

 

[1] موضع قريب من « أوانا » على نهر الدجيل ، وبها كانت الواقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير سنة / 72 ه .

[2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16 / 42

[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16 / 42 .

[4] مقاتل الطالبيين : 35 .

[5] مقاتل الطالبيين : 35 .

[6] أعيان الشيعة : 4 / 22 .

[7] أعيان الشيعة : 4 / 22 .

[8] المصدر السابق .

[9] صلح الإمام الحسن ( عليه السّلام ) : 80 .

[10] صلح الإمام الحسن ( عليه السّلام ) : 81 .

[11] تأريخ اليعقوبي : 2 / 191 .

[12] تأريخ اليعقوبي : 2 / 191 .

[13] تأريخ ابن الأثير : 3 / 203 .

[14] تأريخ اليعقوبي : 2 / 191 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.