القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
تعريف الدعوى الحادثة في التشريع اللبناني
المؤلف:
كمال رحيم عزيز العسكري
المصدر:
امتداد الاختصاص في القضاء المدني
الجزء والصفحة:
ص 84-88
2025-05-29
38
أستعمل المشرع اللبناني مفردة الطلبات الطارئة للدلالة على الدعوى الحادثة ، ، والتي عالجها في المواد (28-49) من قانون أصول المحاكات المدنية اللبناني، حيث قسم تلك الطلبات إلى قسمين أيضا، وهما "طلبات أصلية المحكمة عند نظرها الطلب الأصلي، وهي ما تكون الأساس في إقامة الدعوى، وطلبات أخرى تقدم أثناء نظر الطلبات الأصلية أطلق عليها "الطلبات الطارئة (1) ، ويتضح لنا مما تقدم أن التشريعات محل المقارنة لم تستعمل تسمية موحدة للدعوى الحادثة على الرغم من إنها تقترب في معالجتها لأحكامها ، كما إنها لم تضع تعريفا لها للدلالة عليها، وأن خلو هذه التشريعات من التعريف للدعوى الحادثة هو مسلك محمود ويحسب للمشرع إذ أن وضع التعريفات لا تدخل ضمن حيز الاختصاص التشريعي للمشرع، ولا يعد من مهامه الاساسية، كما أن وضع التعريف الجامع المانع يشكل صعوبة لما يشهده العصر من تطورات متلاحقة لا مجال لحصرها ضمن أطار واحد.
والأصل أن الدعوى تكون محددة النطاق والمضمون بما تتعلق به من سبب وموضوع حيث يتحدد المدعي بما قدم من طلب في عريضة دعواه (2) إذ لا يجوز له تقديم طلبات اخرى استنادا لمبدأ ثبات النزاع (3) إلا أن المشرع ورغبة منه في تلافي قيام النزاع ذاته بدعوى جديدة بين الخصوم انفسهم، وما يتولد عنها من أحكام قد تصدر متناقضة فيما بين الدعاوى كما يكون لها الدور المهم في توفير الجهد والوقت والنفقات (4) ويهدف المشرع أيضا إلى عدم تعقيد الدعوى بما يستجد من طلبات تعيق الدعوى عند السير بها (5) وحيث ان المدعي كان قد افصح بعريضة دعواه الاصلية عما يطلبه من المدعى عليه الذي توارد إلى علمه بما هو مطلوب منه من خلال تبلغه بعريضة الدعوى المتضمنة لطلبات المدعي حيث اعد دفوعه ورتب وسائله الدفاعية على ضوء ما ورد فيها، وبالشكل الذي يؤمن به موقفه من عنصر المفاجأة والمباغتة التي ربما يلجأ اليها المدعي عند بدء المرافعة ، وهو ما تأباه، العدالة وحسن سيرها (6) .
ويلاحظ أن المشرع قد اراد وطبقا لمبدأ ثبات النزاع ضمان مركز المدعى عليه وحمايته من تلاعب المدعي بتغير دعواه، وتبديلها، أو إضافة مطالب أخرى إليها الأمر الذي يجعل المدعي عليه تحت رحمة المدعي من خلال ما يقوم به من تقلبات وتغيرات (7) التي تنعكس على النزاع المعروض على المحكمة بشكل واضح مما يجعل الخصومة طويلة الأمد يصعب على المحكمة حسمها وقول الكلمة الفصل فيها الامر الذي يخرج زمام المبادرة من يدها في توجيه الخصومة بالاتجاه القانوني الصحيح.
وقد سمح المشرع للمدعي بتعديل طلباته من خلال تقديم طلبات طارئة تعمل كطلب أضافي لتصحيح الطلبات المقدمة من قبله بما يتلاءم وأدلة الاثبات التي ساقها إلى المحكمة التي تنظر دعواه، وعند تقديم تلك الطلبات في أثناء نظر الدعوى الأصلية وقبولها من قبل المحكمة فأن ذلك لا يعني إلغاء الطلب الأصلي، ويكون للمحكمة التي تفصل في الدعوى الأصلية أن لا تستجيب (للدعوى الحادثة)، كما وتلتزم المحكمة بحدود ما قدم إليها من طلبات، فلا يجوز للمحكمة أن تحكم بما زاد عن موضوع الطلب المقدم لها، وعلى الأطراف في الدعوى عدم الخروج عن النطاق المحدد لطلباتهم وما يتعلق بها من أدلة اثبات ودفوع ، وتجدر الإشارة إلى أن كثرة الطلبات تؤدي إلى أعاقة الفصل في الدعوى وتأخير حسمها، إلا أن تحقيق العدالة وما يقتضيه حسن سير القضاء ورغبة من المشرع بحسر الخصومات وعدم تعددها بشكل قد يؤدي إلى اشغال القضاء وارباك المحاكم بدعوى من الممكن حصرها لارتباطها من الناحية الموضوعية الامر الذي يمنع تناقض الأحكام عند صدورها في الموضوعات المتشابهة ، وهذا ما يكون انعكاسه واضحا على تكاليف الدعوى وعدم تفرق الجهد وضياع الوقت.
