أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-02-2015
26087
التاريخ: 24-02-2015
3316
التاريخ: 12-08-2015
9213
التاريخ: 24-02-2015
3375
|
يمكن أن نرد أسباب وضع النحو العربي الى بواعث مختلفة ، منها الديني ومنها غير الديني ، أما البواعث الدينية فترجع الى الحرص الشديد على أداء نصوص الذكر الحكيم أداء فصيحاً سليماً الى أبعد حدود السلامة والفصاحة ، وخاصة بعد أن أخذ اللحن يشيع على الألسنة ، وكان قد أخذ في الظهور منذ حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد روى بعض الرواة أنه سمع يلحن في كلامه ، فقال ، " أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل "(1) رووا أن أحد ولاة عمر بن الخطاب كتب إليه كتاباً به بعض اللحن ، فكتب إليه عمر: " أن قنع كاتبك سوطاً "(2).
غير أن اللحن في صدر الإسلام كان لا يزال قليلاً بل نادراً ، وكلما تقدمنا منحدرين مع الزمن اتسع شيوعه على الألسنة ، وخاصة بعد تعرب الشعوب المغلوبة التي كانت تحتفظ ألسنتها بكثير من عاداتها اللغوية ، مما فسح للحن وشيوعه ، ونفس نازلة العرب في الأمصار الإسلامية أخذت سلائقهم تضعف لبعدهم عن ينابيع اللغة الفصيحة ، حتى عند بلغائهم وخطبائهم المفوهين ، ويكفي أن نضرب مثلاً لذلك ما يُروى عن الحجاج من أنه سأل يحيى بن يعمر هل يلحن في بعض نطقه ؟ وسؤاله ذاته يدل على ما استقر في نفسه من أن اللحن أصبح بلاء عاماً ، وصارحه يحيى بأنه
ص11
يلحن في حرف من القرآن الكريم إذ كان يقرأ قوله عز وجل : {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم} الى قوله تعالى : {أحبَّ} بضم أحب والوجه أن تقرأ بالنصب خبراً لكان لا بالرفع(3) . وإذا كان الحجاج وهو في الذروة من الخطابة والبيان والفصاحة والبلاغة يلحن في حرف من القرآن ، فمن وراءه من العرب نازلة المدن الذين لا يرقون الى منزلته البيانية كان لحنهم أكثر . وازداد اللحن فشوا وانتشاراً على ألسنة أبنائهم الذين لم ينشأوا في البادية مثلهم ولا تغذوا من ينابيعها الفصيحة ، إنما نشأوا في الحاضرة واختلطوا بالأعاجم اختلاطاً أدخل الضيم والوهن على ألسنتهم وفصاحتهم على نحو ما هو معروف عن الوليد بن عبد الملك وكثرة ما . كان يجري على لسانه من لحن(4) . وكان كثيرون من ابناء العرب ولدوا لأمهات أجنبيات أو أعجميات ، فكانوا يتأثرون بهن في نطقهن لبعض الحروف وفي تعبيرهن ببعض الأساليب الاعجمية (5) . وكل ذلك جعل الحاجة تمس في وضوح الى وضع رسوم يعرف بها الصواب من الخطأ في الكلام خشية دخول اللحن وشيوعه في تلاوة آيات الذكر الحكيم .
وانضمت الى ذلك بواعث أخرى ، بعضها قومي عربي ،يرجع الى أن العرب يعتزون بلغتهم اعتزازاً شديداً ، وهو اعتزاز جعلهم يخشون عليها من الفاسد حين امتزجوا بالأعاجم ، مما جعلهم يحرصون على رسم أوضاعها خوفاً عليها من الفناء والذوبان في اللغات الأعجمية . وبجانب ذلك كانت هناك بواعث اجتماعية ترجع الى أن الشعوب المستعربة أحست الحاجة الشديدة لمن يرسم لها أوضاع العربية في إعرابها وتصريفها حتى تتمثلها تمثلا مستقيماً ، وتتقن النطق بأساليبها نطقاً سليماً . وكل ذلك معناه أن بواعث متشابكة دفعت دفعاً الى التفكير في وضع النحو ، ولابد أن نضيف الى ذلك رقي العقل العربي ونمو طاقته الذهنية نمواً أعده للنهوض برصد الظواهر اللغوية وتسجيل الرسوم النحوية تسجيلاً تطرد فيه القواعد وتنتظم الأقيسة انتظاماً يهيئ لنشوء علم النحو ووضع قوانينه الجامعة المشتقة من
ص12
الاستقصاء الدقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة ومن التامة بخواصها وأوضاعها الإعرابية .
ص13
__________________
(1) كنز العمال 1/ 151 .
(2) الخصائص لابن جني ( طبعة دار الكتب المصرية ) 2/ 8 .
(3) طبقات النحويين واللغويين للزبيدي (طبعة الخانجي) ص 22 . وأنظر البيان والتبيين (طبعة لجنة التأليف والترجمة ولنشر) 2/ 218.
(4) البيان والتبيين 2/ 204 وانظر عيون الأخبار لابن قتيبة 2/ 158 ، 167 .
(5) البيان والتبيين 1/ 72 ، 2/ 210 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|