أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-8-2019
7909
التاريخ: 13-8-2019
25471
التاريخ: 7-8-2019
9263
التاريخ: 9-8-2019
17773
|
قال تعالى : { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } [التوبة : 79 ، 80] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
ثم وصفهم الله بصفة أخرى ، فقال : {الذين يلمزون} أي : يعيبون {المطوعين} المتطوعين بالصدقة {من المؤمنين} ، ويطعنون عليهم {في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم} أي : ويعيبون الذين لا يجدون إلا طاقتهم ، فيتصدقون بالقليل . قيل : اتاه عبد الرحمن بن عوف بصرة من دراهم تملأ الكف ، وأتاه عقبة بن زيد الحارثي بصاع من تمر ، وقال : يا رسول الله! عملت في النخل بصاعين ، فصاعا تركته لأهلي ، وصاعا أقرضته ربي . وجاء زيد بن أسلم بصدقة ، فقال معتب بن قشير ، وعبد الله بن نبتل : إن عبد الرحمن رجل يحب الريا ويبتغي الذكر بذلك ، وان الله غني عن الصاع من التمر ، فعابوا المكثر بالريا ، والمقل بالإقلال .
{فيسخرون منهم} أي : فيستهزؤون منهم {سخر الله منهم} أي : جازاهم جزاء سخريتهم حيث صاروا إلى النار {ولهم عذاب أليم} أي : موجع مؤلم . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل فقيل: يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال جهد المقل (2) {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} صيغته صيغة الأمر ، والمراد به المبالغة في الأياس من المغفرة ، بأنه لو طلبها طلب المأمور بها ، أو تركها ترك المنهي عنها ، لكان ذلك سواء في أن الله تعالى لا يفعلها ، كما قال سبحانه في موضع آخر : {سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم} .
{ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} الوجه في تعليق الاستغفار بسبعين مرة ، المبالغة لا العدد المخصوص ، ويجري ذلك مجرى قول القائل : {لو قلت لي ألف مرة ما قبلت} والمراد أني لا أقبل منك ، فكذلك الآية . والمراد بذلك فيها نفي الغفران جملة .
وقيل : إن العرب تبالغ بالسبعة والسبعين ، ولهذا قيل للأسد السبع ، لأنهم تأولوا فيه لقوته أنها ضوعفت له سبع مرات . وأما ما ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : والله لأزيدن عن السبعين ، فإنه خبر واحد لا يعول عليه ، ولا يتضمن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر للكفار ، وذلك غير جائز بالاجماع . وقد روي أنه قال : لو علمت أنه لو زدت على السبعين مرة غفر لهم لفعلت .
ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرجو أن يكون لهم لطف يصلحون به ، فعزم على الاستغفار لهم . فلما بين الله عز اسمه أنه ليس لهم لطف ترك ذلك ويحتمل أن يكون قد استغفر لهم قبل أن يعلم بكفرهم ونفاقهم . ويحتمل أن يكون قد استغفر لهم قبل أن يخبر بأن الكافر لا يغفر له ، أو قبل أن يمنع منه ، ويجوز أن يكون استغفاره لهم واقعا بشرط التوبة من الكفر ، فمنعه الله منه ، وأخبره بأنهم لا يؤمنون أبدا ، فلا فائدة في الاستغفار لهم ، والله أعلم بحقيقة الأمر {ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله} معناه : إن حرمان المغفرة لهم بكفرهم بالله ورسوله {والله لا يهدي القوم الفاسقين} مر معناه .
____________________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 96-97 .
2. أي قدر ما يحتمله حال القليل المال. قاله الجزري في (النهاية).
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هاتين الآيتين (1) :
{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ } . اللمز العيب ، والمراد بالتطوع هنا بذل المال تفضلا لا وجوبا . وما زال الحديث عن المنافقين ، وهاتان الآيتان تعرضان لونا آخر من آثامهم وأذاهم المتصل للنبي والمؤمنين . . في ذات يوم حث النبي ( صلى الله عليه وآله ) على البذل في سبيل اللَّه ، فاستجاب المؤمنون من صحابته ، وتطوع بعضهم بالآلاف . وبعضهم بصاع من تمر ، كل حسب طاقته ، فعابهم المنافقون ، وقالوا عن المكثر : انه يبذل رئاء ، وعن المقل : انه يذكّر بنفسه . .
