أقرأ أيضاً
التاريخ:
![]()
التاريخ: 2025-01-19
![]()
التاريخ: 1-6-2016
![]()
التاريخ: 5-5-2016
![]() |
يقصد بالخيرة بين المسؤوليتين، هو أن تتوفر في الفعل نفسه أركان المسؤوليتين العقدية والتقصيرية على السواء( 1 )، ومثال ذلك خطأ المستأجر الذي يتلف به العين المؤجرة، وخطأ أمين النقل الذي يحدث إصابة بالراكب، فانه تتحقق به شروط المسؤوليتين(2) مما يضعنا أمام سؤالين: الأول يتعلق بجواز أو عدم جواز الجمع بينهما، أما الثاني فيتعلق بجواز أو عدم جواز الخيرة بينهما. أما بخصوص الجمع بين المسؤوليتين، فلا شك انه ليس للدائن أن يجمع بين المسؤوليتين فيتقاضى تعويضًا مرتين عن الضرر نفسه، لأن حكمة تشريع المسؤولية جبر الضرر، كما لا يجوز له أن يطبق أحكامهما تطبيقا جامعا بحيث يأخذ من كل مسؤولية ما هو أصلح له، ذلك أن المشرع وضع لكل مسؤولية أحكامها فلا يجوز للدائن أن يبتكر نظاما ثالثا( 3 ). ومثال ذلك في عقد النقل أن يستند المضرور إلى المسؤولية العقدية التي تقتضي وجود التزام بضمان السلامة على عاتق الناقل حتى يخفف عن عاتقه عبء الإثبات، أو يفيد من تقادم طويل. ويستند من ناحية أخرى على المسؤولية التقصيرية في مطالبته بالتعويض كي يحصل على تعويض عن الضرر المتوقع وغير المتوقع، أو يتمسك بالتضامن بين المدينين، أو ببطلان الإعفاء الاتفاقي من المسؤولية( 4 ). كما أنه لا يجوز أن يجمع الدائن بين المسؤوليتين( 5 )، فإذا رفع دعوى بناء على إحدى المسؤوليتين وخسرها، فلا يجوز له أن يرفع الدعوى نفسها على أساس من المسؤولية الأخرى(6) وقد انقسم الفقه في مسألة الخيرة بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، فهناك رأي يرى جوازها( 7 )، فيما يرى آخرون عدم جوازها، أما الذين يقولون بجواز الخيرة، فيستندون إلى أن القانون يقضي بأنه إذا تحققت شروط الدعوى جاز للدائن رفعها، وفي هذه الحالة إذا توافرت شروط الدعوى العقدية، جاز له رفعها، وكذلك جاز له رفع الدعوى التقصيرية إذا توافرت شروطها( 8 ). وقد ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في أحد قراراتها إلى أنه:" لئن كان أساس التعويض الذي يستحقه المستأجر في حالة تعرض المؤجر له بما يخل بانتفاعه بالعين المؤجرة هو المسئولية العقدية التي تقضى قواعدها بتعويض الضرر المباشر المتوقع الحصول إلا إنه إذا كان المؤجر قد إرتكب غشًا أو خطأً جسيمًا فيعوض المستأجر عندئذ عن جميع الأضرار المباشرة ولو كانت غير متوقعة الحصول"( 9 ). يلاحظ أن محكمة النقض، وان أخذت في هذا القرار بجواز الخيرة بطريقة غير مباشرة، إلا أن ذلك يعود ليس إلى (إهمال) المدين إهمالا يسيرا، بل اشترطت ذلك في حالتي الغش والخطأ الجسيم، وبعبارة أخرى؛ يدلل القرار على أن محكمة النقض، غير متحمسة لتطبيق المسؤولية التقصيرية، وإنما ضيقت من تطبيقها بشروط وردت في القرار المذكور، كما أن المحكمة لم تشر صراحة إلى جواز الخيرة.
