أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2016
2513
التاريخ: 5-10-2014
1473
التاريخ: 29-09-2015
1319
التاريخ: 25-11-2014
1629
|
إنّ الإسلام أمر بالتشدّد مع اُولئك النفر من المسلمين الذين يتجسّسون لصالح الأجانب ، ففي الإرشاد للشيخ الأجلّ المفيد :
لمّا بلغ معاوية بن أبي سفيان وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبيعة الناس ابنه الحسن (عليه السلام) دسّ رجلاً من حمير إلى الكوفة ورجلاً من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ويفسدا على الحسن الاُمور فعرف ذلك الحسن (عليه السلام) فأمر باستخراج الحميري من عند لحّام بالكوفة فأخرج وأمر بضرب عنقه وكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فاُخرج وضربت عنقه وكتب الحسن (عليه السلام) إلى معاوية : « أمّا بعدُ فإنّك دسست الرّجال للاحتيال والاغتيال وأصدرت العيُون كأنّك تُحبّ اللقاء وما أوشك ذلك فتُوقعهُ إنشاء الله تعالى » (1) .
كما أمر بالتشديد مع أهل الذمّة الذين يتجسّسون في الداخل على المسلمين لصالح الأعداء والأجانب ويعتبر ذلك نقضاً للذمّة.
قال المحقّق الحليّ في الشرائع في باب شرائط أهل الذمّة :
( ... أن لا يؤذوا المسلمين كالزنى بنسائهم واللواط بصبيانهم والسرقة لأموالهم وإيواء عين المشركين ( أي جاسوسهم ) والتجسّس لهم فإن فعلوا من ذلك شيئاً وكان تركه مشترطاً في الهدنة كان نقضاً ) (2) .
وقال العلامة الحلي في تذكرة الفقهاء في ما يشترط على أهل الذمّة :
( وأن لا ينقلوا أخبار المسلمين إلى أعدائهم ولا يدلّوا على عوراتهم فمن فعل شيئا من ذلك فقد نقض عهده وأحلّ دمه وماله وبرئت منه ذمّة الله ورسوله والمؤمنين ) (3)
وكتب القاضي أبو يوسف في كتابه الخراج يقول :
( سألت عن الجواسيس يوجدون وهم من أهل الذمّة أو أهل الحرب أو من المسلمين فإن كانوا من أهل الحرب أو من أهل الذمّة ممّن يؤدّي الجزية من اليهود والنصارى والمجوس فاضرب أعناقهم ، وإن كانوا من الإسلام معروفين فأوجعهم عقوبة وأطل حبسهم حتّى يحدثوا توبة ) (4)
وهكذا يكون من وظائف الحكومة الإسلاميّة تشكيل جهاز قويّ مجهّز بكلّ الوسائل القويّة للتجسّس في الإطارات المذكورة التي مرّ عليك ذكرها.
على أنّ الإسلام ـ كعادته وكما أسلفنا ـ تعرّض في هذه المسألة لجوهر الأمر ولم يدخل في تفصيلاته وشكليّاته فإنّ كيفيّة التجسّس ونوع الرموز والأجهزة متروكة للزمن على أن تكون في إطار التقوى والأخلاق وحسب الشروط التي مرّت.
وجملة القول أنّ ما نفهمه من حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وسيرته السياسيّة هو الاهتمام الشديد الذي كان يبديه بمسألة الاستخبارات.
فإنّه وإن لم يكن في زمن النبيّ تشكيلات للاستخبارات على غرار ما يوجد الآن في العالم الحديث ولكن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) كان ـ مضافا إلى اتّخاذ العيون ـ قد ربّى المسلمين تربية سياسيّة رائعة بحيث أصبح كلّ مسلم يرى نفسه مسؤولا عن الأمن فكانوا يرفعون إليه فوراً كلّ خبر يرتبط بهذا الأمر ، فها هو زيد بن أرقم ـ وهو غلام يافع ـ عندما يسمع أحد قادة الطابور الخامس ( عبد الله بن اُبي ) في غزوة بني المصطلق وهو يقول : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل ويعني بالأعز نفسه وبالأذلّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقال : أنت والله الذليل القليل المبغض ومحمّد في عزّ من الرحمن ومودّة من المسلمين .. ثمّ أسرع إلى النبيّ وأخبره بالأمر (5)
فعلى الحكومة الإسلاميّة أن تربّي المسلمين بهذه التربية ، ليعتبر كلّ واحد منهم نفسه مسؤولاً عن أمن البلاد دفعاً للفساد ، ونهياً عن المنكر ، وإن كان ذلك لا يغني عن تأسيس جهاز مستقلّ لذلك.
وأخيراً نكرّر القول بأنّه يجب أن يكون جهاز الاستخبارات لصالح الإسلام والمسلمين مائة بالمائة ، ولا يكون على غرار ما في الدول المعاصرة ، إذ ليس ذاك إلاّ للحفاظ على عروش الاُمراء والرؤساء والملوك ، ولذلك فهو لا يتجسّس لصالح الاُمّة بل يتجسّس على الاُمّة لإخماد صوتها وإكبات حريّاتها وتحطيم مقاومتها. وإخضاعها للسياسات الاستعماريّة ، والمطامع الأجنبيّة.
_____________________
(1) الإرشاد : 192 للمفيد الفقيه المؤرّخ محمّد بن محمّد بن النعمان المتوفّى ( 413 ه )
(2) شرائع الإسلام كتاب الجهاد : 329.
(3) تذكرة الفقهاء 1 : 442.
(4) كتاب الخراج : 205 ـ 206.
(5) مجمع البيان 5 : 294.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|