ان شأن المنافقين الرياء فيما يقولون ويفعلون ، فقاسوا الغير على أنفسهم ، ووصفوه بوحي من واقعهم .
وقوله تعالى : { والَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ } يشير إلى الفقراء الدين تصدقوا بالقليل لأنه مبلغ طاقتهم { فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ } استخفافا بما بذلوه . ومن كلام الإمام علي ( عليه السلام ) : لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه . { سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ } ومعنى سخرية الخالق جل وعلا انه يجازي الساخر بالعذاب الأليم على سخريته .
{ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } سبعين مرة كناية عن الكثرة ، وما زال العرب يبالغون بالسبعة والسبعين . وقال قائل : ان اللَّه سبحانه ترك الخيار للتنبيه في أن يستغفر للمنافقين أو لا يستغفر لهم لأن ( أو ) في الآية للتخيير بزعمه . . وهذا اشتباه ، فإن قوله تعالى : { فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } دليل قاطع على أنه لا سبيل لهم إلى العفو والمغفرة . وعليه تكون ( أو ) للتسوية . . وفي رواية ان اللَّه سبحانه حين أنزل في المنافقين { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ } طلبوا من النبي أن يستغفر لهم ، فأنزل اللَّه عليه { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } .
وتسأل : ان اللَّه يحب التوابين ، ويغفر لهم ذنوبهم مهما عظمت ، فما هو السر في قوله : { فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } ؟ .
وقد أجاب سبحانه عن هذا في الآية نفسها ، حيث قال : { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ } . انهم اعتذروا ، وطلبوا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ان يستغفر لهم ، ولكن نفاقا ورياء ، أما في واقعهم فإنهم مصرون على الكفر والعناد . . وانما يتقبل اللَّه من المتقين ، لا من المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون .
_______________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 75-76 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
قوله تعالى : ﴿الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم﴾ الآية التطوع الإتيان بما لا تكرهه النفس ولا تحسبه شاقا ولذلك يستعمل غالبا في المندوبات لما في الواجبات من شائبة التحميل على النفس بعدم الرضى بالترك .
ومقابلة المطوعين من المؤمنين في الصدقات بالذين لا يجدون إلا جهدهم قرينة على أن المراد بالمطوعين فيها الذين يؤتون الزكاة على السعة والجدة كأنهم لسعتهم وكثرة مالهم يؤتونها على طوع ورغبة من غير أن يشق ذلك عليهم بخلاف الذين لا يجدون إلا جهدهم أي مبلغ جهدهم وطاقتهم أو ما يشق عليهم القنوع بذلك .
وقوله : ﴿الذين يلمزون﴾ الآية كلام مستأنف أو هو وصف للذين ذكروا بقوله : ﴿ومنهم من عاهد الله﴾ الآية كما قالوا .
والمعنى : الذين يعيبون الذين يتطوعون بالصدقات من المؤمنين الموسرين والذين لا يجدون من المال إلا جهد أنفسهم من الفقراء المعسرين فيعيبون المتصدقين موسرهم ومعسرهم وغنيهم وفقيرهم ويسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم، وفيه جواب لاستهزائهم وإيعاد بعذاب شديد .
قوله تعالى : ﴿استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم﴾ الترديد بين الأمر والنهي كناية عن تساوي الفعل والترك أي لغوية الفعل كما مر نظيره في قوله : ﴿أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم﴾ [التوبة : 53] .
فالمعنى أن هؤلاء المنافقين لا تنالهم مغفرة من الله ويستوي فيهم طلب المغفرة وعدمها لأن طلبها لهم لغو لا أثر له .
وقوله : ﴿إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم﴾ تأكيدا لما ذكر قبله من لغوية الاستغفار لهم، وبيان أن طبيعة المغفرة لا تنالهم البتة سواء سألت المغفرة في حقهم أو لم تسأل، وسواء كان الاستغفار مرة أو مرات قليلا أو كثيرا .