أما القائلون بعدم الخيرة– وهم الأغلبية( 10 )- ، فيرون بأن دعوى المسؤولية العقدية، تجبٌّ دعوى المسؤولية التقصيرية، ذلك أن الدائن لم يعرف مدينه إلا من خلال العقد، ومن ثم فان كل علاقة تقوم بينهما بسبب هذا العقد، يجب أن يحكمها العقد وحده. كما يستندون في رأيهم إلى أن المسؤوليتين تتعارضان في الأساس، بمعنى أن المسؤولية العقدية تقوم بين متعاقدين يربطهما عقد، فيما تقوم المسؤولية التقصيرية بين أجنبيين، ولا يمكن أن يجمع الشخص بين وصف المتعاقد ووصف الغير في وقت واحد، وعلى ذلك لا بد من الوقوف عند حد المسؤولية العقدية وحدها( 11 ). كما يستند أنصار عدم الخيرة، إلى مبدأ سلطان الإرادة، فإبعاد المسؤولية التقصيرية يرجع إلى بند ضمني، يفترض فيه أن طرفي العقد بإبرامه قد نزلا عن نظرية القانون العمومي في المسؤولية التقصيرية، ليجعلا العقد قانونهما في المسؤولية(12) ويورد كثير من أنصار عدم الخيرة استثناءات على مبدئهم؛ فيجيزون الخيرة في الأحوال التي يشكل فيها الإخلال بالالتزام العقدي جريمة، أو يرجع إلى غش، أو خطأ جسيم، على أن قسم آخر منهم يرون بعدم الخيرة مطلقا(13) ويبدو من الرجوع إلى أحكام محكمة النقض المصرية، أن المحكمة تتبنى مبدأ عد م الخيرة مع استثناءاته التي ذكرتها، ففي حكم حديث نسبيا لها قررت:" المقرر في قضاء محكمة النقض أنه لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب عل ى الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة، إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذي لح ق بأحد المتعاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشا أو خطأ جسيما مما تتحقق به في حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقدا أو غير متعاقد وأن استخلاص عناصر الغش وتقدير مما يثبت به من عدمه في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض متى كانت الوقائع تسمح بذلك(14) وأرى أن اتجاه محكمة النقض، هو الأسلم ويتفق مع مبدأ سلطان الإرادة، فعندما يدخل الأطراف بعلاقة عقدية، فان الإرادة المفترضة أو الضمنية - القاضية بأن يقوم العقد بحكم علاقتهم وبالتالي مسؤولياتهم- لا تتوفر في حالة ما إذا لجأ أحد الأطراف إلى المسؤولية التقصيرية لمسائلة الطرف الآخر، في أحوال الغش والخطأ الجسيم والجريمة، لأنه لا يتصور أصلا أن تتوافق الارادتين على السماح لأحد المتعاقدين بارتكاب أي من هذه الأفعال.
______________
1- العمروسي، أنور: المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية في القانون المدني ، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2004 ، ص 18
2- مرقس، سليمان: الوافي في شرح القانون المدني، ج 1، في الالتزامات، المجلد الأول، في الفعل الضار والمسؤولية المدنية، القسم الأول، في الأحكام العامة،ط5 1992 ، ص69
3- العمروسي، مرجع سابق، ص 18 . مرقس، الوافي، ج 1، مرجع السابق، ص 71 .
4- أبو السعود، رمضان: النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام ،الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2002 ص 322
5- أخذ قانون المخالفات المدنية صراحة بعدم الجمع بين المسؤوليتين، فقد نصت المادة ( 63 ) من قانون المخالفات المدنية على انه:" لا يجوز لأي شخص أن ينال تعويضًا عن الإخلال بشروط عقد، أو بشروط التزام يماثل الالتزامات الناشئة عن العقد، إذا كان ذلك الإخلال يكون أيضًا مخالفة مدنية وكان ذلك الشخص أو شخص آخر يدعى عن طريقه، قد حكمت له محكمة بتعويض أو بنصفة أخرى عن تلك المخالفة المدنية".
6- السنهوري،عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام بوجه عام، ج 1، مصادر الالتزام ، بيروت، دار إحياء التراث، دون سنة نشر ، ص 758 .
7- في تفصيل ذلك: زكي، محمود جمال الدين: مشكلات المسؤولية المدنية،ج 1، القاهرة، مطبعة جامعة القاهرة، 1978 ص 488 وما بعدها. عامر، حسين وعامر، عبد الرحيم: المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ، ط 2، دار المعارف، 1979 ، ص 107 وما بعدها.
8- في تفصيل هذا الرأي: السنهوري، الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 758 .
9- الفقرة السابعة من الطعن رقم 0350 لسنة 30 بتاريخ 11 /11/1965 سنة المكتب الفني 16
10- أبو السعود، النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 323 .
11- من هذا الرأي الأستاذ السنهوري، مؤلفه: الوسيط، ج 1، مرجع سابق، ص 759 .
12- زكي، مشكلات المسؤولية، ج 1، مرجع سابق،ص 481
13- المرجع السابق، ص 682.
14- الفقرة الثانية من الطعن رقم 0530 لسنة 58 بتاريخ 29/ 2 /1996 سنة المكتب الفني 47 الفقرة الرابعة من الطعن رقم 2384 لسنة 54 بتاريخ 4/4/ 1990 سنة المكتب الفني 41
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|