القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
نطاق اتفاق الخصوم على مخالفة الاختصاص
المؤلف:
كمال رحيم عزيز العسكري
المصدر:
امتداد الاختصاص في القضاء المدني
الجزء والصفحة:
ص 127-136
2025-05-28
60
ان الاجراءات التي تتخذ من قبل المحكمة في الدعوى اعتماداً على شروط حددها المشرع لغرض قبول الدعوى من قبلها لغرض الفصل فيها؛ كونها تمثل أمراً مستقلاً عن ما إذا كانت المحكمة المعروض عليها الدعوى ذات اختصاص يؤهلها لنظر تلك الدعوى والفصل فيها ام لا؛ لعدم اختصاصها ، أو صلاحيتها التي تحول دون ذلك ، إذ أن الفصل في الاختصاص يستند على التكيف القانوني لطلبات المدعي التي تكون بمعزل عن اجراءات المحكمة التي تتبعها في التحقق من استيفاء الدعوى وشروط قبولها (1).
و اتفاق الخصوم على التقاضي أمام محكمة غير المحكمة التي رفعت إليها الدعوى، أمر يجيز للمحكمة احالة تلك الدعوى إلى المحكمة التي تم الاتفاق عليها من قبل الاطراف (2) لذا يتوجب أن ترفع الدعوى أمام القضاء المختص بنظرها فعندما تكون المحكمة غير مختصة لا يكون لها حق النظر بتلك الدعوى وان اتفق الخصوم على منحها حق النظر بدعواهم بموجب الاتفاق (3) كما ان اتفاقهم يجب أن يكون لاحقاً على اقامة الدعوى فإن كان سابقاً لها كان دفعاً بعدم الاختصاص وليس اتفاق (4).
ان المشرع المصري كان أكثر استجابة لطلب الخصوم عند اتفاقهم من المشرع العراقي، اذ نجده قد حدد وبشكل صريح الاجراء الذي يتم اتخاذه من قبل المحكمة والمتمثل بإحالة الدعوى إلى المحكمة التي تم الاتفاق عليها بين أطراف الدعوى بموجب المادة (111)، على الرغم من ان المشرع العراقي أجاز هو الآخر الاتفاق الذي يتم بين الخصوم حول اختصاص المحكمة ، إلا أنه جاء بنص مقتضب في نهاية الفقرة الأولى من المادة ( 37/1) من قانون المرافعات المدنية مفاده جواز اتفاق الخصوم على اختيار المحكمة التي تنظر دعواهم إلا أنه لم يحدد فيما إذا كان الاتفاق قد تم على محكمة ورفع الدعوى قد تم أمام محكمة أخرى، الأمر الذي يسوده في كثير من الاحيان الاجتهادات التي ربما لا تكون بمصلحة الطرف الضعيف في الدعوى والذي شرع هذا النص لمصلحته خصوصا وان هذا النص لا يرتبط بالنظام العام .
لذا نقترح أن يحذو المشرع العراقي حذو المشرع المصري الذي فصل الاجراءات التي على المحكمة اتباعها عندما يتم الاتفاق بين الأطراف على نزع الاختصاص منها وتفويضه لمحكمة أخرى وطبقاً لاتفاقهم ولما تقدم لابد من طرح التساؤلات عن مدى تأثير هذا الاتفاق على كل من المحكمة التي تنظر الدعوى والدعوى ذاتها وأطراف الدعوى من مدعي ومدعى عليه وكذلك مدى تأثيره على الغير؟ وحيث ان الآثار تباينت في كل من التشريع العراقي والتشريع المصري واللبناني وكما يأتي :-
اولاً: التشريع العراقي
ان مخالفة قواعد الاختصاص المحلي لعدم تعلقها بقواعد النظام العام أمر جائز، إلا أنه لا يجري على إطلاقه إذ أن هنالك بعض الاستثناءات والمحددات التي تتعلق بمقتضيات وظيفية تستند إلى النظام العام في تطبيقها كما هو الحال في مسائل الإفلاس (5) لذا فأن ما يخص المحكمة من تأثير ينعكس عليها كونها تستند في اصدار حكمها بأحقيتها بنظر تلك الدعوى على أسباب لا تحوز الحجية إلا بخصوص هذا الحكم الذي أصدرته ، وهو بذلك يكون مرتبطا بها ارتباطا يجعلها ملزمة أي المحكمة بالتحقق وبيان مدى تعلق قواعد النظام العام بتلك الدعوى، إذ يكون للمحكمة من خلال ذلك أن تقضي باختصاصها أو عدم اختصاصها من تلقاء نفسها (6) أو عن طريق ما يقدمه صاحب المصلحة من دفع.
ويتحتم على المحكمة عند قضائها بعدم الاختصاص، أن تقوم بإحالة تلك الدعوى وكيفما تكون عليه من حالة إلى المحكمة التي تختص بها وفقا لما ينظمه القانون، ولا يجوز الطعن أو استئناف قرار الإحالة على محكمة أخرى بشكل منفرد عن القرار الفاصل في الدعوى كونه قراراً اعدادياً وبهذا قضت محكمة استئناف بغداد الرصافة بصفتها التمييزية في قرار كان قد نص على"... وان هذا القرار لا يقبل الطعن به تمييزاً على انفراد إلا مع القرار الفاصل في الدعوى لذا قرر رد العريضة التمييزية شكلا وتحميل المميز... "(7) و هو اتجاه مماثل لما قضت به محكمة النقض المصرية في قراراً لها كان مضمونه... ان القرار الصادر بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى من دوائر المحكمة استناداً إلى التنظيم الداخلي للمحكمة لا يعد قضاء بعدم الاختصاص ولا يجوز استئنافه... "(8).
وعليه فإن المحكمة عندما تتحقق من عدم اختصاصها بالدعوى المرفوعة لديها، فأنها تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ، وتحيلها إلى المحكمة المختصة بنظرها مع الاحتفاظ بما دفع من رسوم قضائية ؛ ويتم تبليغ الطرفين أو الحاضر منهما بمراجعة المحكمة المحال عليها الدعوى خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الاحالة (9) وفي حال ما اذا كانت المحكمة المحال عليها الدعوى ترى إنها غير مختصة بالفصل بتلك الدعوى، اعتزلت النظر ليكون قرارها والحالة هذه قابلة للتمييز لدى محكمة استئناف المنطقة بصفتها التمييزية التي تقضي باختصاص أي المحكمتين في الدعوى وهذا ما سلكه المشرع العراقي في هذه الحالة(10) .
ثانياً: التشريع المصري
سلك المشرع المصري مسلكا أخر في الزامه للمحكمة التي احيلت عليها الدعوى نتيجة لاتفاق اطرافها على عقد الاختصاص لتلك المحكمة ان تعمل على النظر في تلك الدعوى والفصل بها(11) وان كانت المحكمة المحال عليها الدعوى ملزمة بالفصل فيها؛ إلا أن ذلك الالتزام يكون محدوداً ، بالأسباب التي بنت المحكمة عليها قرارها بعدم الاختصاص واحالة الدعوى تبعاً لذلك (12) كما ان الاتفاق بين الخصوم على اختصاص محكمة أخرى غير المحكمة المختصة بنظر الدعوى لا يسلب محكمة موطن المدعى عليه اختصاصها "كونها المحكمة المختصة أصلاً وعلة ذلك مؤداه للمدعي الخيار في رفع الدعوى أمام أي من المحكمتين"(13).
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة التي يتم الدفع امامها بإحالة الدعوى للاتفاق لها ان ترفض متى ما كانت تلك المحكمة قد قطعت شوطاً طويلاً في نظرها للدعوى الأمر الذي يضر بسير العدالة في حال احالة تلك الدعوى (14) .
أما عن تأثير الاتفاقات بين الخصوم على الدعوى المنظورة ، كونها تمثل "طلب شخص من آخر حقه أمام القضاء (15) أو هي "الحق الذي يعود لكل ذي مطلب بأن يتقدم به الى القضاء للحكم له بموضوعه (16) أو هي مجموعة من الاجراءات التي تتخذ فيها من قبل المحكمة منذ وقت رفعها لغاية الفصل فيها (17) فالدعوى هي وسيلة تحريك الحماية القضائية للحق لذا فأنها تمثل وسيلة يتحرك من خلالها القضاء، وحيث ان الدعوى تعتبر ضمانة من الضمانات التي احاط بها المشرع الأفراد لغرض المحافظة على الحقوق واستيفائها (18) فهي لائحة مكتوبة تقدم من قبل المدعي يطلب بموجبها الحماية القانونية ، فهي بما تطرحه من وسائل موضوعية تمثل محور القضية(19) وحق الدعوى حق مقدس لا يجوز للأفراد الاتفاق بخلافه فالاتفاق بهذه الصورة يمثل اخلال بحق مقدس تحتمه المصلحة العامة ويحميه النظام العام ، إلا أن هذه الصفة لا تنفي الاتفاق على تقيده، كما في حالة اتفاق الخصوم على حل النزاعات فيما بينهم عن طريق التحكيم، بدلاً من اللجوء إلى محاكم القضاء العادي، فالتحكيم لا ينزع المحكمة اختصاصها من نظر الدعوى بل يمنعها من سماع تلك الدعوى إذ أن مشارطة التحكيم بين الأطراف يترتب عليها عدم قبول تلك الدعوى من قبل المحكمة (20) ، أو أن يتم اتفاقهم على ان يكون النزاع بينهم مقصوراً على درجة واحدة من درجات القضاء (21) كأن يكون نزاعهم مقصوراً على نطاق المحكمة الابتدائية فقط دون غيرها .
وفيما يتعلق باتفاق أطراف الدعوى وهوما أجازه المشرع للخصوم بشكل يجعل اختصاص محكمة اخرى تنظر الدعوى خلافا للمحكمة المختصة محليا بنظرها (22) فعند الاتفاق على اختصاص محكمة بنظر دعواهم يكون للمدعي الخيار بين رفع الدعوى أمام المحكمة التي تم الاتفاق عليها من قبل الطرفين ، أو أمام المحكمة الأصلية المتمثلة بمحكمة المدعى عليه ، إذ أن الاتفاق لا ينزع الاختصاص الأصلي لتلك المحكمة(23) وكذلك فلا يجوز له بالاحتجاج بعدم اختصاص المحكمة كونه هو من رفع الدعوى وبهذا فلا يجوز له الاعتراض على ذلك الاختصاص فهو مخير بين رفع الدعوى لدى محكمة المدعى عليه، أو لدى محكمة الاتفاق.
وجواز الاتفاق المذكور لا يسمح للمدعي بأن يتعسف في استعماله لخيار المحكمة ، فرفع الدعوى أمام محكمة تكون مصلحته من ورائها ارهاق الخصم والنكاية به هو أمر غير جائز (24) وفي حالة تمام الاتفاق بين طرفي الدعوى على رفعها امام محكمة معينة غير مختصة اصلاً بنظر دعواهم مكانيا"، فالاتفاق يكون ملزما لأطرافه، وكذلك يلزم المحكمة أيضاً، فلا يكون لها أن تقبل دفعا بعدم اختصاصها (25) إلا أن اختصاص المحكمة طبقاً لهذا الاتفاق لا ينفي أو يسلب اختصاص المحكمة الأصلية التي يقع ضمن دائرتها محل إقامة المدعى عليه إذ يقوم كلا الاختصاصين مع بعضهما مع منع الجمع بينهما، إذ يكون للمدعي الخيار بين رفع تلك الدعوى أمام المحكمة المختصة بموجب الاتفاق أو أن يرفعها أمام المحكمة المختصة بصورة أصلية كونها محكمة موطن المدعى عليه (26) مع مراعاة أن لا يكون الاتفاق قد عقد مقدماً على مخالفة قواعد الاختصاص المكاني التي وضعها المشرع مراعاة وحماية للطرف الضعيف في النزاع كما في حالة التأمين التي يكون فيها صاحب الشركة فارضاً لإرادته على العقد منذ البداية.
ولهذا فإن الاعتبارات المقصودة من قبل المشرع تكمن في عدم جواز الاتفاقات مقدما لمخالفة قواعد الاختصاص في الحالة المذكورة (27) وبهذا تنتفي الخشية من إملاء الارادة في عقود الأذعان وقت ابرامها وتبقى الإرادة في قبول الاختصاص أو عدم قبوله بعد رفع الدعوى (28) ولا يشمل منع المشرع للاتفاقات في الدعاوى التجارية المتضمنة الموطن المختار بالنسبة للمدعى عليه، وإنما قصد بالمنع بموجب الاتفاق الذي ينص على عدم اعطاء الاختصاص لمحكمة أو محاكم ليس من ضمنها محكمة المدعى عليه (29) وجواز الاتفاق من قبل المشرع على جعل الخصومة تنعقد لمحكمة غير مختصة ، إنما يأتي بسب عدم تعلق قواعد الاختصاص المحلي بالنظام العام ، ولهذا يمكن الخروج عليها ومخالفتها (30) كونها وضعت مراعاة لمصلحة الخصوم الخاصة وليس لغرض عام (31) .
وبالنسبة للمدعى عليه فيكون الاختصاص لمحكمته أصلاً مالم ينص القانون على خلاف ذلك (32) ولهذا فأن للمدعى عليه الامكانية ان شاء الاستفادة من ما منحه المشرع من سمة تمكنه من أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة المحلي والدفع به شريطة أن يتم ذلك قبل الدخول بأساس الدعوى والخوض بمندرجاتها (33) والعلة في ذلك تكمن في أن المشرع هدف من خلال نشر تلك المظلة، بإعطاء محكمة المدعى عليه اختصاص النظر بالدعوى، مراعاة لظروفه ومركزه الضعيف في الدعوى ، فيكون له إهمال تلك المصلحة وعدم اعمالها عن طرق تنازله عن حقه القانوني الذي أوجدوه المشرع لمصلحته (34) فالدفع بعدم الاختصاص يحضر على المحكمة السير في الدعوى القضائية والفصل بها لخروجها عن الولاية المرسومة لتلك المحكمة بموجب القانون، وهو من الدفوع الشكلية التي تلزم من يتمسك بها تقديمها قبل الحديث بموضوع الدعوى، وإلا سقط الحق في ابدائه (35) .
ومن الجدير بالذكر ان المشرع قد منح المدعى عليه هذا الاستثناء بناء على كونه الطرف الضعيف في الدعوى غالباً (36) لذا فإن المدعى عليه عندما لا يعترض له بشكل صريح، صريح، أو ضمني فهذا ما يعني أنه قد تنازل عن ما منحه المشرع واستثناه لدواع خاصة راعى بها مصالح المدعى عليه ، وهو أعرف بمصالحة عند عدم التمسك بذلك الدفع ، ويتحتم على المحكمة الأخذ بالاعتراض على الاختصاص المكاني المقدم بعريضة وصلت إلى المحكمة قبل الدخول في موضوع الدعوى في المرافعة الغيابية وهذا ما سارت عليه محكمة التمييز في قرار لها (37) و على كل حال فإن الدفع بعدم الاختصاص المكاني يسقط بعد الدخول بأساس الدعوى، وسكوت المدعى عليه وعدم ابداءه لذلك الدفع انما هو اسقاط لحقه ، ولا يحق له أن يتمسك بالاختصاص المكاني بعد ذلك (38) إذ أن سكوته يعد قبولا منه باختصاص المحكمة ورضاء منه بذلك (39) ولأن الاختصاص يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها فالتساؤل هنا عن مصير الدعوى عند نظرها من قبل محكمة أخرى غير المحكمة المتفق عليها من قبل الخصوم انفسهم والتي هي محكمة مختصة اساساً بنظرها إلا أن اتفاق الخصوم حال دون ممارستها لسلطة الاختصاص المكاني تلك، هل تبطل من قبل المحكمة غير المتفق عليها أم أنها تستمر بنظرها؟
ان للدعوى طابعاً اختيارياً في اقامتها في ظل الاختصاص المكاني، وهوما يجعل صاحبها غير ملزما بالقيام بإجراءاتها في بعض الاحيان فهي سلطة قانونية، تتمثل هي إمكانية اللجوء إلى القضاء بشكل طوعي (40) ، لذا فهي لا تبطل من قبل المحكمة، وانما تحال من قبل المحكمة ذات الصلاحية وبحسب الاتفاق الذي تم بين الأطراف على اختيار محكمة أخرى (41) مع الاحتفاظ للمدعي بما دفع من رسوم لتلك الدعوى.
وفيما يتعلق بالاختصاص الولائي الوظيفي للمحكمة فمن حيث الحجية تكون تلك الأحكام مرتبطة بالنظام العام الأمر الذي يحتم على المحكمة ، أن تطبق هذه القواعد من تلقاء نفسها إذ لا يحق للأطراف الاتفاق على عقد الاختصاص لمحكمة غير مختصة ولائي (42) وهو ما يعطي الحق في الوقت ذاته لأي طرف من أطراف الدعوى التمسك بعدم اختصاص المحكمة والاحتجاج بذلك في أي مرحلة من مراحل الدعوى لذا فإن اقامة الدعوى لدى محكمة غير مختصة وظيفيا بنظرها يمنحها الحق بموجب القانون ان تقضي ومن تلقاء نفسها بعدم اختصاصها الولائي ، إذ يتحتم عليها أن ترد تلك الدعوى لعدم اختصاصها الولائي للفصل فيها (43)
ومما تجدر الاشارة إليه أن المشرع العراقي كان قد سار بإتجاه غير الذي سار عليه المشرع المصري في حال ما إذا كانت احالة الدعوى لعدم الاختصاص إلى المحكمة المختصة ، إذ أنه اعطى الحق للمحكمة المحال عليها الدعوى من كف يدها عن الدعوى المحالة إليها عندما ترى انها غير مختصة بالفصل فيها ، ويكون قرارها قابل للطعن به تمييزا (44) في حين نجد ان المشرع المصري كان قد ألزم المحكمة المحال عليه الدعوى بنظر تلك الدعوى (45) ولذلك فإن صدور الحكم من جهة قضائية غير مختصة وظيفياً لا يكون له من الحجية ما يمكنه من الصمود أمام الجهة صاحبة الاختصاص.
ثالثاً: التشريع اللبناني
ذهب المشرع اللبناني بذات الاتجاه الذي سار عليه المشرعين العراقي والمصري في عدم إجازته للاتفاق الذي يبرم بين اطراف الدعوى عند تعلق ذلك الاتفاق بالنظام العام، الا انه سمح بمخالفتها والخروج عليها في بعض الاحيان وقد حدد تلك الحالات المسموح بها وان كانت متعلقة بالاختصاص القيمي الذي يرتبط بقواعد النظام العام بشكل غير قابل للتجزئة، إلا أنه يكون ملزما لأطرافه و للمحكمة التي تنظر الدعوى، وقد قصد المشرع من وراء ذلك مصلحة المتقاضين الخاصة التي وضع لها اعتبارات خاصة فقدمها على بعض القواعد العامة ، إذ منح الخصوم الحق في الاتفاق الاحق على نظر دعواهم لدى محكمة غير مختصة قيمياً "اذا اقيمت دعوى امام الغرفة الابتدائية وكان اختصاص النظر فيها يعود إلى القاضي المنفرد التابع معها لمحكمة الدرجة الأولى نفسها فتعلن الغرفة عدم اختصاصها وتحيل الدعوى اداريا إلى القاضي المنفرد . ويسري الحكم نفسه عندما تقام أمام القاضي المنفرد دعوى من اختصاص الغرفة الابتدائية ، فيتعين عليه عندئذ أن يحيلها ادارياً الى هذه الاخيرة .
غير أنه يحق للخصوم بعد إقامة الدعوى الاتفاق على أن يفصل فيها المرجع القضائي المقامة أمامه إن لم يكن هذا المرجع هو المختص بحسب قيمتها .
إذا وجدت الغرفة الابتدائية ان الدعوى المرفوعة امامها يعود النظر فيها بحسب قرار توزيع الأعمال ، لغرفة اخرى من غرف محكمة الدرجة الأولى نفسها فتقرر احالتها ادارياً إلى هذه الغرفة الاخرى ، كذلك اذا وجد القاضي المنفرد ان الدعوى المقامة امامه يعود فيها النظر لقاضي منفرد اخر من قضاة محكمة الدرجة الأولى نفسها فتقرر احالتها إلى هذا الاخير " (46)
وبهذا يتضح ان المشرع اورد استثناء سمح من خلاله للخصوم بالاتفاق على مخالفة الاختصاص القيمي ضمن حدود معينة مستوجب توافر شروط تمثلت بأن يكون الاتفاق صريحاً، وأن يكون الاتفاق قد أبرم بن الأطراف بعد رفع الدعوى ، وأن يكون منحصراً ضمن محاكم الدرجة الأولى الذي تمثله محكمة القاضي المنفرد والغرفة الابتدائية، وهي الحالة الوحيدة التي تكون ضمن حدود الطلب الطارئ (47) المقدم من قبل اطراف الدعوى والذي يكون خارجاً عن اختصاص القاضي المنفرد (48)حيث ان الأمر المطروح يخرج من نصاب المحكمة القيمي ، وعند تخلف شرط من الشروط المذكورة عندها لا يجوز معه بأي حال من الاحوال مخالفة قواعد الاختصاص القيمي باتفاق الخصوم كونه متعلق بالنظام العام .
أما في فما يتعلق بعدم الاختصاص بالنظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفته ،كما في حالة الاختصاص المكاني العادي التي تمنح الاختصاص لمحكمة المدعي ، وهو أتفاق جائز سواء كان قبل رفع الدعوى أو بعدها وسواء كان ذلك الاتفاق صريحاً أو ضمنياً، مالم يتمسك به المدعى عليه أو يعمل على أثارته ، كما لو تكلم في الدعوى وابدى دفوعه فيسقطه من تلقاء نفسه في تلك الحالة...
_____________
1- د. حازم بيومي المصري، الموسوعة التأصيلية في المرافعات المدنية والتجارية (الاختصاص) ، ج 1 ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2012 ، ص 567
2- المادة (111) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري .
3- د. زيد حسين العفيف احالة الدعوى في قانون أصول المحاكمات المدنية – ط1 دار الثقافة للنشر والتوزيع وعمان الأردن 2012 ، ص 160.
4- المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.
5- أ. محمد كمال عبد العزيز، قانون المرافعات ، ط3، دار المعارف ، القاهرة، 1963، ص427.
6- د. فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني، مطبعة القاهرة ، القاهرة، 1993، ص 283.
7- قرار محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية بصفتها التمييزية بالعدد 10/م/2006 بتاريخ 2006/1/4 موفق علي العبدلي المختار من قضاء محكمة استئناف بغداد الاتحادية الرصافة الاتحادية بصفتها التمييزية مكتبة صباح، بغداد، 2010،ص57.
8- الطعن رقم 593 لسنة 45ق - جلسة 1979/4/30 اشار اليه د. حازم بيومي المصري، مصدر سابق ،ص587
9- المادة (78) من قانون المرافعات المدنية العراقي .
10- المادة (79) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
11-المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.
12- د. حازم بيومي المصري ، مصدر سابق، ص 578.
13- الطعن، رقم 2324 لسنة 60ق 1997/12/8. أشار اليه عز الدين الدناصوري وحامد عكاز، التعليق على قانون المرافعات ، ج 1 ، ط13 ، دار محمود، القاهرة، 2011، ص762.
14- د. أحمد هندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ط2، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية 2003 ، ص497 .
15- المادة (2) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
16- المادة (7) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني .
17- د. احمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية الإسكندرية 2007، ص279.
18- د. عبد المنعم الشرقاوي نظرية المصلحة في الدعوى ، مصدر سابق، ص 12 ، د. أمينة النمر ، الدعاوى واجراءاتها، دار النهضة العربية ، القاهرة، 1990، ص11
19- د. فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني، دار الكتاب الجامعي ، القاهرة، 2001،، ص81
20- محمد محمود عليوه الدفوع المدنية معلقا عليها بأحكام النقض، دار أبو المجد للطباعة، القاهرة، 2010، 2010، ص245.
21- محمد العشماوي ود. عبد الوهاب العشماوي، قواعد المرافعات ، ج 1 ، مكتبة الآداب للطبع والنشر ، القاهرة، 1958، ص557.
22- محمود السيد عمر التحيوي نظام الاختصاص المدني ونظرية الاختصاص، مصدر سابق، ص612 سابق، ص612
23- د. عبد الحميد المنشاوي ، التعليق على قانون المرافعات، ط4 ، منشأة المعارف الاسكندرية، 2008 ، ص122.
24- د. رمزي سيف الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ط6، دار النهضة العربية، القاهرة، 1968، ص324.
25- د. فتحي والي مبادئ قانون القضاء المدني ، ط2 دار النهضة العربية ، القاهرة، 1975، ص271.
26- المذكرة الإيضاحية للمادة 62 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري .
27- د. محمد عبد الخالق عمر، قانون المرافعات المصري في السودان، معهد البحوث والدراسات العربية ، جامعة الدول العربية القاهرة، 1976 ص 177.
28- مشروع قانون المرافعات في الجلسة 42 في 1962/11/17 ، محضر الجلسة ،ص7.
29- د. أحمد أبو الوفا ، التعليق على نصوص قانون المرافعات وقانون الاثبات ، ط1، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1968 ، ص 662-663
30- الفقرة (1) من المادة (37) من قانون المرافعات المدنية العراقي و المادة (62) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.
31- د.رمزي سيف الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، مصدر سابق، ص321.
32- الفقرة (1) من المادة (37) من قانون المرافعات المدنية العراقي وتقابلها المادة (49) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري، ويقابلها المادة (97) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني.
33- د. أحمد مليجي، الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، ج 2، ط6، المركز القومي للإصدارات 2008 ، ص 306
34- د. حمود السيد عمر التحيوي، نظام القضاء المدني ونظرية الاختصاص، ط 1 ، مكتبة الوفاء، الاسكندرية، 2011 ، ص 607
35- المادة (74) من قانون المرافعات المدنية العراقي ، وتقابلها المادة (108) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري وتقابلها المادة (53) من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني.
36- تنظر صفحة (40) من الرسالة.
37- قرارا محكمة التمييز المرقم 1182/ مدنية رابعة / 1973 في 1973/11/15 النشرة القضائية الصادرة عن وزارة العدل العراقية ، العدد الرابع السنة الرابعة، ص258.
38- د. عصمت عبدالمجيد بكر ، أصول المرافعات المدنية ، منشورات جامعة جيهان الأهلية، أربيل 2013 ، ص261.
39- د. احمد ،مسلم اصول المرافعات ، دار الفكر العربي ، القاهرة، 1978، ص265.
40- جاكلين باز، القانون القضائي الخاص ، بلا ، ناشر، 1993، ص27.
41- نصت الفقرة (1) من المادة (37) من قانون المرافعات المدنية العراقي تقام دعوى الدين أو المنقول في محكمة موطن المدعى عليه او مركز معاملاته.... او امحل الذي اختاره الطرفان لإقامة الدعوى". تقابلها المادة (62) من قانون المرافعات المدنية والتجاري المصري.
42- المادة (29) من قانون المرافعات المدنية العراقي، تقابلها المادة (32) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.
43- المادة (78) من قانون المرافعات المدنية العراقي و تقابلها المادة (109) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري .
44- نصت المادة (79) من قانون المرافعات المدنية العراقي اذا رأت المحكمة المحال عليها الدعوى أنها لا تختص بنظرها ، فيكون قرارها قابلاً للطعن تمييزاً"..
45- نصت المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري" على المحكمة اذا قضت بعدم اختصاصها ان تأمر باحالة الدعوى بحالتها الى المحكمة المختصة ...... وتلتزم المحكمة المحال عليها الدعوى بنظرها ".
46- المادة (91) من قانون أصول المحاكمات اللبناني
47- جاكلين باز، القانون القضائي الخاص ، بلا ، ناشر، 1993 ، ص116.
48- د. نبيل اسماعيل عمر، قانون اصول المحاكمات المدنيةط1 منشورات الحلبي الحقوقية 2008 ص172