وعليه فإن عرض الدعوى الحادثة على محكمة الاستئناف لا يعني تقديم طلبات جديدة وهو ما يتعين عليها رفضه طبقا لسلطتها التقديرية ومن تلقاء نفسها لارتباط مبدأ التقاضي على درجتين بالنظام العام (8) ولهذا ليس من الجائز أن يقوم المستأنف أو المستأنف عليه بطرح طلبات موضعية لم تطرح سابقاً عندما كانت الدعوى تنظر أمام محاكم الدرجة الأولى(9) ولذلك فالمدعي أن يزيد أو ينقص من قيمة الطلب المقدم في عريضة دعواه وله أن يصحح أو يعدل أو يبدل في موضوع دعواه على أن يبقى السبب القانوني كما هو دونما تبديل أو تعديل فمثلاً يحق للمدعي أن يطلب من المحكمة في دعواه الحادثة تنقيص قيمة طلبه، كما لو رفع دعواه للمطالبة بدين وظهر له فيما بعد أن مطالبته اقتصرت على جزء من المبلغ دون المبلغ الكلي للدين فله أن يقوم بتصحيح في موضوع دعواه بالزيادة أو العكس ، أو أنه طالب بفسخ العقد في دعواه وتبين له أن التنفيذ أفضل والعكس جائز ، فله أن يطلب تبديل دعواه بدعوى حادثة يرفعها عند السير في الدعوى الأصلية طالباً ذلك ويحق له التعديل عند رفعه لدعوى وقف الاعمال الجديدة في حالة المطالبة بمنع التعرض كذلك يحق له أن يضيف على طلبه الأصلي اسباباً أو أن يغير تلك الأسباب، مع بقاء موضوع الطلب كما هو دونما تغير أو تعديل كما لو طالب المدعي بملكية عقار بسب عقد مبرم بينه وبين المدعى عليه (10) ، ثم قدم بعد ذلك سبباً آخر جديد لكسب الملكية ذاتها كالتقادم المكسب، أو أنه استبدل سبب دعواه بسبب أخر كالميراث، فهذه الحالات يمكن معها تعديل السبب، والموضوع إلا أنه لا يجوز الجمع بين الحالتين معاً في الوقت نفسه لأن ذلك يؤدي إلى اختلاف الطلب الأصلي سبباً وموضوعاً وهو ما لا يجوز قبوله كدعوى حادثة (11) وكذلك الحال بالنسبة للمدعى عليه.
أن الأصل أن مركز المدعى عليه يكون منحصراً في نطاق الدفاع فيعمل على تقديم الدفوع الرامية إلى تفادي ما قد يحكم به نتيجة لما قدمه المدعي من طلبات حيث يذهب باتجاه تفنيدها أو تأجيل الفصل بها، إلا أن الاستثناء هو الذي منح المدعى عليه الحق بتقديم الدعوى الحادثة "المقابلة" والتي تغير من مركزه إذ تجعله ينتقل من مركز الدفاع إلى مركز الهجوم والمطالبة من خلال ما يقدمه بدعواه الحادثة الحكم لصالحه بموجب الطلبات الجديدة التي يسوقها للمحكمة لمواجهة دعوى المدعي ، وعليه فأن موقفه يتغير ليصبح مدعياً وهو ما يجعل نطاق الخصومة يتسع ، فعلى المحكمة وطبقا لمبادئ الخصومة المدنية أن تستجيب للطرفين معا دونما تمييز بين الأطراف المتخاصمين في الدعوى من ناحية المراكز، وتعمل على توفير الحماية القضائية عند تقديم الطلب إليها بذلك، وبهذا الصدد قضت محكمة النقض بقرار لها جاء فيه "المحكمة مقيدة في قضائها بطلبات ..الخصوم.... (12).
وبما ان المطالبة القضائية ما هي إلا العمل الذي يرفعه الشخص إلى القضاء متضمنا طلباته التي يطالب المحكمة الحكم له بها (13) فلا يجوز للمحكمة ومن تلقاء نفسها أن تقدم تلك الحماية مالم يتم تقديم الطلب إليها من قبل صاحب العلاقة والمصلحة بذلك كون ذلك يتنافى المبادئ الاساسية لقانون المرافعات (14) ، وإن تلتزم بما جاء بذلك الطلب دونما زيادة منها أو انتقاص لغرض حماية الحقوق والمراكز القانونية كما ويترتب على اطراف الدعوى عدم الخروج عن نطاقها إذ أن الطلب القضائي يمثل تعبير عن رغبة أحد الخصوم في اصدار الحكم لصالحة (15) لذا يتوجب أن تكون الدعوى الحادثة محددة تحديداً نافياً للجهالة عند تقديمها وان تكون طبقاً لما هو مقرر لها قانونا وإلا كان مصيرها عدم القبول من قبل المحكمة التي قدمت اليها، إذ أن الدعوى الحادثة تقدم بعد تقديم الدعوى الأصلية، وفي أثناء نظرها والمرافعة بها، وقبل ختامها من قبل المحكمة(16).