فذكر السبعين كناية عن الكثرة من غير أن يكون هناك خصوصية للعدد حتى يكون الواحد والاثنان من الاستغفار حتى يبلغ السبعين غير مؤثر في حقهم فإذا جاوز السبعين أثر أثره، ولذلك علله بقوله : ﴿ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله﴾ أي إن المانع من شمول المغفرة هو كفرهم بالله ورسوله، ولا يختلف هذا المانع بعدم الاستغفار .
ولا وجوده واحدا أو كثيرا فهم على كفرهم .
ومن هنا يظهر أن قوله : ﴿والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ متمم لسابقه والكلام مسوق سوق الاستدلال القياسي والتقدير : أنهم كافرون بالله ورسوله فهم فاسقون خارجون عن عبودية الله، والله لا يهدي القوم الفاسقين، لكن المغفرة هداية إلى سعادة القرب والجنة فلا تشملهم المغفرة ولا تنالهم البتة .
واستعمال السبعين في الكثرة المجردة عن الخصوصية كاستعمال المائة والألف فيها كثير في اللغة .
________________________
1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 293-294 .
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
خبث المنافقين :
في هذه الآيات إشارة إلى صفة أخرى من الصفات العامّة للمنافقين ، وهي أنّهم أشخاص لجوجون معاندون وهمهم التماس نقاط ضعف في أعمال الآخرين واحتقار كل عمل مفيد يخدم المجتمع ومحاولة إجهاضه بأساليب شيطانية خبيثة من أجل صرف الناس عن عمل الخير وبذلك يزرعون بذور النفاق وسوء ظن في أذهان المجتمع ، وبالتالي إيقاف عجلة الإبداع وتطور المجتمع وخمول الناس وموت الفكر الخلّاق .
لكن القرآن المجيد ذم هذه الطريقة غير الإنسانية التي يتبعها هؤلاء ، وعرّفها للمسلمين لكي لا يقعوا في حبائل مكر المنافقين ومن ناحية أخرى أراد أن يفهم المنافقون أن سهمهم لا يصيب الهدف في المجتمع الإسلامي .
ففي البداية يقول : إنّ هؤلاء {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ والَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} .
«يلمزون» مأخوذة من مادة (لمز) بمعنى تتبع العيوب والعثرات ، و «المطوّعين» مأخوذة من مادة (طوع) على وزن (موج) بمعنى الطاعة ، لكن هذه الكلمة تطلق عادة على الأفراد الذين دأبهم عمل الخيرات ، وهم يعملون بالمستحبات علاوة على الواجبات .
ويستفاد من الآية أعلاه أنّ المنافقين كانوا يعيبون جماعة ، ويسخرون من الأخرى ، ومن المعلوم أن السخرية كانت تنال الذين يقدمون الشيء القليل ، والذين لا يجدون غيره ليبذلوه في سبيل الإسلام ، وعلى هذا لا بدّ أن يكون لمزهم وطعنهم مرتبطا بأولئك الذين قدموا الأموال الطائلة في سبيل خدمة الإسلام العزيز ، فكانوا يرمون الأغنياء بالرياء ، ويسخرون من الفقراء لقلّة ما يقدمونه .
ونلاحظ في الآية التي تليها تأكيدا أشد على مجازاة هؤلاء المنافقين ، وتذكر آخر تهديد بتوجيه الكلام وتحويله من الغيبة إلى الخطاب ، والمخاطب هذه المرّة هو النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم فقالت : {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} .
وإنّما لن يغفر اللّه لهم لأنّهم قد أنكروا اللّه ورسالة رسوله ، واختاروا طريق الكفر ، وهذا الإختيار هو الذي أرداهم في هاوية النفاق وعواقبه المشؤومة {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ} . ومن الواضح أن هداية اللّه تشمل السائرون في طريق الحق وطلب الحقيقة ، أمّا الفساق والمجرمون والمنافقون فإنّ الآية تقول : {واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} .
______________________
1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 305-306 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|