أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
405
التاريخ: 11-9-2016
370
التاريخ: 11-9-2016
307
التاريخ: 11-9-2016
543
|
يظهر من عبائرهم أن الحكومة عبارة عن كون دليل ناظرا إلى حال دليل آخر وشارحا ومفسرا لمضمونه سواء كان ناظرا إلى موضوعه أم إلى محموله وسواء كان النظر بنحو التوسعة أم التضييق وسواء كان دلالة الناظر بنحو المطابقة أم الالتزام وسواء كان متقدما أم متأخرا، فيسمى الدليل الناظر حاكما والمنظور إليه محكوما.
فإذا ورد قوله أكرم العلماء وورد قوله إن الفاسق ليس بعالم كان الثاني ناظرا ومفسرا للأول وحاكما عليه إذ من المعلوم أن نفي الشارع عالمية الفاسق ليس على نحو الحقيقة بل يرجع ذلك إلى نفي وجوب الإكرام فهذا الدليل ناظر إلى ذلك ومفسر له وهو معنى الحكومة.
ثم إن للحكومة بهذا المعنى مصاديق كثيرة وأمثلة مختلفة لا بأس بالإشارة إلى بعضها لإيضاح معنى الحكومة.
منها: أن يكون دليل نافيا لموضوع دليل آخر تعبدا لا حقيقة ووجدانا كالمثال السابق، وكما إذا ورد لا شك للمأموم مع حفظ الإمام فإذا شك المأموم بين الثلاث والأربع وكان الإمام حافظا للثلاث متيقنا لها فالدليل الثاني ينفي حكم الشك عن شك المأموم بلسان نفي الموضوع ويبين أنه ليس له البناء على الأكثر وإتيان صلاة الاحتياط فيكون حاكما على قوله إذا شككت فابن على الأكثر، وأنه لا يشمل شك المأموم مع حفظ الإمام، وهذه حكومة بنحو تضييق دائرة الموضوع من المحكوم.
ولعل إلى هذا القسم ينظر كلام الشيخ قدس سره في رسائله حيث قال الحكومة هي الناظرية بحيث لو لا دليل المحكوم لكان دليل الحاكم لغوا.
ومنها: أن يكون دليل مثبتا لموضوع دليل آخر تعبدا لا وجدانا، فإذا ورد أكرم العلماء وورد أن الملازم لخدمة العالم عالم فالدليل الثاني يثبت موضوعا للدليل الأول، وحيث إن ذلك ليس بموضوع له وجدانا فيرجع تعميم الموضوع إلى تعميم الحكم وشموله لخادم العالم ومثله قوله «عليه السّلام»: «الطواف بالبيت صلاة» بالنسبة إلى الأدلة التي تثبت للصلاة أحكاما خاصة وقوله كل مشكوك طاهر بالنسبة إلى قوله: «لا صلاة إلا بطهور» وهذا من قبيل النظر إلى الموضوع بنحو التوسعة.
ومنها: حكومة أدلة العناوين الثانوية على أدلة العناوين الأولية، فإذا حكم الشارع بحرمة الخمر ووجوب الغسل والصوم فالحرمة والوجوب متعلقان بفعل المكلف بعنوانه الأولي أعني الشرب والغسل فإذا طرأ العسر أو الضرر على ترك الشرب وفعل الصوم فإنه يتعلق بهما بطرو هذا العنوان حكم الجواز بأدلة الحرج والضرر، فالغسل الحرجي والضرري مورد لتعارض الدليلين بدوا فهو بما أنه غسل واجب وبما أنه فعل حرجي أو ضرري ليس بواجب ولكن دليل العنوان الثانوي مقدم.
فإن معنى قوله «عليه السّلام»: «لا ضرر ولا ضرار»: لا حكم ضرري في الإسلام أو لا فعل ضرري، فعلى الأول يكون ناظرا إلى أدلة الأحكام الواقعية وأن أحكامها لا تشمل الموارد التي تحقق فيها الحرج والضرر وعلى الثاني يكون المعنى لا وضوء ضرري ولا صوم ضرري فيكون نافيا لموضوعها ومضيقا لدائرته، ومن هنا قيل إن تصرف الدليل الحاكم إما في عقد حمل دليل المحكوم أو في عقد وضعه فعلى الاحتمال الأول يكون النظر في هذه القاعدة إلى حكم الأدلة الأولية والتصرف تضييق في محمولها، وعلى الثاني يكون النظر إلى الموضوع والتصرف تضييق في الموضوع.
ومن هذا القبيل أيضا حكومة قوله «عليه السّلام» في حديث الرفع: «و ما استكرهوا عليه وما اضطروا إليه»، فإذا استكره الإنسان على شرب الخمر أو اضطر إليه يكون الحديث رافعا لموضوع دليل حرمة الخمر تعبدا وهو معنى الحكومة.
ومنها: حكومة الأمارات على الاستصحاب على مبنى الشيخ قدس سره، وبيانه أن مفاد دليل اعتبار الأمارة جعلها طريقا إلى الواقع فهي علم مجعول لا يعتنى بخلافه فقوله صدق العادل يدل بالمطابقة على لزوم الجري على وفقه وبالملازمة على عدم الاعتناء باحتمال مخالفته للواقع وإلغاء ذلك الاحتمال، وحيث إن ذلك الاحتمال هو موضوع حكم الأصل كانت الأمارة نافية لحكم الأصل عن موضوعه بلسان نفي موضوعه وهو معنى الحكومة.
فإذا شككنا في حرمة العصير بعد الغليان، فاحتمال الحلية والحرمة في الواقع موضوع للحكم بالحلية الظاهرية وهو حكم الأصل، فإذا أخبر العادل بحرمته فاحتمال الحلية الواقعية وإن كان باقيا أيضا إذ الفرض أن الخبر ظني لا يفيد العلم ولكن مفاد دليل الاعتبار ينفي ذلك الاحتمال تعبدا ويحكم بعدم الاعتناء به وعدم ترتيب أثره عليه وهو الحلية الظاهرية.
ومنها: حكومة بعض الأصول العملية على بعض كالاستصحاب على البراءة وتقريبه أن موضوع البراءة الشرعية هو الفعل الذي لم يرد فيه نهي بالفعل وحكمه هو الإطلاق والإباحة لقوله «عليه السّلام»: «كل شيء لك مطلق حتى يرد فيه نهي»، فالمعنى كلما لم يرد فيه نهي بالفعل فهو حلال، فإذا فرضنا مشكوكا ثبت له نهي في السابق كالعصير الذاهب ثلثاه بالشمس فهو وإن كان مشكوكا لم يرد فيه نهي بالفعل وحكمه الحلية إلّا أن دليل الاستصحاب وقوله من كان على يقين فشك فيه فليبن على يقينه حاكم بلزوم إبقاء النهي السابق وفرض هذا الموضوع مما ورد فيه النهي تعبدا فهو ناظر إلى دليل البراءة.
وبعبارة أخرى دليل البراءة مركب من جملتين مغياة وغاية والأولى كل ما لم يرد فيه نهي فهو حلال والثانية كل ما ورد فيه نهي فهو ليس بحلال، والعصير المذكور وإن كان داخلا تحت الجملة الأولى دون الثانية وجدانا إلّا أن دليل الاستصحاب يخرجه عن موضوع الأولي ويدرجه في الثانية تعبدا وتنزيلا فهو حاكم على الجملة الأولى بنفي حكمها بلسان نفي الموضوع وعلى الجملة الثانية بإثبات حكمها بلسان إثبات الموضوع، كما أنه بالنسبة إلى دليل العنوان الأولي وهو قوله العصير إذا غلى يحرم المجمل من جهة دوام الحرمة وعدمه متمم لدلالته بحسب الظاهر.
تنبيهات:
الأول: قد ظهر مما قدمنا أن الفرق بين الحكومة والتخصيص من وجوه:
أولها: أن الحاكم ناظر وشارح بدلالته اللفظية للمحكوم بخلاف المخصص فإنه لا نظر له للعام ولا شرح له ولا تفسير، وبعبارة أخرى قد صدر الحاكم لبيان حال المحكوم وساقه القائل مفسرا لتحديد حكمه أو موضوعه وصدر المخصص لبيان حكم مستقل من دون نظر من القائل إلى كونه شارحا لدليل آخر أم لا، فيكون العام والخاص في مورد التصادم متعارضين من دون حكومة لأحد الطرفين، وحيث إن الخاص يكون أظهر من العام غالبا في مورد التعارض يقدم عليه، فلو فرض في مورد تساويهما ظهورا فهما يتساقطان ويرجع إلى الأصل أو فرض أظهرية العام فإنه يقدّم هو ويطرح الخاص سندا.
ثانيها: لحاظ الظهور والأظهرية في العام والخاص كما مر ولا يلاحظان في الحاكم والمحكوم بل يقدم الحاكم الظاهر في أقل مرتبة من الظهور على المحكوم ولو كان أظهر.
ثالثها: عدم لحاظ النسبة بين الحاكم والمحكوم، ولذا قلنا بتقديم أدلة العناوين الثانوية كقوله لا ضرر ولا ضرار على دليل وجوب الصوم الضرري مع أن بينهما عموما من وجه، فإن دليل لا ضرر يشمل غير الصوم كالوضوء والغسل الضرريين ودليل وجوب الصوم يشمل الصوم غير الضرري وكلاهما يشملان الصوم الضرري.
الثاني: لا يخفى عليك أن الورود والحكومة كما كانا جاريين في الأمارة والأصل
كذلك يجريان في الخاص الوارد في مقابل العام فالخاص النص أو الأظهر قد يكون واردا على أصالة العموم وقد يكون حاكما.
بيانه أن لنا في طرف العام أصلا عقلائيا وهو الحكم باستعماله في معناه الحقيقي أعني الاستغراق عند الشك في استعماله فيه أو هو الحكم بعدم وجود القرينة عند الشك في وجودها وعدمها واقعا، ولهذا الأصل موضوع ومحمول، موضوعه الشك في استعماله في معناه ومحموله الحكم باستعماله فيه وإرادته منه أو موضوعه احتمال وجود القرينة ومحموله الحكم بعدمها وإرادة الظاهر، على المبنيين من أن حجية الظواهر من باب الظهور النوعي أو من باب أصالة عدم القرينة، وحينئذ فإذا ورد خاص في قبال العام فإن كان قطعيا سندا ودلالة كان واردا على الأصل المذكور، لأنه ينتفي الشك وجدانا ويحصل اليقين بوجود القرينة واستعمال العام في المعنى المجازي فينتفي موضوع الأصل اللفظي حقيقة وهو الورود وإن كان نصا ظني السند فمقتضى دليل اعتباره هو الحكم بصدوره تعبدا وكونه قرينة وأنه لم يستعمل العام في معناه الحقيقي فيكون الخاص بدليل اعتباره حاكما على أصالة العموم.
هذا كله على القول بأن العام المخصص مجاز مستعمل في غير ما وضع له كسائر المجازات، وأما على القول بعدم المجازية فيه وأن التخصيص تصرف في الإرادة الجدية فالأصل العقلائي هو أصالة التطابق بين الاستعمال والإرادة والموضوع أيضا الشك في التطابق فيتصور فيه أيضا الورود والحكومة.
الثالث: قد تطلق الحكومة في مقابل الكشف ويراد بها حكومة العقل بحجية الظن بعد تمامية مقدمات الانسداد
فراجع التنبيه الأخير من بحث الانفتاح والانسداد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|