وحيث أن المحكمة إنما تمارس سلطتها بالسماح لصاحب الطلب بتقديمه طبقاً للنص الصريح على ذلك قانونا (17) فقد أجاز القضاء ذلك مشترطا تقديم الدعوى الحادثة بشكل تحريري عن طريق لائحة كتابية على أن يتم إطلاع الطرف الآخر على تلك اللائحة (18) وتزويده بنسخة منها، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض المصرية بقرار لها كان قد نص على "فأذ لم يثبت علم الخصم الآخر بهذه الطلبات فانه لا يعتد بها ولا تلتزم المحكمة بالفصل فيها (19) وكذلك قرار ذات المحكمة الذي نص على فإن فصلت فيها برغم ذلك كان حكمها معيبا لأنه يتعدى على أصل من أصول المرافعات (20) .
ولكل ما تقدم فإن الدعوى الحادثة ترفع الى المحكمة التي تنظر الطلب الأصلي على ألا تكون تلك الدعوى تخرج عن ما تختص به تلك المحكمة من دعاوى(21).
___________
1- الفقرتان (1 و 2) من المادة (68) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني .
2- الياس أبو عيد نظرية الدعوى في أصول المحاكمات المدنية بين النص والاجتهاد، ط1 منشورات الحلبي، بیروت ، 2003 ، ص165.
3- هادي حسين عبد علي الكعبي، الدعوى الحادثة دراسة تأصيلية مقارنة اطروحة دكتوراه ، كلية القانون، جامعة بغداد، 2006 ، ص 1
4- د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، دار الكتب للطباعة والنشر - جامعة الموصل، 2000 ،ص302
5- د. فتحي والي، قانون القضاء المدني اللبناني، ط1، دار النهضة العربية، بيروت لبنان، 1970 ،ص674.
6- الياس أبو عيد نظرية الدعوى في أصول المحاكمات المدنية ، مصدر سابق،ص342.
7- عبد الرحمن العلام ،شرح قانون المرافعات المدنية رقم ( 83 ) لسنة 1969 ، ج 2 ، مطبعة العاني، بغداد، 1972، ص224.
8- المادة (192) من قانون المرافعات المدنية العراقي تقابلها المادة (235) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري ، والمادة (662) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني المعدلة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 85/20 المادة (1)
9- د. محمد نصر محمد أصول الدفوع ، والمحاكمات ط1، الراية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2012 ، ص398.
10- د. محمد كمال عبد العزيز قنين المرافعات المدنية في ضوء القانون والفقه ، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1995 ، ص 299
11- د. وجدي راغب ، مبادئ القضاء المدني، ط1 ، دار النهضة العربية القاهرة 2001 ،ص481.
12- قرار محكمة النقض 27 فبراير 1977 سنة 28 قضائية ، ص 3527 اشار اليه د. ابراهيم النفياوي، مبادئ الخصومة المدنية ط1 دار النهضة العربية للنشر القاهرة 2015 ص165.
13- د.خيري عبد الفتاح السيد البتانوني، نظرية الانعدام الاجرائي في قانون المرافعات ، ط2، دار النهضة العربية القاهرة 2012 ، ص79، ود. محمد كمال عبد العزيز تقنين المرافعات ، ج1، ط3، القاهرة، 1995 ، ص 1145.
14- د. نبيل اسماعيل عمر، قانون اصول المحاكمات المدنيةط1 منشورات الحلبي الحقوقية 2008 ،ص266.
15- د. ابراهيم النفياوي، مبادئ الخصومة، مصدر سابق ،ص166.
16- د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، دار الكتب للطباعة والنشر - جامعة الموصل، 2000 ،ص303
17- د. نبيل اسماعيل عمر، سقوط الحق في اتخاذ الأجراء في قانون المرافعات، منشأة دار المعارف، الاسكندرية 1989 ، ص126
18- د. أحمد محمد لطفي احمد أصول التنظيم القضائي في الفقه الاسلامي ، ط1، دار الفكر الجامعي الاسكندرية 2007 ، ص 192
19- نقض 20 ابريل 1978 المجموعة 1052/29 ، أشار إليه د. ابراهيم النيفياوي، مبادئ الخصومة مصدر سابق ص165
20- نقض 4 نوفمبر 1975 المجموعة 1359/36 اأشار إليه د. ابراهيم النفياوي ، المصدر السابق ص 165
21- المادة (72) من قانون المرافعات المدنية العراقي وتقابلها ( (127) من المرافعات المدنية والتجارية المصري وتقابلها المادة (34) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني